محمود التهامي روزاليوسف الأسبوعية : 23 - 01 - 2010 أعلن اليمن حربا مفتوحة على تنظيم القاعدة، وحذر مواطنيه من مساعدة الجماعة المتشددة، بالفعل كثف اليمن العمليات العسكرية التى تشمل القصف الجوى والمداهمات الأرضية ضد القاعدة والتى أسفرت عن سقوط عدد من القيادات التنظيمية والميدانية فى مختلف أنحاء البلاد منذ إعلان جناح الجماعة فى اليمن مسئوليته عن محاولة فاشلة لتفجير طائرة أمريكية كانت متجهة إلى ديترويت فى25 ديسمبر الماضى. المثير فى الموضوع هو تصاعد حملة محلية فى اليمن تحذر من التدخل فى شئون اليمن، وتصدى بعض علماء الدين للتحذير من التدخل العسكرى الأمريكى المباشر لقصف قواعد للقاعدة فى اليمن وهددوا بإعلان الجهاد فى حالة تدخل قوات أجنبية بالتزامن مع الاستعداد لعقد مؤتمر دولى فى لندن حول الموضوع. يأتى ذلك التصعيد الداخلى فى اليمن على المستويين الرسمى والشعبى ضد التدخل الأجنبى مواكبا لتكثيف الضربات الأمنية لتنظيم القاعدة والإعلان عن سقوط المزيد من قياداته مما يطرح تساؤلات عن حقيقة الأوضاع على الأرض فى تلك المنطقة التى تشهد حالة من عدم الاستقرار متعدد المظاهر من بينها التمرد الحوثى فى شمال اليمن والحراك الجنوبى لعناصر انفصالية فى الجنوب، كما أن تدفق المقاتلين الصوماليين على اليمن تحت ستار اللجوء، وانتشار القرصنة فى المياه القريبة من اليمن، كلها عوامل تهدد مصالح دول كثيرة فى المنطقة وحول العالم. سبق أن تعرض اليمن لضغوط من أجل التحرك ضد القاعدة بعد شن هجمات ضد مصالح غربية وأمريكية من قبل عناصر تنتمى إلى التنظيم انطلاقا من الأراضى اليمنية كان أبرزها الحادث الذى أدى إلى إصابة المدمرة الأمريكية كول وأودى بحياة عدد من أفراد طاقمها. إلا أن جدلا ثار فى الولاياتالمتحدة حول إمكانية التدخل عسكريا بشكل مباشر فى اليمن لضرب تنظيم القاعدة، بعد محاولة تفجير طائرة ديترويت بواسطة الانتحارى النيجيرى عمر فاروق عبدالمطلب، الذى اعترف لاحقا بأنه تلقى التدريب والتجهيز فى اليمن. لكن الرئيس الأمريكى باراك أوباما أعلن أنه لا يعتزم إرسال قوات إلى هذا البلد. كان قائد القيادة المركزية الأمريكية، الجنرال ديفيد بتريوس، قد زار اليمن فى أعقاب حادث الطائرة وأكد أن الولاياتالمتحدة لا تعتزم إرسال قوات برية إلى اليمن للتعامل مع الخطر المتزايد لتنظيم القاعدة. ولكنها تنوى مضاعفة تمويل مساعداتها الأمنية لليمن، من 70 مليون دولار إلى أكثر من 150 مليون دولار. لفت بتريوس إلى أن بلاده ستوفر المزيد من المساعدات الاقتصادية لليمن، لمساعدة حكومة صنعاء فى خطط التنمية والتصدى للجماعات المتشددة التى اتخذت من أراضيه نقطة انطلاق لشن هجمات إرهابية، مضيفاً أن التمويل الأمريكى يضاف إلى مساعدات عربية أخرى، قال إن المملكة السعودية ستقدم فيها مليارى دولار والإمارات العربية المتحدة ما بين 600 مليون إلى 700 مليون، على حد قوله. كما أكد المسئول العسكرى الأمريكى، أن وزير الخارجية اليمنى أبلغه أن بلاده لا تريد قوات برية أمريكية هناك وأن اليمن قادر على التصدى لتنظيم القاعدة. تخشى دول العالم التى لديها مصالح فى المنطقة من أن يستغل تنظيم القاعدة عدم الاستقرار فى اليمن لتوسيع نطاق عملياته إلى الدول الخليجية المجاورة، حيث يحتل اليمن موقعا استراتيجيا على الحافة الجنوبية لشبه الجزيرة العربية، وينتج كمية قليلة من النفط من احتياطيات آخذة فى التناقص، كما أنه يواجه أزمة مياه. ومن المتوقع أن يتضاعف سكان اليمن البالغ عددهم 23 مليون نسمة خلال ال 20 سنة المقبلة. الأحوال السياسية والاقتصادية فى اليمن تثير القلق فعلا لدى الدول الغربيةوالولاياتالمتحدة فضلا عن الدول المجاورة التى يرتبط أمنها القومى بالبحر الأحمر ونظرا لاستبعاد التدخل العسكرى المباشر وربما فى محاولة أخيرة لتقديم الدعم إلى الحكومة اليمنية، ينعقد فى لندن مؤتمر لدعم قدرات اليمن فى مواجهة الإرهاب والنظر فى احتياجاتها التنموية، يرأس وفد اليمن إليه رئيس الوزراء اليمنى، ومن المقرر أن يعقد المؤتمر فى 28 يناير الحالى بدعوة من رئيس الوزراء البريطانى ليناقش أجندة تتضمن حشد المساعدة لليمن فى المجالات التنموية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية. تخشى بعض الدوائر اليمنية أن يتحول المؤتمر إلى التركيز على التحديات التى يواجهها اليمن من منظور أمنى وعسكرى ويتطرق إلى أسباب حالة عدم الاستقرار الحالية والتى فسرها بعض المراقبين الغربيين بفشل حكومة اليمن، وهو ما أثار حفيظة الدوائر الرسمية اليمنية تجاه المؤتمر قبل أن يبدأ فى أعماله وبدأ الحديث عن التدخل فى الشئون الداخلية وعن التدخل العسكرى الأجنبى المباشر وهو الخطوة التى لا يريدها أحد ولكن قد تكون ضرورية إذا لم ينجح مؤتمر لندن فى تبنى استراتيجية قابلة للتنفيذ وتجاوب الحكومة اليمنية معها؟ يبدو أن السلطات اليمنية تجرى فى سباق مع الزمن لتحسين مواقعها على الأرض سواء فى القتال ضد الحوثيين أو فى مطاردة المتشددين الذين انتشروا فى المجتمع اليمنى واحتوائهم لتذهب إلى مؤتمر لندن بأوراق قوية تؤكد قدرتها على التصدى لإرهاب القاعدة بالدعم غير المباشر.