يرى المستشار أشرف البارودى أننا بعد الحكم الخاص بالفنان عادل إمام مقبلون على مزيد من التخلف.. وهو يشرح وجهة نظره قائلا: بشكل عام أرى أن مصر تتجه إلى كارثة وأن هناك من يسعى جاهدا إلى إظلامها فى حين أن أجمل ما يميز مصر عن غيرها هو حرية الفكر والإبداع، ولكن إذا استمرت تلك الجهود ستكون مصر أقل الدول حرية وأقلها ديمقراطية وهذا كله سيحدث باسم الديمقراطية ويضيف: من يعتبر هذه المشاهد التى تتناول بالنقد من يسيئون لمظهر الإسلام الحضارى تزدرى الإسلام فهو شريك فى الإساءة للإسلام وازدرائه لأنه تبنى وجهة نظر هؤلاء المتطرفين الذين ظهروا فى الفيلم والذين تشوه أفكارهم صورة الإسلام بل اعتبرهم ممثلين للإسلام وهم لا يمثلوه. ∎∎ إذا كنت ترفض وبشدة الحجر على الأعمال الفنية، فلماذا كان هذا الحكم من وجهة نظرك؟ الحكم ليس نهائيا، لذلك لا أستطيع التعليق خاصة أننى لم أر أسباب هذا الحكم ولكن هذا لا يمنع من أنى مصاب بدهشة شديدة من حكم يدين مبدعا ولو اختلفنا معه لأنه ينتقد فئة من المجتمع وليس الدين الإسلامى وجعلنى أشعر بقلق شديد على مستقبل مصر لأن الإسلام ليس ذقنا ولا زبيبة بل على العكس أخشى أن يمارس أصحاب الذقون عملية اغتيال كامل للحريات فى مصر. ∎ ولكن الحكم كان قضائيا وليس على أيدي المتطرفين واستنادا للمادة 161 من قانون العقوبات التى ينص على أن يعاقب بالحبس والغرامة كل من يقوم بمحاولة النيل أو ازدراء أديان معترف بها؟ النص يقبل تفسيرا موسعا والصياغة المطاطية تتطلب الحرص فى التفكير وازدراء الأديان له أمثلة واضحة مثل النيل من الإسلام فى الأحاديث العامة أو من القرآن الكريم أو الإساءة للأنبياء بشكل مباشر ولكن ليس على الإطلاق رصد فئة من المجتمع تمارس التطرف، أياً كان دينها من خلال الأفلام والأدب بل تقييد حرية الإبداع بإسم الأديان هو ازدراء للأديان لأن الأديان جميعا تشجع على حرية الإبداع ولكن النص الواسع يضع مجالا للتفسير الشخصي من جانب القاضى. ∎ ماذا كنت ستحكم فى تلك القضية لو كنت القاضى المنوط بها؟ كنت سأحكم بالبراءه وأقول إنه يتناول فكرا ولا يتناول دينا.. ولكن مازلت أقول رأيى الشخصى وانطباعى بشكل عام الذى يحتمل الخطأ والصواب ولكنى أخشي على الحريات بشدة فى مصر فتفعيل القانون الذى كان موجودا منذ زمن فى هذا الوقت هو جزء من مرحلة جديدة تمر بها مصر وأخشى أن تعود فيها إلى الوراء عدة قرون. ∎ هل القضاة فى مصر مخترقون من الجماعات الإسلامية المتشددة؟ ليس لدى دليل على ذلك ولكن لا أظن أن القضاة مخترقون من تنظيمات إسلامية بهذا الشكل ولكن ما أراه أن المجتمع المصرى كله والقضاة جزء منه يمر بمرحلة تشدد فكرى باكستانية الطابع والقضاة بالتأكيد تأثروا بهذا الفكر الذى لم يكن موجودا فى مصر، وهذا يفسر لماذا لم تخرج مثل هذه الأحكام من قبل فى ظل وجود نفس الأفلام ونفس القوانين، ولكن القضاء متأثر بشكل عام من التشدد الذى حدث فى المجتمع أكثر منه مخترق. ∎ هل لو قام ممثل بدور ملحد تتم محاكمته بازدراء الأديان؟ - هذا سؤال يعرض للوجه الآخر من ذات العملة، ولكنى لا أستطيع إقامة الحد على مسلم قام بدور ملحد ولكن فى الأيام القادمة لا أستبعد أى شىء وسيكون تعبيرا عن فكر ضيق ينعكس على القوانين وتفسيرها وعلى التشريعات الضيقة التى أخشى أن تكون قادمة فى الطريق فنحن لابد أن نرى أثر الفقر والجهل الذى تم بشكل متعمد فى مصر فى العقود القليلة الماضية ولكن أتمنى أن تكون هذه الظاهرة الوهابية السعودية ظاهرة مؤقتة ولا تدوم حتى لا نصبح سخرية العالم. ∎ المناخ السياسى والفكرى هو الذى يحدد مصير القوانين والتشريعات والحريات فى مصر؟ أظن ذلك وأخشى أن يؤثر لدرجة أن تمنع المرأة فى مصر من قيادة السيارة أسوة بالسعودية التى صرنا نرى أعلامها مرفوعة فى ميدان التحرير فى المليونيات. ∎ إذن ترى أن هناك خطورة حقيقية على تراثنا الفكرى والإبداعى.. هناك خطورة على أدب نجيب محفوظ وكل مبدعينا وتراثنا السينمائى؟ - أرى أن هناك خطورة على كل الإبداع المصرى بل على العقل المصرى الذى هو أهم وأعظم ما فى مصر على مر تاريخها والمخرج من ذلك هو أن يحرص الشعب على آلية الديمقراطية بحيث يظلون قادرين على تغيير الحكام بما يحقق مصلحة البلد ويحفظ هويتها وحريتها وبذلك سيكون عمر هؤلاء الحكام قصيرا فى ظل تداول السلطة، ولحسن الحظ أنهم حتى الآن لم يستطيعوا الإنفراد بكتابة الدستور وبذلك لن يكونوا قادرين على تحديد مستقبل الأجيال القادمة فمصر ليست إيران ولا باكستان وإذا كان مرشد الإخوان يعتقد أن المصريين سوف يقبلون يده كما يفعل أتباعه فهو واهم فالمصريون بطبيعتهم لا يقبلون الانحناء إلا لله وهذه الايديولوجية لا تناسبهم ولا يمكنهم التوافق معها.