علي مدار ثلاثة أيام ومن خلال ثلاثين جلسة وبحضور ما يقرب من 150 مفكرا وعالما وخبيرا ووزيرا وباحثا تم طرح أوجاع ومشكلات مصر كلهاعلي طاولة البحث للتشريح والتحليل وأيضا طرح الحلول. وحقيقة امتلك كل هؤلاء شجاعة العرض الأمين والقدرة النافذة لمكمن الخلل وتحديد عناصر كل مشكلة وصولا للتشخيص النهائي للمرض.. سواء مجالات البيئة والطاقة، الكهرباء، الأمراض المستعصية، التعليم البطالة، الأمان النووي، الزراعة، الري، وغيرها من مشاكلنا المجتمعية واليومية.لكن السؤال الذي دار في ذهن الجميع متي سنبدأ العلاج لنشهد صحوة حقيقية في البحث العلمي ومن ثم في المجتمع؟ وهو ما لخصه الأستاذ الدكتور علي الدين هلال أمين الإعلام بالحزب الوطني.. في ندوة تحديات التعليم والمستقبل.. حيث قال: الرأي العام في مصر لم يعد مستعدا لسماع آراء خبراء في أهمية التعليم لأنه قتل بحثا وعقدت من أجله المؤتمرات وأصدرت التوصيات ووضعت الحلول.. ولكن السؤال ما هي المشكلة في عدم وضع الحلول موقع التنفيذ! -الإدارة الجامعية وبما أننا بدأنا بكلام الدكتور علي الدين هلال في جلسة تحديات التعليم سنبدأ بهذه الجلسة لأن التعليم وإصلاحه يعني إصلاح كل مشكلات مصر وأوجاعها. ورغم أنهم شركاء ليس فقط لأستاذيتهم الجامعية ولكن أيضا بصفتهم البرلمانية والحزبية وهم شركاء في وضع وإقرار السياسات التعليمية ومع ذلك كان كل من الدكتور شريف عمر رئيس لجنة التعليم بمجلس الشعب السابق والأستاذ بقصر العيني.. والدكتور حسام بدراوي رئيس لجنة التعليم بالحزب الوطني والدكتورة إلهام فرج الأستاذة بمركز الدراسات التربوية.. كانوا وكأنهم صوت المعارضة الذي يوجه أصابع الاتهام للتقصير الحكومي للتعليم في مصر.. في الجامعات والمدارس. بدأ الدكتور شريف عمر - قائلا عبارة واضحة: أنا خارج توا من تجربة الانتخابات التي لم أوفق فيها لكن أنا أستاذ جامعة والفخر الرئيسي هو انتمائي لها وأوضح أن قضية التمويل هي العقبة الأساسية التي كانت تواجههم سنويا في لجنة التعليم حيث تصل إلي 13% فقط من الإنفاق الحكومي ومن الواجب ألا تقل عن 20% من الإنفاق الحكومي. وأضاف: إن قبضة الدولة مازالت متحكمة في التعليم الجامعي وتضع القيود علي التعليم الخاص وفي الدراسات العليا الجامعية والمعهدية وهو ما كبل حرية هذه المؤسسات وهو ما يعني أن الحكومة مطالبة بوضع نظم إدارية أكثر مرونة مع إشراك المجتمع في التطوير والاختيار حتي لا تحدث أزمات اجتماعية كما يحدث الآن في بريطانيا من مظاهرات طلابية من جراء رفع رسوم التعليم الجامعي حيث قامت المكسيك بالتعامل بحكمة زائدة في مثل هذه المواقف حيث قامت بإشراك الطلاب والفئات المهتمة بعملية التطوير الجامعي في وضع الخطط التنفيذية لهذا الهدف. وأضاف: إن الجهات المسئولة في مصر مطالبة بالبحث عن مصادر تمويل غير تقليدية إضافية. أما الدكتور حسام بدراوي عضو مجلس الشوري فقد وضع خريطة للتحديات الكاملة التي تواجه التعليم في مصر وفي مقدمتها ضعف ثقة المجتمع في مؤسسات التعليم الرسمي والمدارس الحكومية وانخفاض مستوي اللغات بما فيها اللغة العربية نفسها وانعدام الأنشطة الطلابية في المدارس لا فن ولا رياضة ومع تراكم القوة المقاومة للتغيير والتطوير وأصحاب المصالح وهو ما يعد من العوائق الصعبة للقائمين علي العملية التعليمية. - من 1939 إلي 2010 ويضيف د. بدراوي: كل ما سبق من تحديات هي نفسها التحديات التي ذكرها الدكتور طه حسين عام 1939 في كتابه «مستقبل الثقافة في مصر - مأساة التعليم ومشكلاته» هي نفسها التي نرددها الآن.. وكأن أحوالنا توقفت كل هذه الفترة. ويرجع د. حسام أسباب وجود كل هذه التحديات التعليمية للمجتمع المصري.. فيقول مشكلتنا أننا لا ننفق سوي 1,3% فقط من الدخل العام علي التعليم في حين أن كل الدول التي حدثت بها طفرة تنفق ما لا يقل عن 8% من الدخل العام وحذر بدراوي من الاستمرار الأوضاع الحالية في التعليم كما هي خاصة مع تنافس ملف التعليم مع ملفات أخري لها الأولوية وهو ما يمثل خطورة علي المجتمع، فعدم مواجهة التحديات التعليمية سيؤدي إلي تهميش أكثر للفقراء وانقسام التعليم إلي نوعين الأول للأغنياء القادرون علي التعليم الخاص.. وتحميل الطبقة الوسطي أعباء أكثر من طاقتها وبالتالي يحدث الانفصال الاجتماعي بين الطبقات. وختم بدراوي حديثه مستشهدا بكلمة الزعيم الهندي نهرو «نحن بلد فقير جدا لدرجة أننا يجب أن ننفق علي التعليم بسخاء».. العقبة الكئود وعقب علي حديثه الدكتور سامي عبدالعزيز عميد كلية الإعلام موافقا علي كل ما قاله الدكتور حسام وأضاف: إن الإدارة التعليمية هي واحدة من العقبات الكئود فالهيكل الإداري البشري أحيانا يفوق أعداد الطلاب أنفسهم فعدد الفراشين أحيانا يفوق عدد الطلاب في كلية الإعلام وكل يوم أقوم بتوقيع شيكات وأوراقا لا تخص عملية تطوير التعليم والقائمين عليه في شيء أي أن هناك ما يقرب من 83% من الميزانية تصرف كمرتبات لموظفين ليس لهم علاقة بالتطوير الجامعي فأحيانا الجهاز الإداري الأسفل من خلال الروتين والبيروقراطية تسقط الجهاز الأعلي. التحدي الثاني هو أننا بلد تجيد تأجيل الحلول أو تأجيل المواجهة ليس فقط من الحكومة ولكن من الإعلام نفسه الذي يشارك في تحمل مسئولية عدم تهيئة الرأي العام والمجتمع للتطوير وتوجيه الموارد إلي الخدمات اليومية مثل المياه والصرف الصحي فالماسورة تكسب السبورة والأنبوبة تكسب الطباشيرة.. - القاهرة الأعلي في البطالة ومن جلسة التعليم وتحدياته إلي جلسة العمل والبطالة حيث أكد المشاركون فيها برئاسة الدكتور عبدالعزيز حجازي رئيس الوزراء الأسبق علي أن سوق العمل المصرية.. لا تزال في حاجة لإضافة المزيد من فرص العمل وأن الاقتصاد المصري حاليا قادر علي توفير 38 ألف فرصة عمل سنويا وترتفع إلي 770 ألف فرصة عمل خلال السنوات الخمس المقبلة. وكشفت الدراسة التي عرضت الجلسة أن نسبة البطالة بلغت في القاهرة 12% والدقهلية 2,8% والجيزة 2,7% والبحيرة 2,7% والشرقية 3,6% حيث تركزت النسبة الأكبر من العاطلين في الفئة العمرية ما بين (15 - 29) عام وأرجعت الدراسة ارتفاع نسبة البطالة بين الجامعيين إلي رفضهم العمل في بعض الوظائف بعكس الأميين الذي يقبلون العمل بأي وظيفة. وأشار المشاركون إلي أن قطاعات العقارات والمطاعم والفنادق الصناعية والسياحية أهم القطاعات التي سجلت معدلات بطالة منخفضة بها.. - 16 مليار جنيه تكلفة الحوادث في مصر ومن جلسة البطالة إلي جلسة الطرق والمرور، حيث قدم الدكتور شعبان رضوان بحثا حول الخصال الشخصية لمرتكبي الحوادث والمخالفات المرورية والذي رصد خلاله 19 حالة وفاة من كل 100 ألف شخص بسبب حوادث الطرق. وقال : حوادث الطرق تكلف مصر 16 مليار جنيه سنويا والعنصر البشري سبب وقوع 90% منها.. مضيفا: إن مرتكبي الحوادث أكثر مخاطرة من غيرهم ولا توجد علاقة بين النوع ووقوع هذا النوع من الحوادث. وكشف أيضا أن مرتكبي الحوادث هم من لم يستخدموا لحزام الأمان مقارنة بغيرهم من غير الحريصين علي استخدامه عند قيادة سياراتهم. في جلسة أمراض الحيوان الوافدة وعلاقتها بالإنسان..قال الدكتور إسماعيل رضا الأستاذ بكلية الطب البيطري: مصر تكبدت 6 مليارات جنيه نتيجة انتشار فيروسي أنفلونزا الطيور وأنفلونزا الخنازير نتيجة استيراد المصل واللقاح المضادين لهذه الفيروسات. مشيرا إلي أن الكلية قد توصلت بالتعاون مع مركز «هاربتن» بجنوب إيطاليا لإنتاج أنواع لقاح مضادة لتلك الفيروسات. وأضاف الدكتور محمد عبدالحميد شلبي أستاذ الطب البيطري قائلا: هذه الأمراض أثرت بشكل سلبي علي الاقتصاد القومي واتضح ذلك في قلة صادراتنا للأغنام إلي الدول العربية خلال فترة انتشار المرض. وأعرب شلبي عن تخوفه الشديد من انتشار فيروس أنفلونزا الخنازير خاصة خلال فترة الشتاء لأن هذا المرض - علي حد قوله - ينشط بصورة كبيرة في حال سقوط الأمطار أو السيول مشيرا إلي أن القطط والكلاب والقرود والجمال والفئران هي الحيوانات المستضيفة لهذا الفيروس مؤكدا علي ضرورة أن تكون هناك خطة موحدة علي مستوي الجمهورية بأكملها تساعدنا علي التصدي لهذه الأمراض. أكد المشاركون في ندوة بعنوان «دور جسيمات النانو المعدنية وأشباه الموصلات والمغناطيسية في طب النانو وبعض التطبيقات الحديثة والمستقبلية في المعهد القومي لعلوم الليزر، أنه تم الاستفادة مؤخرا من تكنولوجيا جزيئات النانو الديناميكية في تشخيص وعلاج أمراض الأورام، وعلاج فيروسي سي وبي.. من جهته طالب الدكتور محمود هاشم باستثمار الكفاءات التي تتواجد بوفرة في مصر مؤكدا علي ضرورة توفير الفرص لها لتحقيق الإبداع مضيفا يوجد لدينا قاعدة علمية ضخمة ولكن الباحثين لن يستطيعوا تحقيق أي إنجازات دون حصولهم علي الدعم المادي والمعنوي.. نجح أطباء مركز زرع النخاع العظمي بمعهد ناصر في إجراء أكثر من 1800 عملية زراعة للنخاع علي مدار 13 عاما، بحسب الدكتور عمر فهمي. وأضاف خلال ندوة بعنوان «التقنيات الحديثة في زرع الخلايا والأعضاء» : معهد ناصر أحد أكبر المراكز في الشرق الأوسط مشيرا إلي إمكانية استخدام الخلايا الجذعية الدموية كعلاج جديد وفعال لعلاج الأمراض المستعصية. من جهته، قال الدكتور مارك زرن إن عددا من التجارب التي تم إجراؤها علي كبد الفئران كشفت عن نمطين جديدين لعلاج أمراض الكبد باستخدام الخلايا الجذعية إلا أنه أكد في الوقت نفسه علي أنهم بصدد إجراء تجارب لاختبار فعاليتها مع البشر الذين يعانون من أمراض الكبد. الدكتور هانج هونجيون كشف عن علاج جديد لإصابات العمود الفقري، مشيرا إلي أنهم اختبروا فعالية الدواء علي 1518 مريضا بإعاقات تمكنوا من السير بعد تعاطي جرعات العلاج. - جلسة الطاقة والصناعة أكد الدكتور حسن يونس وزير الكهرباء علي أهمية البحث العلمي وضرورة ربطه بمجالات الطاقة المختلفة مشيرا إلي أن جميع الدول المتقدمة حرصت علي تطوير مجالات الكهرباء والطاقة وربطها بآخر مستجدات البحث العلمي. وأشار يونس إلي ضرورة تدعيم الروابط فيما بين الجامعات المصرية وكافة الوزارات والجهات المعنية للتعرف علي أولويات واحتياجات هذه الوزارات من الأبحاث العلمية بما يساهم في تطوير المجتمع وتحقيق أهداف التنمية.. وأضاف يونس أنه تم تخريج دفعات جديدة في مجال هندسة الكهرباء كانت النواة الأساسية للمركز الإقليمي للطاقات المتجددة في مصر والذي يقدم خدماته لعشر دول بالاتحاد الأوروبي. وتابع يونس أننا نحرص دائما علي استخدام التكنولوجيا المتطورة في مجال الكهرباء مشيرا إلي أنه تمت إضافة 1350 ميجاوات لشبكة الربط ستدخل حيز الاستخدام خلال الشهر القادم. وحول أهمية البحث العلمي في مجال الطاقة المتجددة قال إن هناك اتفاقية بين وزارة البحث العلمي وهيئة الكهرباء بإيطاليا لتعظيم الاستفادة من هذه التكنولوجيا في مجال الكهرباء مضيفا بأن هناك خطة طرحتها ألمانيا لتطوير تكنولوجيا الطاقات المتجددة. وردا علي سؤال حول أسباب التأخر في إطلاق المحطات النووية أكد وزير الكهرباء إن هذا المشروع يحتاج للكثير من الوقت والتمويل إلي جانب إجراء المزيد من الدراسات والأبحاث في هذا المجال. - أول مشروع قومي لتسجيل مرض السرطان وفي محاضرة «وبائيات وإحصائيات السرطان» برئاسة «أ.د/حسام كامل» رئيس جامعة القاهرة و التي كانت تدور علي تجربة التسجيل القومي لمرض السرطان في مصر و فيها تحدثت أ.د/هدي بركة مستشار وزير الاتصالات عن تجربة مصر في تسجيل مرض السرطان والتي بدأت في يناير 2008 بمحافظة أسوان بتسجيل جميع الحالات المصابة بالمرض بها، وأكدت علي أن ذلك المشروع سيعمم علي جميع محافظات مصر، وذكرت إن هناك صعوبات تواجه تسجيل حالات مرضي السرطان من أهمها عدم تعاون العيادات والمستشفيات الخاصة ومستشفيات التأمين الصحي لإمداد السجل بالبيانات اللازمة. أ.د/أمال سامي تحدث عن ضرورة وأهمية الإسراع بإصدار تشريعات قانونية لضمان واستمرار مشروع تسجيل الأورام بمصر، وأضاف أن كل البيانات الخاصة بمرض السرطان و الحالات المصابة تم وضعها علي موقع إلكتروني www.cancerregistry.gov.eg يمكن للمتصفح أن يحصل علي جميع ما يلزمه من بيانات، وأكد علي أن المرحلة الثانية من المشروع تأتي في أهمية تحليل البيانات الخاصة بالمصابين وتحليل دقيق لطبيعة كل مرض مما سيساعد في مواجهة هذا المرض. - التمويل أهم عقبة أ.د/شريف مختار أستاذ أمراض القلب و أستاذ طب الحالات الحرجة جامعة القاهرة تحدث عن«البحث العلمي عبر السنين في مركز رعاية الحالات الحرجة بجامعة القاهرة» «ذكر أن مصر تعاني العديد من العقبات في البحث العلمي من اهمها التمويل ،كما طالب بضرورة تفرغ الباحثين لعمل الأبحاث كما هو متعارف عليه بالدول المتقدمة وهو ما بدأت المملكة الأردنية في تطبيقه، وأضاف أن معظم الأبحاث العلمية في مصر إعادة لأبحاث قديمة بتكنيك جديد وعلي الرغم من اهمية هذه الأبحاث إلا أن مصر بحاجة لأبحاث جديدة. وأضاف إن مركز رعاية الحالات الحرجة شهد العديد من الأبحاث واستخدام التقنيات الحديثة التي استخدمت لأول مرة بمصر ألا أن الوضع الآن تغير نتيجة لتحديد سلطات مدير المركز.