أطباء جراحة القلب والكلى والكبد مستفيدون من تمرير القانون الأطباء المعارضون يعتبرون مرضاهم أحياء ومهمتهم البحث لهم عن حياة شن الدكتور فخرى صالح رئيس مصلحة الطب الشرعى بوزارة العدل وكبير الأطباء الشرعيين في حواره مع "مصر الجديدة" هجوماً علي مشروع قانون نقل الأعضاء المنظور حاليًا فى مجلس الشعب والذى نال موافقة مبدئية من مجلس الشورى بعد سنوات من رفضه واتهم فخري القانون بالشروع فى القتل العمد لآلاف المرضى الراقدين على أسرة العناية المركزة عاجزين عن رد مخالب المتربصين لانتزاع أعضائهم حال إقرار القانون وقال أنه يهدد ملايين الآمنين فى الشوارع والمنتهية أعمارهم فى أية لحظة بحادث قضاء وقدر يدخلهم دائرة المجهول, لتسرع إليهم أيادى انتزاع الأعضاء بعد أن يقر أنهم مجهولو الهوية ويصبح للأطباء بالقانون حق انتزاع أعضائهم. فإلى تفاصيل الحوار . ماهو سبب اعتراضكم على قانون نقل الأعضاء طول أكثر من عشر سنوات؟ يثار موضوع مشروع قانون نقل الأعضاء بشكل مستمر على طوال سنوات عدة, وطوال تلك الفترة كنت أقف بالمرصاد لهذا القانون وأفضح ما به من كوارث, وتحملت المشاق بسبب موقفى ضد هذا القانون, وأنا الآن على المعاش وخارج العمل الحكومى ولن أخشى أن أقول حقا قولته مرارًا وأنا فى العمل الحكومي, فأنا لا منفعة شخصية لى من وراء رفض أو قبول هذا القانون, ولكنى أملك علمًا و معرفة يحتِّمان عليّ أن أكشف ما به من جرائم فى حق المجتمع المصري. وما أرفضه فى مشروع قانون نقل الأعضاء ليست فكرة نقل الأعضاء ولكن فكرة لصق تعريف وتشخيص الموت بمسألة نقل الأعضاء, خصوصا ما يسمونه بموت جذع المخ أو الموت اليقينى ويتحايلون على ذلك بالألفاظ اللغوية أو بإخفاء المصطلحات المباشرة بشأن تشخيص الموت عن المشرع, ويكتفون بالقول إن تشخيص الموت بناء على معايير طبية وعالمية دقيقه ترفق بالقانون. ماذا تقصد بفصل تشخيص الموت عن نقل الأعضاء؟ المشكلة المثارة أساسا هى تعريف وتشخيص الوفاة أن الأطباء المؤيدين لهذا التشخيص المستفيدين من تمرير هذا القانون وخاصة أطباء جراحة القلب وجراحة الكلى وجراح الكبد يطالبون باعتبار مرضى إصابة جذع المخ أمواتا حتى يستطيعوا أن يأخذوا وينتزعوا أعضاءهم وهى مازالت نضرة حية تعمل من أجل زرعها فى أشخاص آخرين, وهذا قتل عمد لمرضى أحياء على جهاز التنفس الصناعى يحتاجون للرعاية الطبية وللعناية والرحمة من الطبيب المعالج و ليس القتل.د ما الرأى المعارض لمشروع القانون تحديدًا؟ معظم الأطباء المعارضين هم الأطباء المعالجون لهذه الحالات من إصابات المخ وهم أساتذة المخ والأعصاب ومنهم عمداء بكليات الطب ورؤساء وأساتذة لجراحة المخ والأعصاب بالجامعات كذلك أساتذة الطب والجامعات للعناية المركزة والتخدير، فإنهم جميعًا يعتبرون هؤلاء المرضى فى أقسامهم التى يشرفون عليها أحياء يقومون بمتابعتهم وملاحظة نبضهم ودرجة حرارتهم وضغطهم وتبولهم ومدهم بالأدوية و محاولة علاجهم هل هذه المعارضة تقتصر على نقل الأعضاء من مصابي جذع المخ فقط أم أنها تشمل النقل من حي إلى حي ومن ميت إلى حي؟ لا توجد أى ممانعة على نقل الأعضاء من ميت إلى حى أو من حى إلى حي, فعمليات نقل الأعضاء فى هذا الإطار معمول بها فى مصر منذ أواخر السبعينات, فنقل الأعضاء من ميت إلى حى يقتصر مثلا على نقل قرنية العين أو الاستفادة من الجلد فى عمليات ترقيع الجلد أو نقل العظام, أما من متبرع حي لآخر حي فتتم فى صورة نقل الكلى أو جزء من الكبد, ولا يمكن نقل القلب أو الكبد بالكامل من إنسان حي لآخر لأن هذا قتل للمتبرع, وكذلك لا يمكن نقلها من الجسد الميت لأنها تكون تالفة, أي أن عمليات نقل الأعضاء فى حد ذاتها لا تشكل أي مشكلة ولا توجد عليها اعتراضات هامة وإنما مطلوب لها ضوابط وقوانين واضحة. والذى يثير الجدل فى هذا الموضوع وهذا القانون هو تعريف الموت, لأنه بالرغم من أن الموت هو الحقيقه الأكيدة بالنسبة للإنسان, وأن الإنسان من بدء الخليقة لابد وأن يموت ومليارات البشر ماتوا وتم دفنهم بعد أن تم تشخيص وفاتهم, وتعريف الموت فى القانون هو المفارقة التامة للحياة بصورة يقينية وموثوقة, إلا أنه فى السنوات الأخيرة ومنذ بضع سنوات تفتق ذهن بعض الأطباء وخصوصا الأطباء المعنيين بنقل وزراعة الأعضاء إلى أن يقرروا أو يحاولوا إثبات أن مرضى حالات إصابة جذع المخ يعتبرون أمواتا, كذلك أطلقوا تشخيص موت المخ على هذه الحالات بالرغم من وجودها بداخل المستشفيات فى عنابر وغرف العلاج تحت الملاحظة المستمرة للضغط والحرارة والنبض وسط محاولات علاج بالمحاليل وغيرها, إلا أنه فى ظل كون قلوبهم تنبض وتعمل بصورة جيدة ومنتظمة ويمكن تركيب أجهزة تنفس اصطناعي لتساعدهم على التنفس الذى تأثرت مراكزه المخية جراء إصابة جذع المخ, بحجة أن هؤلاء المرضى ميئوس من شفائهم. وهل يملك الطب الشرعى أدوات تحسم هذا الأمر؟ لقد نسي الجميع أن التخصص الوحيد المعني بتدريس وفهم الموت هو مادة الطب الشرعي, وأن به بابًا كاملاً عن موضوع الوفاة شرح الموت فى أربع أركان أولها هو الوفاة وتشخيصها والتأكد منها والركن الثانى هو ساعة وتاريخ الوفاة والثالث هو سبب الوفاة، أما الأخير فهو كيفية حدوث الوفاة, وتلك النقاط على بساطتها طوال سنوات إلا أنه لابد من الإجابة عليها من الناحية الطبية والجنائية عند تحديد الموت. وللإجابة عن هذه الأركان والأسئلة الأربعة فإنه بالنسبة للطب الشرعى ولأطبائه كان أساس تشخيص الموت هو توقف الدورة الدموية "القلب" والدورة التنفسية ويتبعها توقف الجهاز العصبي ثم توقف باقى أجهزة الجسم عن العمل وظهور علامات مبدئية وعلامات أكيدة على الوفاة تظهر بمجرد الوفاة, ومن المعروف أنه عند وفاة أى شخص فى المستشفى يكتب فى تذكرة علاجه توفى المريض الساعة كذا وينقل إلى حجرة الأموات أو المشرحة بعد ساعتين, أى أنه بعد ساعتين يتم إعادة الكشف على الموتى للتأكد تمامًا من الوفاة, وعند نزع جهاز التنفس عن مريض جذع المخ لا نعرف موعد الوفاة هل هو وقت دخوله الغيبوبة أم وقت نزع الجهاز، ولا نعرف أيضا هل سبب الموت هو الإصابة أم نزع الجهاز وكلها مؤشرات تضع قرار نزع الجهاز في قفص الاتهام الأول. وكيف يرى الطب الشرعى مصطلح "موت جذع المخ"؟ قالت كتب الطب الشرعي الحديثه والعالمية إن تشخيص موت جذع المخ هو النافذة الخلفية التى يستعملها ويروج لها الأطباء لنزع الأعضاء من بعض المرضى بحجة أنهم لن يستمروا فى الحياة ولن يشفوا, فضلاً عن أن هؤلاء الأطباء المختصين بنقل الأعضاء يقومون بتخدير المرضى مصابى جذع المخ بقصد منع المرضى من حدوث أى حركة أو مقاومة أو حتى إظهار أية بادرة بذلك, وحتى يخفوا حقيقة أنهم ما زالوا أحياء حتى على معاونيهم فى غرف العمليات. من المعروف أن حالات مصابي جذع المخ فى معظمها حالات جنائية وقضائية بها طرفان، أحدهما معتدٍ أو متهم والآخر مصاب أو مجنى عليه, فما هى المشاكل الجنائية التى تواجه هذا القانون؟ هناك العديد من المشاكل الجنائية والقضائية الهامة المترتبة على تشخيص ما يسمى بموت جذع المخ أو موت المخ, فمثلا أحد مواد المشروع المقدم يقول "لا يجوز الاستقطاع من جثة ميت إلا بإذن من النيابة العامة متى كانت الوفاة موضوع تحقيق جنائي" أى أن مشروع القانون قد أوجب على الأطباء المعنيين مراجعة النيابة والقضاء قبل نزع الأعضاء. ومن حيث خبرتى فى مجال الطب الشرعى الميدانى والعملى الفعلى لما يقرب من 42 عامًا من الكشف على آلاف الجثث سواء بمعرفتى أو تحت إشرافى العملى وبصفتى طبيبا شرعيا رئيس مصلحة الطب الشرعى بوزارة العدل لأكثر من 10 سنوات فإن هناك مشاكل كثيرة هى فى الأصل جنائية ولكنها فى نفس الوقت طبية جنائية. ماهى تلك المشاكل ؟ من الناحية الجنائيه فان معظم حالات اصابة جذع المخ وما يطلق عليه خطأ موت جذع المخ, تحدث نتيجة حالات إصابية نتيجة اعتداء من شخص أو حادث سيارة أو حادث سقوط أو إسقاط من علوٍ وغيرها من الحالات القضائية, ومن ثم نكون أمام طرف مصاب أو مجنى عليه وحين إدخاله المستشفى فى هذه الحالة كمصاب وتكون حالته عادة سيئة جدًا وفى غيبوبة ومصاب بجذع المخ أو حتى بالمخ كله ويوضع تحت المحاليل, ومن ثم فإن جهات التحقيق "النيابة العامة" سوف تسند للمتهم أو المعتدى تهمة إحداث إصابة سواء كانت عن عمد أو غير عمد بالمجنى عليه وقد يصل الاتهام إلى شروع فى قتل, وفى حالة وفاة هذا الشخص المصاب فان التهمة للمتهم ستكون تهم القتل, ويطلب من الطب الشرعى بيان العلاقة السببية بين الإصابات وسبب الوفاة وهل الإصابات هى سبب الوفاة أم أن هناك سببا آخر يقطع هذه الصلة مثل استئصال الاطباء لقلب هذا المريض أو كليته أو كبده أو بسبب رفع الأطباء أجهزة التنفس الاصطناعية المساعد له على التنفس أو بسبب آخر مثل قيام شخص آخر ما بذبح المريض أو طعنه أو ضربه بعيار نارى وهو في المستشفى للعلاج . هذا يعنى أن هناك إشكالية جنائية متعلقة بنزع الجهاز التنفسى عن المريض؟ أكيد, لأن وضع المريض على جهاز التنفس الصناعى هو أحد وسائل العلاج لمساعدة المريض على التنفس وإن كان لا يُحيى الموتى, فلو استعملنا الجهاز التنفسى مع شخص ميت فعلا حسب التشخيص المتعارف عليه من الناحية القانونية لا يمكن أن يعيده للحياة, بينما رفع الجهاز التنفسى عن المريض قد يكون مجازفة كبيرة فقد يؤدى إلى وفاته, وهو مثل منع أى دواء هام ومطلوب عن شخص مريض فى حاجة له, وهناك أمثلة لقضايا كثيرة ترفع فى محاكم بعض الدول العظمى وذلك لأخذ موافقة القانون على رفع الجهاز التنفسى عن الشخص حيث يؤدي ذلك إلى وفاته. وماذا عن الإشكاليه القضائية؟ هناك مشكلتان قضائيتان, الأولى فى حالات تشخيص الموت وهو متعارف عليه كتوقف القلب والدورة الدموية والتنفس والجهاز العصبى وباقى أجهزة الجسم, وفى حال إصابة شخص بعد وفاته الحقيقية يمكننا التفريق بين هذه الإصابات التى حدثت قبل الوفاة وهى إصابات وجروح حيوية بمميزات طبية معروفة حدثت اثناء الحياة اى اثناء عمل القلب و الدور الدموية و ما يتبعه من علامات, و بين الاصابة غير الحيوية التى تحدث بعد الوفاة وبعد توقف أجهزة الجسم عن العمل ولها كذلك مواصفاتها الطبية المعروفة للطب الشرعي وهذه التفرقة مطلوبة أمام القضاء فى حالات تعدد المتهمين أو الأدوات أو تعدد الإصابات وأسباب الوفاة, ولا يمكننا فى حالات إصابة جذع المخ ونزع الجهاز التنفسى تحديد ساعة الوفاة لتحديد ما سبق, لأننا لو اعتبرنا الوفاة سببها نزع قلب المريض فسيكون الطبيب هو القاتل الفعلي له. وهل هناك مشاكل قانونية آخرى؟ هناك مشاكل كثيرة منها أن تشخيص المصابين المدعى بأنهم أموات جذع مخ يتعلق بحقوق آخرين مثل الميراث الذى يختلف فيه أشخاص المستحقين له أو المعتبرين له من حيث تاريخ وفاة لتاريخ وفاة أخرى, فمثلا عند حدوث حادث سيارة وتوفت الزوجة فورًا ودخول الزوج فى غيبوبة ونزع الجهاز التنفسى عنه فيما بعد, فالسؤال مثل من مات قبل الآخر يكون هامًا جدًا لتحديد لمن يئول إليه الميراث أولا وصولاً للمستحقين النهائيين. وما رأيك فى اعتماد القانون فى تشخيص الموت على تقرير صادر من لجنة مكونة من ثلاثة أطباء؟ هناك ثلاثة تساؤلات بشأن الوضع القانونى لتقارير تلك اللجنة, الأول هو أنه فى حالة تقريرهم اعتبار المصاب بجذع المخ فى عداد الموتى, هل هذا التقرير إثبات حالة مريض أنه تبليغ بالوفاة أم شهادة وفاة وما يترتب على ذلك من إصدار تصريح بالدفن وإعلان الورثة؟ والثانى هو ماذا يحدث فى حالة ما إن أصدرت لجنة الأطباء الثلاثية أيضا تقريرها اعتبار مصاب جذع المخ ميت وهو يرقد فى المستشفى وتم إخطار جهة التحقيق "النيابة العامة" لأخذ الموافقة على نزع أعضائه و لكونه حالة قضائية ارتأت النيابة انتداب الطب الشرعى للكشف على هذا الشخص وتشريحه لبيان سبب الوفاة و تاريخها و كيفية حدوثها, وعلاقة الإصابات بالوفاة. والسؤال هنا هل سيقوم الطبيب الشرعي بالانتقال من المشرحة إلى مكان وجود هذا المريض فى العنبر وعلى سرير المرضى لتنفيذ طلبات المحكمة بتشريح جثته وهل سيقرر أنه ما زال حيًا أم سيشرح جسد حي؟!, والسؤال الأخير هل سلطة اللجنة الثلاثية لتقرير الوفاة أعلى من سلطة الطبيب المعالج المباشر للحالة؟ وكيف يمكن منع طبيب من الاستمرار فى ملاحظة وعلاج مريضه بزعم أنه ميت مخيًا؟