ما كل هذا الجمال وهذه البركة التي اختص بها الله سبحانه وتعالي ليلة القدر، إنها ليلة التقاء أهل السماء بأهل الأرض. ليلة معمورة بالملائكة حيث يتنزل سيد الملائكة جبريل- عليه السلام- ومعه موكب من الملائكة لا يحصيهم إلا الله فقد قال رسول الله- صلي الله عليه وعلي آله وسلم- «إن الملائكة تلك الليلة في الأرض أكثر من عدد الحصي» يتنزلون ليروا في الأرض من أنواع الطاعات ما لم يروه في سكان السماوات. يارب يا كريم . إنها ليلة تبادل الود بين ملائكة السماء وعباد الله في الأرض حيث يبدأ الملائكة عليهم السلام بالتسليم والتحية علي المؤمنين والثناء عليهم كما سيفعلون إن شاء الله معهم حين يدخلون الجنة «والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم». ليلة تفتح فيها أبواب الرحمة والإجابة والقبول معا. يالطيف ياكريم ياباسط. يستجاب فيها الدعاء وتقضي فيها الحوائج ويعتق الله فيها الرقاب من النار. ياسلام، اللهم اجعلنا من المقبولين يا حنان يامنان. إنها ليلة مغفرة الذنوب كلها. لمن قامها إيمانا واحتسابا. قال رسول الله صلي الله عليه وعلي آله وسلم «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غُفر له ما تقدم من ذنبه». وفي حديث رسول الله- صلي الله عليه وسلم- عن رمضان قال: «فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم». إنها ليلة ليس من السهل أو الإمكان إدراك أو تخيل قدرها وما تنطوي عليه من الفضائل، فكما قال الله عز وجل: «وما أدراك ما ليلة القدر». إنها ليلة «سلام هي حتي مطلع الفجر». وقت ليلة القدر من غروب الشمس حتي طلوع الفجر. وقت غير محصور في دقائق قليلة. بالتالي يستطيع الإنسان أن يري الله من نفسه فيها ما يحب أن يري الله منه، وينوع فيها أصناف العبادة والتقرب إلي الملك العظيم عز وجل، قال صلي الله عليه وعلي آله وسلم: «تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان» أي في الليالي الفردية، وقال أيضًا: «التمسوها في السبع الأواخر». يسن أن نقول في هذه الليلة أو نكثر من قول «اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا»، مثلما علم سيدنا رسول الله صلي الله عليه وعلي آله وسلم أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها. هل يحصل الثواب المترتب علي ليلة القدر لمن أقامها، أو يتوقف ذلك علي كشفها له؟ جماعة من العلماء منهم الطبري وغيره يقولون إن الثواب المترتب علي ليلة القدر يحصل لمن اتفق له قيامها بالعبادة، وإن لم يظهر له شيء، ولا يتوقف الفضل الحاصل له علي كشفها أو ظهور شيء من العلامات. أوعدنا يارب.