خطواتها المتهيبة، صفاء ابتسامتها، بريق الأمل فى عينيها، لفتاتها المترقبة، نظراتها المحفوفة بالمتابعة، كلها تشهد على أنها تدخل المسجد كى تؤدى صلاة التراويح للمرة الأولى. ما يحيط بالمرة الأولى فى مختلف الأمور يجعل لبداياتها إشعاعاً ووهجاً. ثم يحدث أن يصبح لما نلقاه خلال تلك المرة الأولى دور كبير فى أن يجعل لها مرة ثانية وثالثة وعدداً لا حصر له من المرات. إنما من ناحية أخرى فإن ما قد يفاجئنا فى تلك المرة قد يتسبب أحيانا فى أن يجعلها الأولى والأخيرة، فتنعزل تلك المرة وحيدة بلا توابع .. ففى الجوامع كثيرا ما تظهر سارقات، بالرغم من أنهن عادة ما يكن بريئات، إلا أن ما يقوم به بعض هؤلاء يدخل تحت عنوان سرقة الفرحة واغتصاب براءة الإقبال بنية طيبة على الطاعة، حتى لو كان هذا الإقبال غير مدعوم أحياناً بالخبرة الدينية الكبيرة.. ما تفعله المرأة التى أصفها بسارقة الفرحة هو أن أراها تباغت المصلية الجديدة بنصائح فى صورة انتقادات حول مثلا أنها قد دخلت الصلاة فوقفت من يمين الصف، أو أنها قد دخلت أثناء صلاة التراويح فصلت العشاء خلافاً لجموع المصلين . قد تقوم امرأة أخرى بمحاولة لإغاثة المصلية الجديدة فتبرر ما فعلته الفتاة بالبدء بصلاة العشاء، وأن كل ما فى الأمر هو أنه كان عليها أن تفعل ذلك وهى منتظمة فى الصلاة خلف الإمام إنما بعد أن تنوى صلاة العشاء قبل النية بالتراويح. وبالرغم مما فى ذلك التدخل من المرأة الأخرى من إنصاف للفتاة فإنه من الوارد جدا أن يؤدى بالفتاة إلى الشعور بأنها تائهة لا تعرف هل صلاة الفرض التى أدتها صحيحة أم لا، ربما يترتب على ذلك أن تظل خلال صلاة القيام مشغولة حول ما فعلته فى صلاة الفرض، تدور هذه الأفكار فى ذهنها بينما يد المرأة الواقفة إلى جوارها تنبهها إلى ضرورة سد الفراغ بينهما وإلى ضرورة ضبط الصف. يزداد خشوع الفتاة تشتتا. . قد يصحب ذلك فى زاوية أخرى من المشهد قيام إحدى السيدات مثلا بفتح نوافذ الجامع عند الراحة بين الركعات من أجل التهوية حفاظا على الصحة العامة فى ظل تتابع السعال من أكثر من امرأة بداخل المسجد. إنما قد يتبع ما فعلته المرأة من فتح للنوافذ انقضاض الاعتراضات على لسان عدد من النساء حول أن الجو حار، وأن فتح النوافذ يضر بالتكييف ، وأن إغلاق التكييف لا يتناسب مع اشتداد حرارة الجو، وحين تبرر فاتحة النوافذ تصرفها بأنه لمدة دقائق لتجديد الهواء، قد يرتفع صوت بأن من تخاف على صحتها وتريد تجديد الهواء تستطيع أن تفعل ذلك فى منزلها وأن تصلى فى بيتها.. يبدو مثل هذا الصوت غير متناسق مع الأجواء الروحانية التى من المفترض أن تسرى فى المكان.. لماذا يشوشر البعض على حلاوة الأنس بالصلاة.. فى حين أن للخشوع أجواء تساعد على الوصول إلى طعم يحقق بهجة للنفس ومتعة تحتاجها الروح؟ إن فى الصلاة وقوفاً للإنسان بين يدى المولى سبحانه ومناجاته، صحيح هناك قواعد يجب الالتزام بها، إنما مع النية الطيبة والتعلم تدريجيا يتقبل المولى سبحانه وتعالى بفضله ورحمته وكرمه، ''قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربى إذا لأمسكتم خشية الإنفاق وكان الإنسان قتورا'' . يا رب حبب إلينا الصلاة وافتح علينا يا كريم كى نستمتع فى الليالى المباركة بحلاوة الركوع والسجود وتلاوة القرآن الكريم، واشرح صدر المصلين فى صلاة الجماعة إلى يسر الإسلام وقيمه السلسة فى الطاعة. وتقبل منهم جميعا ومنا برحمتك يا أرحم الراحمين ، ياحنان ، يامنان ، يارءوف ، يارحيم .