منذ بداية الخمسينيات وصل الطالب رجائى ونيس من بنى سويف إلى فنون جميلة الزمالك وجلس فى المكتبة أمامى بالصدفة لا أعرفه ولكن أحد زملاء دفعته فى الإعدادى أزاح بعض رسومه بالقلم الرصاص أمامى حتى أصبحت وسط الكتاب الفنى الكبير لرمبرانت الذى أتصفحه وأقرأ وأتعلم منه كما كانت نصيحة أستاذنا الكبير حسين بيكار. إلا أن وصول رسوم الطالب الجديد بالقلم الرصاص أثارتنى ولاحظت همهمات وضحكات زملائه الذين دفعوا بهذه الأوراق المرسومة بريشة ساحرة تقترب من أسلوبى فى الرسم الصحفى الذى كان قد بدأ ينتشر فى «روزاليوسف» وكنت فى العام الدراسى الأخير قبل التخرج. أخذت معى رجائى صديقى الجديد الذى يرسم بطلاقة وحرية وسخرية مريرة أكثر منى إلى مجلة «روزاليوسف» وجلس أمام طاولة الرسم بينى وبين الرسام الكبير جمال كامل حتى جاء أبو العينين المخرج الفنى بالصدفة وإحسان عبد القدوس ذائع الصيت الروائى وصاحب قلم كبير يكتب الافتتاحية بطلاقة وشجاعة رأى ومثلها عندما يكتب فى الحب واشتهرت عباراته فى الإذاعة «تصبحوا على حب». هكذا ومن اليوم الأول خطفت «روزاليوسف» صديقى الفنان الجديد الذى يوقع «رجائى» حتى إن المعجبين برسومى من أهل المجلة تركونى و التصقوا به أمثال د. مصطفى محمود الذى أصبح يرسم كتبه ومقالاته سنوات طويلة. هاجر «رجائى» بعد سنوات أخرى فى رحلة إلى أستراليا بعد قصة حب مع أم أطفاله التى أخذته إلى قارتها البعيدة وأصبح له وطن ثان وعمل جديد ممتع، حيث يتحول إلى طبيب نفسانى رسام يحاول علاج المتعبين بعقولهم عن طريق الرسم وتحول المرضى إلى أصدقاء عمره بعد ذلك. أما علاقتى به بعد ذلك فقد بدأت عندما سافرت أنا أيضاً إلى باريس للتزود من عالم الفن التشكيلى بصفة عامة وأنتقل من الرسم إلى اللوحة والتمثال تتلمذت على متاحفها كأنى أحج إلى اللوفر كل يوم أحد وأتعلم من عتاولة فن الرسم والتصوير الزيتى والنحت. عندها فوجئت بأنه يحضر إلى باريس وأصحبه إلى متاحفها ويعيش معى فى مرسمى فى ضواحى باريس فتزداد مشاعرنا وذكرياتنا الجميلة منذ بداية مجلة «صباح الخير» وكأنه ورث عنى صفحاتى التى تنشرها «روزاليوسف» المعروفة أخبارهم على وجوههم وانضم إلى الكوكبة المعروفة لفن ازدهار فن الكاريكاتير فى المجلتين العملاق صلاح جاهين وحجازى وبهجت وصلاح الليثى وينضم إلى جماعة حسن فؤاد وزهدى وجمال كامل. تعددت لقاءاتنا ولكن هذه المرة على الورق وأصبحت أطلق عليه اسم «توأمى» وهو لا يكتب رسائله ولكنه يرسمها، حيث أنشر إحدى هذه الرسائل وهو لايزال يهددنى إذا نشرت رسالة من رسائله سنقطع علاقتنا وصداقتنا وأتوقف عن الكتابة إليك والرسم معك بعنوان عزيزى جورج ووجهى وملامحى وحياتى كلها فى باريس يترجمها بريشته الساخرة اللطيفة. وصلت هذه الرسائل إلى عدد يفوق 500 رسالة أحتفظ بها دون نشرها كما أوصانى ولكن هذه الرسالة هى الوحيدة المسموح بها أما رسائله إلى نرمين وأبوالعينين وإحسان عبدالقدوس الذى استضافه فى رحلة بالصدفة فى منزله بأستراليا.. رسائل مرسومة لا تعد ولاتحصى. أشكرك صديق العمر الفنى «رجائى ونيس» الذى عاد إلى مصر منذ عام وسافرت إليه فى بلده بنى سويف. مذكرات الولد لارسام