الدكتور محمد الشحات الجندى - رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية - يقول:النقاب ليس فريضة، وإذا ارتدته بعض السيدات فلا مانع، لكن ما يثار فى هذا الصدد هو محاولة فرضه كزى شرعى على النساء، فهذا غير صحيح لما فيه من المغالاة والتطرف، ولأن القرآن يقول "ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها"، فالمرأة ينبغى أن تستر جميع بدنها، ورجال التفسير يقولون أن ما ظهر منها هو الوجه والكفان، كما أن الرسول "صلى الله عليه وسلم" أباح لمن أراد أن يتزوج أن ينظر إليها فقال "صلى الله عليه وسلم": "انظر إليها"، حتى يتبين إذا كان يرغب فيها أو لا، وهذه الرغبة لا تأتى إلا بالنظر، كما أن للمرأة أن تتجمل للخُطاب، وذلك "لأنه عندما مات سعد بن خولة، وترك امرأته حاملا، ووضعت قبل انتهاء عدة الوفاة، فتركت المرأة الحداد، وتجملت للخطاب، واكتحلت وتخضبت، فلقيها أحد الرجال، فأنكر عليها ذلك، فذهبت للنبى "صلى الله عليه وسلم" وذكرت له ذلك، فقال لها "صلى الله عليه وسلم" قد حللت حين وضعت، وفى هذا الحديث دليل على جواز التزين والتجمل من أجل الخطبة، وكيف تظهر زينة من ترغب فى الزواج، لو ارتدت النقاب. وأضاف أيضا أنه لا داعى للغرق فى مثل هذه المسائل، لأنها مسائل خلافية، فهناك من قال بعدم النقاب، وهناك من قال به، ولكن الراجح هو رأى الجمهور القائل بأن الحجاب كاف، وهذا ليس كلاما يقال فقط، إنما هناك حجج وبراهين تؤيد ذلك، وإذا كان البعض يقول بوجوب النقاب، ومحاولة فرضه كزى شرعى، نقول لهؤلاء ما حجتكم فى ذلك، وأضاف الدكتور الجندى أنه من حق أى إنسان أن يعرف الشخصية التى أمامه، فإذا كان النقاب حرية شخصية، فمن حق من تتعامل معه المنقبة أن يعرف شخصيتها حتى لا يؤدى ذلك إلى المقاطعة بين أبناء المجتمع الواحد، لأن الدين الإسلامى يقول إن المسلمين إخوة، والنقاب يفرق بين هذه الأخوة، ويمنع التواصل بين أبناء المجتمع الواحد. قنوات النقاب ويؤكد الشيخ فرحات المنجى - من كبار علماء الأزهر الشريف أن هذا الموضوع ليس بجديد على الساحة، فقد نوقش منذ الأزل ومنذ بدأت المذاهب الفقهية فى الكوفة والبصرة والمدينة ومصر وكل بلاد الدنيا، وقتل أصحاب المذاهب هذا الموضوع بحثا، ولم يصلوا إلى حل قطعى لتمسك كل فريق برأيه، وأشار المنجى أنه من آن لآخر تظهر على الساحة موضوعات تثير العجب، فينشغل الناس بهذه الأمور، بدلا من التفكير فيما يحدث فى القدس. وأضاف المنجى أن موضوع النقاب نقول فيه كما قال مشايخنا الكبار أنه ليس مفروضا وليس مرفوضا، إذا فهو أمر اختيارى للمرأة، ولكنه ليس مطلبا شرعيا على الإطلاق، وأن كل من يدعى فرضية النقاب هم أناس لهم صلات وثيقة ببعض البلاد التى تسير على مذهب بعض أتباع أحمد بن حنبل من المتشددين الذين يقولون أن بدن المرأة كله عورة حتى ظفرها، أما رأى أحمد بن حنبل فهو كشف الوجه والكفين، وإن كان كثير من أتباعه المتشددين استنكروا عليه هذا الأمر، ولكن الأئمة الآخرين قالوا بالإجماع أن كل بدن المرأة عورة ما عدا وجهها وكفيها، وتفسير الآيات القرآنية يخدم ذلك، فالجميع متفق على الحجاب، ولكن النقاب فيه خلاف، وإن كانوا من يقولون بفرضية النقاب أعداد لا ترقى إلى أن يكون لها صوت أو دوى فهؤلاء قلة، وطلب منهم المنجى أن يتقوا الله فى أنفسهم وفى الآخرين، ولا يفرضوا شيئا لم يفرضه الله، وشدد المنجى قائلا أن أصحاب الفكر الوهابى ممن يعملون فى القنوات الفضائية كالناس، والرحمة، والبركة، هم من يروجون لهذا الفكر، وهذا الفكر لا يصلح فى مصر، وأضاف أن النقاب وفد إلينا على سبيل العادة عندما ذهب أصحاب الحرف إلى الدول الخليجية فجاءوا بهذه العادة، التى لا علاقة لها بصحيح الدين. فهم قاصر أما الشيخ على عبد الباقى - الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية فأوضح أن المجلس الأعلى للأزهر أصدر بيانا أوضح فيه أحكام النقاب، وأضاف أن النقاب فيه خلاف، ولكن الرأى الراجح هو جواز الكشف للوجه والكفين لقوله تعالى "ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها"، وحديث ابن عباس رضى الله عنهما، أنه شهد العيد مع النبى "صلى الله عليه وسلم" فصلى ثم خطب، ثم أتى النساء ومعه بلال فوعظهن، وأمرهن بالصدقة" ويقول ابن عباس فرأيتهن يلقين الصدقة بأيديهن ويقذفنها فى ثوب بلال، فالحديث يبين أن ابن عباس رأى أيديهن، ومن هنا صح أن اليد والوجه من المرأة ليسا بعورة، وأضاف عبد الباقى أنه لا يوجد تمييز بين الناس، والنقاب يخلق نوعا من هذا التمييز، ويؤدى إلى حالة من الصراع والتعصب الأعمى بين بنات الدين الواحد، كما أن كل الناس سواسية لا فرق بين منقبة وأخرى، مادامت هذه الأخرى محجبة وترتدى الزى الشرعى الذى لا يصف ولا يشف، وليس بضيق إنما واسع فضفاض. وأضاف أننا هنا أمام حالة من التعصب والإكراه، تفرض فيها المنقبة فكرها، ونحن فى مجتمعنا المسلم نرى المنقبات لأول مرة يفرضن شيئا لم يقرره الشرع، لأن النقاب لا يوجد فى الشرع، ومع ذلك تجد المنقبات يتحدثن عن النقاب على أنه فرض واجب، وهو ليس كذلك، وهنا نجد التعصب وربما التكفير للأخريات. وأضاف أيضا : نعم نحن لا ندعو إلى العرى، ولكن علينا أن نلتزم بالأمور الشرعية دون تطرف أو مغالاة، ومن رأت أن النقاب حق، عليها أن تلزم بيتها، مادامت قد فرضت على نفسها هذه العزلة، كما ينبغى ألا يكون لدينا ضيق فى فهم أمور الشرع. الإيمان داخلى وأضافت الدكتورة سهير طلب - أستاذ الحديث بجامعة الأزهر - أن النقاب زيادة عما هو مطلوب من المرأة شرعا - ولكنه لا علاقة له بالأفضلية أو الإيمان، فهما يرتبطان بقلب الإنسان، لأن الإيمان شىء داخلى، فقد تكون هناك سيدة متبرجة، ولكن لديها من الإيمان ما يجعلها فى مرتبة عالية، ونحن هنا نطلب من الجميع الاعتدال حتى لا يكون لديهم تشدد بدون فهم، أو تساهل يصل إلى درجة الفوضى، ولكن المطلوب هو الوسطية فى التدين. وأضافت أنها تلتقى فى الجامعة ببعض المنقبات ممن لديهن فكر معين، وأنها تعمل على تصحيح الفكر لدى هؤلاء جميعا دون تفريق بين منقبة أو غيرها، حتى لا ينتشر أى فكر مشوش بين الطالبات.