لسنا ضد الخير ولا فعل الخير .. خاصة في هذا الشهر الكريم رمضان المعظم الذي يلقي بكل رياحه الروحانية الطيبة علي الصائمين الطامعين في ثواب من عند الله عز وجل ورحمته ومغفرته.. فلا يتركون بابا إلا وطرقوه.. ولا وسيلة إلا واتبعوها برا وإحسانا .. ولكننا ضد أن يتم استغلال هذه الروحانية وهذا الاندفاع إلي البر والإحسان في تحقيق مكاسب لشركة هنا أو خدمة تباع هناك. وصحيح أن الخير مستمر من أهل الخير طوال العام إلا أنه في رمضان المبارك تكون النفوس أكثر استعدادا للإقدام علي الخير وفعله بإقبال وكثافة في شهر جمع الثواب والحسنات. ولكن هذه التهيئة النفسية في التدافع علي كسب الثواب.. و هذا الاستعداد لفعل الخير بلا حدود.. وهذا الإحساس بالرحمة تجاه البسطاء من خلق الله.. لا يمكن أن يصبح وسيلة لاسترزاق البعض ولا يمكن أن يكون أسلوبا لتحقيق أرباح للبعض الآخر .. علي طريقة "اشتري أكتر .. ثوابك يكتر" أو "اتكلم أكتر ..ثوابك يكتر" علي اعتبار أن جزءا من قيمة هذه المشتريات التي تضاف إلي حساب الشركات المنتجة سيتم التبرع بها إلي الجمعيات الخيرية. فالوسيلة هنا أنه كلما اشتريت أكثر من هذا المنتج أو غيره ودفعت ثمنه.. وكلما استهلكت دقائق مكالمات تليفونية، و دفعت أيضا ثمنها.. فإن جزءا من هذه القيمة المدفوعة - يجوز النصف - سيذهب إلي الجمعيات الخيرية، وبهذه الوسيلة يزيد رصيد الحسنات ويكثر الثواب. و لكن أصحاب هذه الحملة الإعلانية "اشتري اكتر.. ثوابك يكتر" أو "اتكلم أكتر .. ثوابك يكتر".. لم يقولوا أين ستذهب بقية النسبة من قيمة المبيعات.. هل ستدخل إلي حساباتهم وتضاف إلي رصيد الأرباح لتتجمع في نهاية الشهر الكريم كرقم له ألف حساب؟.. أم سيتبرعون بقيمة هذه النسبة المالية إلي الجمعيات الخيرية.. ليكسبوا ثوابا أكثر هم أيضا؟!! صناع هذه المنتجات المطلوب شراؤها تحت شعار "اشتري أكتر.. ثوابك يكتر" ومستوردوها و بائعو الخدمة التليفونية لن يتبرعوا للجمعيات الخيرية بما يخصهم من نسبة مالية في سياق هذه الحملة.. لأنهم بمنتهي البساطة يعتبرون شهر رمضان المعظم شهر استرزاق يزيد فيه استهلاك منتجاتهم، و من ثم لا مانع من اللعب علي المشاعر الدينية والروحانية في هذا الشهر الكريم واستخدام العبارة الدينية "كتر ثوابك" أو "ثوابك يكتر كل ما تشتري أو تتكلم أكتر".. في تحقيق نسب مرتفعة من المبيعات ترفع من نسب الأرباح.. أرباحهم هم.. أما الثواب.. فهذا موضوع آخر. من يرد الزيادة في فعل الخير والاجتهاد في السعي إلي ثواب الله ومغفرته ورحمته.. فلينفق مباشرة في فعل الخير.. بكل ما أتاح الله له من قدرة علي الإنفاق، وليرسل بكامل تبرعه مباشرة إلي الجمعيات الخيرية ولا يستجب لمن يريد تقاسم قيمة تبرعه فيمنعه عن المحتاجين. أما أصحاب الحملة الإعلانية ومن سمح لها بالظهور علي الشاشات الأرضية والفضائية.. فلهم كلام آخر في مقام آخر.. رمضان كريم.