انتقد كثير من الحقوقيين مشروع قانون الجمعيات الجديد المقدم من وزارة التأمينات والشئون الاجتماعية حيث تضمن كثيرا من البنود التى وصفوها بالمجحفة والتى تؤثر على العمل الأهلى فى مصر. وقال حازم منير عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان إن منظمات المجتمع المدنى ليست فى منافسة مع الحكومة وإنما هى فى حالة تعاون وتكامل، فالجمعيات تدخل فى الميادين والمجالات التى لا تستطيع الحكومة الوصول إليها فالعلاقة بين الاثنين علاقة تكامل وتعاون وشراكة وليست طرفاً يعمل لدى الطرف الآخر وعلى الحكومة أن تتخلى عن نظرتها بأن هذه الجمعيات تعمل لديها وأن تنظر لها على أنها تعمل معها فلابد أن يكون الإطار العام للقانون له هدف. ويوضح منير أن الحكومة لا تزال تتعامل بنفس منطق النظام السابق فلا يمكن سجن العمل التطوعى فالقانون يجب أن يكون قانونا حقوقيا وليس عقابيا كما ذكر الراحل كامل زهيرى. ويرى أن ما يحظر على العمل الأهلى طبقا للائحة هو ممارسة العمل السياسى كالتقدم بمرشحين فى الانتخابات العامة أو دعم الأحزاب فى الانتخابات فيما عدا ذلك لابد من إعطاء المجال للجمعيات كى تدعم التنمية السياسية والحقوقية والتنموية فى المجتمع. وقال منير إن الأمر الوحيد الذى من حق الحكومة التدخل فيه هو الإنفاق المالى فمن حق الحكومة فرض ما تراه من أحكام للرقابة على تلقى التمويل والتبرعات. الدكتور عبدالعزيز حجازى رئيس الاتحاد العام للجمعيات الأهلية، يرى أن محاولة تشويه صورة القانون وهو لا يزال مجرد مشروع أمر غير منطقى مشيرا إلى أهمية وجود 001 ألف جنيه كرأسمال للجمعية فالجمعية تحتاج لموظفين ومقر ولابد أن يتم التفرقة بين الجمعيات والحجرات المغلقة.. ويؤيد حجازى فكرة تقدم الجمعيات الأهلية للاتحاد مؤكدا على أهمية الحصول على تصريح وعدم الاكتفاء بالإخطار لأن الأمر يختلف عن فكرة الحزب. ويؤكد حجازى أنه يوجد فى مصر 63 ألف جمعية أكثر من نصفها مجرد أسماء وكروت لرؤساء مجالس الإدارات بدون مقر أو برنامج. ويرفض حجازى ما يقال عن أن بنود القانون تريد تحجيم عمل الجمعيات الحقوقية مشيرا إلى أنه لم يرد نص على ذلك. وإنه يجب تشجيع المنظمات التنموية التى تعمل فى مجال الإقراض الصغير والمتوسط. وأكد حجازى على أهمية تحرر القطاع الأهلى من الجهات الإدارية، مؤكدا أن هذا لا يعنى انفلاتا أو خروجا عن القوانين أو المواثيق فى ظل وجود 02 ألفا و591 نشاطا اقتصاديا للجمعيات، وكذلك وجود ما يقرب من 52 ألفا و087 نشاطا للرعاية الاجتماعية بجميع أنواعها، ومع ذلك لا توجد شبكة معلومات فعالة تتضمن أعمال الجمعيات فى الأنشطة المختلفة.. وأوضح أن القانون الجديد سينشط دور الاتحادات حيث سيتم تسجيل جميع الجمعيات الأهلية فى الاتحادات الإقليمية فى المحافظات، ثم تقوم الاتحادات بدورها بتسجيلها فى الوزارة. الدكتورة هدى بدران رئيس رابطة المرأة العربية تقول أن القضية ليست فى عدد الأعضاء ولا فى رأسمال الجمعية الذى نص عليه القانون الجديد ولكنها فى المفهوم الأساسى للقانون وكيفية تنظيم العلاقة بين الجمعيات وبين الحكومة. وترى بدران أن مجرد الإخطار أمر كاف لإنشاء الجمعية.. وتشير بدران إلى أن قضية التمويل قضية كبيرة وشائكة وكلنا نوافق على وجود رقابة صارمة لأنه مال عام، ولكن يجب أن تحصل الجمعيات على المنح والهبات بسهولة ودون تعنت مؤكدة أن الجمعيات الحقوقية تجد صعوبة فى الحصول على منح من داخل مصر بسبب ثقافة المجتمع التى تدعم التبرع للأعمال التنموية والخيرية ولكنه يرفض التبرع من أجل التنمية السياسية لذلك فإن الجمعيات الحقوقية تحصل دائما على منح من الخارج وهو أمر قانونى فالقانون الدولى ينص على ذلك فوفقا لقرار الأممالمتحدة تلتزم الدول الغنية بالتبرع للدول الفقيرة أى أن المنح ليست تفضلا ولكنها تكون باتفاق. على جانب آخر تقدمت أكثر من005 جمعية أهلية وحقوقية وتنموية بمقترح لمشروع قانون يعبر عن وجهات نظر ممثلى العمل الأهلى بعيدا عن مشروع القانون الحكومى. وتقدمت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان بمشروع قانون للجمعيات الأهلية إلى الحكومة المصرية ومجلس الشعب، كبديل لمشروع القانون الذى طرحته الحكومة لتعديل القانون رقم 48 لسنة 2002. وقال حافظ أبو سعدة أن القانون الذى تقدمت به المنظمة ينص على حرية التأسيس وتسيير العمل بمجرد الإخطار فالجمعيات تتأسس بمجرد اتفاق إرادة مؤسسيها، ولا يجوز أن تشكل إجراءات التأسيس عوائق أمام تأسيس الجمعيات وأن يتضمن القانون الجديد تفسير معنى النشاط السياسى والنقابى الممنوع على الجمعيات، بدلاً من اللائحة التنفيذية. والعمل على إعلاء شأن واعتبار الجمعية العمومية، باعتبارها صاحبة السلطة الوحيدة داخل الجمعية، وتحديد أوجه نشاطها وأنظمتها وتعديلها، وتكون قراراتها نافذة، ولا يجوز الاعتراض عليها أو على المرشحين لعضوية مجلس الإدارة من جانب الجهة الإدارية. فيما يخص حل الجمعيات أوضح أبو سعدة أن القانون المقترح أوصى بأن يكون الحل من اختصاص القضاء. الأخذ بمبدأ تناسب الجزاءات مع المخالفات، ولا يجوز توقيع عقوبات جنائية على العمل المدنى للجمعيات أو على أعضائها. وفيما يخص التمويل وتنمية الموارد المالية أشار أبو سعدة أن للمنظمات الأهلية الحرية فى تلقى التمويل اللازم لأنشطتها بشرط الإخطار والإعلان عن مصادر تمويلها وأوجه إنفاقه. مع كفالة حق المنظمات فى اللجوء إلى القضاء فى حالة اعتراض الجهة الإدارية على تلقيها هذه الأموال، وفى حالة عدم قيام الجهة الإدارية بالرد بالموافقة على تلقى الجمعية التمويل، وذلك خلال شهر من تاريخ الإبلاغ، يعتبر التمويل ساريًا. وعلى الدولة أن تضمن فى قوانينها إعفاءات للجمعيات من الضرائب والرسوم، وأن تشجع المانحين والمتبرعين على خصم قيمة ما يتبرعون به من وعائهم الضريبى بنسبة مقبولة، ولا ينبغى أن تتحول هذه المزايا والإعفاءات الضريبية إلى وسائل للتدخل فى شئون الجمعيات. للجمعيات الحق فى تنمية مواردها المالية، بما فى ذلك رسوم وتبرعات الأعضاء، وقبول الهبات والمنح والمساعدات من أى شخص طبيعى، أو معنوى، محلى أو خارجى، والقيام بأنشطة من شأنها أن تحقق لها دخلاً وتدر عليها ربحًا يستخدم فى أنشطتها، شرط ألا توزع هذه الأرباح على الأعضاء.