للبرادعى حكايات أعرف بعضها عن قرب بحكم قربى من الدائرة المحيطة به، وبعض الحقائق الأخرى تأكدت من صحتها من المقربين منه فهذه الأيام - لا أعرف لماذا - يتعرض الرجل لحملة كبرى تكشف بعض الخفايا والحقائق التى قد لا يعرفها الكثيرون. نعم الرجل له فضل كبير فى تفجر الثورة المجيدة بتجميعه عددا كبيرا من الشباب كانوا هم وقود الثورة، لكن حقيقة الأمر - ومن وجهة نظرى الخاصة - التى قد تكون خاطئة وقد تكون صحيحة الدكتور البرادعى لا يصلح لقيادة مصر الجديدة بعد عهد المخلوع!! (1) فى البداية لم يصح البرادعى من نومه بعد أن انتهت فترة رئاسته لوكالة الطاقة الذرية، وقال وهو يتمطع: الملل قد يصيبنى من كثرة القعدة لمشاهدة التليفزيون، كما أن اليوم طويل بعد المحاضرات والمقابلات ينتهى يوم العمل وباقى اليوم أجلس على الكنبة أشاهد التليفزيون ففكر وفكر الدكتور أن يفعل شيئاً مفيدا ففكر فى العودة إلى مصر أخيراً بعد طول غياب كى يرشح نفسه رئيساً لمصر منافساً للمخلوع أو ابنه الأبله فى حالة ترشح أحد من الاثنين، الأمر لم يكن هكذا حقيقة الأمر بل أعد له إعدادا كبيرا ولا أعرف ما هو المطبخ الذى طهيت فيه تلك الوجبة الدسمة، وإن كان ظنى يتجه إلى وكالة المخابرات الأمريكية «CIA»، كما صرح بعض المسئولين فى الولاياتالمتحدة وقالوا إن الرجل تلقى تدريباً لمدة شهرين داخل مبنى المخابرات الأمريكية وهو منشور ومنتشر على صفحات الفيس بوك ولم ينفها الرجل ولا مكتبه ولا حتى جمعيته. وقصة قدوم الرجل إلى مصر لها حكاية محبوكة وأريد فيها شهادة كل من حمدى قنديل والشاعر عبدالرحمن يوسف والمهندس يحيى حسين وباقى أعضاء جمعية التغيير والثلاثة ومعهم الدكتور محمد غنيم والدكتور مصطفى عبدالجليل وجورج إسحاق من قيادات الجمعية الوطنية للتغيير وقبل أن نسرد قصة ترشح الدكتور البرادعى لابد أن نعرف أنه كان مرشحاً لتولى وزارة خارجية مصر لثلاث مرات، وكانت حرم المخلوع وابنه الوريث هما العقبة الوحيدة أمام توليه المنصب.. رجل تربى فى مكتب أشهر وزير خارجية فى تاريخ مصر وهو إسماعيل فهمى وكان ثالثهم هو عمرو موسى إذن الرجل كانت كل ملفاته جاهزة ومنضبطة ومتفق عليها كى يمكن أن يطرح اسمه كوزير خارجية مصر أى أن الرجل لم يكن عليه خلاف ولا تطوله أى شائبة وقصة ترشحه كى يكون مرشحاً محتملاً تبدو وكأنها صدفة لكن لا وجود للصدفة فى عالم السياسة على الإطلاق، وما حدث أن الجمعية الوطنية للتغيير اجتمعت لترشيح اسم فى انتخابات الرئاسة المزمع انعقادها فى خريف 2011 وكانت الأسماء المرشحة على طاولة الترشيحات كلا من الدكتور أحمد زويل، وعمرو موسى والدكتور محمد غنيم إلا أن الأخير رفض بشدة ترشح اسمه وفضل العمل السياسى التطوعى بعيداً عن مفرمة الدخول فى صراع محموم مع نظام ديكتاتورى فاشى يسرع الخطى لتوريث الحكم للابن الأبله، واتفق الجميع فى هذا الاجتماع على الدكتور زويل وعمرو موسى، وانفض الاجتماع، وفى الاجتماع التالى ذهب الشاعر عبدالرحمن يوسف إلى الإعلامى حمدى قنديل كى يذهب الاثنان لاجتماع الجمعية وقال الشاعر للإعلامى إننى فكرت فى اسم جديد وهو الدكتور محمد البرادعى وأعجب حمدى قنديل بالفكرة وقرر الاثنان اقتراح الاسم فى اجتماع الجمعية وذهب الاثنان للاجتماع وقال حمدى قنديل فكرة عبدالرحمن يوسف وأنها فكرة جديرة بالمناقشة واستحسن المجتمعون الاسم الجديد وكانت العقبة هى هل سيقبل البرادعى هذا الترشح، وقال الدكتور محمد غنيم أنا أستطيع أن أتصل بالبرادعى - بينهم صداقة قديمة - ونسأله لو اتفقنا جميعاً عليه وبعد الاتفاق اتصل غنيم بالبرادعى وأبلغه بترشيح الجمعية له فطلب منه البرادعى أن يتركه ليفكر فى الأمر ثم يعطيه الرد فى أقرب فرصة، وبعد أسبوع طلب أعضاء الجمعية من غنيم الاتصال بالبرادعى ومعرفة الرد لأن الوقت يمر ولابد من إعلان اسم ترشحه الجمعية لانتخابات الرئاسة ورد البرادعى بموافقته على الفكرة رغم صعوبتها، وهنا هلل كل الحاضرين للاجتماع لما يتمتع به البرادعى من حصانة دولية وهو الحاصل على جائزة نوبل وصاحب الحصانة المحلية بحصوله على قلادة النيل أرفع وسام مصرى لم يحصل عليه غير ثلاثة غيره عندما ابتكرها السادات وأعطاها لنفسه أولاً ثم حصل عليها نجيب محفوظ ومن بعده الدكتور زويل وأخيراً حصل البرادعى عليها بعد تقلده جائزة نوبل وانتظر الجميع قدوم الرجل إلى مصر بعد أن سربت الجمعية اسمه إلى الصحف وإلى الفضائيات وتم عمل تهيئة مناخ عام لقدوم الرجل فى مواجهة نظام أقل ما يوصف به أنه نظام طاغٍ يمتلك أسلحة فتاكة من التشويه بكتاب وصحفيين وصحف هم كانوا حقيقة الأمر أقل كثيرا من الحدث، وقوبل هجومهم الطاغى بتعاطف شعبى مع الرجل لما تفتقده هذه الصحف وهؤلاء الكتاب من مصداقية وشعبية لدى المواطنين. (2) وجاء الرجل لمصر ودخل المطار من قاعة كبار الزوار وكان فى استقباله عدد كبير من الناس يتقدمهم بعض من أعضاء الجمعية الوطنية للتغيير وفى توقيت ساخن جداً وهو القبض على إبراهيم سليمان والتحقيق معه مما دعا الناس يحملون لافتات فى المطار تطالب البرادعى بتخليص مصر من الفساد، وفور خروج الرجل من المطار ومقابلة مستقبليه ركب سيارته التى كانت تنتظره خارج المطار ثم اتجهت السيارة إلى مبنى المخابرات العامة المصرية وقضى هناك ساعتين كاملتين ثم اتجه إلى بيته الفخم، وتحدد يوم لتجمع رموز المعارضة مع الرجل وبدأت الصحف المستقلة حملتها تأييداً للبرادعى ونشرت إحدى الصحف - الشروق - حواراً مطولاً مع الرجل أجراه صديقه جميل مطر ثم حواراً مطولاً فى جريدة الدستور أجراه إبراهيم عيسى وبدأت دانات مدافع الصحف الحكومية ضربها فى وجه الرجل ونشرت إحدى الصحف المستقلة الأسبوعية - الفجر - صوراً لابنته بالمايوه البكينى على الشاطئ للنيل من سمعة الرجل واجتمعت رموز المعارضة فى بيت البرادعى وكل من يلاحظ الرجل كان يعرف جيداً كم هو فى حالة ضيق شديد من تواجد هؤلاء الأشخاص عنده فى البيت، وصرح بذلك صراحة فى حوار تليفونى مع أحد أصدقائه ولم يتواصل الرجل مع هذه المجموعة التى كان يشعر أنها مسلطة عليه من قبل النظام، خصوصاً أن من بينهم رجالاً تربوا داخل جهاز أمن الدولة وهم معروفون للجميع وبعد عدة اجتماعات للبرادعى مع الجمعية الوطنية للتغيير تم الاتفاق على اختيار الإعلامى حمدى قنديل مسئولاً عن التحدث الإعلامى باسم الدكتور وباسم الجمعية وقد انضم للجمعية عدد كبير من الشباب كان البرادعى مهتما اهتماما غير عادى بالالتقاء بهم والإنصات لأفكارهم وآرائهم وإن كان يختزن اتخاذ القرار لنفسه ولا يتخذه أثناء الاجتماع أبدا مما أدخل بعضا من الشك والريبة فى نفوس بعض الشباب بأن هناك من يرجع له الدكتور لمشورته فى اتخاذ القرار وهم لا يعرفونه!! وبدأ الدكتور تحركاته!! (3) من المتعارف عليه فى كل شخصية سياسية كبيرة أن تذهب لصلاة الجمعة فى الأزهر الشريف صاحب التاريخ النضالى الكبير منذ نشأته وذلك فى سياق تجميع الشعبية لدى الناس العاديين، لكن الرجل لم يختر الأزهر لما له من خلفية جهادية يكرهها الغرب فمن هنا بدأت ثورة القاهرة الأولى إبان الحملة الفرنسية وكذلك ثورة مصر الثانية ومن بعدها خرجت ثورة 1919 من رحم الأزهر، وهنا خطب جمال عبدالناصر خطبته الشهيرة التى دعا فيها المصريين للجهاد ضد العدوان الثلاثى إذن الغرب يرى أن الأزهر جهادى وذهب البرادعى وحيداً إلى جامع الحسين جامع الصوفيين أصحاب الدين الإسلامى السمح وهو ما يروق للغرب، وتجمع حول الرجل جمع كبير من المصلين ذهب الرجل دون حراسة تحميه وإن كانت هناك حراسة خفية تحميه فمادام نزل الرجل للشارع فهو قد تلقى الضوء الأخضر لذلك كما أن عملية حمايته قد تمت دون أن يراها أحد ثم ذهب الرجل لمجمع الأديان الجامع والكنيسة والمعبد اليهودى فى مصر القديمة، ثم بدأ بزيارة المستشفيات وزيارة المحافظات بدأها بالمنصور وزيارة معهد محمد غنيم لعلاج الكلى وهى عدة تحركات المقصود منها تجميع شعبية له وسط الجماهير حتى بدأ الخلاف الفعلى!! فقد ظهر فى دولة الكويت أنصار من المصريين لحملة الدكتور البرادعى مما اضطرت السلطات الكويتية بالقبض على المصريين المؤيدين للبرادعى وتأزم الوضع جدا وكان على الجمعية أن تخرج بيانا شديد اللهجة احتجاجا على المصريين المحتجزين فى الكويت، وحاول حمدى قنديل الاتصال بالبرادعى لكنه لم يرد عليه أكثر من مرة مما أغضب قنديل واتصل بعلى شقيق الدكتور طالبا منه أن يرد الدكتور عليه يستشيره فى البيان والوقت يتأخر ولابد من إخراج البيان سريعا لتأزم الموقف ، وطلب منه على التمهل حتى يعود للدكتور ويأخذ مشورته. وبعد قليل طلب على من قنديل أن يرسل البيان عبر البريد الإلكترونى مما أغضب قنديل مرة أخرى ولم يرد البرادعى حتى اضطر قنديل لنشر البيان بعد موافقة الجمعية عليه. وفور نشر البيان فى الصحف. غضب البرادعى وطلب من أعضاء الجمعية عدم نشر بيان باسمه إلا بعد الرجوع إليه، وهنا صارحوه بما حدث، وأفصحوا له عن ضيقهم الشديد لابتعاده عنهم وتحركه دون مشورتهم، وكذلك كثرة سفرياته إلى الخارج مما جعل قنديل يقدم استقالته من منصبه وبعد إلحاح أعضاء الجمعية تراجع قنديل عن استقالته وقرروا الاجتماع بالبرادعى فور عودته من الخارج. وحضر البرادعى الاجتماع. وكان أعضاء الجمعية قد اتفقوا على مواجهة البرادعى بضيقهم الشديد من كثرة تغيبه عن مصر لكثرة سفرياته. وعند دخول الدكتور الاجتماع أول ما تحدث فيه أنه لا يتحدث معه أحد عن كثرة سفرياته للخارج ، لأنه مرتبط بمواعيد محاضرات ولقاءات اتخذت قبل قبوله مهمة الترشح للرئاسة مما أغضب أعضاء الجمعية ، وذكروا له أن هذا البند هو أول البنود للمناقشة وقد فجره الدكتور بما أشاع الغضب داخل الجمعية. وكرر الدكتور تغيبه وقدم قنديل استقالته قائلا: لا يمكن أن أكون المسئول الإعلامى عن طريق الفاكس والإيميل. واتفقت الجمعية أن تعمل فى مخططها الوطنى فى وجود الدكتور أو فى غيابه خصوصا وهى جمعية خرجت من رحم حركة كفاية !!