فور إعلان مجلس الوزراء أنه بصدد إصدار قانون دور العبادة الموحد.. انقسم الأقباط بين مؤيد ومعارض للقانون.. ومن هنا نطرح عدة تساؤلات: هل إصدار القانون هو الحل لتهدئة الملف القبطى الملتهب؟! وهل سيتقبل الأقباط بنود القانون إذا تم إطلاقه على نفس شاكلته؟! وإلى متى سيظل الأقباط على صفيح ساخن؟! لابد أن يأخذ القانون حقه فى المناقشة المجتمعية.. هكذا بدأ معى المفكر القبطى كمال زاخر- رئيس رابطة العلمانيين الأقباط، وكما يقول: من الضرورى جدًا أن يأخذ قانون دور العبادة الموحد حقه فى المناقشة المجتمعية لأنه سيطبق على بشر، وبالتالى إن لم يتناقشوا بشأنه، فسيرجعون مرة أخرى ويطالبون بتعديله. بالإضافة إلى أن هذا القانون سينتج آثارا مجتمعية، فلابد من مراجعته من المجتمع وأفراده. ففى رأيى يجب أن يُطرح القانون على مختلف القوى السياسية، وبناء عليه نصل إلى الصياغة الأكثر ملاءمة للواقع الذى نعيشه، وأنا أرى أن القانون حتى الآن غير واضح، وغير معلن، فقد رأينا الكثير من القوانين ومشروعات القوانين التى تخص دور العبادة لكننا لا نعرف أيها سيطبق، لذلك فعلى الدولة أن تعلنه أولاً ثم نتناقش بشأنه حتى نعرف ما هو المطروح، فنحن لا نتحدث عن مشكلة بسيطة أو سهلة لكنها بؤرة التهابات تثير الكثير من المشاكل. ويضيف زاخر: لا يعتبر إصدار القانون هو الحل النهائى لكل المشاكل التى نمر بها، فهو جزء من الحل لأن مشكلات المسيحيين ليست فقط فى بناء الكنائس إنما هناك ملفات كثيرة مثل: تعيين الأقباط ومشاركتهم فى الأحزاب والانتخابات، وتقلدهم مناصب عليا فى البلد، وتدريسهم بالجامعات، فللأسف نحتاج إلى الكثير من الحلول للملف القبطى الملتهب. وأنا أرى أن الحل الأساسى حتى تستطيع الدولة حل مشكلات هذا الملف: التأكيد على الدولة المدنية وسيادة القانون، فلو ساد القانون ستحل جميع المشكلات، وغير ذلك فإننا نلف فى دائرة مفرغة ولن نصل أبدًا للحل. وأنا أؤكد أن كل هذه المشكلات لا تخص الأقباط بمفردهم لكنها تخص مصر كلها باعتبار أن الأقباط جزء من نسيج الوطن، ومشكلاتهم تخص الوطن، لكن حالة التمييز التى تتم الآن فى الشارع ستؤدى إلى تفاقم المشاكل. مطلوب فورًا بينما يؤيد نجيب جبرائيل- رئيس الاتحاد المصرى لحقوق الإنسان فكرة إصدار القانون، ويطالب بضرورة إصداره خلال 24 ساعة وليس إصداره بعد أسبوعين كما أوصى مجلس الوزراء. وبالرغم من ذلك فإن نجيب يرى أن القانون الموجود حاليًا مبهم، وغير واضح على الإطلاق، وبه مواد ستثير الرأى العام، فعلى سبيل المثال يمنع القانون إقامة دور عبادة على أى مكان سكنى تمت إزالته؟! ويتساءل جبرائيل وما هو الحل إن لم تكن هناك أية مساحات خالية؟! أما بخصوص المادة التى حددت بألا تقل المسافة بين كنيسة وأخرى عن 1000 متر، فهى خاطئة لأننا لو طبقناها على بعض القرى والنجوع، فسنجد أن هناك أماكن مساحتها أقل من ألف متر، وبالتالى لن يتمكن أهلها من إقامة أكثر من دور عبادة. ويعقب جبرائيل على المادة التى تقول إن بناء الكنيسة يتوقف على كثافة السكان القاطنين فى المنطقة المراد البناء بها قائلاً: كيف يصر القانون على هذه المادة بالرغم من أنه مخالف لحكم المحكمة الدستورية العليا، والذى قضى بأن عدد السكان ليس شرطًا أساسيًا لإقامة أى دور عبادة لأن بناء أى دار عبادة حق أصيل من حقوق أصحاب الديانات المختلفة. وينتقد نجيب جبرائيل خلو القانون من الإجراءات التى يتعين على الفرد اتباعها فى حالة رفض الجهات الإدارية إصدار التراخيص ببناء كنيسة، وما هى الجهة التى سيتم اللجوء إليها وما المدة الزمنية التى يتعين الفصل فيها؟ أرفض إصداره أما المفكر جمال أسعد فيقول: أرفض إصدار القانون فى هذه الظروف الصعبة التى يعيشها المجتمع، فالمجتمع الآن لا يستطيع تقبل أى قوانين بسبب حالة الغليان التى يعيشها. والأهم من كل ذلك هو ضرورة تقبل الناس محتوى ما فى قانون دور العبادة أكثر من تقبلهم لقانون على ورق كقوانين عدة تم إصدارها ولم نعمل بها حتى الآن. كما أن مشروع القانون لاقى رفضًا كبيرًا من معظم المسيحيين بكل طوائفهم، كما لاقى أيضا الرفض من بعض طوائف المسلمين، والأخطر من ذلك أن عددًا من القيادات الوسطية فى الإسلام مثل الأزهر اعترض عليه، وظهر تيار يدعو لعدم وجود قانون دور عبادة موحد من الأساس، حيث لا يمكن المساواة بين قانون يخص الدين المسيحى، وآخر يخص الدين الإسلامى بسبب اختلاف الشعائر والطقوس وطريقة العبادة. وبناء على ذلك، فيقترح قائلاً: أرى أن الحل هو تأجيل هذا القانون لأن المناخ طائفى يسيطر عليه التعصب، وعدم التسامح، فالجميع يسعى للمتاجرة بقضية الدين، وكل طرف متحفز لرفض كل ما يقوله الطرف الآخر. إذن فالحل المناسب هو تأجيل إصدار القانون، وليس فقط ذلك، فالأهم مع خطوة التأجيل هو خطوة إعداد وتأهيل المجتمع للدخول فى حالة حوار، والعمل على إذابة كل الخلافات التى تشكل هذا المناخ الطائفى. ويستطرد جمال أسعد فى حديثه مؤكدًا: منذ أكثر من عشر سنوات، وأنا أقول إن القضية ليست قضية قوانين، فليس بالقوانين يحيا البشر، لكن بالحوار، لأنه إن لم يكن هناك حوار مجتمعى يجمع بين كل الأطراف فلا فائدة من أى قانون. وبصفتى مواطنا مصريا أرى أن الحل الوحيد لمعظم المشكلات الموجودة الآن يكمن فى الحوار، وليس بالتحدث فى التفاصيل الصغيرة أو فى المواد التى تثير الجدل.