شيخ التربويين الأستاذ الدكتور حامد عمار لم يبخل علينا بوقته ليضع لنا اقتراحاته فى حل مشكلات التعليم ويضع المحاور الأساسية للخروج من النفق المظلم الذى يعانى منه التعليم.. فى البداية سألناه عن مقولته «إن التعليم ليس كياناً مستقلاً عن مجمل أوضاع المجتمع» فقال: علينا دائماً أن نضع التعليم فى إطار المنظومات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية فإن التعليم مجال وعملية سياسية كما أن السياسة عملية تربوية.. وفى كل العصور هو ليس كياناً مستقلاً أكاديميا ودلائل ذلك أنه قد تغيرت مسميات جامعة القاهرة من الجامعة الأهلية مع تبرعات الحركة الوطنية سنة 1908، ومع تبلور حركة الاستقلال والدستور 1923 أصبح اسمها الجامعة المصرية ومع النظام الملكى تغير اسمها إلى جامعة الملك فؤاد الأول ومع الثورة الناصرية أصبحت جامعة القاهرة.. وهذا مثال بسيط. كذلك مع حرية الاستثمار وحرية السوق ظهرت الجامعات الخاصة والأجنبية ومع اضطراب السوق واختلالاتها وفسادها لم يعد لخريجى التعليم أسس عادلة أو شروط موضوعية فبطالة الخريجين ليست بسبب التعليم السيئ فحسب وإنما هى مع اختلالات السوق فتمتد العوامل إلى الظروف السياسية والاقتصادية وصولاً بمكونات التعليم من معلمين ومناهج وتمويل. * صباح الخير: ما علاقة ذلك بإضرابات المعلمين وموقفك من هذه الإضرابات؟ - لقد أعلنت وحققت ثورة 25 يناير انهيار النظام الديكتاتورى المتسلط وبداية السعى إلى إقامة مجتمع ديمقراطى فهبت الجماهير والفئات التى عانت من الظلم للمطالبة بحقوقها لكن وسيلة إضراب المعلمين وتجاهل حق 18 مليون طفل والكبار مليونين من الشباب فى تعليم مستمر ومتواصل فهذا هو غير المعقول.. فلم نسمع فى تاريخ التعليم الوطنى إضراباً شاملاً للمعلمين فهناك وسائل أكثر سلمية وقانونية لأنهم يطالبون بحقهم وينسون واجبهم القومى وقد حققوا بالفعل قدراً كبيراً من مطالبهم المالية بالتفاوض لا مع الوزير وحده وإنما مع وزير المالية ورئاسة مجلس الوزراء وحتى مع أن هذه الخطوة تحقق لهم قدراً من الاستقرار لكن ليس بزيادة رواتب المعلمين فقط يتم إصلاح حال المعلم، فيجب انتظامهم فى الدورات التدريبية والتزامهم بالأمانة فى أداء واجباتهم وتوفير الثقة بينه وبين المتعلم حتى لا يصبح المعلم مظلومًا فى الخارج وظالمًا داخل الفصل. * صباح الخير: وماذا عن إمكانية القضاء على الدروس الخصوصية؟ - الإتجار بالتعليم فى صورة الدروس الخصوصية التى تمثل وباءً سرطانيًا فى كل مراحل التعليم يؤدى إلى فشل كل الإصلاحات التعليمية لأنه اتجار يشبه الإتجار بأقوات الشعب ومن أهم العوامل المؤدية إلى إهدار كرامة المعلم والاحترام لدى أولياء الأمور وأدت لتميز طبقى بين فئات المعلمين حسب تخصصاتهم، فضلاً عن مخاطرها الجسيمة فى تجاوز العدالة ومبدأ تكافؤ الفرص وتهديد لمقومات العدل الاجتماعى الذى نريد تأسيسه بعد ثورة الخامس والعشرين. * صباح الخير: لو كنت وزيراً للتربية والتعليم ما هى المحاور التى تبنى عليها إصلاح تلك المنظومة؟ - بداية «لو» حرف امتناع لامتناع كما يقال.. وأعتقد أن الوزير يجب عليه أولاً: قضاء أسبوعين فى دراسة واقع التعليم وإحصاءات تطوره والتعرف على مختلف الخطط والاستراتيجيات السابقة وزيادة عينات من مختلف المدارس بمختلف مراحلها. ثانياً: وضع خطة مرحلية بمشاركة مجموعة متنوعة من الخبرات والتخصصات لوضع خريطة عامة لمعالم الطريق الذى ستكون مسيرته عشر سنوات مع تحديد الأولويات الزمنية لعرضها على مجلس الوزراء ويوضع فيها: 1- دور الوزارات والهيئات والمجتمع المدنى لإمكانية تحقيقها ثم تعرض على المؤسسات التشريعية لمناقشتها والتأكيد على عدم المبالغة فيما يمكن تحقيقه من منجزات، كما تشمل التركيز على ضمان استيعاب جميع الأطفال الملزمين فى السنة الأولى من التعليم الابتدائى وتخفيض نسب التسرب أو ترك المدرسة خلال سنوات المرحلة الستة وكذلك فى التعليم الإعدادى. 2- كذلك الاستقرار على نظام الثانوية العامة وامتحاناتها ونظام القبول فى التعليم العالى. 3- القضاء التام على مشكلة الأمية فى مختلف المحافظات. 4- توفير الميزانية الخاصة بالتعليم بما لا يقل عن 6% من الناتج المحلى الإجمالى أو 20% من الميزانية السنوية وتحديد نصيب كل من التعليمين قبل الجامعى والتعليم العالى. 5- تخصيص القدر الضرورى من إنفاق الميزانية على البنية الأساسية من مبانٍ مدرسية لا تقل عن 1200 إلى 1500 مدرسة سنوية خلال السنوات الخمس الأولى من سنوات الخريطة العشرية ومشروعاتها وبذلك نحقق تقليل الكثافة مع مراعاة تحفيز المشاركة الشعبية وإسهاماتها من شريحة الأثرياء فى مشروعات البناء. 6- بدء حملة قومية للقضاء على الدروس الخصوصية ووضع قانون لتجريمها تشارك فيها النقابات للمعلمين ومختلف الوزارات والجمعيات الأهلية وأجهزة الإعلام والثقافة. * صباح الخير: وماذا عن تجارب الدول الأخرى وإمكانية مساهمتها فى تحسين منظومتنا التعليمية؟! - هناك بعض الممارسات فى الدول المتقدمة يمكن الاستفادة منها مثل عدد أشهر العمل خلال العام المدرسى التى تصل إلى 220 يوم عمل بينما لا يصل لدينا لأكثر من 170 يومًا. ومنها المناهج والكتب الدراسية فى مجال الرياضيات والعلوم وخاصة التعليم الثانوى ووضع صناديق داخل المدرسة أحدها للطلاب والثانى للمعلمين والثالث لأولياء الأمور لوضع ما يعن لأى منهم من أفكار فى تحسين العملية التعليمية.