كانت أحلامنا أكبر من ذلك بكثير فى الميدان. وقت الثورة الحقيقية . ثورة خلعت رئيسا ونظامه بالكامل فى 18 يوما. وبعدها رحلنا وتركنا الميدان فجاء الميدان بمنتج صينى، ذلك التعبير الصادق فى إحدى أغنيات فيلم ابن القنصل، وقد كتبها أيمن بهجت قمر لو لم تخنى الذاكرة، المنتج الأصلى الوحيد فى كل الحدودتة، من كان فى الميدان وقت الثورة. والقليل منهم كان يزور الميدان ويعتصم لمطالب تكملة الثورة. غير ذلك فالمنتج كله صينى، وبالطبع دون شرح. كلنا نعرف رداءة المنتج الصينى المخصص لمصر. نظاما حاكم بنفسه كان صينيا، عندما واجه منتجا حقيقيا انهار فى بضعة أيام. وركب الثورة انتهازيون منتج صينى. وظهر كتاب للثورة. أكثرهم صينى. وأحزاب صينى. وتيار دينى صينى. وإعلام صينى وساسة منتج صينى. وأفكار صينى. هذا الكم الهائل من البشر من ركبوا على الثورة لا أحد. الكل الآن يبحث عن مصلحته الشخصية، مصلحة مصر العليا لا وجود لها فى قاموس الأجندات الثورية. حالة من الإحباط تنتابنى وتنتاب بعض من كانوا فى الميدان مما يحدث من هؤلاء.. سأذكر لكم واقعة لها دلالة: مساء يوم 28 يناير. وكانت الشرطة قد انسحبت فى شكل مخز ودخلنا الميدان. اتجهت فى شارع التحرير متجها إلى باب اللوق أبحث عن كشك لأشترى منه بعض الحلويات. كل من كان فى الميدان كانت ملابسه رثة من كثرة الجرى والقنابل المسيلة للدموع. وكل الوجوه مصفرة والأعين محمرة من كثافة القنابل المسيلة للدموع. وفى الطريق قابلت اثنين واحد يرأس جمعية لحقوق الإنسان ومعه شيخ يدلى الآن بشهادته فى الثورة. وعلامات الراحة والرفاهية تبدو على ملابسهما ووجهيهما النضرة بغير اصفرار.. قال لى الحقوقى إيه الأخبار فقلت أخبار إيه. أنت كنت فين؟ فقال أبدا كنت بأراقب الموقف من المكتب ! فقلت كل شىء انتهى. ربنا يوفقكم . فرد الشيخ آمين ويثبت خطاكم. الاثنان الآن فى كل الفضائيات يدليان بشهادتهما فى جمعة الغضب. ،عن دورهما الكبير والخطير فى هذا اليوم وأنه لولا جهودهما مع زملائهما لفشلت الثورة. هكذا ينطقون، القفز على البطولات أسهل طريق للشهرة وللنصر ألف أب وللهزيمة أب واحد. هو الشعب الغلبان المطحون تحت رحمة نظام فاشل وفاسق وتحت رحمة انتهازيين يجيدون الصوت العالى والعلاقات مع معدى البرامج وكم كبير من البجاحة البشرية. بعض من الوقت يزورنى الإحباط. وهى زيارة ثقيلة بأن كل ما فعلناه هو إزاحة هذا النظام بكل ذيوله. ولم نكن ندرى أن هذا كافيا كان لابد علينا أن نستمر كى نزيح الذيول التى هى أخطر على البلاد من النظام نفسه، ذيول من المنتفعين والانتهازيين وراكبى الموجة. ذيول من صغار الخدامين للنظام السابق ممن كانوا يحلمون بقيادة مستقبلية فى ظل الأبله جمال مبارك وهم الآن يتلونون كالحرباء ويقفزون للصفوف الأولى ويقدمون أنفسهم كخدامين مرة أخرى بالأجرة، مات الملك، عاش الملك. وتلك الزيارة التى تطول من الإحباط تفتحت طاقة الأمل من جديد، عندما أرى المنتج الحقيقى من الثورة مازال فى حالة انتظار وصبر وتحفز، كل ما يحدث الآن محاولات لإسقاط شرعية الثورة وتقديم الثورة على أنها شىء يصل للكارثة على الوطن، لكن وفى اللحظة المناسبة المنتج الحقيقى غير الصينى وغير الأمريكانى سيظهر فى الصورة ويملأ الفراغ الوهمى الذى يملأه المنتج الصينى الثورة لم تمت. الثورة مازالت فى نفوس الكثيرين فقط هى هدنة لبعض الوقت لنرى ماذا سيحدث. هذا ليس رأيا خاصا، بل هو رأى كل من كان فى الميدان وقت الثورة وعاد لعمله الآن ويراقب، تلك الثورة منتج مصرى أصيل. جاء من ثورة القاهرة الأولى ضد الفرنسيين وجاء من ثورة 19 الشعبية التاريخية، جاء من الثورى الأعظم جمال عبدالناصر رغم كل أخطائه كلنا ولاد جمال عبدالناصر الشريف النظيف الميت مديونا والجامع للملايين فى جنازته الممتد إلى ثورتنا، وحملنا صوره فى الميدان أما المنتج الصينى فله وقت وسيزول !