يوم 9/9 جمعة تصحيح المسار والذى سماها البعض جمعة الغضب الثانية كنت هناك فى التحرير وعند وزارة الداخلية وتابعت أحداث الغارة لحظة بلحظة بكل ما حدث فيها ولم أكن أدرى أننى سأكون شاهدة على ليلة يتوه فيها المسار وتختلط فيها الأوراق وتضيع الرؤى.. البداية كانت فى ميدان التحرير عقب صلاة الجمعة حين رفضوا إعطاء الشيخ مظهر شاهين الميكروفون لكى لا يخطب فى المتظاهرين وهو ما اعتبره البعض تحدياً له لكى لا يصل صوته إلى المتظاهرين وبدأ التوافد إلى الميدان من جميع الطبقات والأعمار لكى يؤكدوا على أنهم يريدون دولة مدنية. كانت المفاجأة لكل المتظاهرين حضور مجموعة الألتراس الذين توجد بينهم وبين الشرطة تار بسبب مباراة الأهلى وجاءوا من شارع قصر العينى متجهين إلى وزارة الداخلية فى شكل استعراضى بالألعاب النارية وكانوا ينادون الشرطة بالتصادم معهم لكى يأخذوا حقهم منهم. فى ميدان التحرير مسيرة دار القضاء فى منتصف اليوم فى حدود الساعة الرابعة عصرا تجمعت مجموعات كبيرة فى مسيرة من ميدان التحرير متوجهين إلى دار القضاء العالى وسلكوا شارع شامبليون وحضرها عدد من الإعلاميين والسينمائيين منهم ريم ماجد والمخرج داود عبدالسيد وكانت منظمة للغاية وسلمية ومعظم المتواجدين داخل المسيرة كانوا ينظمون المرور لكى لا تحدث أى عوائق واستمرت هذه المسيرة حوالى ساعتين فقط والبعض اكتفى بها ولكن معظمهم عاد مرة أخرى للميدان. وزارة الداخلية الذى شاهدته بعينى أمام وزارة الداخلية فى حدود الساعة السادسة والنصف مساء أقنعنى أن هناك من يريد إفساد هذه الثورة البيضاء فقد تجمع عدد من المتظاهرين أمام الوزارة لكى يعبروا عن غضبهم ولكن فى صمت شديد وبدون حتى أى هتافات وفى ظل هذا التحضر من المتظاهرين جاءت مجموعة من الشباب فى أوائل العشرين من عمرهم يوجد معهم طوب وحجارة وشوم محاولين تكسير باب الوزارة وأقل ما يوصفون به أنهم بلطجية وعندما اعترض المتظاهرون على ما يفعلونه اعتدوا عليهم بالضرب وسبوهم ولكن لم يستسلم المتظاهرون لهم محاولين حماية ثورتهم فى الأساس وتجمعوا أمام باب الوزارة لكى يحموها بأنفسهم وتشابكت أيديهم ولم يهتم البلطجية بما فعله المتظاهرون وأصروا على أعمال الشغب والبلطجة وضربوا الثوار بالمتاريس والحواجز التى كانت توضع أمام وزارة الداخلية وقاوم المتظاهرون لآخر لحظة وعندما لم يجد البلطجية أى تجاوب منهم توجهوا إلى الباب الخلفى للوزارة وقطعوا الإشارة التى تسبقهم لكى لا يتمكن أى شخص من الدخول إلى هذه المنطقة وبدأوا برمى الطوب والحجارة داخل الوزارة وسمعت أحد البلطجية يقول «اللى هاييجى هنا هنربيه»، واستوعب أهالى المنطقة مدى خطورة الموقف ونزلوا من بيوتهم وانضموا إلى المتظاهرين لمواجهة البلطجية وتوسلوا إليهم لكى يكفوا عن أعمال الشغب ولكنهم لم يستجيبوا، لذلك وفى نفس الوقت يهتف الثوار «سلمية سلمية»..، وعندما وجدوا الأمر يزداد صعوبة طلب المتظاهرون التوجه إلى ميدان التحرير وإلى تكسير السور أمام السفارة الإسرائيلية. أمام السفارة ونحن متواجدون فى ميدان التحرير جاء لنا خبر بوجود أشخاص يحاولون اقتحام مبنى السفارة الإسرائيلية ومديرية الأمن فتوجهت على الفور إلى هناك وجدت أن الأمن انسحب من أمام السفارة فجأة على الرغم من أن الأيام الماضية كان يتواجد بكثافة تحت الكوبرى والدبابات تحيط بالسفارة وهناك شباب حاولوا تسلق العمارة مثلما فعل أحمد الشحات والبعض كان يتكهن أن الشباب فعلوا ذلك لكى يقابلهم رئيس الوزراء ويعطى لهم شققاً سكنية، ووجدنا الجدار كأنه لم يكن فقد استطاع الشباب بواسطة «الشواكيش» والمطارق الحديدية إسقاط هذا الجدار الضخم ووجدنا الشباب الذين تسلقوا العمارة دخلوا إلى إحدى الشقق التابعة للسفارة وإلقاء الأوراق والمستندات التى وجدوها بالسفارة من النوافذ بعد أن قاموا بتمزيقها، ووجدنا بعض المتظاهرين، كان عدد غير قليل يحتكون بالأمن المركزى المحيط بمبنى مديرية أمن الجيزة ودارت عمليات من الكر والفر بين قوات الشرطة والمتظاهرين وكان الجيش فى هذا الوقت يستعد فى شارع النيل المجاور للشارع الذى تتواجد فيه السفارة لحين دخوله لفض المتظاهرين وفى تمام الساعة الثانية عشرة قامت الشرطة بإلقاء القنابل المسيلة للدموع والتعامل مع المتظاهرين وبعد أن ضاق بقوات الأمن بسبب كثرة المتظاهرين تدخل الجيش وقاموا معا بمحاولة فض المظاهرات والتى نتج عنها الكثير من الضحايا، واستمر ذلك إلى اليوم الثانى حيث تواجد الجيش حوالى الساعة السادسة صباح اليوم الثانى «يوم السبت» وقام بقطع كوبرى الجامعة أمام المتظاهرين إلى أن سادت حالة من الهدوء فى ظهيرة يوم السبت.