ترك فنانو الحضارة الإسلامية تراثا فنيا ضخما وثريا من الفنون من التصوير إلى فنون العمارة الإسلامية مرورا بالفسيفساء والطرق على النحاس والزخرفة على الزجاج، وتألقت على جدران المساجد والبيوت الخطوط والحليات والزخارف بفضل مجموعة من الفنانين المبدعين الذين أثروا وتأثروا بالحضارات التى سبقتهم فأبدعوا كل هذه الفنون التى ظل الزمن شاهدا عليها.. وبحكم استمرار تأثير تلك الفنون وتواصلها مع الفنانين المعاصرين ظهرت مجموعة متميزة من الفنانين الذين تأثروا بتلك الفنون الإسلامية ووظفوها فى أعمالهم الفنية المعاصرة ليقدموا إبداعات فنية معاصرة تستلهم روح وطبيعة الفنون الإسلامية. ووجدنا فنانون طوروا فى أعمالهم ولم يلتزموا بالقيود التى كانت تواجه الفنان المسلم الأول مثل رسم الوجوه والبشر فرسموا ذلك فى أعمالهم. • الفانون المعاصرون واتفق الجميع على عظمة تلك الفنون واستمراريتها وقدرتها على الازدهار فى كل العصور خاصة أنها فنون تمتاز بالإبداع والتألق وتمجد قيمة الحياة بقدر ما تمجد قيمة الدين الإسلامى وعظمته فضلاً عن أنها تقدم خدمة جليلة للإسلام. واللافت أن معظم الفنانين المعاصرين قرروا اقتحام مجال الفنون التشكيلية المستلهمة من الفنون الإسلامية باختيارهم إما بحكم النشأة والتكوين فى أحياء قديمة تزدهر فيها العمارة الإسلامية والمساجد التاريخية وإما اقتناعا بأهمية تلك الفنون الإسلامية والرغبة فى توظيفها وتطويرها سعيا لإيجاد فن تشكيلى إسلامى معاصر يحمل هوية عربية تضاهى فى الإبداع الفن الغربى المعاصر، وهناك بعض الفنانين مثل الفنان الكبير حسين الجبالى لم يكتف بالتأثر بفنون الحضارة الإسلامية فقط فى أعماله، بل أضاف إليها فنون الحضارات السابقة بدءا من الفرعونية وحتى القبطية ونجد خطوطا تمزج بين الفرعونية والعربية فى أعماله المتعددة، بينما نجد فنانة كبيرة مثل الفنانة عطية مصطفى تنفرد بأسلوب فنى خاص يتألف الشكل فيه والتعبير من الكتابة العربية ورسم الوجوه والبشر دون أن تجد فى ذلك حرجا فنيا، وبالمقابل تقدم الفنانة السكندرية نعيمة الشيشينى نوعا مختلفا من الفنون التى تستوحى وتستلهم الفنون الإسلامية وكأن اللوحة تسبح فى ملكوت الله ومحاولة الوصول للذات الإلهية وتستفيد فى ذلك من دراستها المتخصصة فى الفنون الإسلامية. وما يميز الفنانين المعاصرين أنهم ابتعدوا عن المباشرة فى أعمالهم مثل الفنان مجدى عبدالعزيز الذى وظف أغلب عناصر الفنون الإسلامية فى أعماله من الخط والموتيفات والزخارف ودمجها فى عناصر الفن التشكيلى المعاصر فى حين استوحى الفنان عبدالمنعم معوض تيمة المربع المشهورة فى الفنون الإسلامية ليقدم بها لوحات فنية إسلامية تحيلك إلى عوالم الكعبة المشرفة وأجواء روحانية مميزة، أما الفنان عبدالخالق حسين فقد مزج فى أعماله بين عناصر الفنون الإسلامية الملهمة وعناصر الطبيعة من حوله لتخرج أعماله متحررة من كل القيود، أما الفنان حسن عبدالفتاح فقد استفاد من نشأته فى عالم القاهرة التاريخية ليقدم بناء تشكيليا يستفيد من العمارة الإسلامية والكتابات العربية باحثا عن فن تشكيلى إسلامى عربى الهوية، وهناك فنانون متميزون مثل الفنان محمد يوسف الذى يرسم الجوامع والمآذن وجماليات العمارة الإسلامية بأشكال ملونة تلوينا بديعا، أما الفنان مصطفى عبدالرحيم فقد تخصص فى أعمال الزجاج الملون وقدم عشرات الأعمال التى تستلهم الزخارف والرسم على الزجاج التى هى ملمح أساسى فى تجربة الفنان المسلم الأول فى حين يمزج الفنان أحمد الأبحر بين الخطوط العربية والتشكيل المعاصر ، وما بين هؤلاء وهؤلاء نجد فنانين آخرين يقدمون تجارب فنية مختلفة مثل الفنان سمير عبدالرحمن الذى يستفيد من كل الحضارات السابقة بما فيها الحضارة الإسلامية تاركا لنفسه العنان لكى يقدم لوحات فنية معاصر تستهدف البحث عن فن يحمل هوية مميزة، وكذلك الفنان حسن غنيم الذى تبدو أعماله خارجة من قلب الفنون الإسلامية، فهو يستفيد من كل عناصرها ويقدمها فى قالب فنى معاصر، أما الفنان يحيى عبده فيقدم لوحات تشكيلية جمالية تستلهم الكتابات والخطوط والزخارف، ويحمّلها بأشكال تعبيرية تتواءم مع تلك العناصر الإسلامية المميزة.