من خلال الأيام الأولى من الشهر الكريم تابعت مسلسلات وبرامج وإعلانات أشهد أن البعض منها يستحق منا أن ننحنى له احتراما والبعض الآخر يستحق ذات الانحناء ولكن ليس من باب الاحترام وإنما بحث عن طوبة نحدف بها كل من شاركوا فى بعض هذه الأعمال المملة الثقيلة التافهة ولأننا فى الشهر الكريم فسوف نركز على الجانب الأول أو الصنف الذى أمتعنا من الأعمال ولا أحيد عن الحقيقة لو قلت أن مسلسل «الكبير قوى» جذبنى فتابعت حلقاته التى هى نوع من الهلس اللذيذ استطاعت البنت دنيا سمير غانم أن تثبت أن ابن الوز تفوق فى العوم على والديه، فهذه البنت هى خليط من امتزاج موهبتين الأولى لنجم الارتجال فى الكوميديا فى عالمنا العربى والثانية هى الست صاحبة الملامح المصرية الطيبة دلال عبدالعزيز. دنيا سمير غانم من هذا الثنائى جاءت هذه البنت اللهلوبة خفيفة الظل المهضومة الواثقة من خطواتها المجيدة فى كل دور تتصدى له والتى تدقق كثيرا فى تفاصيل الشخصية التى تلعبها لتجعلها أقرب إلى نفوس المشاهد فلا تشعر أنك أمام ممثلة تؤدى شخصية ولكنك أمام شخصية خلقتها وأبدعتها، ورسمت ملامحها ممثلة شديدة القدرة على التلون حريصة كل الحرص على التنوع وهى بالفعل أثبتت فى هذا المسلسل أنها هى الكبيرة قوى ولو أحسن السادة منتجو دولة الفنون الاختيار لمنحوا هذه البنت المتألقة فرصة البطولة لفوازير رمضان خصوصا بعد انزواء نيللى واختفاء شريهان، ولا ينبغى أن ننسى المقتدر المتغير كما الحرباء صاحب القدرة الجبارة على تقديم كل ألوان الطيف الفنى أحمد مكى الذى خلق من أجل أن يعمل بوظيفة التمثيل، فهو متمكن من أدواته بشكل يثير الإعجاب ولأنه غول تمثيل لا تستطيع أن تحبسه فى دور بعينه فهو سرعان ما ينسلخ من الصعيدى ليلعب الخواجة، وسيكون الحكم فى كلا الدورين فى صالح هذا الولد الممتلئ بالموهبة، والأهم منها صاحب العقل المدير.. أى الذى يدير الموهبة نحو الأمام فما أكثر الممثلين الذين امتلكوا مواهب من نوع الألماظ، ولكن العقول التى أدارت الموجة كانت مثل زوبة التى هى فى حاجة إلى زقة على الدوام.. ومن «الكبير قوى» إلى المحاور الأكبر مفيد فوزى، أود أن أتوقف قليلا ونرصد معا هذا الدرس البليغ، وذلك الدش الساخن، وهذه المعلمة التى أدار بها مفيد فوزى ذلك اللقاء الممتع مع طونى خليفة، والحق أقول إننى لست من مريدى الأخ طونى ذلك لأنه يحرص على أداء دور المذيع «الفلن» الشرير فى كل رمضان وهو النسخة الرجالى من الست منى الحسينى وقد أراد أن ينصب طونى الشباك لمفيد فوزى ظنا منه أن العمر تقدم به وتصاريف الزمان نالت منه ما نالت، ولكن الشىء المدهش أن الأستاذ تمكن من الإمساك بطونى ووجه له نقدا مؤلما وعلمه كيفية الحوار، ولم يبخل عليه بالنصح طول عمر الحلقة وكان شجاعا عندما رفض أن يمتطى الموجة السائدة ويلعن ويسب فى رجال أصبحوا خلف الأسوار وكانوا منذ شهور قليلة كعبة يحج إليها الجميع، ولخص مأساة نظام مبارك فى شخص بغيض ظهر على سطح الحياة السياسية المصرية كما النبت الشيطانى.. إنه أحمد عز.. وقد وجه الأستاذ اللوم إلى صفوت الشريف لأنه فشل فى أن يشكم طموح وغرور وغطرسة أحمد عز وبكل الصراحة اللى فى زماننا قليلة أنا حدث لى انشكاح لأن الأستاذ فى حواره المنطقى وكلماته التى كانت أشبه بجواهر أحسن الصائغ صنعها، وضع هذا الطونى فى حجمه الحقيقى وكشف عنه القناع أمام المشاهدين! ولأننى وخلال سنوات مضت وقفت فى وجه هذا الرامز جلال وبرامجه الصبيانية شديدة التفاهة والخيبة، إلا أننى هذا العام ضحكت من أعماق القلب على المقلب الجديد الذى أوقع فيه رامز ضيوفه، وإن كنت أتمنى لو أن هذا العام كان آخر عهد رامز بهذه البرامج التى لا تضيف إليه شيئا يذكر، وعليه أن يهتم بالعملية الفنية لأن تراكم هذه الأعمال هو ما يشكل الرصيد الحقيقى للفنان، أما هذه البرامج فإنها تذهب إلى بلاعة النسيان. وحتى لا تأخذنا برامج ومسلسلات رمضان فإنه ينبغى أيضا أن نذكر بالخير هؤلاء الشباب الذين رفعوا اسم مصر فى ميدان من أعظم ميادين الرياضة، هؤلاء الصغار الذين مثلوا مصر فى كأس العالم للشباب وأثبتوا أن المستقبل الذي ينتظر الكرة المصرية بخير بعد أن قاموا بعملية سخروا فيها من لاعبى أعظم دولة فى كرة القدم البرازيل بجلالة قدرها ثم بفوزهم المشرف على بنما، ولكن والحق أقول فإن هذا الفريق ينقصه راجل فهمان فى الكورة والتخطيط وقراءة المباريات، ذلك لأن الأخ ضياء السيد ما هو إلا متفرج مثلنا تماما، لكنه متفرج سوبر يشاهد المباراة من الملعب ومن مربع المدير الفنى وأنا لم أشهد أى فنيات من نتاج سعادته خلال المباراتين اللتين شاهدناهما. وأخيرا وليس آخرا، فقد استطاعت البنت هبة الأباصيرى أن تدهشنا بجمالها وسحر صوتها، أما مسألة الحوار وطرح الأسئلة على الضيف ومحاورته والخروج من البرنامج بما يفيد المشاهد فإنها مع الأسف أمور تفتقدها الست هبة ولأن فاقد الشىء لا يعطيه، فإننى أقترح عليها أن تتوجه إلى عالم الإعلانات والدعاية، ذلك لأن ملامحها الوسيمة وصوتها الرقيق يشكلان أداة سوف تساعدها كثيرا فى عملية الدعاية، أما بالنسبة للبرامج فاسمحى لى!