من أهم إنجازات النظام السابق خاصة وزارة الثقافة أنها أعادت ترميم وإصلاح وتنظيم شارع المعز لدين الله أهم شوارع مصر الفاطمية.. ذلك الشارع الذى يحمل بين جنباته تاريخ ألف عام من الحضارة الإسلامية.. وهو أقدم شارع فى التاريخ.. وبه أكثر من 33 أثرا من أعظم الآثار الإسلامية. وقبل أن يجنى الشارع ثمار عودة الحياة له مرة أخرى كانت الأيدى المخربة والمدمرة للثورة المضادة واعية تماما لما تفعله من إفساد كل جميل. على الرغم من وجود مركز السلطة السياسية والعسكرية بالقلعة، حيث كان يقيم الباشا والانكشارية والعزب، فقد وجدت فى شارع المعز بعض الإدارات المهمة فى العصر العثمانى ومن أهمها بيت القاضى الذى كان فى نهاية العصر المملوكى يحتل مكانا رائعا فى منزل ماماى السيفى، وأيضا مقر المحتسب الذى يشرف على الأسواق ومركز والى القاهرة الذى يقع فى جنوب باب زويلة . وقد كان الازدهار الاقتصادى للشارع الأعظم يدفع الحرفيين والتجار إلى السكن فى أقرب مكان من الوسط التجارى حيث توجد الأسواق والوكالات والخانات .. لكنه من الصعب الحصول على مسكن فى تلك المنطقة بسبب ازدحامها .. ولأن كثافة المنشآت أدت إلى ارتفاع أسعارها، وبالتالى لم يتمكن من الحصول على مساكن معقولة الاتساع فى هذه المنطقة سوى التجار الموسرين الذين بقيت بعض بيوتهم إلى الآن مثل بيت مصطفى جعفر تاجر البن الشهير، وجمال الدين الذهبى شاهبندر التجار .. وقد وصلت أسعار البيوت إلى ارقام عالية فنعرف أن إسماعيل أبو طاقية شيخ التجار اشترى بيتا فى بداية القرن السابع عشر بمبلغ 46 ألفا و 628 بارة . وربما كان هذا الارتفاع الجنونى فى أسعار المنازل فضلا عن كثافة المنشآت بالشارع الأعظم مع ازدياد نشاطه الاقتصادى وازدياد التجار والحرفيين الذين تحول إمكانياتهم المادية دون تشييد بيوت خاصة لهم بالقرب منه هو الذى أدى إلى وجود حل وسط يتحايل على ارتفاع الأسعار وعدم وجود منازل بالعدد الكافى .. ويلبى فى نفس الوقت رغبة صغار التجار والحرفيين فى الإقامة بالقرب من شارع المعز .. فنشأ ما يعرف بالربع .. وهو عبارة عن مبنى مكون من الحجرات والشقق السكنية التى يتم تأجيرها بمبالغ معقولة نسبيا للتجار والحرفيين البسطاء . باب الفتوح أطلق على باب الفتوح هذا الاسم قبل ظهوره فى تحصينات القاهرة الفاطمية على أحد أبواب مدينة المنصورية بشمال إفريقيا ثم سمى به أحد بابى السور الشمالى لجوهر 358 ه وبعد أن تهدم سور جوهر وأضيفت للقاهرة مساحة أخرى من الشمال والجنوب، أنشأ بدر الجمالى أسواره الحجرية ابتداء من سنة 480 ه ويقع باب الفتوح غرب باب النصر وعلى بعد 150 م تقريبا من باب الفتوح القديم فى أسوار جوهر، وبذلك أصبح الباب إلى الشمال الشرقى من جامع الحاكم الواقع داخل أسوار بدر الجمالى . ولم يكن باب الفتوح فى أسوار بدر الجمالى الحربية يطلق عليه عند إنشائه هذا الاسم، بل ذكر له اسم آخر فى تلك النصوص التأسيسية التى حفرت فى الحجر فى شريط طويل على السور بين البرج الشرقى لباب الفتوح والمئذنة الشمالية لجامع الحاكم فقد سمى فى هذه الكتابة باسم باب الإقبال . هذا ويرتفع كل من البرجين المستديرين فى بناء مصمت إلى الثلثين أى حتى ارتفاع السور بينما الثلث العلوى عبارة عن حجرة دفاع فوق كل برج مزودة بمزاغل لرمى السهام سواء من الأمام أو الجانبين وسقف هاتين الحجرتين عبارة عن أقبية متقاطعة . ويتوسط البرجان كتلة من المدخل وهى عبارة عن دخلة عميقة معقودة بعقد نصف دائرى له حافة عريضة مشطوفة تزخرفها أشكال معينات غائرة ملئت بعناصر نباتية وهندسية وهو تأثير فاطمى جاء إلى مصر من تونس، بصدر هذه الدخلة المعقودة فتحة الباب ويغلق عليها باب خشبى سميك من مصراعين مغلف بأشرطة حديدية بواسطة مسامير حديدية ويتوج فتحة الباب عقد مستقيم يرتفع قليلا جدا عند منتصفه وصنجاته المعشقة يلاحظ أنها كبيرة الارتفاع، يعلوه عقد عاتق صنجاته مسلوبة معشقة أيضا وبينهما نفيس ويحدد هذا التكوين المعمارى لفتحة إطار حجرى بارز على شكل عقد مفصص. بوابة المتولى المدرسة الكاملية تعتبر هذه المدرسة ثانى مدرسة لتدريس الحديث حيث إنه من المعروف أن أول دار عملت لتدريس الحديث كانت تلك التى بناها الملك العادل نور الدين محمود بن زنكى بدمشق، وكان موضع المدرسة الكاملية سوقا للدقيق ودارا تعرف بدار ابن كستول، ويرجع تاريخ إنشاء هذه المدرسة إلى سنة (622 ه / 1225م) . أما منشئها فهو الملك الكامل (ناصر الدين أبو المعالى محمد) بن الملك العادل سيف الدين أبى بكر نجم الدين أيوب بن شادى بن مروان الكردى الأيوبى خامس ملوك بنى أيوب الأكراد بديار مصر. أما العمارة العثمانية على هذه المدرسة فقد أنشأها الأمير حسن كتخدا مستحفظات الشعراوى أحد رجالات مصر على عهد الوالى محمد أمين باشا الذى تولى ولاية مصر من قبل الدولة العثمانية فى الفترة من سنة (1166-1167 ه/1752-1753م). فى حين جاء تخطيطها يتبع المدارس التى تتكون من صحن أوسط مكشوف يحيط به إيوانان وهما الإيوان الجنوبى الشرقى والإيوان الشمالى الغربى .. ولم يبق من هذه المدرسة غير بقايا الإيوان الشمالى الغربى ممثلة فى قاعة مستطيلة مغطاة بقبو حجرى مدبب. أما الإيوان الجنوبى الشرقى فقد اندثر تماما وأقيم عليه مسجد حسن كتخدا الشعراوى الذى يتكون من بيت صلاة مستطيل المساحة تقريبا مقسم إلى ثلاث بلاطات تسير موازية لجدار القبلة بواسطة زوجين من الأعمدة الرخامية. هذا ويشتمل هذا الأثر على واجهة رئيسية واحدة، تقع بالجهة الجنوبيةالشرقية، تطل على شارع المعز لدين الله يشغل طرفها الجنوبى المدخل الرئيسى لها. صلاح الدين من كتاب النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة كتب جمال الدين أبى المحاسن عن صلاح الدين «هو السلطان الملك الناصر أبو المظفر صلاح الدين يوسف ابن الأمير نجم الدين لم يكن له فرس إلا وهو موهوب، ولا جاءه قود إلا وهو مطلوب،وما كان يلبس إلا ما يحل لبسه، كالكتان والقطن والصوف، وكانت مجالسه منزهة عن الهزء والهزل، ومحافله حافلة بأهل العلم والفضل، ويؤثر سماع الحديث وكان من جالسه لا يعلم أنه جالس سلطانا لتواضعه، قال: ورأى معى يوما دواة محلاة بفضة وأنكر على وقال : ما هذا ! فلم أكتب بها عنده بعدها . وكان محافظا على الصلوات فى أوقاتها لا يصلى إلا فى جماعة، وكان لا يلتفت إلى قول منجم، وإذا عزم على أمر توكل على الله». وأما صدقة النوافل فاستنفدت أمواله كلها فيها . وكان يحب سماع القرآن وفى يوم جاءه صبى فاستحسن قراءته، فوقف عليه وعلى أبيه مزرعة. وكان شديد الحياء خاشع الطرف، رقيق القلب .. سريع الدمعة، شديد الرغبة فى سماع الحديث . وإذا بلغه عن شيخ رواية عالية وكان ممن يحضر عنده، استحضره وسمع عليه واسمع أولاده ومماليكه .. ويأمرهم بالقعود عند سماع الحديث إجلالا له .. وإن لم يكن ممن يحضر عنه، ولا يطرق أبواب الملوك سعيا إليه .. وكان مبغضا لكتب الفلاسفة وأرباب المنطق ومن يعاند الشريعة، ولما بلغه عن السهروردى ما بلغه أمر ولده الملك الظاهر بقتله .. وكان محبا للعدل يجلس فى كل يوم اثنين وخميس فى مجلس عام يحضره القضاة والفقهاء .. ويصل إليه الكبير والصغير والشيخ والعجوز، وما استغاث إليه أحد إلا أجابه وكشف ظلامته