منذ أكثر من عشر سنوات.. نبت في رحم المجتمع قانون العبادة الموحد، ولم يكتب له رؤية النور حتي الآن.. اختلف عليه البعض، ورفضه البعض، فخلق حوله حالة من الجدل المستمر. وبالرغم من أن اسمه قانون العبادة الموحد، لكن للأسف حتي الآن لم يتوحد أحد علي تقرير مصيره. فكانت آخر تطوراته إعلان مجلس الوزراء مشروع له، وتناقشت حوله القوي السياسية، واجتمعت الكنيسة لتعديله، حتي وصل الآن بين يدي المجلس العسكري. لكن الجديد الآن هو ظهور مطالبات من بعض الأقباط تنادي بتأجيله معللين بأن المناخ العام في مصر لا يستوعب أي قوانين في هذه الظروف الحرجة. • التأجيل هو الحل يري المفكر القبطي جمال أسعد أن الأمور معقدة جدا، وذلك بسبب أن مشروع القانون لاقي رفضا كبيرا من معظم المسيحيين بكل طوائفهم، كما لاقي أيضا الرفض من بعض طوائف المسلمين، والأخطر من ذلك أن عددا من القيادات الوسطية في الإسلام مثل الأزهر اعترض عليه، وظهر تيار يدعو لعدم وجود قانون دور عبادة موحد من الأساس، حيث لا يمكن المساواة بين قانون يخص الدين المسيحي، وآخر يخص الدين الإسلامي بسبب اختلاف الشعائر والطقوس، وطريقة العبادة. وبناء علي ذلك فيقترح قائلا : أنا أري أن الحل هو تأجيل هذا القانون الآن نظرا لأن المناخ العام الذي يسود مصر الآن هو مناخ طائفي يسيطر عليه التعصب، وعدم التسامح، فالجميع يسعي للمتاجرة بقضية الدين، وكل طرف متحفز لرفض كل ما يقوله الطرف الآخر. إذا فالحل المناسب هو تأجيل إصدار القانون، وليس فقط ذلك فالأهم مع خطوة التأجيل هي خطوة إعداد وتأهيل المجتمع للدخول في حالة حوار، والعمل علي إذابة كل الخلافات التي تشكل هذا المناخ الطائفي. ويستطرد جمال أسعد في حديثه مؤكدا : منذ أكثر من عشر سنوات، وأنا أقول إن القضية ليست قضية قوانين، فليس بالقوانين يحيا البشر، لكن بالحوار لأنه إن لم يكن هناك حوار مجتمعي يجمع بين كل الأطراف، فلا فائدة من أي قانون. وبصفتي مواطناً مصرياً أري أن الحل الوحيد لمعظم المشكلات الموجودة الآن يكمن في الحوار، وليس بالتحدث في التفاصيل الصغيرة أو في المواد التي تثير الجدل. • جدلا كبيرا التقيت بنجيب جبرائيل - رئيس الاتحاد المصري لحقوق الإنسان والذي أكد في حديثه معي أن مشروع قانون دور العبادة الموحد مبهم وغير واضح علي الإطلاق، وبه بعض المواد التي تثير جدلا، وخاصة المادة التي حددت بألا تقل المسافة بين كنيسة وأخري عن ألف متر، فكيف هو الحال بالنسبة لبعض القري والنجوع التي لا تبلغ مساحتها أكثر من ألف متر ؟!، ومن ناحية أخري كيف يمنع القانون في مادة أخري إقامة دور عبادة علي أي مكان سكني قد تمت إزالته ؟!، وبالتالي ماذا سيكون الحل إن لم تكن هناك أية مساحات خالية؟!. ويتساءل جبرائيل : وما الهدف من أن يتوقف بناء الكنيسة حسب كثافة السكان القاطنين في المنطقة المراد البناء بها ؟! فكيف يحدث ذلك، بالرغم من أنه مخالف لحكم المحكمة الدستورية العليا، والذي قضي بأن عدد السكان ليس شرطا أساسيا لإقامة أي دور عبادة لأن بناء أي دار عبادة حق أصيل من حقوق أصحاب الديانات المختلفة. وينتقد نجيب جبرائيل خلو القانون من الإجراءات التي يتعين علي الفرد اتباعها في حالة رفض الجهات الإدارية إصدار الترخيص ببناء كنيسة. وما هي الجهة التي سيتم اللجوء إليها ؟ وما المدة الزمنية التي يتعين الفصل فيها ؟. هذا بالإضافة إلي عقوبة السنوات الثلاث في حالة عدم حصول أحد الأفراد علي ترخيص بإقامة الشعائر الدينية في مسكنه. يقول المستشار أمير رمزي - عضو لجنة العدالة الوطنية والتي يرأسها الأنبا موسي - الأسقف العام للشباب : لقد قمنا بالفعل بعمل اجتماع في اللجنة بهدف مناقشة مشروع القانون المقدم من مجلس الوزراء بشأن توحيد قواعد بناء وترميم وتوسيع دور العبادة، واستمر هذا الاجتماع عدة ساعات، وأسفر اقتراحنا بتعديل بعض مواد هذا المشروع. • فبادرته متسائلة : وما أبرز المواد التي اقترحتم تعديلها ؟!! - فأجاب : من أبرز المواد التي تم اقتراح تعديلها المادة الأولي والتي تنص علي تفويض الوحدة المحلية المختصة في مباشرة الاختصاص بالترخيص علي أن يختص المحافظ بالفصل في الطلب، بحيث يتم وضع اشتراطات بنائية ثابتة، ومتفق عليها، ولا تتغير بحسب وقت الترخيص، وتكون كلائحة تنفيذية للقانون الصادر. - كما اقترحت اللجنة إلغاء البند الثاني من المادة الثانية التي لم تحدد العدد الواجب توافره من السكان لاستصدار الترخيص، وأنا شخصيا أري أن هذه المادة ليس لها أي هدف، ولا تمثل أهمية حتي توضع في القانون. - وطالبت اللجنة بإلغاء البند الخامس من المادة الثانية، والذي يتعلق بالبناء علي الأرض المتنازع عليها، علي أن يترك الأمر للقضاء. - كما طالبنا بتعديل البند السادس من المادة الثانية ليكون الحد الأدني بين دور العبادة، والآخر 200 متر بدلا من 1000 متر لصعوبة ذلك. ويشير المستشار رمزي إلي أن الأنبا موسي أبدي تخوفه في هذا الاجتماع من أن يتم استخدام البند الخاص بفرض عقوبة الحبس في حالة مخالفة شروط البناء، والاكتفاء بالغرامة لمراعاة أن بعض الأسر المصرية تقيم صلواتها داخل مداخل مساكنها، وهو ما يتناقض مع حظر إقامة دور العبادة أسفل العمارات. كما طالب الأنبا موسي علي لسان المستشار رمزي بإضافة مادة تنص علي جواز الترخيص بإلحاق دار مناسبات أو وحدات علاجية بدور العبادة المرخص بإقامتها أو المرغوب بترخيص إقامتها وفقا للضوابط والشروط التي بنتها اللائحة التنفيذية المرافقة للقانون. أما الدكتور الأنبا يوحنا قلته - النائب البطريرك للكاثوليك في مصر، فيقول : مشكلة القانون تكاد تكون انتهت، وذلك بعد أن اجتمعنا برئاسة البابا شنودة، وقمنا بمناقشة مواد القانون التي تثير جدلا، وكتبنا مسودة بأهم اقتراحات التعديل وأرسلناها إلي المجلس العسكري، والذي يعكف حاليا علي دراستها. وفي الحقيقة أنا لدي رؤية خاصة بشأن هذا الموضوع، وهي أنه لم لا يتبع مبني الكنيسة أو الجامع رئاسة الحي كأي عقار آخر ؟!! ولماذا نقوم بعمل مشكلات من لا شيء بخصوص بيوت العبادة ؟!! ولماذا نتعامل معها بهذا الشكل في مناخ مليء بالتحفظ والمشكلات. ؟!! فأنا أري أنه حل سريع وبسيط من الممكن اتباعه، لكن فأنا أري أنه حل سريع، وبسيط من الممكن اتباعه لكن بشرط أن يتم بناء أي مشروع خدمي مثل حضانة أو مستوصف بجانب دور العبادة حتي يقوم بخدمة كل أهالي المنطقة من حوله.