الغذاء.. خط أحمر.. ومن المناطق المحظور الاقتراب منها.. لأنها مصدر استقرار أي مجتمع.. وأزمة الغذاء عادت تطل علينا بوجهها القبيح.. ومعها نقص في المواد الغذائية وارتفاع جنوني في أسعار السلع الضرورية.. بينما السوق المصرية تعاني أصلاً من انفلات في الأسعار في ظل الفوضي والعشوائية التي تسيطر علي السوق المصرية.. وأزمة الغذاء ستساهم في تفاقم أزمة الأسعار، وانفلات السوق ومعاناة المواطن المصري الذي يعاني من تراجع مستوي معيشته اجتماعياً واقتصادياً، هل نحن مستعدون للآثار السلبية لأزمة الغذاء ونقصه وارتفاع أسعاره؟ خاصة أن البنك الدولي يؤكد أن الأزمة ستستمر حتي 2015!! وتشير أرقام الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء إلي ارتفاع في أسعار بعض السلع مقارنة بشهر مايو فيأتي الأرز علي رأس السلع الغذائية ليصل من 40,2 جنيه إلي 62,4 جنيه أي 5,92% وأسعار اللحم البقري والكندوز بلغت من 40,52 جنيه إلي 11,56 جنيه أي 1,7% بالإضافة إلي أسعار الحبوب التي وصلت إلي 20% ومن هنا نجد أن أسعار المواد الغذائية خلال العقد المنصرم 2001-2010 وأوائل 2011 ارتفعت بنسبة 50% مقارنة بالعام الماضي، فهذا الارتفاع المشهود تكون له آثار سلبية وكارثية علي الفقراء بالإضافة إلي أن هذا الارتفاع سيقودنا إلي اضطرابات سياسية ومجاعات خاصة في الدول النامية والمستوردة للغذاء لأن هذه الدول ينفقون نسبة عالية من دخلهم علي الغذاء. ففي هذا الإطار نجد أن مصر هي أكبر الدول المستوردة للسلع الغذائية فتستورد سنوياً 4,5 مليار دولار من المواد الغذائية و2,4% مليار دولار من السلع الزراعية و2,1 مليار دولار من السلع الغذائية الصناعية لذلك مصر مهددة بشدة بالأزمة الغذائية. هذا ما يؤكده عن التقرير الذي أصدرته منظمة الفاو ومنظمة التنمية والتعاون الاقتصادي OECD يتضمن استمرار الارتفاع في أسعار السلع الغذائية والمواد الأولية من المستوي القياسي الذي بلغته في شهر فبراير الماضي مما يتوقع حاجة العالم إلي زيادة إنتاج الغذاء العالمي بنسبة 70% بحلول عام 2050 لمواجهة زيادة عدد السكان من 9,6 مليار نسمة في عام 2010 إلي 2,9 مليار نسمة، بالإضافة إلي زيادة الطلب علي الغذاء واللحوم في الاقتصادات الصاعدة مع ارتفاع مستويات المعيشة، وفي المقابل يحذر التقرير من تباطؤ نمو الإنتاج الزراعي من 6,2% سنوياً في العقد الماضي إلي 7,1% سنوياً في العقد الممتد حتي عام 2020 وذلك بسبب التغيرات الجوية، وزيادة مساحة التصحر وارتفاع أسعار الطاقة والمدخلات الزراعية مما يجعل المزارعين يتخلون عن زراعة الأرض مقابل الانتفاع بالأرض لأغراض أكثر ربحية. ويحذر التقرير أيضاً من أنه بسبب ارتفاع الأسعار وتراجع المخزون العالمي وتدخل الحكومات في الأسواق كما حدث حين فرضت روسيا والهند قيوداً علي تصدير القمح والأرز في العام الماضي لتغطية الطلب المحلي، ستصبح أسواق الغذاء أكثر تعرضاً ومن المتوقع أن ترتفع أسعار الحبوب الغذائية بنسبة 20% وأسعار اللحوم بنسبة 30% خلال العقد القادم مما سيؤدي إلي تفاقم أوضاع من يعانون من نقص التغذية والذين بلغ عددهم مليار شخص العام الحالي. ويشير الدكتور عبدالعظيم الخبير الاقتصادي إلي أن مصر تستورد من 55 إلي 60% من السلع الضرورية ومع عودة أزمة الغذاء وقلة المعروض من هذه السلع سترتفع أسعار المواد الغذائية الضرورية وهو ما سيستتبعه زيادة أسعار جميع السلع. وأشار عبدالعظيم إلي أن ارتفاع سعر برميل البترول إلي أكثر من 100 دولار واشتعال الأحداث في ليبيا أدي إلي استخدام قلة المعروض من البترول مما دفع دولاً في أمريكا الجنوبية مثل البرازيل إلي استخدام المواد الغذائية لاستخراج الوقود الحيوي منه مما يقلل من المزروعات لدي هذه الدول ولا يتبقي شيء لتصدره للدول الأخري مما يعني الضغط علي المواد الغذائية بصورة أكبر وبالتالي ارتفاع أسعارها. وطالب عبدالعظيم القائمين علي سن القوانين الاقتصادية بضرورة تعديل قانون الاحتكار حيث أكد أن القانون الحالي والذي أشرف علي إخراجه إلي النور أحمد عز المتهم في عدة قضايا فساد وقت أن كان يحتل عدة مناصب مهمة عندما كان النظام البائد يغرز أنصاله الحادة في جسد الشعب المصري حيث كان يقضي القانون بإعفاء المبلغ عن وجود ممارسات احتكارية من نصف العقوبة وليس كلها مما غل يد من تستفيق ضمائرهم عن التبليغ والقضاء علي هذه الممارسات. وشدد عبدالعظيم علي ضرورة تغليظ عقوبة المحتكر إذا تعلقت ممارسات الاحتكار بسلعات ضرورية للشعب المصري وضرورة وضع عقوبة الحبس والغرامة الباهظة حتي يرتدع كل من يفكر في استغلال أقوات الشعب المصري لتكوين ثروات من دماء هذا الشعب. وأكد حمدي ضرورة مراقبة السوق بشكل مستمر ومباشر من خلال حملات مداهمة الأسواق واكتاف ما إذا كانت هناك حالات إخفاء سلع يهدف من وراءها التجار إلي قلة المعروض حتي يرتفع الطلب علي تلك السلع ومن ثم زيادة الأسعار بشكل غير مبرر. وفي هذا الإطار أكد الدكتور نبيه عبدالحميد مدير المركز المصري لسلامة الغذاء أن مصر في الأونة الأخيرة تعاني من العديد من المشاكل التي تجعلها في مهب الريح أمام هذه الأزمة لأن مصر تستورد أكثر من 50% من محصول القمح وسوء تخزينه مما يتسبب في فساده وانتهاء صلاحيته، مما يجعلنا نستورد مرة أخري بالإضافة إلي المياه فهي العنصر الأساسي والفاصل في السنوات القادمة فلابد من الاستغلال الأمثل للمياه والأراضي أيضاً وأخيراً حالة السوق المصرية التي خلال ال10 سنوات الأخيرة أصبحت في أيدي المحتكرين والوسطاء الكلمة الأولي والأخيرة في ارتفاع الأسعار أو انخفاضها لهؤلاء الوسطاء. خاصة أن هذه الكيانات الاحتكارية يصعب اكتشافها في هذه المرحلة لذلك لابد من تأكيد معني أن من يخطئ ليس فقط يعاقبه القانون ولكن أيضاً يخرج من السوق حتي لا تزيد هذه الكيانات الاحتكارية. فلابد من الاهتمام الشديد بالبحث العلمي في الزراعة وإعادة النظر في الدراسات الجيدة في مجال البحوث الزراعية بالإضافة إلي النظر في حالة الارشاد الزراعي التي انتكاسة خلال 7 سنوات الماضية ومصادره التي تحولت إلي لعبة المحتكرين والوسطاء فلابد من إعادة تدريب وتأهيل الفلاحين المزارعين مما يقلل من الفجوة الكبيرة بين الإنتاج والمعلومات الخاطئة التي يتعامل بها الفلاحون. وأضاف أ.د عبدالحميد إن أخطر العقبات التي لها دور فعال في تفاقم أزمة الغذاء ارتفاع أسعار النفط مما يؤثر بالسلب علي أسعار الغذاء فكلما زادت أسعار الوقود زادت أسعار الغذاء بشكل خطير فهناك أكثر من 22 مليار دولار لدعم وإنتاج الوقود الحيوي مما له تأثير مضاعف علي نمو الاقتصاد مما يحد من قدرة مصر علي تغطية احتياجاتها من الواردات ويرفع تكلفة النقل والمدخلات الزراعية.