من أجل غد أفضل لمصر بلا توتر طائفي قام المجلس الأعلي للقوات المسلحة بعقد ندوة تحت عنوان «خمسة عشر قرناً محبة وإخاء». وجمع علي طاولته لفيفا من الشخصيات الدينية من المسلمين والمسيحيين ورموز وطنية مثل الدكتور علي السمان والدكتور محمد سليم العوا والدكتور محمود عزب مستشار شيخ الأزهر والأنبا مرقص أسقف شبرا الخيمة وممثل البابا شنودة والدكتور عصام العريان. حضرت اللقاء ورأيت كل شخصية تتحدث برؤيته وأسلوبه حول هذه القضية الهامة كما سمحت لي الظروف بأن أتحدث مع د. سليم العوا بشكل شخصي حيث أجاب عن بعض التساؤلات الحائرة. الحوارات تزيد الحب بيننا.. بهذه الجملة بدأ اللقاء اللواء أركان حرب سامي دياب، عضو المجلس الأعلي للقوات المسلحة فقد أكد أن مبدأ الحوار بين المسلمين والمسيحيين يزيد مساحة الحب ويوطد العلاقة بينهما، والثقة التي كانت ولاتزال تؤدي إلي صدق التعاون بينهما. وقال أيضاً: هناك أسلحة يواجهها الوطن من أعدائه مثل تأييده للمتطرفين تارة بالسلاح، وتارة باحتضانهم وأخري بمدهم بالسلاح، بالإضافة إلي إفشاء الفساد ونشر شتي وسائل الانحطاط خاصة بين الشباب بشتي الطرق تحت اسم الحرية والعولمة. وكل هذا بالتزامن مع تدمير كل ما هو حضاري من اللغة والفنون وغيرهما من المنتسبات للحضارة الإسلامية. ويري اللواء سامي أن علاج هذه التوترات الطائفية هو السمو بمعتقداتنا الدينية إسلامية كانت أم مسيحية إلي صعيد التحرر من التيارات السياسية الوافدة. غد مشرق لبناء مصر ومن جانبه قال اللواء أركان حرب محسن مفيد، رئيس هيئة البحوث العسكرية إن مصر لم تعرف طوال تاريخها التفرقة في الجنس أو الدين بين أبنائها، بل ظل شعبها كياناً واحداً يضحي أبناؤه من مسلمين ومسيحيين متكاتفين متحابين في سبيل قضية واحدة. وأضاف إن مصر قدمت في سبيل قضايا وطنها وأمتها ما يقرب من 120 ألف شهيد من مسلمين ومسيحيين في جولات عربية متتالية سالت دماؤهم في سبيل أمنها وحرية أرضها وشعبها. وقد آن الأوان وحانت لحظة الأمل في غد مشرق لكي يبني مصر الحديثة بسواعد أبنائها المخلصين. الأزهر يحاور الكنيسة أما د. محمود عزب مستشار شيخ الأزهر فقد ركز علي حرص الأزهر الشريف علي إجراء حوار متكافئ وعملي حقيقي قائم علي التكافؤ والحكمة الحسنة، فحوار الأزهر مع الكنائس الوطنية سيعمل تدريجيا علي إزالة أي خلافات أو توتر. وأضاف أن إلأزهر بدأ استعادة جهده العالمي والمصري مشيراً إلي أن ثورة يناير تملك الجرأة والطهارة والأزهر يملك الحكمة وفتح باب الحوار علي أرض مصر. الحل في الحوار واتفق معه بشدة الأنبا مرقص أسقف شبرا الخيمة وممثل البابا شنودة بابا الإسكندرية وكما قال فعلا الحل في الحوار فنحن في الوقت الحالي نحتاج إلي الحوار وتضافر الجهود والعطاء وبذل المزيد لبناء مصر والنهوض بها حتي ترتفع إلي مستوي الدول المتقدمة وليست النامية، خاصة أن مصر لديها المقومات لذلك وأنا أثق جدا في أننا سننتصر علي أي فرقة يزرعها عدو مصر. هناك قوي تتربص بنا واجبنا اليوم أن ننتقل من الكلام إلي العمل.. هكذا بدأ د. عصام العريان نائب رئيس حزب العدالة والحرية ففي حديثه علي طاولة المجلس العسكري ذكر أنه علي المصريين اليوم أن ينتقلوا من الكلام إلي العمل فنحن نعيش معا في عالم يموج بالأحداث ولابد أن نعمل حتي لا نقع فريسة له. يقول د. العريان لقد هزتني كلمة زوجة أوباما التي قالت في أحد اجتماعاتها مع بعض سكان أفريقيا وهي «لابد أن نكون» ونفسها الكلمة التي ألقاها أوباما لحظة تتويجه رئيسا لأمريكا. فأمريكا تريد أن تكون وعلينا نحن أيضا أن نكون وهنا تأتي أهمية اللحمة الوطنية فالوطن يطلب منا أن نتحد ونلتزم جميعا بالدستور القادم. واختتم د. عصام حديثه مؤكدا أن الوطن يطلب منا الآن أن ننهض به وعلينا أن نلبي النداء. الطريق طويل فلابد أن نتحلي بالصبر بدأ أ.د علي السمان - رئيس منظمة الأديك لحوار الحضارات وكما لقبه اللواء سامي دياب بفاكهة الحوار - حديثه بضرب أمثلة من التاريخ مثل سان فرانسو الذي أنشأ طائفة الفرانشسكان وهو الرجل الذي أتي إلي مصر وذهب إلي حاكمها حتي يعيدوا معا مجدها. وأشار السمان إلي أن الحوار طويل ومن يمشي فيه لابد أن يتحلي بالصبر. وحينما نتكلم عن نقاط اللقاء بين المسلمين والمسيحيين فلن نجد وقتا للتحدث عن الخلاف. الدين لله والوطن للجميع وقد حضر أيضا إلي اللقاء د.طارق زيدان - رئيس حزب ائتلاف الثورة - وخلص إلي أن هناك مشكلتين أساسيتين هما سبب ما يحدث من توترات أولاهما بناء الكنائس فمعظم المشاكل التي تحدث يكون سببها صعوبة بناء الكنائس. والمشكلة الثانية تكمن في بعض متحدثي الفضائيات الذين يشعلون الحرب بأحاديثهم وأقوالهم، هذا بالإضافة إلي المتحولين دينيا الذين هم سبب كارثة البلد. الجزية عقد وفي ختام اللقاء تحدث الدكتور سليم العوا- المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية - قائلا: عندما وصلتني الدعوة ظننت أننا سنتحدث عن ال15 قرنا المقبلة وليس الماضية. وأنا أري أنه لا يوجد في مصر ما يسمي ب «الفتنة الطائفية» فكل الأحداث التي وقعت ليس لها أساس ديني وإنما ما يحدث هو الزج باسم الدين. وأنا أعترف أنه لدينا مشكلات وأن حلها هو أن نعرف ما نريد ونسعي للحل بطريق ودي وقانوني حتي لا نستدعي الجهلة لذلك. وبالنسبة لموضوع بناء الكنائس وقانون دور العبادة قال العوا نريد قانونا يرضي الشعب وحل المشكلة يكمن في تشكيل إداري منظم وواضح يعيد الحق في إصدار التراخيص للسلطة المحلية في هذا الشأن. سألت د. سليم العوا كيف تري العلاقة في مجتمعنا بين المسلمين والمسيحيين وفي رأيك ما السبب الحقيقي في التوتر الذي يحدث؟ فأجاب: العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في مجتمعنا أساسها حرية اعتقاد كل واحد ما يشاء ولابد أن تظل هكذا دائما حتي لا تشتعل الفتنة ومن هنا أؤكد أنه علينا إعادة اكتشاف العلاقة بين المسلمين والأقباط حتي نقضي علي أية مشكلات جذرية وأيضا حتي لا نترك أي جهة أخري تعبث بنا فإما أن نعرف ما نريد وإما أن نترك الغوغاء يفعلون بنا ما يشاءون. فأنا أحزن عندما أري مشكلة مع مسيحي يحاول تصليح دورة مياه في كنيسة وأحزن عندما أري خلافا بسبب سيدة مسيحية تزوجت من مسلم أو العكس كلها أسباب واهية لا تستدعي نشوب أي توتر طائفي. وماذا عن موضوع الجزية الذي تنادي به بعض الفئات وتريد إقراره علي المسيحيين؟ الإسلام حسم موضوع الجزية والذمة منذ قرون مضت فالجزية عقد وكانت في الماضي بدلا عن الجندية وبدلا عن الحرب وكانت مرة واحدة في السنة لكن الآن تم هيكلة البلد وتم تنظيم صفوف الجيش الذي أصبح يضم المسيحيين مع المسلمين لذا فلم يعد هناك مكان للجزية. ويختتم د. العوا حديثه معي قائلا: أدعو الدولة إلي إعادة جلسات الوعظ للمسيحيين الذين تحولوا إلي الإسلام والعكس صحيح حتي لا يرجعوا عن دينهم مرة أخري وكل واحد له مطلق الحرية في اختيار دينه. فالتمايز بين الأديان ضرورة والتوحد بين أهليهما واجب.