«صعبة» الكتابة عن صديق راحل، «قاسية» الكلمة فى تأبين عزيز، «مؤلمة» الجملة فى رثاء مبدع.. رحل خالد عبدالعاطى بعد رحلة قصيرة مع الفن.. عرفناه فى «روزاليوسف» حين التحق بها أواخر التسعينيات رسامًا محترفًا تزاملنا فى دفعة نقابة الصحفيين عام 2000 ويرشحه الأستاذ محمد عبدالمنعم لرسم لوحات رؤساء مجالس الإدارة ورؤساء التحرير السابقين، إنه بارع فعلاً فى رسم «البورتريه» الشخصى، قلة من يبدعون فى ذلك، ليست إجادة التشريح والتلوين، ولكنها الإحساس العميق بالشخصية وهى هبة تمنح ولا تكتسب. كان خالد هادئًا رصينًا تخفى ملامحه الجادة فنانًا جميلاً عشقت الألوان ريشته. أمتعنا برسومه وخطوطه المتشابكة بليونة ولوحاته الصافية، انتظرنا منه الجديد دومًا، ونحسب أننا سننتظر طويلاً، فلنعِد إذن قراءة لوحاته لعلنا نرى ما يغنى فيها من فن.
فصل أول: «عاليا» فى شموخ ورقى يرسم خالد المرأة بكبرياء وعظمة، فهى فى كل الأحوال سيدة الدنيا ولوكانت بائعة متجولة بملابس بسيطة زاهية، فالمرأة أصل الوجود وسر الحياة.. فى لحظات حزنها.. الشجن المغلف بالألم.. لحظات الحب والشوق المكتوم، مشاهد سجلها بعظمة واقتدار.. فيروزى الهوى - أقام معرضا عنونه ب«عاليا» ابنته الكبرى الذى لخص باسمها نساء العالم.
فصل «ثانٍ»: التجليات فى أعوام التأمل ما بين أعوام 2000- 2005 - يختفى خالد فنيًا وأظنه اختفاء أراد به الاختلاء مع أفكاره وتأملاته وأسأله حين أراه: أين لوحاتك؟ يجيب بهدوء وتحفظ: قريبًا إن شاء الله، ليعود بعدها بكامل حيويته الفنية لنرى تجليات التصوف فى لوحات المولوية بألوانها التأثيرية وتكويناته الصارمة برشاقة مكتملة دلت على العشق والرضا والتصالح مع الذات قبل التصالح مع الآخرين.
فصل «ثالث»: بحر ومركب جاء ابن مدينة الإسماعيلية إلى القاهرة ليدرس الفن - ويعشق العمل الصحفى - ويتأثر بأستاذه عبدالعال حسن - فنان روزاليوسف وصباح الخير الكبير - وهو أيضًا ابن مدينة بورسعيد ليجتمع الأستاذ والتلميذ على حب الفن والبحر.. لا يغيب خالد عن مدينته كثيرًا يعود إليها دائمًا ليرسم بحرًا صافيًا ومراكب ملونة.. ولا ينسى أبدًا رمالها وترابها، فمنه جاء وإليه يعود. يقول خالد: إن اسمى لا يتناسب أبدًا معى، هل أدرك أن الرحيل قريب - أجبته دون أن يسمعنى: الخلود ليس حتمًا بالجسد. خالد عبدالعاطى.. إلى روحك السلام.