السيناتور تيد كروز يشيد بأمر ترامب التنفيذي ضد الإخوان    بعد التحذيرات الأمريكية، فنزويلا تهدد شركات الطيران الدولية بسحب التصاريح خلال 48 ساعة    بشكل مفاجئ، وفاة نجم اليوتيوب الشاب جان زيمرمان في ألمانيا    أخبار نص الليل | آخر الأخبار قبل أن يغفو العالم.. ترامب يصنف فروع الإخوان كمنظمات إرهابية.. الأبرز    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 25 نوفمبر في القاهرة والمحافظات    ماذا وجدت النيابة العامة في هواتف المتهمين بالتعدي على أطفال المدرسة؟    عزيز الشافعي يخطف الأنظار بلحن استثنائي في "ماليش غيرك"... والجمهور يشيد بأداء رامي جمال وروعة كلمات تامر حسين وتوزيع أمين نبيل    دعاء الفجر | اللهم احفظني ووطني وأهلي وأحبابي من كل سوء    المصل واللقاح: الإنفلونزا هذا العام أكثر قوة وشراسة.. واللقاح ضروري للغاية    ليلى علوي: حرصت على حضور حفل افتتاح صدى الأهرامات رغم انشغالي بالتصوير    دعاء وبركة | أدعية ما قبل النوم    المخرج عمر زهران: السينما مقصّرة في حق آثارنا.. ما زلنا نعيش على أغنية «الأقصر بلدنا»    وزارة الصحة تحذر من إساءة استخدام المضادات الحيوية لهذا السبب    أكسيوس: ترامب يخطط للتفاوض مباشرة مع مادورو رغم اعتباره زعيم منظمة إرهابية    الداخلية تكشف تفاصيل واقعة محاولة اقتحام مرشح وأنصاره لمركز شرطة فارسكور    تعرف على موارد صندوق إعانات الطوارئ للعاملين    كان من قادة ميلشيا البلاك لوك الداعمة للانقلاب .. إعتقال شريف الصيرفي بعد تشبيه تزوير الانتخابات بالديناصورات    وصول يسرا و إلهام شاهين وصابرين إلى شرم الشيخ للمشاركة بمهرجان المسرح الشبابي| صور    بالهداوة كده | حكاية كوب شاي.. وحكمة صغيرة    ياسر جلال يثني على أداء سمر متولي في "كلهم بيحبوا مودي": "بتعملي لايت كوميدي حلو جدًا"    مركز محزن ل ليفربول، ترتيب الدوري الإنجليزي بعد نهاية الجولة ال 12    بمحفظة أراضٍ ضخمة.. خبيران: عرض الاستحواذ على أسهم زهراء المعادي للاستثمار أقل من القيمة العادلة    بعد واقعة مدرسة السلام، الطفولة والأمومة يعتزم وضع تشريعات جديدة لمنع الاعتداء على الأطفال    طقس الثلاثاء.. انخفاض في درجات الحرارة وأمطار محتملة على البحر الأحمر    نعمل 24 ساعة ولا يمكن إخفاء أي حالة، أول رد من الصحة على شائعات وفاة أطفال بسبب الإنفلونزا    ناشطون ألمان يروّجون ملابس من مكبات إفريقية ضمن حملة الجمعة السوداء    "الطفولة والأمومة": نعمل على توفير الدعم المادي والنفسي للأطفال الذين تعرضوا لاعتداءات    التنظيم الإرهابي يحتضر.. هل أطلق ترامب الرصاصة الأخيرة في نعش الإخوان؟    بالأسماء| إصابة 23 شخصاً في حادث انقلاب سيارة بالبحيرة    خبراء: استعدادات رمضان والضغوط الموسمية تدفعان الدولار للارتفاع    وكيل الجزار يكشف حقيقة انتقاله إلى الأهلي وموقف الأندية الكبرى    قائمة بيراميدز لمواجهة المقاولون العرب في الدوري المصري    أحمديات: تعليمات جديدة لدخول السينما والمسارح والملاعب    محاكمة 115 متهماً في خلية المجموعات المسلحة.. اليوم    فليك يعلن قائمة برشلونة لمباراة تشيلسي.. صراع النقاط الكبرى يبدأ غدا    اتحاد السلة يصدر بيانًا بشأن أحداث مباراة الاتحاد والأهلي في نهائي دوري المرتبط    ترامب يوجه ببدء عملية تصنيف بعض فروع جماعة الإخوان المسلمين كمنظمات إرهابية    محلل: الاقتصاد الصربي على حافة الهاوية بعد محاولات تأميم النفط    طرح برومو فيلم خريطة رأس السنة.. فيديو    مصدر بالاتحاد السكندرى: تقديم اعتراض على رفض تأجيل مباراة نهائى دورى السلة    تضامن قنا تعيد إعمار منزل بعد مصرع 3 شقيقات انهار عليهن السقف    ضبط سيدتين من الفيوم حاولتا إدخال مخدرات داخل الطعام لمسجون بالمنيا    أول تعليق من رئيس الاتحاد السكندري بعد أحداث نهائي المرتبط    ألمانيا تنصح رعاياها بشدة بعدم السفر إلى فنزويلا بسبب توتر الوضع بالبلاد    إصابة سيدة بطلق ناري على يد طليقها في المنيا.. ما القصة؟    عمرو أديب: التجاوزات طبيعية في الانتخابات بمصر.. والداخلية تتعامل معها فورا    هل يجوز للزوج الانتفاع بمال زوجته؟.. أمين الفتوى يجيب    عمرو أديب عن انتخابات مجلس النواب: سني علمني أن الطابور الكبير برا مالوش علاقة باللي جوا    أيمن العشري: المُنتدى المصري الصيني خطوة مهمة وجديدة لتعزيز التعاون التجاري والاستثماري المشترك    إطلاق أكبر شراكة تعليمية بين مصر وإيطاليا تضم 89 مدرسة تكنولوجيا تطبيقية.. غدًا    ارتفاع حالات التهابات الجهاز التنفسي العلوي.. اللجنة العلمية لكورونا تحذر: اتخذوا الاحتياطات دون هلع    وزارة الأوقاف الفلسطينية تُشيد ببرنامج "دولة التلاوة"    هل يجوز طلب الطلاق من زوج لا يحافظ على الصلاة؟.. أمين الفتوى يوضح!    رئيس الوزراء يشارك بالقمة السابعة بين الاتحادين الأفريقى والأوروبى فى أنجولا.. صور    خلال زيارته لوحدة بني عدي.. محافظ بني سويف يوجه بمتابعة رضيعة مصابة بنقص هرمون الغدة الدرقية    «الرزاعة»: إنتاج 4822 طن من الأسمدة العضوية عبر إعادة تدوير قش الأرز    د. أحمد ماهر أبورحيل يكتب: الانفصام المؤسسي في المنظمات الأهلية: أزمة حقيقية تعطل الديمقراطية    بث مباشر.. مانشستر يونايتد ضد إيفرتون في الدوري الإنجليزي 2025/2026    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عاصفة «اليمين المتطرف» تضرب أوروبا

لحظة فارقة فى تاريخها الحديث تشهدها القارة الأوروبية، عقب تحقيق أحزاب «اليمين المتطرف» نتائج لافتة فى انتخابات البرلمان الأوروبى، التى أجريت مؤخرًا، ما أثار عاصفة من الجدال فى القارة البيضاء والعالم.. فما مدلولات هذا الصعود اليمينى للواجهة؟ وما تأثيره على مستقبل زعماء دول القارة خاصة فرنسا وألمانيا؟ وما هى التغييرات الحاسمة المطروحة على أجندة الاتحاد الأوروبى تجاه قضايا مثل الهجرة والعلاقة مع روسيا؟
شارك فى الاقتراع أكثر من 180 مليون شخص فى جميع أنحاء أوروبا لاختيار 720 عضوًا جديدًا فى البرلمان الأوروبى يمثلون 27 دولة هى أعضاء الاتحاد.



وأظهرت النتائج النهائية تصدر كتلة حزب الشعب الأوروبى، التى تضم عدة أحزاب يمينية ومتطرفة، بحصولها على 191 مقعدًا بنسبة 26.3 % تليها كتلة التحالف التقدمى للاشتراكيين ويسار الوسط بنسبة 18.8 % بحصولها على 135 مقعدًا.
فى حين تعرضت مجموعة «تجديد أوروبا»- وهى الركيزة الثالثة للائتلاف الكبير الذى سيطر على البرلمان خلال السنوات الخمس الماضية- لهزيمة ساحقة فى الانتخابات، حيث حلت المجموعة، التى تضم حزب «النهضة» بزعامة الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، فى المركز الثالث بعدما حصلت على 82 مقعداً أى 14 % من مقاعد البرلمان.
وحلت فى المرتبة الرابعة كتلة المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين، التى تضم حزب «إخوة إيطاليا» بزعامة رئيسة الوزراء جورجيا ميلونى، بينما حصل اليمين المتطرف على 8.1 % وحلّت أحزاب البيئة فى المركز قبل الأخير بنسبة 7.4 %.
على المستوى الوطنى، تعد الخسارة الفادحة التى مُنى بها حزب النهضة الذى يتزعمه «إيمانويل ماكرون»، أمام حزب «التجمع الوطنى» اليمينى برئاسة الشاب «جوردان بارديلا» وتحت زعامة السياسية اليمينية مارين لوبان، من أبرز ضربات الناخب الأوروبى التى عبر بها، خلال تصويته عن رفضه لأداء الأحزاب التقليدية فى مواجهة الأزمات الاقتصادية والحرب الأوكرانية ومشاكل الإرهاب وملفات الهجرة.
وفاز حزب « التجمع الوطني» الفرنسى بنسبة 31.5 % من الأصوات، أى ما يساوى ضعف الأصوات التى حصل عليها حزب النهضة الذى حصل على نسبة 15.2 % فقط وبذلك يقتنص الحزب اليمينى 31 مقعدًا من 81 مقعدًا فرنسيا فى البرلمان الأوروبى ما دفع الرئيس الفرنسى إلى حل الجمعية الوطنية «البرلمان» ودعا لانتخابات برلمانية مبكرة تبدأ خلال أيام.



وفى ألمانيا، احتل حزب البديل من أجل ألمانيا اليمينى المركز الثانى بنسبة 16.5 % من بالأصوات، ليلحق بالحزب الديمقراطى الاشتراكى، الذى ينتمى له المستشار الألمانى «أولاف شولتز»، أسوأ هزيمة منذ أكثر من قرن. ويواجه شولتز دعوات من يمين الوسط للاستقالة والدعوة إلى انتخابات مبكرة مثل ماكرون.
كما جاءت أحزاب اليمين المتطرف فى المركز الأول فى النمسا، وتعادلت فى المركز الأول فى هولندا، وجاءت فى المركز الثانى فى كلٍ من ألمانيا ورومانيا. كما وصلت حركة «الاسترداد» التى أطلقها الفرنسى المتطرف إيريك زيمور إلى البرلمان.
وبعد هدوء عاصفة التصويت، ظهرت فى سماء أوروبا عدة مؤشرات تسلط الضوء على توازنات القوى فى البرلمان الأوروبى خلال السنوات الخمس القادمة.. أهمها: أن حزب الشعب الأوروبى حقق انتصارًا واضحًا ليحتل ربع مقاعد البرلمان، ما يتيح له موقعًا أفضل لتحديد سياسة الاتحاد الأوروبى، ووصف مانفريد ويبر، زعيم الحزب فى تصريحات لمجلة «بوليتيكو» الأمريكية تكتله السياسى بأنه حزب الصناعة والمناطق الريفية وحزب المزارعين فى أوروبا.
صعود اليمين المتطرف
كما توقعت استطلاعات الرأى، حققت القوى اليمينية المتطرفة مكاسب كبيرة فى جميع أنحاء القارة. وفى فرنسا، حصل حزب التجمع الوطنى على ما يقرب من ثلث الأصوات، وعزز نفسه باعتباره المجموعة القومية المتطرفة المرشحة لرئاسة حكومة فرنسية. كما حصل حزب البديل من أجل ألمانيا اليمينى المتطرف على المرتبة الثانية بنسبة 15.6 % ب15 مقعداً، 6 مقاعد منها جديدة مقارنة بالولاية السابقة. وعلى نحو مماثل، عززت حركة «إخوة إيطاليا» التى تتزعمها رئيسة الوزراء جورجيا ميلونى من مكاسبها، حيث اختار أكثر من ربع الناخبين المجموعة.
وسوف تسيطر المجموعتان اليمينيتان- كتلة «المحافظون والإصلاحيون» وكتلة «الهوية والديمقراطية»، على 131 مقعداً فى المجلس. بالإضافة إلى 15 نائبًا فازوا من حزب «البديل من أجل ألمانيا»، أو النواب العشرة لحزب «فيدس» الذى يتزعمه «فيكتور أوربان» رئيس الوزراء المجرى، أو ستة نواب من الاتحاد الكونفدرالى فى بولندا، أو الأعضاء الثلاثة من حزب النهضة الموالى للكرملين الروسى فى بلغاريا.
وإذا اتحدت قوى اليمين المتطرف فى كتلة واحدة، فستكون ثانى أكبر قوة فى البرلمان، بعد حزب الشعب الأوروبى المهيمن تقليديا. وهو ما يفرض ضغوطاً يمينية على سياسة الاتحاد الأوروبى.



لمن الرئاسة
تشير نتائج الانتخابات إلى أن «أورسولا فون دير لاين» رئيسة المفوضية الأوروبية لديها فرصة جيدة للبقاء فى منصبها، وإن كانت غير مؤكدة.
وعلى الرغم من أنها تحتاج فقط إلى 361 صوتًا فى البرلمان لتأمين ولاية ثانية وهو ما يضمنه لها أصوات حزب الشعب الأوروبى، والاشتراكيين والديمقراطيين، وتجديد أوروبا، التى تتجاوز 400 نائب، إلا أن احتمال الانشقاقات يهدد فوزها بولاية ثانية. وسوف تحتاج لدعم زعماء المجلس الأوروبى, وبالفعل عبّر كل من المستشار الألمانى والرئيس الفرنسى عن دعمهما لها.
وإذا لم تتمكن من الفوز بتأييد ائتلاف الوسط بأكمله، فسوف تحتاج إلى الائتلاف مع حزب الخُضر، أو حتى اليمين المتشدد وكلا الخيارين محفوفان بالمخاطر.
وتوقع تقرير لموقع مجلة «بوليتيكو» الأمريكية حدوث تغييرات جذرية فى سياسة الاتحاد الأوروبى تجاه خمسة ملفات حاسمة، إثر نتائج انتخابات البرلمان الأوروبى التى أظهرت تقدما ملحوظا لأحزاب اليمين المتشدد.
وهى ملفات الهجرة وحرب أوكرانيا والطاقة وحركة السفر ووحدة القارة, التى قد تغير الكثير فى أوروبا، إلا أن «انقسام» اليمين المتشدد إلى كتلتين، قد يحد من حجم هذا التغيير فى دورة البرلمان الأوروبى الجديدة.
وتوقعت نيكولا زوكالوفا، الخبيرة فى الشؤون الأوروبية أن ينعكس النمو التدريجى لأحزاب اليمين المتطرف على خطط توسيع الاتحاد الأوروبى ليشمل بعض الدول مثل أوكرانيا وجورجيا ودول غرب البلقان وعلى رأسها كوسوفو وصربيا والتى تهدد أمن القارة لقربها الجغرافى والتاريخى من روسيا.

كما يرفض القوميون التضحية بتكاليف تسليح أوكرانيا والدفاع عنها خاصة فى دول فقيرة نسبيًا مثل رومانيا والمجر، والأخطر أن انكفاء دول الاتحاد على شئونها الخاصة بسبب مشاكل الهجرة والاقتصاد قد يزيد من مخاوف احتمال تفكيك الوحدة الأوروبية خلال دورة البرلمان فى السنوات الخمس المقبلة. حيث تتعهد الأحزاب القومية اليمينية لناخبيها بتقديم اتحاد مختلف يمنح الدول القومية استقلالية نسبية عن سلطة «بروكسل» خاصة فى ملفات البيئة والعدالة الاجتماعية والصحة والتعليم والحدود.
ومن المتوقع أن يتم وضع إجراءات لتقييد الهجرة لدول القارة، حيث يعد التصدى للهجرة الكثيفة ملفا أساسيا فى برامج الأحزاب اليمينية، تتشدق به فى خطابها السياسى كأداة ترهيب تجتذب به الناخب الأوروبى عبر تغذية مشاعر العداء للمهاجرين واللاجئين وتأثير الهجرة على الهوية البيضاء وفرص العمل ومستوى المعيشة.
وأثبت هذا الخطاب فاعلية فى وصول أحزاب لسدة الحكم مثل حزب «إخوة إيطاليا» عام 2022، وحزب الحرية فى النمسا فى انتخابات 2021، وحزب الحرية فى هولندا فى انتخابات 2023.
أوكرانيا.. مفترق الطرق
بسبب التعاطف التاريخى، يرتبط بعض زعماء اليمين بعلاقات مع موسكو، ما ينذر بتغير مواقف القارة من الحرب الأوكرانية خاصة مع رفض بعض زعماء الدول مثل المجر تصعيد الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون ضد «فلاديمير بوتين» الرئيس الروسى وتشكيك البعض فى دوافعه ورغبته فى تسويق صفقات حصول أوكرانيا على طائرات «ميراج 2000-5» التى تصنعها شركة «داسو» للطيران الفرنسية، أو إرسال مدربين عسكريين لكييف لتدريب الجيش الأوكرانى.
كما يشكك اليمين الأوروبى فى محاولات ماكرون المستمرة لطرح صورة ذهنية له أنه «الزعيم الأوروبى الأوحد» الذى يملك مفاتيح اللعبة التفاوضية مع أطراف الصراعات الدولية فى الشرق الأوسط وفى أوكرانيا ومع الصين والولايات المتحدة. وفى تبنيه لأجندة ضم دول جديدة للاتحاد الأوروبى كأوكرانيا وجورجيا.
ورغم ذلك تشير التوقعات إلى انقسام اليمين المتشدد فى البرلمان الأوروبى بشأن روسيا ما بين شجب رئيس وزراء المجر اليمينى فيكتور أوربان عن فرض عقوبات على موسكو وبين تأييد حزب «إخوة إيطاليا» و زعيمته رئيسة الوزراء «جورجيا ميلوني» للحرب على روسيا.
وتسببت حرب أوكرانيا فى أكبر أزمة طاقة تشهدها أوروبا فى هذا القرن، حيث رافقتها قرارات من الاتحاد الأوروبى بالاستغناء التدريجى عن الغاز والنفط الروسيين، مما تسبب فى قفزة ضخمة بالأسعار خاصة مع صفقات تخزين الغاز للشتاء القارس.



وترتب على ذلك اتخاذ بعض الدول، على رأسها ألمانيا، إجراءات لإحياء وتعزيز استخدام المفاعلات النووية، وهو ما أيدته فرنسا. كما اتجه الاتحاد الأوروبى لتعزيز اللجوء للطاقة المتجددة وغيرها، مثل الهيدروجين والميثان الحيوى.
إلا أنه مع صعود اليمين على طاولة أوروبا تنتاب نشطاء البيئة وأحزاب الخضر مخاوف من تراجع برامج تحول الطاقة الخضراء ووقف سياسة عقاب روسيا مع ما تضمه من وقف استيراد الغاز والنفط منها.
وبجانب ظهور قيود أكثر صرامة على الهجرة، من المتوقع أن تصدر قيود على السفر والتنقل بحرية بين دول الاتحاد الأوروبى.
ويرجع ذلك إلى رغبة الأحزاب اليمينية فى تعظيم المصالح الخاصة لكل دولة على حدة، على خلاف ما كانت توفره تأشيرة الشينجن لدول الاتحاد ال27 من حرية فى السفر والتنقل.
كما يبدو أن أحزاب الخضر الأوروبية بدأت تفقد زخمها السياسى حيث كان أداؤها سيئًا فى سباق برلمان أووربا خاصة فى فرنسا وألمانيا، حيث خسر ما يقرب من نصف مقاعده مقارنة بعام 2019 لتتراجع من كونها رابع أكبر كتلة برلمانية للمرتبة السادسة، ومع ذلك، سجل الحزب نتائج أفضل من المتوقع فى دول مثل هولندا (4 مقاعد للخضر) وإيطاليا (3)، ولاتفيا وكرواتيا وليتوانيا.



وهذا ما دفع المرشح الرئيسى لحزب الخضر «باس إيكهاوت» إلى الإصرار على أنه يجب على رئيسة المفوضية الأوروبية «أورسولا فون دير لاين» أن تتطلع إلى حزب الخضر لتشكيل ائتلاف لولاية ثانية.
إلا أن رئيسة المفوضية أكدت أنها لن تجرى مشاورات مع «الخضر» بعكس رغبتها فى التحالف مع الاشتراكيين والديمقراطيين والليبراليين كخطوة أولى فى المفاوضات حول برنامج مشترك للسنوات الخمس المقبلة.
ويدفع إيكهاوت بأن الخطأ الأفدح الذى قد ترتكبه المفوضية هو التخلى عن الصفقة الخضراء، محاولًا إظهار أن حزب الخضر يمكنه تبنى مواقف أكثر ملاءمة للصناعة والبيئة.
ماكرون.. بطة عرجاء
يعتبر المراقبون أن ما شهدته فرنسا بعد إعلان نتيجة التصويت، بمثابة «زلزال سياسى»، إذ ظهر الرئيس الفرنسى فورًا ليعلن فى خطاب متلفز حل الجمعية الوطنية والدعوة لانتخابات مبكرة.
ووقع قرار الرئيس الفرنسى كالصاعقة على الطبقة السياسية فى فرنسا، وأرعب كثيراً من القادة الأوروبيين ووصفت عناوين الصحف الفرنسية والعالمية حل البرلمان بالمقامرة غير محسوبة النتائج والجنون والرهان الخاسر وأن «ماكرون» يسلم بيديه مفاتيح قصر الإليزيه لليمين المتطرف وانه سيتحول ل«بطة عرجاء» فى المدة الباقية من فترة رئاسته، إذا أصبح «جوردان بارديلا» رئيساً للحكومة التى ستشكل بعد الانتخابات النيابية.
و«بارديلا»- 28 عامًا انتخب عام 2022 رئيسًا لحزب التجمع الوطنى ولم يحصل على شهادته الجامعية بعد، إذ بدأ دراسة الجغرافيا فى جامعة السوربون، ثم ترك دراسته الجامعية فى سنته الثالثة ليتفرغ للسياسة. وقد انضم وهو بعمر السادسة عشرة للجبهة الوطنية – حزب التجمع الوطنى لاحقًا- وخلال الانتخابات الرئاسية لعام 2017، كان بارديلا جزءا من فريق حملة زعيمة الحزب مارين لوبان.
واعتبرت صحيفة «الجارديان» البريطانية أن حل البرلمان الفرنسى سوف يلقى بظلاله على الألعاب الأولمبية التى تستضيفها فرنسا نهاية يوليو، ثم الاحتفال بتدشين كاتدرائية نوتردام بعد انتهاء أعمال الترميم.



وسرعان ما أعلن ماكرون عن إنه لن يستقيل «مهما كانت نتيجة الانتخابات البرلمانية الفرنسية المقبلة». وقال فى مقابلة مع مجلة «لوفيجارو»: «ليس التجمع الوطنى هو الذى يكتب الدستور ولا روحه.. المؤسسات واضحة وكذلك مكان الرئيس مهما كانت النتيجة» وكان قصر الإليزيه قد نفى شائعات ترددت أن ماكرون يفكر فى الاستقالة حينها.
وبدلا من ذلك، قال ماكرون إنه سيشارك بشكل مباشر فى الحملة الانتخابية وحذر من افتراض أن نتيجة حزب التجمع الوطنى فى الانتخابات الأوروبية سوف تتكرر فى الانتخابات البرلمانية، التى لها نظام تصويت مختلف.
وحجة ماكرون أنه يثق فى الناخب الفرنسى وأن السياسة عملية ديناميكية. لا تتحكم فيها استطلاعات الرأى.
لكن، ليس الجميع سعداء برؤية الرئيس الفرنسى يقود حملته الانتخابية بشكل مباشر. وذكرت صحيفة «بوليتيكو باريس» أن العديد من أعضاء البرلمان من معسكر ماكرون يرون أن مشاركته المباشرة فى الحملة ليست بالأنباء السارة.
وتذكّر الجميع ما حصل عام 1997، عندما حلّ الرئيس جاك شيراك «الديجولي» البرلمان بعد مرور عامين فقط على انتخابه، لتعطل الحركة فى البلاد بسبب إضرابات واضطرابات اجتماعية احتجاجاً على خطط الحكومة الإصلاحية. وجاءت النتيجة بعكس ما اشتهى؛ إذ خسر الانتخابات التى فاز بها الحزب «الاشتراكي»، ما حمل زعيمه ليونيل جوسبان إلى رئاسة الحكومة؛ حيث أمضى فى منصبه 5 سنوات.
وفى معسكر اليمين الفرنسى، ذكرت مجلة «لو بوان» أن مارين لوبان وحزبها كانا قد تجهزا للحظة حل الجمعية الوطنية منذ 6 أشهر مضت بخطة يطلق عليها «خطة ماتينيون» لتضمن للحزب الفوز فى الانتخابات المبكرة وتشكيل الوزارة الجديدة.
وبحسب موقع «فرانس إنفو» تشمل الخطة قائمة بمرشحى الحزب فى الدوائر الانتخابية البالغ عددها 577 دائرة، ومنشورات الدعاية الانتخابية لهم.
وأثارت الأزمة السياسية المتصاعدة فى فرنسا، وصعود اليمين المتطرف وقرار الدعوة إلى انتخابات مبكرة، مخاوف فى الأسواق، حيث حذرت وكالات الائتمان والخبراء من أن عدم الاستقرار السياسى والفوز المحتمل لحزب التجمع الوطنى سوف يقوض الجهود الفرنسية لخفض الدين العام والذى وصل إلى مستوى مثير للقلق.
فى المقابل لن يحذو «أولاف شولتز» المستشار الألمانى حذو الرئيس الفرنسى فى الدعوة إلى انتخابات برلمانية مبكرة على الرغم من النتيجة المخزية التى حققها الائتلاف الحاكم امام حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليمينى.
وأوضح «ستيفن هيبستريت»، المتحدث باسم شولتز، أن الأنظمة السياسية فى فرنسا وألمانيا مختلفة, مؤكدًا أن موعد الانتخابات الألمانية سيكون كما هو مقرر فى الخريف المقبل.
وسجل الحزب الديمقراطى الاشتراكى الذى ينتمى إلى يسار الوسط بزعامة شولتز أسوأ نتيجة له على الإطلاق حيث حصل على 14 % فقط من الأصوات. فى حين حصل حزب الاتحاد الديمقراطى المسيحى والاتحاد الاجتماعى المسيحى المحافظ على 30 %، بينما حصل حزب البديل من أجل ألمانيا على 16 %.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.