أهدى رسام الكاريكاتير الفنان سمير عبدالغني، إلى مجلة «صباح الخير» حلقاته المميزة عن جيل الأساتذة من رسامى الكاريكاتير، قبل أن يجمعها فى كتاب يوثق خلاله رحلة هؤلاء مع أحد أهم فنون الصحافة من خلال حكايات وذكريات، عاشها معهم، وصاحبهم خلالها على مدار سنوات عديدة، حرص على توثيقها لتقديمها إلى محبى فن الضحكة والبسمة، وللأجيال الجديدة التى لم يسعدها الحظ أن تتابع رسومات هؤلاء الفنانين فى زمانهم. طفلٌ صغيرٌ وُلد فى شبرا وحاول أن يذهب إلى آخر مكان بالعالم.. كان حالمًا وبسيطًا ولم يكن لديه تلك المَخالب لينتصر فى صراع الحياة فعاد مرة أخرى إلى شبرا فى نفس البيت الذى وُلد فيه ليعيش بقية حياته لم يُغير شيئًا من أثاث البيت لكنه عاد متألقًا مبدعًا مثقفًا.
إلا أنه كان يعانى فى «أخبار اليوم» كان يريد أن يقدم نفسه وفنه بطريقته البسيطة التلقائية إلا أنه اصطدم بالجميع وكانت المقارنة ظالمة بينه وبين مصطفى حسين الذى وافق أن يعمل دويتو مع أحمد رجب بينما لم يستطع عفت ذلك.. فاتجه إلى نشر رسومه عبر الحدود ووجد فى مهرجانات الكاريكاتير حول العالم من يحتفى بما يقدمه ونال العديد من الجوائز والتكريمات. استطاع «عفت» أن يغير شكل الرسمة الكاريكاتورية وجعلها لوحة تدخل كل بيت وتذهب إلى كل ملتقى أو مَعرض أو متحف لتجذب إليها الأنظار وتكون كلمات الانبهار هى الغذاء الروحى الذى عاش عليه محمد عفت.
عمل فى «أخبار اليوم» ومجلة «نص الدنيا» مع العظيمة سناء البيسى.. وكان رئيسًا للفيكو فرع مصر (منظمة للاتحاد الدولى للكاريكاتير) ويصدر مجلة بعنوان «الفراعنة» تهتم بفن الكاريكاتير فى مصر والعالم.. كنت محظوظا أن يكون آخر حوار له معى بمناسبة بلوغه السبعين، وذلك من خلال جريدة «أخبار الأدب» بمعاونة صديقى المخرج الفنى إسلام الشيخ. قال لى ذات يوم عايزين نروح إسكندرية نقضى يومين على البحر ناكل سمك ونمشى ليل ونهار على الكورنيش، وسألته معاك فلوس أشار إلى جيبه الخالى وقال اتصرف.. اتصلت بصديقى الدكتور رأفت الخمساوى وهو مهتم بكل ماهو تاريخى ولديه موقع إلكترونى لجريدة «المحروسة» ويعيش فى الإسكندرية واتفقنا على عمل معرض لأعمال عفت بالسعر الذى يقدر عليه الأصدقاء على أن نأتى للإسكندرية بعد الاتفاق على بيع 10 أعمال على الأقل وكان السعر يتراوح من 250 ل300 جنيه ورغم أنه مبلغ قليل جدًا لأعمال عفت فى ذلك الوقت (2012) فإنه وافق، وبالفعل كان الافتتاح فى جريدة «المحروسة» واشترى الأصدقاء الأعمال (جميعهم كانوا من رابطة أدباء جامعة الإسكندرية) وقضينا ثلاثة أيام فى أوتيل صغير على البحر بمحطة الرمل وعزمنا الدكتور رأفت أكثر من مرة على أكلة سمك بورى وسى فود ونزل عمّنا عفت البحر وعُدنا ومعنا 750 جنيه أعطيتهم لعفت فقال لى نقسمهم قلت له خد 500 وأنا الباقى فقال لا خد أنت 500 وأنا الباقى وعندما سألته عن السبب فقال إحنا تلاتة كان معى ابنى حسام وكان يبلغ من العمر 4 سنوات.
ألف رحمة على الجميل عفت.. كان شديد الإخلاص لفنه مُحبًا للناس. كان يقول بعد المعرض إنه محظوظ أن له فى كل بيت فى الإسكندرية لوحة. ورغم أنه لم يكسب من الفن ما يليق بموهبته الكبيرة والمتفردة فإنه كان دائمًا يقول «أنا أرسم كى أسعد الناس»، وكان بالفعل مصدر السعادة والإلهام لكل من عرفه.