تؤثر الظواهر الجوية المتغيرة سلبًا على إنتاج وجودة المحاصيل، ما يؤدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وطبقًا لتقرير صادر عن برنامج الغذاء العالمي، أنه فى حالة استمرار ارتفاع درجات الحرارة بمقدار 4 درجات مئوية، فإن 1.8 مليار شخص سيواجهون انعدام الأمن الغذائى، حيث ساهم اضطراب طقس عام 2020، فى معظم أزمات الغذاء بالعالم . ورهن الدكتور محمد فهيم، رئيس مركز تغير المناخ بوزارة الزراعة، سلامة الغذاء بضمان خلو المنتجات الغذائية من أى ملوثات، مع ضرورة الحفاظ على جودة وشكل وقيمة المنتج الغذائى نفسه، حيث يتأثر بتغير المناخ فى كافة مراحل الزراعة، والحصاد والتداول، والنقل، والتصنيع . وأشار «فهيم» إلى العلاقة الوثيقة بين افتقاد سلامة الغذاء وملوثاته، والمواد الكيمائية من المبيدات، والأسمدة الزراعية، حيث تظل آثارها فى الثمار حتى بعد انقضاء فترة الأمان، خاصة فى بعض المواسم التى ينشط بها انتشار الآفات والحشرات نتيجة لتغير الظروف المناخية، مما يضطر المزارعين إلى زيادة جرعة الأسمدة الكيماوية خلال الرى ورش الثمار للحفاظ عليها من الأمراض أو التلف. وأضاف «رئيس مركز تغير المناخ»، أن موجات الحرارة الشديدة والمتصلة، مع الإشعاع الشمسى القوي، تؤثر بشكل كبير على قدرة الثمار على الصمود بعد الجمع، مثل «الخوخ» و«الفراولة» و«البطيخ» و«الطماطم» و«المانجو» و«الرمان» وغيرها، ما يتسبب فى تلفها، قائلًا: «ليس بالضرورة حدوث تلف كلي، ولكن من الممكن حدوث بداية فساد غذائى وهو ما يؤثر على سلامة جودة هذا المنتج». وأشار «فهيم» إلى أن ثمارًا مثل «البصل» تتأثر بالرطوبة العالية، حيث يصاب بفطر العفن الأسود، وهو ما يؤثر على جودته وسلامته، وفى حالة سقوط أمطار غزيرة خلال فترات الحصاد وما بعدها، خلال النقل أو التسويق، كما تتلف بعض الثمار الطازجة مثل «الطماطم» و«الكوسة» وغيرها من المحاصيل الشتوية . وشدد «فهيم» للحفاظ على سلامة المواطنين من احتمالية وجود آثار لمتبقيات المبيدات على عدم تناول الثمار بشكل مباشر قبل غسلها أولًا بخل مخفف، خاصة الخضراوات الورقية مثل «الجرجير» و«الخس» و«الفجل»، وعدم تخزين الثمار لفترات زمنية طويلة خاصة فى الأجواء الحارة، لافتًا إلى تفضيل الاستخدام الطازج لها، أو تجفيف الثمار وتحويلها لمادة ذات خصائص مختلفة، وقابلة للتخزين لفترات أطول، إضافة إلى العزوف عن شراء المنتجات المعرضة لأشعة الشمس المباشرة. ونصح الدكتور محمد فهيم، المزارعين بعدم رش المحاصيل بأى مبيدات زراعية تحت أى ظروف، وتقليل جرعات الأزوت عند جمع المحاصيل مفضلاً استبدالها بالبوتاسيوم أو الفسفور، وخاصة خلال الموجات الحارة، للحفاظ على جودة المنتج من الآفات والأمراض. فى حين قالت الدكتورة سحر خيري، استشارى التغذية العلاجية بالمعهد القومى للتغذية إن ظاهرة التغير المناخى التى يتعرض لها العالم، تزيد من احتمالية إصابة المواطنين بالأخطار المنقولة عبر الأغذية، سواء كانت البرية أو البحرية، وفى حالة احتواء الأغذية الأساسية على نسب مرتفعة من السموم الفطرية والعفن، فإن ذلك يؤثر على النمو الطبيعى للإنسان، وجهازه المناعي، وقد يصيبه بالسرطان، كما أن تلوث الأغذية بالمعادن الثقيلة مثل الرصاص والزئبق، يتسبب فى الإصابة بأمراض أخطرها الكلى. وأشارت «خيري» إلى أن «التغير المناخى» نتيجة لانبعاث غازات «الاحتباس الحرارى»، التى يتصدرها ثانى أكسيد الكربون، والميثان، حيث تتسبب فى ارتفاع درجات حرارة المحيطات، والرطوبة، الأمر الذى يسبب قوة الأعاصير، وأنماطًا من تساقط الأمطار والفيضانات، والجفاف، تؤثر على الممارسات الزراعية، وإنتاج جودة المحاصيل الغذائية. واستطردت: يؤثر التغير المناخى بشكل مباشر على الأخطار البيولوجية والكيميائية «المعادن الثقيلة، والمبيدات، والسموم الفطرية» موضحة أن منظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة «الفاو» أكدت أن ارتفاع درجات الحرارة يحد من سلامة الغذاء، ويزيد الأمراض المنقولة عبرها، والآفات التى تستلزم رشها بالمبيدات. بينما أكد الدكتور عبدالمسيح سمعان، أستاذ الدراسات البيئية بجامعة عين شمس أن نمو المحاصيل الغذائية، يتأثر باختلاف درجات الحرارة والرطوبة، قائلًا: تشتهر كل دولة بجودة أنواع معينة من المحاصيل الزراعية، وفى حالة حدوث أى تغير فى المناخ، يؤثر ذلك على الجودة، وبالتالى على العائد الاقتصادى منها . وأشار «سمعان» إلى أن التغير المناخى سبب فى ارتفاع أسعار بعض المحاصيل مثل «الطماطم» أو قلة وجود محاصيل فى بعض الأعوام مثل «المانجو»، وتسعى الدولة للتغلب على تلك الظاهرة والتكيف معها، واستحداث سلالات جديدة من خلال الهندسة الوراثية، خصوصًا المحاصيل الاستراتيجية مثل «الأرز» و«القمح» و«الذرة» و«الخضراوات» وغيرها.