«مستقبل وطن» ينظم مؤتمرات جماهيرية بالمحافظات لدعم المشاركة في انتخابات مجلس النواب (فيديو)    وزيرا التنمية والزراعة ومحافظ الوادي يتفقدون مجمع الخدمات الذكيه بالخارجة    «الزراعة» تطلق الحملة القومية لتحصين الماشية ضد الحمى القلاعية والوادي المتصدع    اللواء محمد إبراهيم الدويري يكشف تفاصيل المرحلة الثالثة من صفقة شاليط    تأكيد مصري باكستاني على تكثيف التشاور بين البلدين لتفادي التصعيد ومواجهة التحديات المشتركة    جلسة بين الأهلي وحسين الشحات لبحث نقاط الخلاف في ملف تجديد العقد    طقس الأحد.. حار نهارا وشبورة كثيفة صباحا والعظمى بالقاهرة 30 درجة    السبت 1 نوفمبر إجازة رسمية تزامنا مع افتتاح المتحف المصري الكبير    وزارة الأوقاف: منع تام لاستخدام المساجد في الدعاية أو الأنشطة الانتخابية    جدول مباريات اليوم السبت 25 أكتوبر 2025.. مواجهات نارية في الدوري المصري ودوري أبطال إفريقيا    ترامب يعرب عن استعداده للقاء زعيم كوريا الشمالية خلال جولته الآسيوية    المتحدث باسم حماس: جاهزون لتسليم حكم غزة وندعو للإسراع بذلك    أول تعليق من منة شلبي بعد زواجها من أحمد الجنايني    محافظ المنوفية: 172 مليون جنيه جملة استثمارات مشروعات الخطة الاستثمارية الجديدة    وظائف جديدة في البنك الزراعي المصري .. التفاصيل والشروط ورابط التقديم    رئيس «المتاحف» في مصر: الشمس ستتعامد على وجه رمسيس الثاني بالمتحف الكبير على غرار معبد أبو سمبل    دون الحاجة للذهاب إلى الطبيب.. 5 طرق لعلاج ألم الأسنان في المنزل    قلق عالمي.. الأمير هاري وميجان يدعوان إلى حظر الذكاء الاصطناعي الفائق    تبدأ اليوم.. جامعة الإسكندرية تطلق فعاليات مبادرة «تمكين» لدعم الطلاب ذوي الإعاقة    «مكيف وروسي».. مواعيد قطارات «الإسكندرية - القاهرة» اليوم السبت 25 أكتوبر 2025    إصابة 6 أشخاص في تصادم مروع بالشرقية    اتهامات تزوير تلاحق رمضان صبحي.. وجنايات الجيزة تؤجل نظر القضية ل22 نوفمبر    «الداخلية»: ضبط 381 قضية مخدرات وتنفيذ 84 ألف حكم قضائي خلال 24 ساعة    «السردين ب70 جنيهًا».. أسعار السمك والمأكولات البحرية بأسواق الإسكندرية اليوم 25 أكتوبر 2025    بعد انخفاض الكيلو.. أسعار الفراخ اليوم السبت 25 أكتوبر 2025 في بورصة الدواجن    شيخ الأزهر يزور إيطاليا للمشاركة في المؤتمر العالمي «إيجاد الشجاعة للسعي لتحقيق السلام»    رئيس «الدولي» للمتاحف: الشمس تتعامد على وجه رمسيس الثاني بالمتحف المصري الكبير    عشاق الهدوء.. 5 أبراج مش بيحبوا الضوضاء والزحمة    وزير الإسكان يتفقد مكونات مشروع حدائق «تلال الفسطاط»    تخطيط وتجميل.. الجيزة تتزين لاستقبال زوار المتحف المصري الكبير    حملة «100 يوم صحة» قدّمت 138 مليونًا و946 ألف خدمة طبية مجانية خلال 98 يومًا    من غير مواد حافظة.. حضري لأطفالك الزبادي بالفواكه الطازجة في البيت    التضامن: تحسين منظومة الكفالة وتطبيق إجراءات الحوكمة عند تسليم الأطفال    اللواء محمد الدويري: أحد قيادات حماس البارزة لجأ لأبو مازن لحمايته من قصف إسرائيلى    وزير الرى يتابع حالة المنظومة المائية وإجراءات تطوير منظومة إدارة وتوزيع المياه بزمام ترع الإسماعيلية والسويس وبورسعيد    وزير الزراعة يستقبل عدد من الفلاحين ويستمع لمشاكلهم.. ويؤكد: دعم الفلاح "أولوية" ومكتبي مفتوح للجميع    وزارة التعليم: امتحان الشهر لصفوف النقل يوم 26 أكتوبر والأسئلة مقالية بنسبة 15%    موعد مباراة الحزم والنصر في الدوري السعودي    وزارة «الزراعة» تقرر حظر نقل القطن بين الوجهين القبلي والبحري    توصيات طبية جديدة: إدخال الأطعمة المثيرة للحساسية للرضع يدرب الجهاز المناعي    موعد مباراة بايرن ميونخ أمام مونشنجلادباخ بالدوري الألماني.. والقنوات الناقلة    في 5 خطوات فقط.. روشتة لتحسين الصحة النفسية والجسدية    ختام مبهر للدورة الثامنة من مهرجان الجونة السينمائي، سعد مفاجأة الحفل، ساويرس يكرم انتشال التميمي، أحمد مالك وليا دروكير أفضل ممثل وممثلة (صور)    بعت نصيبي من ورث والدي فقاطعني إخوتي هل عليا ذنب؟ الإفتاء ترد    حكم صلاة المرأة بالبنطلون في الإسلام.. الأزهر يوضح الضوابط الشرعية وآداب الستر    حريق بشقة سكنية في الإسكندرية    عمرو أديب يرد على شائعة انتقال محمد صلاح إلى الأهلي: «سيبوا الراجل في حاله»    موعد مباراة ميلان القادمة عقب التعادل أمام بيزا والقنوات الناقلة    مستوطنون يهاجمون المغيّر ويحرقون 3 مركبات    ترامب: علاقاتي مع زعيم كوريا الشمالية جيدة وآمل لقاءه خلال جولتي الآسيوية    «الأزهر العالمي للفتوى» يرد| قطع صلة الرحم.. من الكبائر    الإفتاء تُجيب| تحديد نوع الجنين.. حلال أم حرام؟    الإفتاء تُجيب| «المراهنات».. قمار مُحرم    الشرطة المصرية.. إنجازات أبهرت العالم    الوداد المغربي يعلن عن مدة تعاقده مع حكيم زياش    تفاصيل اصطدام باخرة سياحية بكوبري كلابشة في أسوان.. ماذا حدث؟    "لا تستمع لأي شخص".. بانزا يوجه رسالة ل محمد السيد بعد انتقادات الجماهير    إنزاجي يشيد بلاعبى الهلال بعد الفوز على اتحاد جدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف تصدى إعلام 30 يونيو ل«أهل الشر»؟
نشر في صباح الخير يوم 30 - 06 - 2021

فى كتابه الشهير «قصف العقول» كشف فيليب تايلور، أستاذ التاريخ الدولى الحديث بجامعة ليدز البريطانية، كواليس تلك الحروب التى تدور رحاها فى ساحات الإعلام، بنفس العنف الذى تجرى فيه المواجهات فى ميادين القتال، لكن الكتاب الذى صدرت نسخته الإنجليزية عام 1990 لم يتطرق إلى تطور استغلال الإعلام وفنون الدعاية فى زمن الفضائيات وطوفان السوشيال ميديا، حتى باتت الحروب الحقيقية تدور فى ميادين العقل، وبين قذائف الإعلام، وتستخدم فيها كل فنون الخداع ونشر الشائعات، وهو ما بات شائعًا وصفه بحروب الجيل الرابع.

وإذا كان المصريون قديمًا وحديثًا كانوا رواد الإعلام فى المنطقة العربية، فيبدو أيضًا أن قدرنا أن نكون شهودًا على واحدة من أخطر فصول «قصف العقول» فى القرن الحادى والعشرين، وأن نعيش ملحمة حقيقية كتبها المصريون بوعيهم قبل دمائهم، وبعقولهم قبل أجسادهم وهم يتصدون لأخطر جماعة فاشية عرفها التاريخ العربى الحديث والمعاصر، وهى جماعة «الإخوان»، وأن يفضح إعلامهم الذى يعد من أخطر سيناريوهات التآمر التى عرفتها المنطقة على مدى تاريخها ولسنوات طويلة فى مستقبلها.
ما شهدته مصر منذ 2011، وحتى ثورة 30 يونيو 2013 وما بعدها ملحمة حقيقية يجب أن نعيها جيدًا، ونتذكرهاونستعيدها دائمًا، فالوعى هو السلاح الأهم فى معارك العقل التى باتت سمة عصرنا الراهن، والحقيقة أن الإعلام المصرى لعب دور رأس الحرب فى التصدى ل«أهل الشر»المتربصين بتجربة إعادة بناء الدولة المصرية، وهى معركة تنوعت فيها الأسلحة، وتباينت فيها المراحل والاستراتيجيات المستخدمة، والتى يمكن أن نستعرضها من خلال أربع مراحل أو استراتيجيات أساسية: أولها مرحلة التصدى لعمليات سفك الدماء، وثانيها مرحلة فضح الغباء، وثالثها مساندة دولة البناء، ووصولاً إلى المرحلة الرابعة وهى الانتصار فى معركة الدهاء.

اعتصام الإرهابيون أمام المحكمة الدستورية

مواجهة سفك الدماء
إذا أردت أن تدرك حجم العبء الذى تحمله الإعلام المصرى فى مساندته لثورة الشعب فى 30 يونيو، وتصديه لأهل الشر الذين صبوا كل جنونهم ونيرانهم على الدولة والشعب والإعلام خلال تلك الثورة وعقب نجاحها فى الإطاحة بحكم أبناء المرشد الذين سعوا نحو تلك السلطة طيلة 80 عامًا بالدم والسياسة والتآمر، فعليك أن تعود بالذاكرة إلى ما قبل 30 يونيو، لنستعيد رؤية «الإخوان» للإعلام، وكيف تعاملوا مع وسائل الإعلام المصرية، من محاولات الإخضاع والتدجين، إلى عمليات الهجوم والترويع، وربما لو امتد الأمر بعض الشىء لوصلنا إلى مرحلة القتل والتعذيب!
حاول الإخوان الإرهابيون بعد نجاح مخططهم فى 2011 إلى اختراق منظومة الإعلام المصرى التى ظلت عصية على اختراقهم لسنوات طويلة، وأدركوا خطورة الدور الإعلامى فى تهيئة الأجواء لتنفيذ بقية مخططهم، ولأنهم فاشلون فى لعبة «الإعلام» فقد استعانوا بصديق، وهو قناة «الجزيرة» التى واصلت تقديم الدعم الإعلامى لهم، وأسست «الجزيرة مباشر مصر» لتكون منبر «الإخوان» وساحة تصفية الحسابات مع خصومهم ومنهم وسائل الإعلام المصرية، ولم يكتف أبناء المرشد بذلك، بل سعوا إلى امتلاك منابرهم الإعلامية الخاصة، ومنها قنوات «مصر 25» إضافة إلى ترسانة القنوات الدينية السلفية التى تحولت إلى أبواق سياسية لشن الحرب ضد كل ما هو مدنى، وبالتأكيد كان الإعلام المصرى ورموزه هدفًا لتلك الحروب غير المقدسة، فجرت محاولة التحريض على كبار مقدمى البرامج والكتاب والصحفيين، والتشكيك فى مواقفهم وإخلاصهم الوطنى، فضلاً عن عمليات التجريح والاستهزاء الشخصى الذى طال العديد منهم، وصولاً إلى حد إهدار الدم فى مرحلة لاحقة!
مربع الخطر
تعامل «الإخوان» مع الإعلام على أنه مأجور ويباع ويُشترى، وفشلت مساعى «الإخوان» فى تدجين الإعلام باستخدام الإغراءات، وعندما لم تفلح بدأ الوجه الآخر فى الظهور، فخرج مرشد الجماعة الإرهابية محمد بديع فى أواخر عام 2012، مهاجماً الإعلام المصرى بتهمة الكذب، وطالب أتباعه بتجاهله، وقال: «يجب ألا يلتفتوا إلى الضجيج الإعلامى المثبط، والذى أضحى يكذب ويتحرى الكذب فى كل ما يتناوله، ولنحذر من أن نشغل أنفسنا بالرد على ما يفترون»، وجاء هجوم بديع بسبب فضح الصحافة والإعلام لألاعيب الجماعة.
ومع تولى «الإخوان» للسلطة، انتقل التعامل مع الإعلام إلى مربع الخطر، فهوجم العديد من الصحفيين، وتعرض البعض إلى الاختطاف أو الضرب، واغتيل الصحفى الحسينى أبوضيف بالرصاص فى الرأس خارج قصر الاتحادية الرئاسى خلال إحدى التظاهرات، وتوفى متأثراً بجراحه.
وتغير تصنيف مصر فى تقرير حرية الصحافة للعام 2013 من «حرة جزئيًا» إلى «غير حرة»، وذلك بسبب «الحملات التى تم السماح بها رسمياً لترهيب الصحفيين، وازدياد الجهود الرامية إلى مقاضاة المراسلين الصحفيين والمعلقين بتهمة إهانة القيادة السياسية أو التشهير بالدين».
وخلال تلك الحقبة، رفع «الإخوان» عددًا غير مسبوق من القضايا أمام المحاكم ضد الصحفيين والإعلاميين بتهمة «إهانة الرئيس»، وذكرت منظمات حقوقية أنه جرى رفع 24 من هذه القضايا فى أول 200 يوم من حكم مرسى، مقابل 23 قضية عرفتها مصر خلال 126 سنة !

العميلان معتز - وناصر


ومع تصاعد غضب المصريين، وانكشاف سوءات الحكم الإخوانى، لعب الإعلام المصرى دورًا حيويًا مهمًا فى فضح ممارسات وعيوب اتباع مكتب الإرشاد، وتحول الإعلام إلى لعب دور نشط فى صناعة الرأى العام وتحريك الشارع، الأمر الذى قوبل بتصعيد فى حدة الحرب الإخوانية ضد الإعلام، فتكثّفت عمليات ترهيب الصحفيين خلال العام الذى أمضاه مرسى فى السلطة، وتكررت حوادث تعرض الصحفيين إلى الضرب والتحرش والاحتجاز بواسطة أنصار الجماعة أو بلطجية تابعين لهم.
إرهاب الإعلاميين
وفى منتصف شهر مارس 2013 وتحديدًا أمام مدينة الإنتاج الإعلامى صعدت المواجهة درجات على سلم الخطر، عندما حاصر أنصار جماعة «حازمون» الإرهابية أتباع الإرهابى حازم صلاح أبوإسماعيل، بالأسلحة والعصى استجابة لدعوة زعيمهم الموالى لجماعة الإخوان بحصار مدينة الإنتاج الإعلامى لإرهاب الإعلاميين داخل المدينة، وأغلق المحتجون أبواب المدينة بالحواجز الحديدية والحجارة، ومنعوا دخول العاملين وضيوف البرامج الحوارية، وهو الحصار الذى هدد بإلغاء البث المباشر للقنوات، بل كاد يعرض حياة الكثير من الإعلاميين البارزين لخطر حقيقى يهدد حياتهم.
فى المقابل لم يتنازل الإعلاميون والصحفيون عن تأدية مهمتهم الوطنية، ولم يثنهم الإرهاب الإخوانى عن أداء رسالتهم، وهو ما أدى لوضع عدد من الإعلاميين المصريين على قوائم الاغتيالات الإخوانية واستهداف البعض، وتهديدات صريحة لهم، وكل هذه كانت مؤشرات ودلالات حقيقة حول الدور الحقيقى الذى لعبه الإعلام فى ثورة 30 يونيو، وكان ذلك اليوم محكًا حقيقيًا لكثير من المتغيرات، واختبارًا لوعى المصريين، الذين انتفضوا بكل قوتهم لإنقاذ وطنهم من براثن الجماعة الإرهابية، وكان ذلك إيذانًا بانطلاق مرحلة جديدة من المواجهة بين الإعلام المصرى وبين مشروع أهل الشر، الذى انطلقت حمم جنونه فى كل اتجاه، وبالتأكيد كان الإعلام المصرى فى مقدمة أهداف ذلك الجنون الإخوانى.
عناصر الاخوان يعتدون على معارضيهم


حاول إرهابيو الإخوان وبلطجية تظاهراتهم اقتحام مقار بعض الصحف، فى محاولة جديدة لإرهاب أبناء مهنة القلم، لكن الصحف ووسائل الإعلام المختلفة لعبت دورًا مهمًا فى تغطية تحركات الشعب المصرى وثورته الكبرى، وعندما نزل ملايين المصريين إلى الميادين، قامت جميع الصحف والقنوات الرسمية الخاصة بتغطية الحشود وتوضيح الصورة على أكمل وجه، وتوعية المصريين وتشجيعهم على الثبات حتى زوال حكم الإخوان دون خوف من التهديدات بجميع أشكالها.
كما اتسمت تغطيات الإعلام المصرى فى تلك الفترة بالقدرة على تقديم المعلومة، وفى الوقت نفسه كشف طبيعة المخطط الشيطانى الذى جرى تنفيذه بإحكام لإرهاب المصريين ومحاولة كسر إرادة الشعب عبر سلسلة من العمليات الإرهابية وحرق الكنائس وتدبير صور الفوضى لإرباك الدولة فى كل مكان، وجاء فضح الإعلام المصرى فى تلك الفترة مؤثرًا وقويًا وكاشفًا لحجم الأكاذيب الإخوانية، ولعل كشف صور التحريض التى قام بها الإخوان وقياداتهم سواء فى عبر منصات اعتصام رابعة المسلح وغيرها، أو عبر منصات الإعلام الممول من التنظيم الدولى للجماعة الإرهابية.
ولعل كشف الإعلام المصرى وفضحه لتصريحات قيادات الجماعة الإرهابية، ومنهم الفيديو الشهير لمحمد البلتاجى، الذى يتوعد فيه المصريين بمزيد من العمليات الإرهابية إذا لم يعد مرسى إلى الحكم، خير شاهد على قدر الإعلام المصرى على فضح الغباء، وإسقاط الأقنعة الزائفة عن وجوه جماعة الدم، التى دخلت بعد انكسارها فى الداخل المصرى مرحلة جديدة من الإرهاب، والحرب ضد الدولة والشعب فى مصر، لكن هذه المرة عبر قصف العقول من خارج الحدود.

مظاهرات وعنف أمام الاتحادية

ما بعد الثورة
عقب نجاح ثورة 30 يونيو، تحولت الأبواق الإعلامية للجماعة الإرهابية تحولاً عبر قنوات تليفزيونية أو صحف أو صفحات على مواقع التواصل الاجتماعى، فاتجهت الجماعة لإعادة إنشاء قنوات إعلامية أخرى، لكن من خارج البلاد معتمدين على الدعم السياسى والمالى المقدم من بعض الدول مثل قطر وتركيا، وتم إنشاء العديد من القنوات مثل قنوات «رابعة، مكملين، الشرق، الثورة» بجانب بعض القنوات القريبة من الجماعة مثل «الجزيرة» و«العربى الجديد»، بالإضافة إلى مئات المواقع الموجهةوآلاف الحسابات الإلكترونية للتحريض على مؤسسات الدولة ومسئوليها.
وهنا جاءت المرحلة الأخرى من مرحلة دعم الإعلام المصرى لصمود الدولة فى مواجهة أهل الشر، والتصدى لمخططات جماعة الإخوان وفضح تلك المخططات وكشف ألاعيب كتائبها الإلكترونية بعد تناول وبحث الإعلام عنها وعرضها بصورتها الحقيقية والرامية إلى القضاء على الدولة المصرية، وهو ما عزز قدرة الدولة على المواجهة، من خلال تحصين الوعى الجماهيرى ضد محاولات التشويه والتزييف والتضليل.
واحدة من المعارك الكبرى التى خاضها الإعلام المصرى فى تلك المرحلة، كانت عملية تثبيت أركان الدولة، والتصدى للحملات التى أطلقها «الذباب الإلكترونى الإخوانى» من خلال نشر الشائعات والفوضى وتشويه صورة مؤسسات الدولة، حيث يستغل الإرهاب نشر الأخبار المزيفة والكاذبة المغرضة.
وقد تعرضت مصر خلال تلك الفترة - ولا تزال - إلى حرب شرسة وعنيفة من انتشار عدد كبير من الشائعات التى تحرض على العنف والإرهاب وتضر بالأمن العام، وهو ما دفع الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى الإشارة إلى أن مصر تعرضت لأكثر من 21 ألف شائعة خلال ثلاثة أشهر تستهدف البلبلة والإحباط وعدم الاستقرار، وحسب خبراء ومتخصصين فإن مصر تواجه سنويًا نحو 80 ألف شائعة فى إطار الحرب المعلوماتية التى تستهدف نشر البلبلة والتأثير على توجهات الرأى العام.
وكشفت الضربات الأمنية القوية التى نفذتها الأجهزة المختصة إنشاء الجماعة الإرهابية، وحدة إعلامية متخصصة فى نشر الشائعات على مصر، هدفها فبركة الأخبار، وتنقسم تلك الوحدة إلى وحدة داخلية تهدف إلى نشر الشائعات، والأخبار المغلوطة عن طريق وسائل التواصل الاجتماعى، ووسائل الإعلام المحلية والناطقة باللغة العربية، ووحدة أخرى تقوم بالمهمة نفسها، لكن باللغة الإنجليزية، وتقوم بإرسال ما تنتجه من أخبار ومعلومات لوسائل الإعلام والصحف، ووكالات الأنباء العالمية.
ولم تقتصر حرب الشائعات الإخوانية على مجال دون آخر، بل سعت إلى تهديد السلم الاجتماعى داخل كل القطاعات السياسية والاقتصادية والتعليمية والشعبية والأمنية، وباتت وسائل التواصل الاجتماعى تحمل من الأكاذيب المنمقة والأخبار المضللة أضعاف ما تحمل من حقائق أو معلومات صادقة.

الخيانة فى مؤتمرات صحفية بالخارج

دعاية نازية
ورغم أهمية التصدى لحرب الشائعات الإخوانية، فإن التصدى لبث روح الهزيمة وإشاعة حالة الإحباط والانكسار لدى المصريين كان بمثابة معركة لا تقل أهمية، فقد عمل «الإخوان» وفق قاعدة الدعاية النازية التى تؤكد أنك إذا أردت أن تهزم شعبًا، فما عليك إلا أن تكسر روحه أولاً، ومن هنا انطلقت أبواق «الإخوان» الإعلامية فى حرب بلا هوادة لإهالة التراب على كل إنجاز تحققه الدولة، وتسفيه كل خطوة تقطعها البلاد إلى الأمام، حتى لو تطلّب الأمر أن يكرروا أكاذيبهم ويناقضوا أنفسهم مرات عديدة، فهم تلاميذ مخلصون لمبادئ الدعاية النازية ومبادائها التى تقول: «اكذب ثم اكذب.. حتى يصدقك الناس»، لكن الإخوان واصلوا الكذب، ولكنهم فشلوا – كعادتهم – فى أن يصدقهم الناس.
وليس هناك مثل فى هذا السياق أفضل من قضية قناة السويس الجديدة، ذلك المشروع الملهم الذى استهل به الرئيس السيسى عهده، لاستعادة الأمل وروح البناء والتحدى لدى المصريين، وبالطبع لم يفوت «الإخوان» الفرصة، فانهالوا على المشروع نقدًا وهجومًا، مرة يشككون فى جدواه الاقتصادية، ومرات فى إمكانية تنفيذه فنيًا، وثالثة فى قدرة الدولة على جمع التمويل، ورابعة فى سداد أرباح المساهمين، ومع كل نجاح تحققه الدولة، ومع كل خطوة يخطوها المشروع نحو الإنجاز، كان السعار الإخوانى يزداد، وحملة الأكاذيب تتصاعد، حتى لو ناقضوا أنفسهم وتضاربت أكاذيبهم.
وهنا جاءت الاستراتيجية أو المرحلة الثالثة التى اعتمدها الإعلام المصرى فى مواجهته لأهل الشر، وهى استراتيجية مساندة جهود البناء، والبناء هنا لم يقتصر على الحجر، بل امتد إلى إعادة بناء البشر، واستعادة روح الإنسان المصرى، وثقته فى نفسه، وفى قدرته على البناء والتعمير، بعدما سنوات عجاف لم يعرف فيها سوى الخراب والتدمير.
وكثفت وسائل الإعلام المصرية من تغطياتها الإيجابية لمشروعات التنمية المشهودة فى طول البلاد وعرضها، سواء مشروعات البنية التحتية أو مشروعات التنمية الصحية مثل «100 مليون صحة» والتصدى لفيروس سى ومواجهة تداعيات فيروس كورونا، إضافة إلى تسليط الضوء على مشروعات الحماية الاجتماعية التى خففت من تداعيات خطة الإصلاح الاقتصادى على الطبقات الأكثر فقرًا.
معاداة مصر كوطن!
ومن أهم الاستراتيجيات التى اعتمد عليها الإعلام المصرى فى تلك المرحلة من مواجهته لقوى الشر، وبخاصة إعلام الإخوان الإرهابية فى قطر وتركيا، دوره فى التصدى للمحتوى الذى تبثه تلك الأبواق ويستهدف التقليل من قيمة الإنسان المصرى، وحجم ما حققه ويحققه، مقابل صناعة حضارة زائفة لنظامى تميم وأردوغان، وهو الهدف الموضوع بعناية ووفق مخططات تاريخية، ويسعى من خلاله هؤلاء إلى هدم التاريخ والحضارة المصرية، وإذا ما استعدنا تحليل مضمون ما قدمه أبواق «الإخوان» وبخاصة محمد ناصر ومعتز مطر، ستجد قاسمًا مشتركًا بينهما وهو التهوين من كل ما هو مصرى، مقابل المبالغة فى كل ما هو تركى، والمسألة هنا تتجاوز فكرة معاداة مصر كنظام سياسى، بل إنها تمتد لتصل إلى معاداة مصر الأمة والوطن والتاريخ، وعلى سبيل المثال، حينما كان الشعب المصرى بأكمله يحتفل بعيد 6 أكتوبر، باعتباره الإنجاز العسكرى والاستراتيجى والوطنى الأهم خلال الخمسين عامًا الأخيرة للمصريين، كانت أبواق الإخوان تنضح فى ذلك اليوم حزنًا وتعاسة، وتحاول التهوين من حقيقة ما أنجزه المصريون فى معركة العبور المجيدة، ولا يفعل ذلك سوى اثنين فى هذا اليوم.. إسرائيل والإخوان!
أدرك أهل الشر أن كل خطوة تحققها الدولة المصرية إلى الأمام، تعنى ابتعادهم أكثر عن تنفيذ مخططهم، ولذلك اعتمدوا استراتيجية قصيرة ومتوسطة المدى وهى «التهوين والتهويل».. التهوين من أى إنجاز أو نجاح، والتهويل فى أى مشكلة أو أزمة، لذلك جاء الدور الحيوى الذى لعبه الإعلام المصرى من أجل إعادة توازن الوعى، وتسليط الضوء على حجم ما تشهده الدولة المصرية، وعدم ترك المواطن فريسة سهلة لمحاولات «تسويد الحياة» وإشاعة روح الإحباط وبث نوازع اليأس، بل كان الإعلام المصرى حريصًا على بث رسائل مكثفة وبمستويات متعددة للمواطنين لتوضيح الحقائق ومساندة جهود البناء فى مواجهة حملات التضليل والتزييف التى يقودها «طيور الظلام».
معركة الدهاء
ويمكن القول أن الإعلام المصرى استفاد فى تلك المرحلة من متغيرين أساسيين: الأول خارجى، والثانى داخلى.. يتمثل الأول فى إنحسار قدرة الأبواق الإعلامية الإخوانية على التاثير، مع افتضاح أكاذيبهم، وتصاعد انقساماتهم الداخلية الناجمة عن فشلهم فى تحقيق أى شىء على الأرض، وهو ما أدى إلى يأس الممولين ومن يدفعون لهم، لكن فشل هؤلاء فى تحقيق أى إنجاز، واستمرار الدولة المصرية فى مسارها الناجح ومسيرتها الواثقة، دفع محركى الدمى الإخوانية إلى البحث عن أدوات أخرى فى حربهم ضد الدولة المصرية.
المتغير الثانى كان داخليًا، وهو المنهج الذى بدأته الدولة فى محاولة الحد من الفوضى الإعلامية التى امتدت لسنوات من خلال إقرار الهيئات المنظمة للإعلام وتشكيل اللجنة التأسيسية لنقابة الإعلاميين والتوجه نحو إقرار قانون لحرية تداول المعلومات، كما ترافق ذلك مع ظهور كيانات إعلامية ضخمة ولديها من القدرات الداعمة للدولة الكثير، الأمر الذى ساهم فى تعزيز جهود المواجهة فى حرب العقول، والدخول إلى المرحلة الرابعة من تلك المواجهة وهى معركة الدهاء.
ولكى نفهم حقيقة ما جرى فى تلك المرحلة يمكننا أن نسوق فيديو فبركة المظاهرات الذى أنتجته الشركة المتحدة للخدمات الإعلاميةكمثال، فقد كشفت تلك الصفعة حجم التزييف وقلب الحقائق التى تعمل عليها قناة الجزيرة وتوابعها الإخوانية من أجل زعزعة الاستقرار فى مصر.
ولعل الإنجازات الكبيرة التى حققتها الدولة المصرية خلال السنوات السبع الماضية، والنجاحات المستمرة على المستوى الداخلى والإقليمى والدولى، كانت كلمة السر فى العديد من التحولات الكبرى فى المنطقة، وهو ما انعكس بدوره على تغييرات عميقة فى مواقف الدول الراعية للجماعة الإرهابية، وسعى تلك الدول للتقارب مع الدولة المصرية، وكان أحد ثمار تلك التحولات تخلى هؤلاء «الكفلاء» عن «العملاء» من عناصر «الإخوان» وأبواقها، لكن الأمر لا يعنى بأى حال من الأحوال انتهاء المعركة، أو حسم المواجهة بصورة نهائية، فأولئك الكارهون لمصر سيضمرون أحقادهم حتى ولو لم يظهروها إلى العلن، واليقظة على كل المستويات – ومنها الإعلامية بالتأكيد- خير سبيل لاستمرار الإنجاز، والحفاظ على ما تحقق من تفوق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.