تتواصل الثقافات، تتلاقى وتتماس فى نقاط مضيئة فتولد حالات من التوهج والإبداع والفن. هذا هو الحال مع مصممة الأزياء السودانية هبة البشير، التى تتميز بموهبة وثقافة جعلاها تتوغل فى الثقافة والتراث وتنهل منه لتقدم أزياء تحكى تاريخ وحضارة وتراث بلادها. فالمصممة أخذت من خامة الدمور المصرية أو «الدمورية» بالسودان خامة طبيعية من القطن الذى يوفر الراحة ومناسباً لأجوائنا الحارة وأبدعت فيه وأصبح له قيمة مضافة فخلقت منه ماركة تحاكى الأصالة والتاريخ والإبداع، فارتدى تصميماتها الموسيقار العالمى «يانى» ومصممة المجوهرات المصرية عزة فهمى وكثيرات من الباحثات عن التميز والرقى والراحة فى ذات الوقت، فمن هى المصممة السودانية هبة البشير التى حكت بالقطن الأفريقى تراث بلادنا الجميلة، والتى كانت أول معارضها فى مصر ثم جابت دول العالم، وما هو فكرها الذى تقدمه فى إبداعات تراثية معاصرة. خامة القطن الطبيعى المعروفة فى مصر باسم الدمور وفى السودان باسم الدمورية هى أرخص خامات الأقمشة لأنه يتم نسجها مباشرة وهى بلون القطن الطبيعى ولا يتم صبغها وهى تستخدم فى مصر فى التنجيد وفى السودان ترتديها المرأة طوال فترة الحداد على زوجها وهى فترة أربعة أشهر وعشرة أيام كل هذا جعل المصممة هبة البشير تفكر فى أن هذه الخامة مسامية مريحة، تسمح بمرور الهواء لأجسادنا فى بلادنا الحارة وهى أيضا صحية تمتص العرق. وقدمت المصممة هذه الخامة فى تصميمات راقية تضعها فى مكانة متميزة. فقدمت أول مجموعة لها فى معرض بساقية الصاوى فى القاهرة وتوالت المعارض والمشاركات، بعدها حيث قدمت عروض أزياء فى كل من الإمارات، قطر وكينيا، أخيرا شاركت فى معرض تراثنا بمصر. هوية الأزياء درست المصممة علم النفس بجامعة الأحفاد بالسودان ولكنها كانت تحب الرسم والألوان والإبداع وهو ما شجعها للدخول عالم الأزياء منذ عام 2010، على مدار عام لم تطمس المصممة هوية قماش الدمور، فهو الخامة التى اعتمدتها لتبدع بها، و تعتمد على نساج خاص بها ينسج لها أقمشتها وتحرص على الحفاظ على اللون البيج الطبيعى ولم تصبغه أو تغير فيه، لكنها ربما تضيف تطريزا بسيطا، أو مزج قماش آخر معه، فكان مهما لها جدا عدم طمس اللون الأصلى للدمور، كل التصميمات تضع إضافات قليلة لتواكب الموضة، تقول البشير: شيء آخر اتبعته وهو أنى فى التصوير للتصميمات أحرص على ربط الهوية السودانية من خلال القماش مع الثقافة والتراث والسياحة فى السودان، حيث صورت أعمالى فى مناطق تراثية مثل جبل البركل، الأهرامات الشمالية، منطقة الطابية أم درمان، قرية الأديب الطيب صالح والمتحف القومى للآثار. نصيحة المصممة السودانية للراغبات فى التميز هى: ارتدى ما يعجبك، يناسب جسمك ويعكس شخصيتك، وهو ما يضفى اختلافا وتميزا على إطلالتك، وتؤكد أنها تعترض على المثل الذى يقول «كل ما يعجبك والبس اللى يعجب الناس»، سألتها هل كل تصميماتها على مدى «11» عاما من الدمور بلونه أم أنها تغير فيه؟ فقالت: أنا حريصة على اللون الطبيعى القطن والصعوبة أن أقدم تصميمات متنوعة وراقية ترتديها النساء فى المناسبات المهمة بنفس اللون، أحيانا أضيف تطريزا صغيرا أو أمزج خامة أخرى لكنى لا أصبغ الدمور، وما أحرص عليه هو التعامل مع رجل ينسج لى كل القماش الخاص بتصميماتى، ويكون النسيج ضيقا للتصميمات الرجالية وواسعا للنساء. لم يتوقف الإبداع لدى هبة البشير عند التصميم للمرأة بل إنها تصمم للرجال، وعن ذلك تقول: صممت جلابية سودانية للموسيقار العالمى يانى، فقد كان لديه حفل فى أبو ظبى، وهو من عشاق الحضارة السودانية، وصممت له جلابية وارتداها وهو ما سبب لى نقلة خاصة فى سوق الرجالى. وتضيف: أيضا صممت فستانا للمصممة العالمية المصرية عزة فهمى وأعتبرها مثلى الأعلى فى الصبر والإتقان وحب التاريخ وعشق التراث وهى صديقة مقربة منى، ودائما ما ألتقى بها فى مصر لأنهل من تجاربها. وأخيرًا يبقى الإبداع والفن مبنيا على الموهبة والتميز والتفرد وينبع من التعمق فى التاريخ والتراث وتقديمه بروح معاصرة ومبتكرة. 2 3 4 5 7 8