أطلت علينا فى الآونة الأخيرة مفاهيم كثيرة تتناول معتقدات يتداولها الشباب فيما بينهم فى زعم عدم الاعتقاد بوجود إله للكون أو خالق، والسؤال لماذا أطل علينا بعضهم بتلك الفكرة رغم حداثة سنهم وضآلة قدراتهم على التمييز؟!، وما هى دوافع بعض الشباب تجاه هذا المعتقد؟! عمرو سليمان عضو الجمعية العالمية للطب النفسى: يجيب على تلك الأسئلة يقول: يعتقد الكثير من الشباب الذين اضطربت مفاهيمهم عن الدين بأن العلم يجيب دائماً على كل ما يتعلق بحياة الانسان وأنه ليس للروحانيات مكان!!, و أرى أن أول الأسباب غير شواهد التطرف الدينى هو انهيار الأخلاق أو النموذج الأخلاقى لدى الوالدين يجعل الطفل ثم المراهق فى حيرة، أبى وأمى يصليان ويصومان ويكذبان أو يأكلان حقوق الناس؟! وهذا مثال يجعل الشباب فى حالة من التفسخ العقلى والنفسى، وهنا يبدأ جرس الإنذار. ويضيف: لم يكن حديثنا عن منطق الدين فى حياة البشر أو منطق الاحتياج لوجود إله هو منطق فارغ، ولكن كان ما نتساءل عنه هو ما الذى ضمن استمرارية البشرية منذ قديم الأزل، وكانت الأخلاق هى الإجابة. ويضيف: كانت الأديان على مدار تاريخ البشرية هى المشرع للأخلاق من صدق وأمانة واحترام وعدم الاعتداء وقتل النفس والقول الحسن، وإلى آخر ذلك من الأخلاق، وكانت دائمًا هذه الأخلاق مقرونة بسلوك الدين أو كان المنظم لها هو الأديان على اختلاف الحقب الزمنية، وانطبع فى جينات البشرية مع آلاف السنين أن الأخلاق يتداولونها مرتبطة بالشرائع الدينية. وأكمل: لنا أن نقول إن مع تسارع وتيرة التفوق التكنولوجى وتحديدا فى مجال السوشيال ميديا وظهور منصات كثيرة للتواصل الاجتماعى أصبحت هناك حالة من السيولة المعلوماتية وطرق التفكير غير المنطقية عن بعض الأجيال الجديدة والتى بدورها أنشأت خلل المعلومات المغلوطة والذى بدوره يؤثر على تشكيل وعى قطاع عريض من الشباب. ومع عدم تأصيل العلم بشكل قوى وإفتاء من لا يعلم فى كل شىء أصبح هناك وعى مشوش فى مناحٍ كثيرة فى الحياة بخصوص الإيمان بوجود الله. ويرى د.عمرو أنه مع تطور علوم الأعصاب وجدنا كما من الوظائف العليا للمخ تبحث عن الثقة فى الوجود والكون وكيف أن الإنسان فى وقت ما يستعين بقوة عليا أيًا ما كان اسمها, ما يعتبر تفسيرًا لضعفنا البشرى, وأننا مهما بلغنا من العلم والقوة فلنا حدود نقف عندها وحينها يعجز العقل البشرى ولا يجد ما يستعين به.. لن يجد إلا «الخالق» أو «الإله». واعتبر سليمان أن الإلحاد أو إنكار وجود الإله أو عدم الإيمان بوجود الإله هو سمت قديم قدم البشرية، ولكن مع كل هذا التقدم وتحديدا فى علوم الأعصاب ووظائف العقل البشرى وعلوم الإنسانيات جعلتنا نقف عند حقائق مهمة، منها أن البشرية فى احتياج دائم للإيمان بالخالق لأنه مهما كانت سبل التقدم يظل هناك صانع أول. وأشار إلى أن كورونا جاءت لنرى كيف توقفنا جميعا أمام ذواتنا وضعفنا البشرى أمام رسالة للبشرية جمعاء أين هى علومكم الآن؟ أين تقدمكم التكنولوجى؟ لماذا لا يسعفكم الآن؟! لماذا لم تجدوا حلاً؟! لماذا تعطل غطرسة البشرية وجبروتها؟ إن أزمة كورونا ما هى إلا وقفة للبشرية مع نفسها وضعفها. ويقول: أن هناك وظيفة من وظائف المخ العليا وتسمى بالمعرفة الاجتماعية وهى مسئولة عن الثقة فى الوجود والبحث عن قوة عليا أستند عليها وقت شدتى ألا وهى الله، الذى يؤيد ذلك القبائل البدائية فى الأمازون وغيرها والتى تستنجد بالقوة العليا للوجود كى توقف الكوارث مثل المطر وغيره فى هذه الأماكن، بل يصلون لهذه القوة العليا وهنا عرف العلم أن هناك شيئا فطريا مغروسا فينا اسمه الضعف وأنت من غير الخالق لا شىء. الأخلاق والعلم والتقدم التكنولوجى هى عوامل مهمة فى هذه الظاهرة ونموها أو التعامل معها بشكل حكيم. وينصح أستاذ الطب النفسى كل شاب بأن يستقى العلم من أهله ويبحث جيدا قبل الإيمان بمعتقد خاطئ قد يغير مجرى الحياة.