بميزانية تقدر بنحو 17.3 مليار دولار أى ما يوازى 52 مليار دينار، شهد مجلس النواب التونسى يوم الأحد الماضى 6 ديسمبر 2020 جلسة عاصفة انتهت برفض مشروع الموازنة المقدم من وزير المالية. حملت تفاصيل الموازنة أسباب الرفض البرلمانى لها، فهناك 5.3 مليار دولار لسداد الديون الخارجية على تونس التى توازى نحو 80 % من الناتج القومى لهذا البلد الذى لا يزيد عدد سكانه على 12 مليون نسمة، وهناك 7 مليارات دولار للأجور فى الهيكل الحكومى، والباقى الذى لا يتجاوز نحو 5 مليارات دولار لبقية النفقات الحكومية للدولة. وهو ما دعا بالنواب لإعلان الرفض للموازنة وإعادتها لوزارة المالية التى وعدت بإجراء تعديلات عليها وعرضها على المجلس مرة أخرى لإقرارها قبل 31 ديسمبر. المخاوف والتحديات لا تقف عند عتبة النخب السياسية، ولكنها تمتد للمواطن التونسى الذى شجع الثورة فى ديسمبر 2010 حزناً على بوعزيزى الذى أحرق نفسه اعتراضاً على سلوك الشرطة معه كبائع متجول. التونسيون هبوا لإصلاح الاقتصاد وإقرار العدالة ودعم الديمقراطية، ومن عتبة بلادهم استمرت شرارة شعار «الشعب يريد إسقاط النظام» إلى مصر وليبيا واليمن وسوريا، وكادت أن تصل إلى جوارهم فى المغرب والبحرينوالأردن.. لولا أن تفاهم القصر الحاكم فى المغرب مع الإخوان، ودعمت السعودية قصر الحكم فى البحرين ضد الشيعة، ورفض ملك الأردن تهديدات الإخوان. لاحظ أن الفوضى فى 2011 كانت إما إخوان أو ملالى... ولا تندهش فكلاهما وجهان لعملة واحدة لا علاقة لها بالدين ولكن بالصهيونية.. ولذلك حديث يطول. أركز معك على ما يحدث فى تونس المهددة - وفقًا للتقارير الدولية - بالإفلاس رغم وعود الإخوان بالنهضة وسيطرتهم على مسارات الأمور فيها. تونس التى يقدر نسب النمو بها اليوم - وبعد عشر سنوات مما سُمى بثورة الياسمين فيها- بسالب 6.5 % وفقًا لتقديرات البنك المركزى التونسى. تونس التى أعلن وزير ماليتها منذ نحو الشهر بحاجتهم لاستدانة 4 مليارات دولار لإكمال العام 2020. تونس التى بلغت البطالة فيها 20 % من قوة العمل بها. تونس التى يدغدغ الإخوان فيها مشاعر شعبها بالاستثمار القادم والخير المنهمر مع وعود أردوغان بالاستثمار فيها مقابل تنفيذ مصالح بلاده فى ليبيا، بينما مخصصات الاستثمار من موازنة العام لا تتجاوز 0.5 % فقط، بينما يرتفع العجز التجارى إلى 11 %، أضف إلى هذا مضاعفات كورونا على الاقتصاد العالمى ومن ضمنها تونس. حزنى على تونس ذلك البلد العربى الإفريقى الذى كان يتباهى بنسب الأمية الضعيفة وتواصل ثقافته مع منابع الحضارة العربية والأوروبية والأفريقية، وكان يمكن له عبور عتبات الأزمة السياسية وتضميد جراحه ومنح سكانه الأمل بتنمية حقيقية واستثمار جاد يعوضهم ما فاتهم، ولكن تونس ليست مصر.