لم يكن افتتاح الرئيس السيسى خلال الأسبوع الماضى لعدد من المتاحف المصرية سوى استكمال لمشروع قومى يؤكد اهتمام دولة 30 يونيو بالمتاحف والتأكيد على أهميتها فى بناء الشخصية المصرية. حرص الرئيس عبدالفتاح السيسى، على افتتاح 3 متاحف أثرية كبرى فى محافظاتالقاهرة وجنوب سيناءوكفر الشيخ عبر الفيديو كونفرانس، يأتى استكمالًا لما تم البدءُ فيه من اهتمام واضح بالمتاحف المصرية؛ لما لها من أثر كبير فى جذب السائحين لمصر وإعادة الانتماء للمواطن المصرى وتشكيل الهوية واستعادة الوعى.
تنمية سيناء كان افتتاح الرئيس لمتحف شرم الشيخ الأسبوع الماضى؛ استكمالا لإطار جهود الدولة فى تنمية سيناء، وأُقيم المتحف على مساحة 20 ألف متر مربع، وبدأت أعمال المشروع عام 2003، وبلغت تكلفة المشروع 812 مليون جنيه. ويعرض المتحف 5200 قطعة أثرية منتقاة، تم اختيارها بعناية من المخازن المتحفية بقصر المنيل وكوم أوشيم وسقارة ومتاحف السويس والإسماعيلية واليونانى الرومانى بالإسكندرية والمتحف المصرى بالتحرير، وكذلك مخازن مدينة الأقصر والأشمونين بالمنيا وغيرها. ويعرض المتحف قطعة نادرة من الموزاييك من الإسكندرية ترجع إلى القرن الرابع قبل الميلاد، وتمثالًا للإله «إيروس» وهو يصطاد الغزلان، والتى تعرض بمدخل المتحف، وتمثالًا آخر نادرًا للإله «بس» من الطين غير مكتمل الحرق، وسوف يتم وضعه فى قاعة «الإنسان والحياة البرية»، كما يعرض المتحف بشكل استثنائى 10 قطع أثرية من كنوز الملك «توت عنخ آمون». افتتح الرئيس أيضًا الأسبوع الماضى متحف كفر الشيخ الدولى يضم 1200 قطعة أثرية نادرة، من ضمنها قطع سيتم عرضها لأول مرة، تم اكتشافها نتيجة أعمال حفريات جرت مؤخرًا، وتم وضعها فى المخازن، تمهيدًا لضمها إلى مجموعة متحف كفر الشيخ. المتحف شُيّد على مساحة 6760 مترًا مربعًا، ويسلط الضوء على أهمية وفضل وتأثير الحضارة المصرية القديمة على العلوم المختلفة مثل الطب والصيدلة والهندسة والفلك والزراعة والتجارة والصيد. ويقام المتحف على قصة «الإله حورس» و«الإله ست»، انطلاقًا من بديهية انتصار الخير على الشر، والتتابع الزمنى لتاريخ مصر القديمة فى جميع العصور، بما فيها العصر الإسلامى. وأهم ما يميز المتحف أنه يربط بين مسار العائلة المقدسة و«تل الفراعين»، بالإضافة إلى تواجده فى موقع متميز بمدينة كفر الشيخ، على مقربة من حديقة الحيوان، وحديقة «صنعاء»، ومن السهل الوصول إليه من مختلف مدن المحافظة وغيرها من محافظات الدلتا. المتاحف والهوية ويُعَد متحف «المركبات المَلكية»، الذى افتتحه الرئيس «السيسى» الرابع من نوعه على مستوى العالم، بعد متاحف روسيا وإنجلترا والنمسا، ويضم 5 قاعات للعرض، وهى قاعة «الانتيكخانة»، التى ستعرض العربات والمَركبات المهداة إلى الأسرة العَلوية خلال المناسبات المختلفة، وقاعة «الجمالون»، وتمثل الشارع فى العصور الملكية، وتعرض أندر أنواع المركبات، وهى عربة «الآلاى»، التى تمتاز بدقة صناعتها وفخامة زخرفتها، وهى مهداة من الإمبراطور «نابليون الثالث» وزوجته الإمبراطورة «أوجينى»، إلى «الخديو إسماعيل»، وقت افتتاح قناة السويس عام 1869. ويرجع متحف المركبات الملكية، الذى يضم مجموعة من المقتنيات، أبرزها العربات الملكية مختلفة الأحجام والأنواع، إلى فترة حكم أسرة محمد على باشا، كما يضم مجموعة من أطقم الخيول ولوازمها، بالإضافة إلى الملابس الخاصة بالعاملين بمصلحة «الركائب»، الذين ترتبط وظائفهم بالعربات، فضلاً عن مجموعة من اللوحات الزيتية للملوك والأميرات التى يرجع تاريخها إلى نفس الحقبة الزمنية. ضمن استراتيجيات تنمية متكاملة استطاعت دولة 30 يونيو أن ترسّخ مفهومَ احترام التاريخ من خلال الاهتمام بالمتاحف، سواء ترميم بعضها أو تدشين البعض الآخر، ولا عجب فى ذلك؛ لأن المشروعات القومية المتعلقة بقطاعَى الآثار والسياحة تسير على قدم وساق بجانب المشروعات التنموية الكبرى فى مختلف أرجاء البلاد. وفى إطار استعدادات الدولة، تعد من أبرز المشروعات التى يجرى العمل بها: مشروع ترميم معبد «أخ_منو» بالأقصر، ومشروع ترميم مقبرة «إيزادورابتونا الجبل»، ترميم دير الأنبا أنطونيوس بالبحر الأحمر، مشروع ترميم مومياء بالمخزن المتحفى بكوم أوشيم، مشروع ترميم تماثيل الفلاسفة بسقارة، فك ونقل مقبرة أثرية من مدينة الحسينية لمنطقة آثار صان الحجر، مشروع ترميم معبد هيبس، مشروع ترميم وصيانة ضريح على زين العبادين الأثر، مقبرتا الورديان، مشروع ترميم وصيانة مقبرة سشم نفر بالجبانة الشرقية بالهرم، مشروع ترميم وصيانة جامع محمد على بالقلعة، مشروع صيانة وترميم مصطبة فرعون بسقارة، مشروع ترميم وصيانة دير الأنبا بيشوى بوادى النطرون، مسجد أبو عيسى فوه بكفر الشيخ، مشروع ترميم معبد الكرنك، مسجد الظاهر بيبرس بقليوب، مسجد عامر بقرية بديبى. أجندة الرئيس من أبرز المشروعات التى يهتم بها الرئيس السيسى هو المتحف المصرى الكبير، الذى كان من المفترض أن يتم افتتاحه فى العام الحالى 2020 ولكن تم تأجيله للعام المقبل 2021 بسبب جائحة «كورونا»، وقد تم إنجاز نحو 75 % من إجمالى حجم الأعمال به، فقد تم الانتهاء من 100 % من الهيكل الخرسانى والمعدنى لمبانى المتحف، و55 % من أعمال التشطيبات الداخلية، و55 % من الأرضيات فى الساحات الخارجية، وجارى حاليًا تنفيذ التشطيبات الداخلية والخارجية بالتزامن مع إعداد تصميمات وتجهيزات العرض المتحفى وفتارين العرض. بلغ إجمالى القطع الأثرية المنقولة للمتحف 42270 قطعة، وخلال منتصف عام 2017 تم البدء فى نقل قطع أثرية من مجموعة الملك «توت عنخ آمون» من المتحف المصرى بالتحرير إلى المتحف المصرى الكبير، ومنها السرير الجنائزى وإحدى العربات الحربية، ثم نقلت الآثار الثقيلة والتماثيل الضخمة المختارة من بين آثار المتحف المصرى بالتحرير تمهيدًا لعرضها بقاعة الدرج العظيم. أيضًا يُعد المتحف القومى للحضارة المصرية الذى تم افتتاحه جزئيّا عام 2017، من أهم المشروعات التى تهتم بها الدولة لما له من بُعد تاريخى وجغرافى مميز. ويقع المتحف القومى للحضارة المصرية بالقرب من حصن بابليون ويطل على عين الصيرة فى قلب مدينة الفسطاط التاريخية بمنطقة مصر القديمة بالقاهرة. متحف الحضارة أول متحف يتم تخصيصه لمجمل الحضارة المصرية؛ حيث ستحكى أكثر من 50 ألف قطعة أثرية مراحل تطور الحضارة منذ أقدم العصور حتى العصر الحديث. وسوف تعرض مقتنيات المتحف فى معرض رئيسى دائم يتناول أهم إنجازات الحضارة المصرية، بالإضافة إلى ستة معارض أخرى تتناول موضوعات: الحضارة، والنيل، والكتابة، والدولة والمجتمع، والثقافة، والمعتقدات والأفكار، بالإضافة إلى معرض المومياوات الملكية. وسيتضمن المتحف أيضًا مساحات للمعارض المؤقتة، فضلًا عن معرض خاص بتطور مدينة القاهرة الحديثة. وسوف يضم المتحف أبنية خدمية، وتجارية، وترفيهية، ومركزًا بحثيّا لعلوم المواد القديمة والترميم، كما سيكون المتحف مقرّا لاستضافة مجموعة متنوعة من الفعاليات كعروض الأفلام، والمؤتمرات، والمحاضرات، والأنشطة الثقافية. وسيكون هذا المتحف الذى يستهدف الجماهير المحلية والأجنبية مؤسّسة متكاملة لها دورها المتميز فى نشر الوعى الأثرى والتعريف بدور مصر فى إرساء دعائم الحضارة الإنسانية. ثم يأتى مخطط تطوير منطقة هضبة الأهرامات الأثرية ضمن استراتيجية الحفاظ على الموروث الأثرى والتراثى وكذلك رفع جودة تجربة الزائر. وقد اعتمد مخطط المشروع على تقسيم المنطقة ومجالها الأثرى إلى ثلاثة نطاقات تبعًا للأهمية الأثرية ومعطيات كل نطاق وطبيعته، بحيث يمثل النطاق الأول الأساس المباشر للمنطقة الأثرية ويضم كل الآثار المبنية والظاهرة والخاضعة للتنقيب الأثرى أو المحتملة، أمّا النطاق الثانى فيمثل منطقة عازلة، ويشكل النطاق الثالث أو الخارجى منطقة انتقالية ضمن الحدود المعتمدة للمنطقة الأثرية. الحس الوطنى وفى محافظة المنيا يُعد المتحف الآتونى أحد أهم المشروعات المتحفية الجارية هنا.. وشيد المتحف الآتونى بتكلفة بلغت أكثر من300 مليون جم، وهوأحد أهم المتاحف المتخصصة فى وزارة الآثار. يقع المتحف الآتونى شرق محافظة المنيا، ويحتل مساحة قدرها 25 فدانًا. ويهدف إلى إظهار عظمة الحقبة التاريخية للملك إخناتون (عصر العمارنة)، وقد جاء تصميم المتحف على شكل أشعة الشمس الممتدة من السماء. لا شك أن زيارة المتاحف تزيد الوعى والانتماء والحس الوطنى فى مختلف أرجاء العالم، ولعل ما قامت به اليونسكو من تخصيص يوم سنوى للاحتفال بالمتاحف خير دليل على أهميتها فى بناء الشخصية؛ حيث يشهد الثامن عشر من مايو كل عام الاحتفال باليوم العالمى للمتاحف تحت رعاية اليونسكو .. وهو اليوم الذى حدده المجلس الدولى للمتاحف (الأيكوم) عام 1977 بهدف زيادة الوعى بأهمية المتاحف فى تطوير المجتمعات.. باعتبارها الذاكرة الحية للشعوب.. يرتبط فيها الماضى بالحاضر.. وهى مدرسة لترسيخ الهوية ونشر الوعى الحضارى ودعم التربية والتعليم وإثراء الثقافة فى المجتمع. عَرّف موقع منظمة الأممالمتحدة للثقافة والعلم «اليونيسكو» المتاحف بأنها مؤسّسات دائمة غير ربحية، تعمل لخدمة المجتمع وتطويره، كما أنها مفتوحة للجمهور، والمتاحف تستطيع امتلاك الإثباتات المادية للسكان وبيئتهم المحيطة؛ حيث تعمل على حفظها وإجراء بعض البحوث العلمية بشأنها، كما تكون المتاحف مع التراث الأثرى ما يُعرف ب«التراث العالمى ودعم مفهوم الحضارة المتقدمة.