كشفت رسائل البريد الإلكترونى لوزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلارى كلينتون، بالدليل القاطع، دور جماعة الإخوان الإرهابية فى تخريب وتدمير عدد من بلدان الشرق الأوسط، والعلاقة غير الشرعية لهذه الجماعة بالإدارة الأمريكية فى عهد الرئيس الأمريكى الأسبق «أوباما». رسائل «كلينتون» التى أمر ترامب برفع السرية عنها مؤخرا، بدأ الحديث عنها منذ 5 سنوات، إلا أن الكشف عنها بشكل رسمى، كان مفاجأة للجميع إذ بينت كيفية وصول هذه الجماعة الخائنة للوطن لحكم مصر فى عام 2013 بمباركة أمريكية، والدور المشئوم الذى لعبته قناة الجزيرة القطرية فى خدمة هذه الجماعة المارقة. وثائق «كلينتون» أوضحت كيف تمكنت مصر من إفشال المؤامرة الإخوانية لهدم الدولة المصرية. مثلث الشر مثلث قطر -الجزيرة - الإخوان، ليس سرا لكن رسائل كلينتون توضح إلى أى مدى وصلت طموحات الثلاثى، كانت البداية، فى يناير 2011 وبينما المظاهرات تشتعل فى مصر جرت مراسلات بين جوديث ماكهيل وكيلة وزارة الخارجية الأمريكية، ووضاح خنفر مدير قناة الجزيرة وقتها، والذى عبر عن تصميمه على استمرار تغطية الأحداث فى مصر رغم إغلاق مكتب الجزيرة وطلب مقترحات أمريكية لتسهيل عمل طاقم القناة لكن أكد أنه فى كل الأحوال سيبتكر طاقم القناة وسائل جديدة للعمل وسط الإغلاق. التعاون بين الجزيرة القطريةوأمريكا فى مصر لا يتوقف هنا، بل تكشف إحدى الرسائل عن مشروع لإنشاء شبكة إعلامية جديدة للإخوان بدعم وتمويل قطرى 100 مليون دولار، وكان الاسم المرشح لقيادة المشروع الجديد هو وضاح خنفر نفسه، الذى قالت عنه دانا سميث سفير أمريكا فى قطر وقتها، إنه «سيحصل على وظيفة جديدة مثيرة للاهتمام». هذه الشبكة الإعلامية ستعمل كقناة للإخوان وكان سيترأس المشروع خيرت الشاطر نائب مرشد الإخوان الذى منحته الجماعة تفويضها لتمثيلها فى المشروع. لا يقتصر التعاون بين الجزيرة وكلينتون على اتصالات مع مسئولى الخارجية الأمريكية عبر الإيميل فقط ، بل سبق ذلك رسالة بتاريخ 26 أبريل 2010 بها جدول أعمال جوديث ماكهيل وكان من بينها عشاء مع مسئولى الجزيرة واجتماع مع مجلس إدارة القناة ثم الظهور فى لقائين واحد بالقسم العربى وآخر بالقسم الإنجليزى. فريق الإخوان لم يكن فى قطر والجزيرة فقط بل كان على الجانب الأمريكى أيضا متمثلا فى هوما عابدين مساعدة هيلارى كلينتون المقربة والتى كانت وصفتها تقارير صحفية بأنها أقرب ما تكون لابنة ثانية لكلينتون.. هوما عابدين عرف عنها العمل فى مركز شئون الأقليات المسلمة والمجلة التابعة له هذا المركز أسسته عائلة هوما وكان حلقة التواصل مع الإخوان فى أمريكا وبريطانيا.. ولم يكن المركز يعمل فى الخفاء حيث ذكرت شبكة تليفزيون cnn نقلا عن جريدة واشنطن بوست أن المجلة الخاصة بالمركز معروف عنها أنها «إسلامية متطرفة» وإن كانت تقدم نفسها فى صورة مجلة غير حزبية. «هوما عابدين» كان لها عدة مراسلات مع كلينتون وفريقها، يلفت النظر منها مقال أرسلته هوما لكلينتون يشيد بتعيين رشاد حسين كمبعوث أوباما الخاص لمنظمة التعاون الإسلامى بجدة.. وهو أحد أشهر القيادات الإخوانية وكان المسئول عن كتابة خطاب أوباما الذى ألقاه فى جامعة القاهرة عام 2009. المعروف عن رشاد حسين أنه فى 2002 كان يعمل بالمجلس الأمريكى الإسلامي تحت رئاسة القيادى الإخوانى فى الولاياتالمتحدة عبد الرحمن العبودى والمسجون حاليا، بعد تورطه فى محاولة اغتيال العاهل السعودى الملك عبدالله بن عبد العزيز، الأمر الذى يشير لمدى تغلغل عناصر الإخوان داخل إدارة أوباما. السعودية تنجو لم تكن مصر الهدف الوحيد لمؤامرات حلف الإخوان وكلينتون، حيث تكشف الرسائل عن استهداف للسعودية بشكل خاص من قبل أصدقاء وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة.. إحدى الرسائل تشير لمقال معاتبة من قبل الكاتبة بصحيفة نيويورك تايمز «مورين دود» لأن كلينتون لم تسمح بوصول الربيع العربى للسعودية. العدوانية تجاه السعودية لم تظهر لدى دود وحسب، بل كانت على المستوى السياسى أيضا وفى نوايا لتأييد استمرار عمليات زعزعة استقرار الخليج كله، ففى محادثات هاتفية بين كلينتون نفسها ووزير الخارجية السعودى السابق عادل الجبير، قالت كلينتون : «لماذا أنتم ذاهبون إلى البحرين؟» -فى إشارة لقوات درع الجزيرة-فرد الجبير: لتقديم الدعم المعنوى». فعادت كلينتون تقول: بتدخلكم هذا تعرضون علاقات أمريكا والسعودية لأزمة! فقال الجبير: قواتنا على الجسر سوف ندخل اليوم. وحتى قبل الربيع العربى كانت السعودية محور مراسلات تحوى أفكارا ليست ودية ففى رسالة من شخص يدعى SID بتاريخ 12 فبراير 2010 يتم الإشارة لتقييم السفير الأمريكى فى السعودية تشاس فريمان الذى يقول عن السعودية إنها المكان الوحيد على ظهر الكوكب الذى لم يخترقه الاستعمار الغربى ولم تتمكن جيوش أوروبية من احتلاله أو حتى تدخله حملات تبشيرية وأن السعودية على عكس دول أخرى تعمل على استثمار ثرواتها النفطية فى الداخل وليس الخارج كما أنها سخية فيما يتعلق بالمساعدات حتى وصلت للتبرع ب6 % من دخلها لمساعدة دول أخرى خاصة المسلمة. كلينتون كانت ترى أن السعودية تراجعت ثقتها فى الولاياتالمتحدة بسبب غزو العراق حيث قالت فى إحدى المراسلات: «السعوديون لم يعودوا يثقوا بنا.. بعد ما حدث فى ديسمبر 2002 الولاياتالمتحدة عندما أرادت غزو العراق عارضت السعودية ذلك بشدة». صحيفة «عكاظ» السعودية، سجلت أيضا أن إحدى الرسائل أشارت لواقعة إغلاق الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودى الراحل للهاتف فى وجه كلينتون عندما طلبت من المملكة عدم إرسال قوات «درع الجزيرة» إلى البحرين عام 2011 وهى العملية التى أعادت الاستقرار للبحرين. رفع السرية رسائل كلينتون ليست جديدة إذن، لكن لماذا قرر الرئيس الأمريكى ترامب رفع السرية عنها فجأة؟.. يمكن تخمين هذا إذا ما نظرنا للعبارة التى قالها ترامب خلال مناظرته مع كلينتون فى 2016 ، كانت كلينتون تقول إنه من حسن الحظ أن شخصا فى مثل طباع ترامب ليس المسئول عن القانون فى البلاد، فرد عليها فورا قائلا: «لأنك ستكونين فى السجن». العلاقة بين ترامب وكلينتون إذا ليست ودية أو خصومة سياسية انتهت بإعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية فى 2016، بل امتدت لمؤامرة لتشويه حملة ترامب وتصويرها على أنها مخترقة من روسيا وأن ترامب نفسه متواطئ مع دولة أجنبية.. كيف هذا؟ فى 2016 وبينما كلينتون تسعى لتهدئة الجدل حول بريدها الإلكترونى لجأت حملة كلينتون للتعاقد مع الجاسوس البريطانى السابق كريستوفر ستيل، بغرض التدقيق وراء ترامب حتى يعثر لهم على معلومات تفيد بتعاونه مع روسيا أو على الأقل توريط حملة ترامب، وفى يونيو 2016 كان ستيل قدم أول تقاريره التى ادعى فيه أن بوتين يبتز ترامب بفيديو جنسى، ستجرى بعدها تحقيقات طويلة فى الكونجرس تكشف عدم وجود أى شيء من هذا، لكن هذا سبب جدلا صاخبا فى فترة ترامب الرئاسية الأولى. توقيت رفع السرية عن رسائل كلينتون هو ضربة من ترامب تأتى بالتزامن مع إعلان مدير المخابرات الوطنية الأمريكية جون راتكليف الكشف عن وثائق تشير إلى أن جون برينان المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية أخبر باراك أوباما -الرئيس الأمريكى وقتها- بخطة هيلارى كلينتون لخلق صلة بين منافسها ترامب وبين روسيا، وأن من شأن هذا إلهاء الرأى العام عن فضيحة استخدام كلينتون بريداً إلكترونياً وخادماً خاصين عندما كانت وزيرة للخارجية. صحيفة وول ستريت جورنال كانت نشرت فى 7 أكتوبر 2020 أن مكتب التحقيقات الفيدرالى برئاسة جيمس كومى تعمد تجاهل تحذيرات من المخابرات المركزية الأمريكية حول استخدام كلينتون «خدع قذرة» لتشويه حملة ترامب. وهو ما يعنى أن هيلارى كلينتون هى من استعانت بعنصر أجنبى «البريطانى كريستوفر ستيل»، فى الانتخابات وليس ترامب. عامل آخر يجعل ترامب يرفع السرية الآن عن رسائل كلينتون، وهو الانتخابات الأمريكية، فالرئيس الأمريكى أعلن إصابته بفيروس كورونا فى 2 أكتوبر، وهذا الخبر وما تبعه حول حالته الصحية، تسبب فى إلغاء المناظرة بينه وبين منافسه جو بايدن، وصورته وسائل الإعلام المعارضة لترامب على أنه هزيمة لسياساته فى مواجهة تفشى فيروس كورونا، ما يثير الشكوك لدى الرأى العام فى قدرته على إدارة الأزمة، كل هذا قبل الانتخابات بشهر واحد. وحتى مع تعافى ترامب، فإن فكرة مرضه كانت عقبة فى طريق حملته الانتخابية وتسببت فى إلغاء فعاليات وبرامج الدعاية التى كان نظمها، وبدلا من البقاء فى موقف المدافع بعد التعافى، يقرر ترامب تحويل المدفع على الديمقراطيين وبدء الهجوم على خصومه الذين لطالما اتهمهم بالفساد والآن حانت الفرصة لكشف بعض الأدلة على هذه الاتهامات.