تتوالى الأحداث وتتعالى الأصوات فيما يخص الانتخابات الأمريكية وما قد يحدث من مواجهات سياسية وإعلامية على امتداد البلاد خلال الأسابيع والأشهُر المقبلة. الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بما له وما عليه فى محاسبة ومحاكمة علنية تجرى له يوميّا ولحظيّا عبر وسائط التواصل الاجتماعى ووسائل الإعلام. الاستقطاب الأمريكى فى قمته بشكل لم تشهده أمريكا من قبل. ويجب ألّا تفوتنا أن كل هذا يحدث فى أجواء «كورونا» وتبعاته.. والغضب الأسود بأطيافه. أهلًا بالمعارك الانتخابية ولا شك أن اختيار السناتور كامالا هاريس كأول امرأة سوداء وأيضًا أمريكية آسيوية من جهة والدتها لكى تكون المرشحة الديمقراطية لمنصب نائب الرئيس يُعَد حدثا تاريخيّا فى هذا المنعطف التاريخى الذى تعيشه أمريكا ويواجهه الشعب الأمريكى فى عام 2020. عام التحدى والمواجهة والمراجعة والمحاسبة وإعادة الصياغة الأمريكية أمام الأجيال المقبلة وأمام التاريخ وبالتأكيد أمام العالم والعلاقات الدولية. لهذا نشهد جدلًا ساخنًا حول قضايا الاقتصاد والبطالة والصحة والتعليم والعدالة الاجتماعية والمشاركة السياسية والتدخل فى شئون العالم وأيضًا حول الفساد السياسى ودور أصحاب الأموال والنفوذ فى صناعة القرار السياسى. اعتادت أمريكا حسب الوصف الشائع أن تحاسب نفسَها كل أربع سنوات. وهذا ما يحدث حاليًا، إلا أن المحاسبة هذه المرة (لمن يتابعها عن كثب) أكثر حدة وأكثر عمقًا وأكثر شمولا من المرات السابقة. نعم أمريكا بعد أن شهدت وعاشت الوباء المميت وعانت منه لا تريد أن تعود إلى ما كانت عليه من قبل بأى شكل من الأشكال (أو هكذا تقول).. تريد أن تتعلم من الأخطاء وألا تكررها وتريد أن تستعد بشكل أفضل لما قد يحدث فى المستقبل مع الوباء المقبل أو ما شابهه! الأرقام المحتملة لعدد ضحايا «كوفيد - 19» من الموتى فى أمريكا قد يصل إلى 200 ألف وربما أكثر مع نهاية شهر سبتمبر المقبل. وكل من الحزبين الجمهورى والديمقراطى يعقد هذه الأيام عبر الإنترنت والبث التليفزيونى مؤتمره العام لإعلان مرشحيه لمنصبَى الرئيس ونائب الرئيس وأيضًا لمخاطبة الشعب الأمريكى حول برامج المستقبل، وقد تجاوز عدد العاطلين عن العمل فى أمريكا ال30 مليونًا منذ فترة. وقد ذكر دائمًا أن الانتخابات لفترة ثانية بالنسبة لأى رئيس تعد استفتاءً عما فعله وعما لم يفعله الرئيس الحالى. كما أن تقييم المرشح المنافس (جو بايدن هذه المرة) يقوم على مدى قدرته على الإتيان بالأفضل والأحسن.. وهل بايدن ومعه هاريس له قدرة أفضل وسياسات أفضل من قدرات ترامب وسياساته فى التعامل مع الأزمات والمشاكل التى تراكمت فى الفترة الأخيرة؟ تاريخ المرأة مع حق التصويت تحتفل أمريكا هذه الأيام بمرور 100 عام على حصول المرأة على حقها فى التصويت والمشاركة الانتخابية. إذ فى يوم 18 أغسطس 1920 تم إقرار المادة 19 من الدستور الأمريكى الذى يعطى المرأة هذا الحق. طريق الوصول إليه لم يكن ممهدًا كما هو معروف إلا أن نساء عديدات على مدى عشرات السنوات استطعن أن يأخذن خطوات مهمة فى كسر عزلتهن السياسية والوطنية. الصحف الأمريكية خصصت منذ أيام ملاحق للحديث عن كفاح المرأة للحصول على حقها فى التصويت وأيضًا لما تم وتحقق خلال المائة السنة الماضية. والمشاركة السياسية أى التصويت وأيضًا الترشح حق نالته المرأة الأمريكية عبر العقود. فى عام 2020 نسبة المرأة من مقاعد مجلسَى الكونجرس تصل إلى 24 فى المائة. عدد عضوات مجلس النواب ضم 89 نائبة ديمقراطية و13 نائبة جمهورية. فى حين ضم عدد عضوات مجلس الشيوخ 17 سناتور ديمقراطية و9 سناتور جمهورية. تاريخيّا تم انتخاب أول امرأة كسناتور فى مجلس الشيوخ الأمريكى عام 1932 وكانت هاتى وايات كاراواى ديمقراطية من ولاية أركنسو. أما أول امرأة تم انتخابها كنائب فى مجلس النواب فكان فى عام 1916 واسمها جانيت رانكن جمهورية من ولاية مونتانا. والملفت للنظر أن انتخابها قد تم قبل حصول المرأة على حق التصويت أى أن الأصوات التى حصلت عليها كانت من جانب رجال الولاية. ويذكر أنها ساهمت فى تكوين اللجنة التى دفعت بإقرار المادة 19. وأثناء الحديث عن «كامالا هاريس» كأول امرأة سوداء تتم تسميتها كمرشحة كنائب رئيس تم تكرار اسم «شيرلى تشيزهولم» على أساس أنها ألهمت بحياتها ونضالها السياسى الكثير من النساء السود فى أمريكا. «تشيزهولم» فى عام 1972 صارت أول امرأة وأول امرأة سوداء أمريكية إفريقية تعلن دخولها معركة ترشيح للرئاسة كديمقراطية فى الانتخابات الرئاسية. وكان قد تم انتخابها كأول أمريكية سوداء فى مجلس النواب عام 1968. وقد استمرت نائبة عن ولاية نيويورك وعضوًا فى الكونجرس حتى عام 1983. ومن المتوقع أن تقول المرأة الأمريكية كلمتها هذا العام بصوت أعلى وأوضح من السابق. هذا ما تؤكده استطلاعات الرأى. وعلينا أن ننتظر لنرى كيف أن المرأة سوف تحسم الانتخابات الرئاسية والنيابية هذا العام.وموعدنا نوفمبر المقبل!.