أخطر ما يحدث الآن هو عدم تقبل الرأى الآخر فى وقت قامت فيه الثورة أساسا من أجل الحرية بكل معانيها وأشكالها. أخطر ما يحدث الآن أن كل شخص يتحدث وكأنه الشعب المصرى كله. إنه من الطبيعى بل والصحى أن تكون هناك آراء مختلفة وأن يحترم كل منا رأى الآخر بدون تجريح وتخوين. لقد اندهشت وأنا أرى على شاشة التليفزيون مجموعة تتحدث عن مطالب خاصة بها وعن رؤيتها لمستقبل البلد، وعندما انتقلت الكاميرا لشخص آخر بجوارهم ليقول رأيا مختلفا فى بعض التفاصيل والأولويات رفضوا أن يتحدث وهم يصرخون فى وجه المذيعة ده مش معانا! رغم أن هذا الشخص ليس سوى شاب مصرى مثلهم وإن كان لديه رأى مختلف من حقه أن يعبر عنه. وإذا كان من الطبيعى أن يصبح لدينا ما يشبه المجموعات الشبابية التى لكل منها رؤية سياسية خاصة بها فإنه من غير الطبيعى أن ترفض كل مجموعة رأى غيرها وتصبح هناك اتهامات بالخيانة والاندساس وغيرها من التعبيرات التى تحجم فى النهاية حرية الرأى. المطلوب أن نحترم آراء الآخرين حتى التى لا تتوافق مع آرائنا لا يجب أن ننفعل ونتشاجر لمجرد أن هناك رأيا آخر ولا يجب أن نخطف من صاحبه الكلمة وكأنه خائن وعميل وطالما أنه مصرى علينا أن نعترف أنه معنا حتى وإن كان رأيه مختلفا لأن عبارة «ده مش معانا» ستجرنا إلى تقسيم للثورة لا يمكن لأحد أن يقبله. وطالما أننا ننادى بحرية الرأى والرأى الآخر ونقبل وجهات النظر المختلفة فعلينا أن نؤكد أيضا ضرورة الالتزام برأى الأغلبية لأن هذا هو الدليل الحقيقى على إيماننا بالديمقراطية فالمؤكد أننا فى مرحلة تعدد الآراء وحرية التعبير وأنه ستكون هناك آراء مختلفة، وهنا يأتى صوت الأغلبية التى على الأقلية أن تحترمه دون أن يكون صوت الأغلبية هذا خانقا لرأى الأقلية. الساحة الآن تتسع لكل الآراء والرؤى المختلفة بشروط واحد فقط هو أن نتحرم بعض ونلتزم آداب الحوار ونبتعد عن سياسة الصوت العالى وتصنيف كل من يقول رأيا مختلفا بأنه «مش معانا»!!.