يبدو أن هذا الوباء يفرض وضعية انعزالية للدول والتى ارتأت بعض منها أن تحمى شعبها داخل أسوار حدودها، فى محاولة للتفرُّغ لقهر هذا الوباء مع عدم انتقاله من الخارج...إلخ بل ويصل الأمر إلى الدفع بعدم المسئولية تجاه مقيمين، متواجدين، على أرضها من غير مواطنيها وعودتهم لبلادهم، فتتخلص من عبء إضافى وتتيح لمواطنيها فرص عمل على حساب من يتم ترحيلهم.. وتعلق المبادئ والحقوق لإشعار آخر. وتطرح الوضعية الحالية تساؤلات حول فعالية التجمعات والاتحادات الدولية واستمراريتها، أمام طغيان البعد الانعزالى والمصالح الذاتية، على فرضية التعاون والاتحاد.. وهو الأمر الذى يضع نظامنا العربى وجامعته فى مواجهة صعبة لموازنة النزاعات الانعزالية لكل دولة من ناحية، وضرورات التعاون والتضافر من ناحية ثانية لمواجهة هذه الأزمة الطاحنة. وقد يبدو أن مثل هذه التساؤلات مشروعة ولكنها فى عالمنا العربى لا محل لها، فلا سبيل إلا بتفعيل العمل الجماعى العربى وتكون الجامعة هى أداته اللازمة والضرورية لضبط منطقتنا...حيث يلاحظ ومع سرعة انتشار هذا الوباء عدم القدرة لأداء منضبط ومتناغم لدولنا يحقق تطويقه وتقليل آثاره السلبية.. يزيد الأمر سوءًا أن دولنا تواجه مشاكل خطيرة تتزايد بالضرورة فى ظل هذا الاضطراب الحالى، وأولها تفشى ظاهرة الإرهاب ومحاولات انتشاره لفرض واقع جديد، ومفهوم لدينا دعم أطراف من المنطقة وخارجها لنشر هذه الجماعات الإرهابية، بما يحقق أهدافًا لها ويكون ذلك على حساب أوطاننا العربية فتتغير الجغرافيا فى المنطقة وتنشأ كيانات على حساب أراض الدول...إلخ. ويتواكب مع اضطراب كورونا فى منطقتنا تفاقم مشكلات لاجئين، فضلًا عن اعتبار بعض من مناطقنا العربية نقاط تمركز لهجرة غير شرعية وافدة لنا خاصة من أفريقيا...وهو الأمر الذى يجب أن يؤخذ فى الحسبان حال اكتشاف انتشار وباء كورونا فى هذه القارة ذات البنية التحتية والصحية الضعيفة، فتكون الهجرة إلى الشمال وإلى أن يتحقق ذلك فتكون مرساها فى بلادنا، بتداعيات ذلك.. ويزيد الأمر تعقيدًا لعملنا العربى الجماعى..أن ما يحدث فى منطقتنا الآن يتوافق واستراتيجيات الولاياتالمتحدة والغرب، التى وضعت منذ تدمير برجى نيويورك فى سبتمبر 2001، وهو ما لزم معه وضع سيناريوهات مختلفة لدول عالمنا العربى تقوض الأوطان لصالح إقامة الكيانات الدينية والعرقية لتكون أراضى للجهاديين والمتطرفين ويبقون فيها...إلخ والخريطة الحالية فى منطقتنا تثير القلق المتزايد وأصبحت كل دولنا معرضة بل مؤهلة للاضطرابات والتقسيمات وحتى هنا فهى محاطة بجوار غير مستقر غربًا وجنوبًا فضلًا عن الضغط الإسرائيلى على الفلسطينيين لتكون سيناء أرضًا لحماس، بالإضافة إلى تجذر تنظيم المتأسلمين والذى باع حسن البنا المؤسس ليكون أردوغان إمامنا والعدالة والتنمية دستورنا «وهنا قد تكون حانت اللحظة التاريخية الفارقة بدعوة الجامعة العربية لقمة فورية - افتراضية- تؤكد بداية ثوابت العمل والعلاقات العربية وتضع برامج عملية للتعاون المشترك لمواجهة كورونا وتداعياتها الخطيرة على أمتنا العربية من تفشٍ للإرهاب والمواجهة المكشوفة له وبحث خطط وبرامج لتنظيم وتنسيق التعامل مع قضايا الإرهاب واللاجئين والمهاجرين». . وفى التقدير أن أجهزة الجامعة متيقنة لذلك وهناك بالضرورة الدراسات والأبحاث لهذه القضايا المهمة والتى على أساسها يمكن للقادة اتخاذ القرارات البناءة والعملية فى هذا الشأن وفى أقرب الآجال وتكون المناسبة لإعلاء قيمة العمل الجماعى العربى وإعلاء جامعته العربية والتى يجب أن تكون هى المنارة وقاطرة تحركنا لحماية أوطاننا وشعوبنا، ونأمل أن يكون حلمنا قرارات فورية لتصويب الأمور فى منطقتنا.