رئيس البورصة المصرية: تطوير التعاون مع الجهات الرقابية والتنظيمية محليًا ودوليًا    وزير قطاع الأعمال العام يبحث مع "سيمنس" فرص نقل التكنولوجيا والطاقة المتجددة    محافظ الشرقية يتفقد أعمال رصف ورفع كفاءة طريق النكارية القنايات    توقف الخدمات البنكية والATM.. البنوك تعلن تحديثات طارئة وتكشف الموعد والسبب    محافظ الدقهلية يتابع محاكاة سيناريوهات التعامل مع مياه الأمطار بالمنصورة    ترامب يعلن التوصل إلى اتفاق تجاري مع كوريا الجنوبية    تقرير: تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين الأوكرانيين يثير ردود فعل سلبية فى برلين ووارسو    السيدات على خطى الرجال، تأهل تاريخي لمنتخب الرأس الأخضر لأمم أفريقيا    شوبير يكشف حقيقة استقالة حسين لبيب من رئاسة نادي الزمالك    «قوة اقتصادية للأهلي».. رسالة عبد الحفيظ للخطيب وياسين منصور    سيدة تشعل النار في جسدها بالمحلة    ننشر الصور الأولى لسحب تريلا سقطت في ترعة بالدقهلية    الطقس غدا.. تغيرات مفاجأة وفرص أمطار والعظمى بالقاهرة 28 درجة    المشدد 15سنة لمتهم للاتجار بالمخدرات في السلام    خايفة ومتوترة.. وصول سوزي الأردنية إلى الاقتصادية لمحاكمتها بخدش الحياء    مجلس الوزراء: المتحف المصري الكبير أول متحف أخضر في افريقيا والشرق الاوسط    اليوم.. عرض خاص في نقابة الصحفيين لأفلام مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    فيلم فيها إية يعني يحقق 70 مليونا و318 ألف جنيه في 4 أسابيع    فلسطين حاضرة في الدورة 26 من مهرجان روتردام للفيلم العربي مع "سيدة الأرض"    ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين إلى 256 بعد استشهاد صحفي في غارة إسرائيلية    بينها «طبق الإخلاص» و«حلوى صانع السلام» مزينة بالذهب.. ماذا تناول ترامب في كوريا الجنوبية؟    جيش الاحتلال الإسرائيلي يزعم اغتيال مسئول بحزب الله في لبنان    النقل تعلن مواعيد تشغيل المترو والقطار الكهربائي الخفيف بعد تطبيق التوقيت الشتوي 2025    "أتوبيس الفن الجميل" يصطحب الأطفال في جولة تثقيفية داخل متحف جاير أندرسون    هل فلوس الزوجة ملكها وحدها؟ دار الإفتاء تحسم الجدل حول الذمة المالية بين الزوجين    الأونروا: المساعدات لغزة تضاعفت لكنها نقطة في بحر الاحتياجات    وزير الخارجية المصري يبحث مع نظيره السوداني الأوضاع في الفاشر    أسقفا الكنيسة الأنجليكانية يزوران قبرص لتعزيز التعاون الإنساني والحوار بين الكنائس    صور | جامعة الوادي الجديد تنظم ملتقى توظيفي لشركات القطاع الخاص والجهات البحثية والحكومية    مصر تشارك في اجتماع لجنة مصايد الأسماك والاستزراع المائي بالاتحاد الإفريقي    كييزا: أشعر بتحسن كبير هذا الموسم.. وأريد البقاء مع ليفربول    كأس العالم للناشئين - مدرب إيطاليا: علينا التأقلم سريعا مع المناخ في قطر    اللجنة الأولمبية تعتمد عقوبات صارمة ضد عمر عصر ومحمود أشرف بعد أحداث بطولة إفريقيا لتنس الطاولة    تحليل: 21% من السيارات الجديدة في العالم كهربائية بالكامل    "ADI Finance" توقع اتفاقية تمويل إسلامي بين البنك الأهلي لدعم أنشطة التأجير والتمويل العقاري    وزير الصحة يترأس الاجتماع الثاني للمجلس الوطني للسياحة الصحية    كيف تُعلّمين طفلك التعبير عن مشاعره بالكلمات؟    الأقصر تزين ميادينها وتجهز شاشات عرض لمتابعة افتتاح المتحف المصري    إصابة 5 أشخاص في انقلاب سيارة سوزوكي على طريق أسيوط الغربي    حركة المحليات بالأسماء.. تفاصيل تعيين ونقل 164 قيادة محلية في 11 محافظة    شمس البارودي تنشر السيرة الذاتية لزوجها حسن يوسف في ذكرى وفاته    وزير الشئون النيابية: الرئيس السيسي أولى ملف مكافحة الفساد أولوية قصوى    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-10-2025 في محافظة الأقصر    الدكتور أحمد نعينع يكتفى بكلمتين للرد على أزمة الخطأين    إعصار ميليسا يصل الساحل الجنوبي لشرقى كوبا كعاصفة من الفئة الثالثة    السيطرة على حريق محدود داخل معرض فى التجمع    نقابة الزراعيين بالدقهلية تختتم دورة "صناع القرار" بالتعاون مع الأكاديمية العسكرية    الأمين العام للإنتوساي تشيد بدور مصر في تعزيز التعاون الدولي ومواجهة الأزمات    الخارجية تشكر الرئيس السيسى على ضم شهدائها للمستفيدين من صندوق تكريم الشهداء    رعم الفوز على النصر.. مدرب اتحاد جدة: الحكم لم يوفق في إدارة اللقاء    طريقة عمل طاجن البطاطا بالمكسرات.. تحلية سريعة في 20 دقيقة    بالدموع والإيمان.. ربى حبشي تعلن عودة مرض السرطان على الهواء مباشرة    استشاري صحة نفسية: الأم المدخنة خلال الحمل تزيد احتمالية إصابة طفلها ب فرط الحركة    ناجي حكما لمباراة الزمالك والبنك في الدوري    أسعار الذهب فى أسيوط اليوم الاربعاء 29102025    د.حماد عبدالله يكتب: ومن الحب ما قتل !!    دعاء الفجر | اللهم اجعل لي نصيبًا من الخير واصرف عني كل شر    في الشغل محبوبين ودمهم خفيف.. 3 أبراج عندهم ذكاء اجتماعي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الياقوتة
قراءة فى مختارات قصصية لأديبة نوبل نادين جورديمر
نشر في صباح الخير يوم 18 - 03 - 2020

حصلت نادين جورديمر على جائزة نوبل للآداب عام 1991، وقد عبرت فى أدابها عن رفضها للتفرقة العنصرية فى جنوب إفريقية، وأمضت حياتها فى مناهضة الفصل العنصرى بين السود والبيض فى جنوب إفريقية كما أبدت «نلسون مانديلا» الزعيم الأسود الذى دخل السجن شابا، وخرج منه رجلاً كبيراً يقود السود فى مسيرتهم إلى العالم الجديد. وأنضمت الكاتبة إلى المؤتمر الوطنى الإفريقى الذى تكون فى جنوب إفريقية، وهى تؤمن بوجود الأبطال فى حياتنا حتى لو كانوا قلة نادرة.
وكانت نادين جورديمر من المعارضين السياسيين ضد الحكومة العنصرية فى جنوب إفريقية وقتذاك ولذا فإن السياسة موضوع مهم فى كتاباتها.
(عبداللطيف زيدان: 1992 مقدمة ترجمته لرواية «العالم البرجوازى الأخير» لنادين جورديمر، دار الهلال).
وقد تصدت جورديمر لسنوات طويلة بكتاباتها لكل قوانين التعسف العنصرى فقد كان هناك نظام «الأبارتهايد» حيث كان يعيش البيض فى أماكن بعيدة تماماً عن الزنوج.
وقد عاشت جورديمر فى جنوب إفريقية.. وكانت أسرتها قد نزحت من هولندا فى منتصف القرن الثامن عشر، وقد استطاعت جورديمر أن تجذب لدعوتها لمناهضة التفرقة العنصرية العديد من الشبان فى سبعينيات القرن الماضى، فدافعوا عن الزنوج، ومن أشهرهم أندرية برنيك، وج.م. كوتيزى، وويليام بلومر، وسارة جرترود ميلينك.
(محمود مسعود: 1992، فى مقدمته لترجمته رواية «ابنة بيرجر» لنادين جورديمر، دار الهلال).
وقد حظت أعمال نادين جورديمر فى مصر باهتمام كبير فقد ترجمت ثلاثة من أعمالها إلى العربية هى: «الياقوتة» وهى مختارات من قصصها ترجمها سمير عبدربه، وراوية «ابنة بيرجر» وترجمها محمود مسعود، ورواية «العالم البرجوازى الأخير» وترجمها عبداللطيف زيدان، وصدرت جميعاً عن دار الهلال. كما صدرت لها رواية «شعب يوليو» عن الدار المصرية اللبنانية تسع روايات وسبع مجموعات قصصية.
ولدت نادين جورديمر فى سبرنجر عام 1923، وكتبت تسع روايات، وسبع مجموعات قصصية، ومن هذه الروايات «عالم الغرباء»، و«ابنة بيرجر»، و«شعب يوليو»، و«صاحب الحيازة»، ومن مجموعاتها القصصية: «شىء ما هناك»، و«لعبة الطبيعة». وفى السطور القادمة قراءة فى مختارات من قصصها القصيرة والتى صدرت بعنوان «الياقوتة» عن دار الهلال، وترجمتها إلى العربية سمير عبدربه.
امرأة مختلفة
عانت نادين جورديمر مثل كل الكتاب الأفريكان (الإفريقيين من أصول أوروبية)، والزنوج الذين ناهضوا التفرقة العنصرية، ومن ضمن هذه المعاناة أنه قد صدر أكثر من مرة حكم بعدم مغادرتها منزلها لفترة طويلة، والتفتيش الدائم لما تكتب ومتابعة آلتها الكتابة، ولذا فهى لم تغادر بلادها سوى مرة واحدة فى حياتها لكن كتبها كانت تترجم إلى لغات عديدة.
وقد كانت تقول أنها لا تقترب قط من السياسة وأن قصصها عن نساء يصادقن الأسر الزنجية ويدافعن عنها.
(سمير عبد ربه: فى مقدمته لروايتها «ابنة بيرجر»).
ومن قراءاتى لعالمها القصصى فقد كان لهذه لحياة النضال نصيب فى كتاباتها، والمرأة المناضلة السياسية حاضرة بوضوح فى أعمالها القصصية والروائية، ففى قصة «الياقوتة» ترفض بطلتها ذلك الفص من الياقوت الذى يوضع بجانب الأنف متمردة على تقاليد عتيقة، وبهذا المفتتح المتمرد تبدأ أحداث قصتها «الياقوتة» لتسجل حياة امرأة غير عادية تدافع عن حقوق الهنود والفقراء والبسطاء، يتعجب زوجها من سلوكها فهى تدعو إلى بيتها المناضلين السياسيين وتتبنى السياسات المعارضة، وتمكنت من خلال (آلة التصوير) فى بيتها أن تطبع أوراق الإضراب وتوزيعها على المحتجين، لقد تزوجها لنجب الأطفال وتقوم بعمل الصلصلة فإذ بها امرأة مختلفة بهرته بسرها وها هو يحدق فى حياتها سوياً، ما الذى جذبه إلى الزواج بها أرملة ومعها خمس أولاد، وأنجب منها آخرين، ينظر لقبيلته من بنات وبنين، ويجد أن زوجته تهتم بالجميع، وبتفاصيل الأشياء لقد تذكرت عيد ميلاده وهى فى المعتقل، فلقد سجنت بسبب تضامنها مع المعتلقين الزنوج، ومشاركتها فى طبع أوراق الاحتجاجات، لقد كان يأس من أجلها، يقلب يديه غاضباً «ستموت من الجوع هناك.. سوف تموت هناك»، كان مشفقا عليها من تجربة السجن لكنها هى تتذكر أجمل الأشياء حتى وهى فى سجنها تذكر عيد ميلاده، وهنا تبدو صورة البطلة التى حظيت بمكانتها داخل الأسرة وبين الناس من خلال حوار الزوج وأحد أبنائها.
يقول الزوج «ما أهمية يوم ميلادى وهى هناك فى السجن؟، أنا لا أفهم قدرتها على تذكر مثل هذه الأشياء حتى وهى هناك، هذا ما لا أستطيع أن أفهمه حقا!».
فيقول الأبن: «أوه.. هكذا هى ماما التى تتذكر كل شىء، الناس الذين لا يملكون مكاناً للعيش، الأطفال الجوعى، الأولاد غير القادرين على التعلم.. و.. و.. دائما تتذكر.. هذه هى ماما قال وكأنه يشكو: لا أحد مثلها.. لا أحد على الإطلاق.
قالت بنت زوجته: لا.. لا أحد».
ثم يفصح الزوج عن سبب إعجابه بها وحبه لها «بامجى» أخيراً ذلك الطريق الذى تسلكه ولا تشبه فيه الآخرين» ص16
لقد صنعت هذه المرأة فرادتها، وتميزها واكتشفت وجودها الحقيقى فى التعاطف والدفاع عن الآخرين، وهذا ما فعلته نادين جورديمر نفسها. وقد كتبت جورديمر عن أحوال البسطاء من الزنوج الذين كانوا يتعرضون لظروف العمل السيئة فى المناجم والحقول ولا يتقاضون إلا أدنى الأجور من خلال العديد من أعمالها ومنها قصة: «ستة أقدام من البلاد» فتصف شاب إفريقى يهاجر هجرة غير شرعية فيدخل إلى حدود البلدة مرتجلاً من روديسيا بلا تصريح فيقضى مريضاً ويُدفن بمعرفة السلطات ويحاول ذووه استعادة جثمانه فيجمعون نقوداً من بعضهم البعض لشراء تابوت خشبى بسيط، ولكى يدفعوا أجر اللحاد، ويعطون المبلغ لرجل أبيض يسعى لهم فى ذلك عن السلطات لكنه رغم تعاطفه معهم يفصح أيضاً عن عنصريته فيقول عما جمعوه من نقود: «إنهم حقاً بؤساء مساكين ولا يعرفون كيف يقدمون النقود إلى الرجل الأبيض.. كانت العشرون جنيهاً تتكون من جنيهات وأنصاف جنيهات بعضها متجعد وقذر وبعضها الآخر ناعم وجديد كان قد جمها من فرانز وألبرت ودورا الطاهية ويعقوب البستانى وكثيرين غيرهم يعملون فى المزرعة والأرض الصغيرة حولنا». بل اصابته الدهشة من مشاعرهم وسلوكهم فيصف تضحيتهم بأنها عقيم ولا فائدة منها.
وتأتى المفارقة فى نهاية القصة مثل صدمة مفاجئة لأن الجثة التى وصلت لذويه ليست لأبنهم الشاب، ويكتشفون أن هناك الكثيرين، وهناك أحداث لآخرين دُفنت بمعرفة السلطات ولا أحد يعرف أين دفنت؟، وكيف؟..
وهى قصة تصف مأساة الشباب الإفريقى الذى يرتحل بحثاً عن لقمة العيش وسُبل الرزق فيقضى دونها بسبب الهجرة غير الشرعية.
ضد الاستعلاء
وفى قصة «العريس» وسط مظاهر فرحة العريس الذى ينتمى للبيض بقرب استقبال عروسه، فإنه يخشى أن يمر بطريقها أحد الزنوج، ولا أن يكون فى محيطها ما يمت بصلة إليهم، وعندما أراد أن يتسلى سخر من آلتهم الموسيقية البسيطة (علبة من صفيح وعليها وترات) يعزفون عليها فتحدث أنغاماً يتعجب لها، ويعدهم بأن يحمل إليهم فى المرة القادمة راديو يذيع عليه الموسيقات الأوربية لكنه يأمل أن ينسوا ذلك تماما عندما يأتى إليهم فى الأسبوع القادم! وقد جعلت الكاتبة بطلها يتحدث بحرية عن نفسه وعن مشاعره فتقدم لنا هذا الشعورالمؤلم من الاستعلاء الذى يظل فى خلفية قصصها، ساخرة منه، وموضحة كيف عانى الزنوج طويلاً فى زمن الاضطهاد اللا إنسانى. حقوق الآخرين
وفى قصتها «شىء ما للوقت الحاضر» تصف الصراع الداخلى فى نفس بطليها من البيض، الرجل وزوجته، فالزوج يريد مساعدة أحد الزنوج وأن يدبر له عملا بسيطاً لكنه لا يريد له أن يظهر انتماءه كزنجى معارض فهو منضم لمنظمة سياسية إفريقية قومية، يريده صاحب العمل أن يخلع شارتها من على ذراعه فتقول له زوجته: «أن من شأنه هو فقط - أى الزنجى - أن يرتدى شارة الروتارى أو شارة ألفيس بريسلى أو المنظمة الإفريقية القومية»، لكن الزوج يغلبها على أمرها ويقول لها: إننى أستطيع مساعدته لأننى متعاطف مع نضاله لكننى لن أستطيع أن أتركه فى الورشة بهذه الشارة إذ لن يكون ذلك مناسبا لفاولد (شريكه فى العمل).
فقالت وهى تتنهد: «كل شخص لديه شارته الخاصة التى يموت من أجلها»... ورغم اقتناعها بهذا الحق، حرية الانتماء، وحرية الاعتقاد معترفة بأن زوجها منحنه وظيفة لكنه سلبه حقه فى ارتداء شارته إلا أنها استسلمت لرايه وهمست لنفسها: «يستطيع أن يقول ويفعل ما يحب، وبمقدوره القيام بالإضراب، والمقاطعة خارج المصنع لكنه لا يجب أن يرتدى الشارة فى المصنع لكنه لا يجب أن يرتدى الشارة فى العمل، لكن ضميرها الداخلى كان يوجعها ويبدو هذا فى المشهد الأخير للزوجة فتصفها الكتابة (كانت يداها تؤلمانها، وراحت تسير جيئة وذهابا فى حجرة النوم وكأنها شخص فى انتظار استدعائه للمحكمة أو التوبيخ.
دخل الحجرة بشعره المبلل، ووجهه الغريب وقال: أنت غاضبة؟
قالت: «لست غاضبة لكننى أبدأ فى معرفتك» ص 77
مفارقات مؤلمة
بل وصَّور جورديمر فى قصصها تلك المحاولات لمساعدة الزنوج إبان اضطهادهم فى جنوب إفريقية من خلال قصة «غير صالح للنشر» وتصف فيها أحد عشر عاما من حياة رئيس وزراء (فى قصتها المتخيلة)، حيث كان يقود عمه المجنون للتسول، وتعود إلى مرحلة طفولة هذه الشخصية التى وجدت بعض الاهتمام من خلال بعض الشخصيات المناهضة للتفرقة العنصرية من البيض، ورفضهم لحاجز اللون، فحاز الطفل الأسود «بريز» على تعليم مختلف، ودراسة متميزة نظراً لذكائه المتوقد، وحظى برعاية الأب «أودرى».
لكن الطفل رغ إتقانه الإنجليزية فإن زملاءه البيض ربما أشاروا إليه من طرف خفى أو لمزوه أن «لهجته لا تخلو من لهجة الخدم وموزعى البريد» من البسطاء الزنوج مما جعلهم يتوقفون عن مناداته لمشاركتهم فى لعب الورق فى بيت الشباب، وهنا أدرك الطفل مأساته العميقة، وتوقف عن استكمال دراسته للجامعة، واختفى، وذهب الأب «أودرى» للبحث عنه وهو يقول لذويه «كان متفوقاً وكل شىء فى المدرسة كان جميلاً جدا وعلى ما يرام».
وتنتهى القصة أيضاً بمفارقة مؤلمة فتقول الكاتبة: «لكن أحدا لم يقل شيئا عن الولد لا شىء على الإطلاق»، بينما قالت امرأة صغيرة على مقربة وعن معرفة: «قد يكون مع أولئك الأولاد الذين ينامون فى السيارات القديمة، هناك فى المدينة.. أتعرف؟.. هناك بالقرب من صالة البيرة» ص 106 وهنا أرادت جورديمر أن تؤكد فى قصصها وكتاباتها أن لابد من معالجة جذور التفرقة العنصرية، وأن تسود روح الإخاء من نفوس صادقة تؤمن برسالة الإنسانية، وبمحبة الإنسان لأخيه الإنسان. ولذا سيظل أدبها خالداً، لا يتحدث عن مرحلة فى تاريخ الإنسانية لكنه يؤسس لعالم من الحب والمساواة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.