لمبانى المدارس مكان مهم فى وجدان الطلاب وذكريات أيام الطفولة والصبا، كما لها تأثير فى لياقتهم البدنية وأيضًا تحصيلهم وتنمية مواهبهم ومهاراتهم. «من حق الطالب أن يتعلم داخل مبنى ممتع، به إبداع معمارى ويناسب بيئته، وهذا لا يتحقق إلا إذا أقيمت مسابقات معمارية لتصميم المبانى المدرسية». يؤكد المعمارى عماد فريد الحائز على جائزة الدولة التشجيعية فى العمارة، على دور تصميم المبنى المدرسى فى وظيفة المدرسة، وهو يتذكر مدرسته الثانوية بشبرا «التوفيقية» وكيف كانت مدرسة متكاملة، رغم أنها كانت قصر النزهة الخاص بالخديو سعيد، وأيضًا مدرسة شبرا الثانوية بنين التى كانت قصرًا للأمير عمر طوسون. المبانى الضخمة التى أضيفت لهذه القصور وكثرة ما بها من حدائق، وفراغات كما يوضح فريد، «كان فى مدرسة التوفيقية ملعب كرة بمقاييس قانون كرة القدم» جعلها من أهم المدارس فى عصرها وإلى الآن، رغم أن مساحات من الحدائق والأحواش قد تم البناء عليها وتحولت إلى فصول. يشير عماد إلى مبانى المدارس الآن وكيف تحولت إلى مكان لإيواء الطلبة، وليس مبنى جميلًا وأحواشًا تزرع فيها نباتات وأشجار معينة تعطى للطالب بُعدًا ثقافيًا، وفراغات يمارس فيها أنشطة الرسم والنحت والموسيقى وغيرها. تصاميم المدارس المصرية تتحمل الحكومات فى العالم مسئولية بناء المدارس، بالإضافة إلى المدارس التى يبنيها القطاع الخاص بهدف الربح. وفى مصر ارتبطت المبانى المدرسية بعدة طرز منها: 1 - الإنجليزى كما فى مدرسة السنية وبعض مدارس بور سعيد والإسماعيلية المبنية بالخشب، خلال فترة الاحتلال البريطانى. و2 - الطرازالأوروبى المنتشر فى مدارس الإرساليات. والقصورالتاريخية التى تحولت إلى مدارس. 3 - ثم تصميم المدارس الحكومية بالعمارة النمطية البسيطة، التى تبنى وفق اشتراطات هيئة الأبنية التعليمية. 4 - مبانى المدارس الخاصة التى يتحمل تكلفة إنشائها المستثمر بعد أن توافق على تصميماتها المعمارية هيئة الأبنية التعليمية. بحسب الاستشارى المعمارى الدكتورهشام فتحى، الذى قام مكتبه الهندسى ببناء 25 مدرسة خاصة متكاملة، من الحضانة إلى الثانوى، وكانت البداية بمدرسة الألسن بالحرانية عام 1983، وآخرها المعهد الأزهرى الخاص للغات من الحضانة إلى الثانوى «الحصرى» فى مدينة السادس من أكتوبر، والتى صممت وبنيت وفقا لاعتبارات واشتراطات هيئة الأبنية التعليمية، المكانية والمعمارية. فصول بحرى وفناء مغطى وواجهات مظللة وبالتفصيل يشرح د. هشام اشتراطات هيئة الأبنية التعليمية فى مواصفات المبنى المدرسى، فيما يلى. 1 - أن توجد المدرسة فى منطقة تخدم المواطنين أو فى منطقة مفتوحة مراعاة للبيئة الصحية. 2 -مراعاة العوامل البيئية فى اختيار الموقع وفى التصميم. 3 - أن يتناسب المسطح مع عدد التلاميذ 4 - وجود فناء «حوش» مفتوح وآخرمغطى سواء بالبرجولات أوغيرها لحماية الطلبة من حرارة الشمس فى الصيف. 5 - لا يجب أن يزيد ارتفاع المدرسة على أرضى و3 أدوار. 6 -مراعاة دواعى الدفاع المدنى من عرض الممرات وتهويتها وعدد السلالم وعرضها وزاوية ميلها. 7 - أن يتناسب مسطح الفصل مع عدد الطلاب. 8 -توفير العدد الكافى من المعامل وغرف الأنشطة. 9 -غرف كافية للإدارة والمدرسين 10 - عدد كاف من الحمامات للجنسين. كما أن هناك اعتبارات مكانية يجب مراعاتها عند البناء منها: 1 -توجيه الفصول للاتجاه البحرى، والتهوية والإضاءة الكافية. 2 - استخدام الظلال على الواجهات. 3 - خدمة المجتمع المحيط. ويوضح دكتور هشام فتحى أنه يجب أن يؤخذ الطراز المعمارى للمدرسة من البيئة المحيطة، ووفقا للظروف المناخية، وهذا ما لا يتوافر فى التصميم الموحد للمدارس الحكومية فى مصر، وأيضًا فى الكثير من بلدان العالم، فتصميماتها متشابهة ومكررة ونمطية وتتميز بالبساطة فى الإنشاءات والتكلفة المنخفضة. فالمفروض مثلاً أن تختلف مبانى المدارس فى الإسكندريةوبور سعيد، عن تلك الموجودة فى أسوان أو فى الواحات، فالمدارس الموجودة فى المناطق شديدة الحرارة لا بد أن تكون الأفنية والأحواش بها مغطاة، وتحوى نوافذ كثيرة للإضاءة والتهوية، والأخرى الموجودة فى مناطق صحراوية يجب أن تتميز بالأسقف العالية وعدد طوابق مبانيها، أقل لتوافرمساحات الأراضى هناك، واستخدام التظليل على الواجهات وبناء حوائط سميكة للتخفيف من الحرارة، ويكون حجم نوافذها أقل للحماية من هواء الصحراء. أما التى تبنى فى السواحل فيكون لها ألوانها المميزة، والأخرى فى جنوبسيناء يتم طلاء جدرانها الخارجية بالبياض، بينما يسمح لمدارس المدن بالتوسع الرأسى وزيادة فى عدد طوابقها لندرة الأراضى الفضاء. وبناء على هذه الاعتبارات يتمنى المعمارى هشام فتحى، أن تتبنى الحكومة وضع مجموعة من التصاميم المختلفة للمدارس، وليكن 20 تصميمًا بحيث تناسب البيئات المصرية المختلفة. «يظل القطاع الخاص بامكانياته هو القادرعلى بناء مدارس مميزة ومختلفة فى تصميماتها المعمارية المبتكرة، لوجود منافسة بين المعماريين على ابتكار تصاميم مميزة فى المعامل والفصول والفراغات التى تسمح بممارسة العديد من الأنشطة والعرض المسرحى». ويلفت د.هشام إلى أنه رغم التكلفة المادية المرتفعة، التى يدفعها صاحب المدرسة الخاصة ثمنًا للتصميم وقيمة الأرض والمبانى، يظل هذا النوع من الاستثمار مربحًا جدًا، فهو يغطى تكلفته بحد أقصى 3 سنوات، ثم يبدأ فى جنى الأرباح. من المدارس الخاصة التى أقامها مكتب دكتورهشام، وكانت متميزة من حيث التصميم، مدارس نفرتارى وطيبة ذات الطراز الفرعونى المستوحى من المعابد الفرعونية، ونيوفكتوريا بطريق الإسكندرية- الصحراوى، وهى مشيدة على الطراز الإنجليزى، والمدرسة الأمريكية بمدينة الشيخ زايد، تشمل هذه المدارس حمام سباحة ومسرحًا وفراغات كبيرة للأنشطة. مدارس «زها حديد» عالميًا، يوضح دكتورهشام أن تصميمات المدارس تختلف حسب طبيعة كل بلد وتصوره لحجم الفصل والفناء «الحوش» والمعامل وارتفاع المبنى وغيرها، فمثلا فى اليابان ونظرًا لارتفاع أسعار الأراضى فتتوسع المدارس رأسيا بزيادة عدد الطوابق، وأيضا فى هولندا، لارتفاع سعر الأرض، فصممت المدرسة بأحواش صغيرة، ويمارس الطلبة رياضتهم فى المتنزهات العامة، أما فى أمريكا فأرضيات الأفنية تبنى من الخرسانة لكى تقاوم العوامل الجوية ويطول عمرها الافتراضى، أما فى مصر فتفرش الأفنية إما بالنجيلة أو الرمل، أو الخرسانة، أو الأسفلت. من أكثر تصميمات المدارس المميزة عالميا كما يرى المعمارى هشام فتحى، هو تصميم المعمارية العراقية «زها حديد» عندما ابتكرت تصميمًا مميزًا ل«مدرسة لندن» من مرحلة الحضانة إلى الثانوى، جاءت أهمية التصميم لاستغلالها لمساحة أرض صغيرة لتبنى فوقها مبانى بأشكال ومستويات متقاطعة لتلبى كل احتياجات الطلبة، وساعدها على ذلك عدم الالتزام بتوجيه الفصول نحو جهة محددة، على عكس ما هو ملتزم به فى مصر من ضرورة توجيه الفصول نحو الجهة البحرية. يحمل المعمارى هشام فتحى ذكريات مدرسته الأورمان بمبانيها ومساحتها الكبيرة وأحواشها الواسعة فى الماضى، وكيف بنى فى هذه الأفنية مبانى أخرى فيما بعد «هذه المدرسة مثلها مثل السعيدية والتوفيقية وشبرا الثانوية، كانت بمثابة مبانى رئيسية فى الحى من الصعب بناء مثلها الآن».