الدولار يتراجع للجلسة الرابعة على التوالي بعد تقرير الوظائف الأمريكية    حماس توافق على المقترح المصري القطري لوقف إطلاق النار بقطاع غزة    شاهد بالبث المباشر مانشستر يونايتد اليوم.. مشاهدة مانشستر يونايتد × كريستال بالاس Twitter بث مباشر دون "تشفير أو فلوس" | الدوري الإنجليزي 2024    أهالى المنيا يحتفلون بشم النسيم فى الحدائق والمتنزهات.. صور    بعد تعافيه من الإصابة.. سبب استبعاد أليو ديانج من مباريات الأهلي (خاص)    السعودية تحذر من استهداف الاحتلال الإسرائيلي لرفح    أول أيام عيد الأضحي 2024 فلكيًا فى مصر.. موعد استطلاع هلال ذي القعدة وبداية ذي الحجة    وسيم السيسي يوضح كيف كان المصريون القدماء يحتفلون بشم النسيم؟ (فيديو)    الدوري المصري.. طلائع الجيش 0-0 المصري    كلوب عن صلاح عندما تألق    توقف خط نقل الكهرباء بين السويد وليتوانيا عن العمل    أمينة الفتوى تكشف سببا خطيراً من أسباب الابتزاز الجنسي    ننشر استعدادات مدارس الجيزة للامتحانات.. وجداول المواد لكافة الطلاب (صور)    استعدادا لفصل الصيف.. السكرتير العام المساعد بأسوان يتابع مشروعات مياه الشرب والصرف    المصريون يحتفلون بأعياد الربيع.. وحدائق الري بالقناطر الخيرية والمركز الثقافي الأفريقي بأسوان والنصب التذكاري بالسد العالي يستعدون لاستقبال الزوار    محافظ المنيا يوجه بتنظيم حملات لتطهير الترع والمجارى المائية بالمراكز    محافظ مطروح: "أهل مصر" فرصة للتعرف على الثقافات المختلفة للمحافظات الحدودية    برعاية الاتحاد العربي للإعلام السياحي.. انطلاق سوق السفر العربي في دبي وحضور غير مسبوق| صور    لقاء علمي كبير بمسجد السلطان أحمد شاه بماليزيا احتفاءً برئيس جامعة الأزهر    متضيعش فلوسك.. اشتري أفضل هاتف رائد من Oppo بربع سعر iPhone    وزير النقل يتابع إجراءات الأمن والسلامة للمراكب النيلية خلال احتفالات شم النسيم    شباب الصحفيين عن إنشاء مدينة "السيسي" الجديدة في سيناء: رد الجميل لقائد البناء والتعمير    في ذكرى ميلادها.. كيف تحدثت ماجدة الصباحي عن يسرا وإلهام شاهين؟    المخرج فراس نعنع عضوًا بلجنة تحكيم مهرجان بردية لسينما الومضة    أمير قطر ورئيس وزراء إسبانيا يبحثان هاتفيًا الاجتياح الإسرائيلي المرتقب لرفح    عقوبة التدخل في حياة الآخرين وعدم احترام خصوصيتهم    كيفية قضاء الصلوات الفائتة.. الأزهر للفتوى الإلكترونية يكشف عن أفضل طريقة    خطأ شائع في تحضير الفسيخ يهدد حياتك- طبيب تغذية يحذر    الصحة تعلن إجراء 4095 عملية رمد متنوعة مجانا ضمن مبادرة إنهاء قوائم الانتظار    ختام فعاليات المؤتمر الرابع لجراحة العظام بطب قنا    التعليم العالي: تحديث النظام الإلكتروني لترقية أعضاء هيئة التدريس    إصابه زوج وزوجته بطعنات وكدمات خلال مشاجرتهما أمام بنك في أسيوط    ننشر الخريطة الزمنية وجدول امتحانات مدارس القاهرة (صور)    ‫ إزالة الإعلانات المخالفة في حملات بمدينتي دمياط الجديدة والعاشر من رمضان    في خطوتين فقط.. حضري سلطة بطارخ الرنجة (المقادير وطريقة التجهيز)    بعد إصابته بالسرطان.. نانسي عجرم توجه رسالة ل محمد عبده    المستشار حامد شعبان سليم يكتب :الرسالة رقم [16]بنى 000 إن كنت تريدها فاطلبها 00!    باحث فلسطيني: صواريخ حماس على كرم أبو سالم عجّلت بعملية رفح الفلسطينية    مفوضية الاتحاد الأوروبي تقدم شهادة بتعافي حكم القانون في بولندا    مصر تحقق الميدالية الذهبية فى بطولة الجائزة الكبرى للسيف بكوريا    شاهد.. الفنادق السياحية تقدم الرنجة والفسيخ للمترددين في الغردقة    على مائدة إفطار.. البابا تواضروس يلتقي أحبار الكنيسة في دير السريان (صور)    إيرادات علي ربيع تتراجع في دور العرض.. تعرف على إيرادات فيلم ع الماشي    "كبير عائلة ياسين مع السلامة".. رانيا محمود ياسين تنعى شقيق والدها    لماذا يتناول المصريون السمك المملح والبصل في شم النسيم؟.. أسباب أحدها عقائدي    وسيم السيسي: قصة انشقاق البحر الأحمر المنسوبة لسيدنا موسى غير صحيحة    غدا.. إطلاق المنظومة الإلكترونية لطلبات التصالح في مخالفات البناء    هل أنت مدمن سكريات؟- 7 مشروبات تساعدك على التعافي    ضبط 156 كيلو لحوم وأسماك غير صالحة للاستهلاك الآدمي بالمنيا    التعليم تختتم بطولة الجمهورية للمدارس للألعاب الجماعية    فشل في حمايتنا.. متظاهر يطالب باستقالة نتنياهو خلال مراسم إكليل المحرقة| فيديو    مفاجأة عاجلة.. الأهلي يتفق مع النجم التونسي على الرحيل بنهاية الموسم الجاري    إزالة 9 حالات تعد على الأراضي الزراعية بمركز سمسطا في بني سويف    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-5-2024    بالصور.. الأمطار تتساقط على كفر الشيخ في ليلة شم النسيم    وفد جامعة بيتاجورسك الروسية يزور مطرانية أسيوط للاحتفال بعيد القيامة    استشهاد طفلان وسيدتان جراء قصف إسرائيلي استهدف منزلًا في حي الجنينة شرق رفح    تعليق ناري ل عمرو الدردير بشأن هزيمة الزمالك من سموحة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مضيق هرمز والخيارات الصعبة
نشر في صباح الخير يوم 07 - 08 - 2019

يمثل مضيق هرمز «الشريان السباتى» بالنسبة لحركة التجارة العالمية، فهو الشريان الأساسى الذى يقوم بضخ الدم من القلب لباقى أجزاء الجسم والعكس بالعكس، وحال قطع أى شريان آخر فى الجسم، يمكن أن يواصل الجسم عمله بصورة أو بأخرى، أما قطع الشريان السباتى فيعنى الوفاة على الأرجح.
والأمر نفسه، ينطبق على حركة الاقتصاد العالمي، حيث إن 90 % من نفط الخليج يتم نقله عبر مضيق هرمز، وووفق بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، ووكالة الطاقة الدولية، فإنَّ 21 % من إمدادات الخام العالمية «21 مليون برميل يوميًا»، تمر عبر مضيق هرمز، وقد وضعت الأزمة المشتعلة بين إيران والولايات المتحدة مضيق هرمز فى الواجهة بصورة غير مسبوقة، وأصبح تأمين الملاحة فى ذلك الشريان الحيوى هو الشغل الشاغل للجميع.
وقد تزايدت فى الآونة الأخيرة دعوات تشكيل قوة بحرية دولية لضمان حرية الملاحة فى مياه الخليج ومضيق هرمز وبحر عمان بعد تكرار تعرُّض السفن وناقلات النفط لحوادث التخريب ووصول التهديدات الإيرانية ذروتها باحتجاز ناقلة نفط بريطانية، وهو ما ألمح إليه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، والذى أعلن أن بلاده لن تتحمل وحدها عبء تأمين الملاحة فى الخليج ومضيق هرمز، وأنه على الدول الأوروبية والآسيوية المستفيدة من ذلك الطريق الملاحى أن «تدفع مقابل حماية سفنها وناقلاتها».
ويمر نحو ثلث النفط العالمى من مضيق هرمز يوميًا، نصيب الولايات المتحدة منه – بحسب ترامب – يكاد يكون صفرًا بعد أن وصلت واشنطن إلى الاكتفاء الذاتى من إنتاج الطاقة، وبالتالى يجب على الدول المستفيدة أن تشارك فى حماية مصالحها، أو أن تدفع مقابل تلك الحماية.
وتتضمن خطة ترامب التى تسمى «الحارس» بتشكيل قوة بحرية تشارك فيها الدول الأوروبية الكبرى التى تمتلك أساطيل بحرية قوية مثل هولندا واليونان وبريطانيا وغيرها، إضافة للقوى الآسيوية التى تعتمد على نفط الخليج مثل الصين واليابان وكوريا الجنوبية والهند، على أن تقوم المملكة العربية السعودية وباقى دول الخليج المنتجة للنفط بتقديم الأموال اللازمة لتمويل القوة، بحسب ما ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال».
وقد ادّعت إيران أن ناقلة النفط البريطانية «ستينى أمبرو» ارتطمت بقارب صيد إيرانى وهى الذريعة التى استغلتها طهران لاحتجاز الناقلة فى عملية عسكرية تتباهى بها إيران ، وهذه العملية توضح أيضًا مدى صعوبة توفير الحماية للناقلات، حيث إن سفينة عسكرية بريطانية كانت على بُعد ساعة تقريبًا من الناقلة ولم تتمكن من حمايتها من الاختطاف.
وليس سرًا أن هناك أزمة تواجه الأمر تتعلق بطبيعة المضيق الذى يبلغ عرضه أقل من 21 ميلًا بحريًا عند أضيق نقطة به، وهو ما يجعل تعطيل الملاحة به أمرًا يسيرًا بالنسبة للبحرية الإيرانية، وخصوصًا بحرية الحرس الثورى المعتمدة على القوارب الصغيرة السريعة والطوربيدات والألغام البحرية والصواريخ الباليستية قصيرة المدى، علاوة على انتشار الجزر الصغيرة والشواطئ الصخرية وارتفاع درجة الحرارة والرطوبة وسرعة الرياح التى تشكل معا مناخًا عدائيًا، وأيضًا سلاسل الجبال والوديان قرب المضيق ومعظمها غير مأهول بالسكان ويمثل نقاط استهداف للسفن المارة.
وفى المقابل، ترفض إيران تشكيل قوة دولية، وربما للأمر جذور تاريخية، فأثناء الحرب العراقية-الإيرانية، تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية وأغرقت بعض السفن الحربية الإيرانية فى المضيق، وقد تعلمت طهران الدرس ولجأت إلى تجنب المواجهات العسكرية المباشرة ضد القوة البحرية الأقوى فى العالم، مع اتخاذ أساليب التخريب كبديل، ولتنفيذ ذلك أصبح الاعتماد الرئيسى للحرس الثورى على الزوارق الحربية السريعة.
والبديل الحالى هو الذى تلجأ إليه الدول الآن هو قيام كل دولة بإرسال قطع بحرية عسكرية لمرافقة الناقلات والسفن التجارية التى تحمل أعلامها، وهذا البديل يعنى بداية ارتفاع التكلفة المالية لنقل النفط والبضائع بصورة ربما لا يمكن تحمُّل عواقبها، ولا شك أن وجود حراسة بحرية مع كل ناقلة نفط يرفع من تكلفة السلعة وهى النفط، من ناحية تكلفة السفن الحربية وتكلفة التأمين على الناقلات التى ارتفعت بصورة مقلقة فى الأسابيع الأخيرة، كما أن أجور العاملين نفسها وتكلفة الشحن البحرى كلها سترتفع بصورة كبيرة مع زيادة المخاطر فى كل مرة تمر فيها الناقلة أو السفينة التجارية من مضيق هرمز.
كما أن إيران يمكن أن تستغل وجودًا عسكريًا منفردًا لكل دولة على حدة لمصلحتها، عكس وجود قوة دولية مشتركة بقيادة موحدة. ففى 29 يوليو الماضي، أرسلت بريطانيا سفينة عسكرية أخرى إلى الخليج وأعلنت عن إرسال عدد من الجنود، وهو ما أغضب ألمانيا واعتبرته «نسفًا» لجهود تشكيل قوة حماية أوروبية، وهى الخلافات التى تصب فى مصلحة إيران وتعطيها الفرصة لاستمرار سياستها فى جعل الملاحة فى مضيق هرمز رهنًا بإرادتها وحدها، وبعيدًا عن الحرب التى لا تريدها إيران ولا يريدها أعداؤها، تجعل طهران من مرور الناقلات أمرًا مكلفًا للغاية يتسبب فى رفع أسعار النفط ومن ثم زيادة الضغوط على الحكومات الغربية، بحيث يكون البديل هو تخفيف العقوبات والجلوس على مائدة المفاوضات وهو بالتحديد ما تريده إيران.
وعلى الضفة الأخرى للنهر، قالت وكالة الأنباء الدولية الاقتصادية «بلومبيرج»، إنَّ السعودية تسرع خطواتها لتوسيع مشروع لتصدير النفط الخام، بعيدًا عن مضيق هرمز.
وأشارت إلى أن شركة أرامكو السعودية تتوقع الانتهاء من مشروع بدأته لتوسيع خطوط أنابيب نقل الخام من شرق المملكة إلى غربها، بحلول سبتمبر المقبل.
وتملك السعودية خطَّ أنابيب لنقل الخام من حقولها الشرقية إلى سواحل البحر الأحمر «غرب»، إلا أنَّ قدرتها لا تتجاوز مليونى برميل يوميًا.
وأعرب وزير الطاقة السعودي، خالد الفالح، عن أمله فى زيادة طاقة خط أنابيب شرق- غرب فى السعودية، إلى 7 ملايين برميل خلال عامين، ودعا المستوردين العالميين إلى تأمين شحناتهم من الطاقة التى تمر عبر مضيق هرمز، وأشار إلى أنه قلق من الوضع الحالى فى المضيق، وتنقل السعودية حاليًا معظم نفطها عبر مضيق هرمز، الذى تسيطر عليه إيران.
وبحسب صحفية «وول ستريت جورنال»، فالسعودية ودول خليجية أخرى منفتحة على فكرة تمويل حماية أمريكية بحرية لناقلاتها فى الخليج.
وقد وافقت كل من بريطانيا وهولندا والهند، بحسب التقارير، على المقترح الأمريكي، وأرسلت بريطانيا والهند بالفعل سفنًا حربية إلى مياه الخليج، فيما رفضت دول أخرى بينها فرنسا وإسبانيا المشاركة فى المقترح؛ لأنها تريد تجنب التصعيد مع إيران.
وبعد أن قامت إيران باحتجاز الناقلة البريطانية ستينى أمبيرو، وجه وزير الخارجية جيريمى هانت الدعوة لباقى الدول الأوروبية للمشاركة فى قوة بحرية لمراقبة حركة الملاحة فى مضيق هرمز، بعيدًا عن المقترح الأمريكي، ورغم التناقض فى الموقف «بريطانيا تسعى جاهدة للخروج من الاتحاد الأوروبى والآن تطلب التعاون»، فإن ردود الفعل الأوروبية جاءت إيجابية.
وتبدو فكرة تشكيل قوة لمراقبة مياه مضيق هرمز تبدو من الناحية النظرية ممكنة التنفيذ، لكن الواقع العملى يفرض عددًا من التحديات لا يبدو أنه لدى أصحاب المقترح إجابات شافية عنها.
من ناحية الوقت الذى قد يستغرقه تشكيل القوة البحرية، يرى الخبراء أنها تحتاج ل4 أشهر على الأقل كى تصبح موجودة وعاملة بالفعل فى المنطقة، وهذا يعنى أن الوضع الحالى مستمر حتى ذلك الوقت، وهو ما يراه الجميع أمرًا خطيرًا ومكلفًا ولا يمكن استمراره كل هذا الوقت، كما أن ما يزيد من صعوبة تشكيل تلك القوة هو الرفض الإيرانى المعلن وإصرار إيران على أن أى وجود عسكرى أجنبى فى مياه مضيق هرمز «التى تعتبرها طهران بالكامل مياهًا إقليمية» سيكون عامل اضطراب وليس عنصر استقرار.
التصريحات أو بالأحرى التهديدات الإيرانية لا يمكن تجاهلها قياسًا على سلوك إيران منذ احتدام الأزمة بينها وبين الولايات المتحدة قبل نحو 3 أشهر، وبالتحديد مسألة احتجاز ناقلة النفط البريطانية ما يعنى أن طهران غير مستعدة للتراجع عن أى تهديد تطلقه، فتأكيدات إيران أنها لن تتوقف عن تصدير نفطها «مهما كانت الظروف» وأنها دولة مصدرة للنفط، يعنى أنها لن تسمح لخطوة كإنشاء قوة مراقبة بحرية تتم وتصبح فاعلة دون اتخاذ المزيد من خطوات التصعيد التى قد تشعل الحرب التى لا يريدها أحد.
إذا كانت هناك صعوبات تواجه المقترح البريطانى أبرزها عامل الوقت، فإن الخطة الأمريكية «الحارس» والتى ربما لا تواجه مشكلة الوقت، فالتواجد الأمريكى العسكرى البحرى فى المنطقة مكثف بالفعل، والأسطول الخامس متمركز فى البحرين وانضمت له حاملة طائرات، وزاد عدد الجنود والبحارة فى الأشهر الأخيرة.
لكن الحوادث التى شهدتها المنطقة فى الأسابيع الأخيرة، وأبرزها إسقاط إيران لطائرة استطلاع أمريكية والتى كادت أن تمثل شرارة الحرب لولا تراجع ترامب عن الرد العسكرى قبل عشر دقائق فقط من التنفيذ، يعنى أن الغرض من تشكيل «الحارس» وهو حماية حرية الملاحة فى مضيق هرمز ربما يتحول للسبب المباشر فى اندلاع شرارة الحرب وهو السيناريو الأسوء الذى لا يتمناه أحد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.