هل تُوازى الميزانية الضخمة التى تُنفق من أجل تنظيم منتدى شباب العالم العوائد المتوقعة منه؟ وما هى هذه العوائد إذا كان المنتدى شبابيًا يقتصر على جلسات ولقاءات وندوات للتعارف وتبادل الخبرات؟ طرح هذه الأسئلة قد يكون مشروعًا فى حالة واحدة فقط أن يكون صاحبها على دراية بما يجرى فعلًا ولديه الكم الكافى من المعلومات، لكن كالعادة هناك من يرى بوسترات المنتدى فى الشوارع، وصور الشباب المشاركين، والبث الحى عبر الشاشات، ثم يسأل إيه فايدة ده كله، وليه الدولة تصرف من ميزانيتها حتى يلتقى شباب العالم لعدة أيام فى شرم الشيخ. بينما الدولة بالفعل لا تنفق مليمًا واحدًا، فيما لا يمكن بأى وسيلة حصر حجم الفوائد التى تعود سواء على الدولة أو المشاركين كأفراد من هذا الحدث الفريد على الأقل فى منطقة الشرق الأوسط، حيث تشهد دول فى مناطق أخرى إقامة فعاليات مشابهة وإن كان منتدى شرم الشيخ فى طريقه لو استمر بنفس المستوى ليتصدر قائمة الفعاليات الشبابية على مستوى العالم. إنفاق الدولة (صفر) الذين يسألون عن حجم إنفاق الدولة على الدورة الثانية من منتدى شباب العالم، الإجابة الرسمية والمؤكدة هى أن حجم الإنفاق «صفر»، يحدث هذا منذ الدورة الأولى وتم إعلانه بكل وضوح، المنتدى يمول بالكامل من مجموعة من البنوك والشركات والفنادق والرعاة الإعلاميين مثل أى حدث تابع للقطاع الخاص يعرف قيمة هذا النوع من التجمعات، فيما المندهشون – عمال على بطال- يظنون أن الأحداث التى تستحق الرعاية هى البطولات الرياضية والمهرجانات الفنية والفعاليات الطبية. بينما فى دول كثيرة نريد أن نلحق بها يمكن أن يتوفر الرعاة لأى حدث مضمون تأثيره وكثافة حضوره وامتداد فعالياته على مدار العام، وهو ما نجح فيه منتدى شباب العالم الذى فصل نفسه عن منتدى الشباب المحلى وباتت له فعاليات متعددة على مدار العام، أى أنه ليس الحدث الذى يبدأ وينتهى مرة فى السنة دون أن يشعر به أحد، شعار المنتدى ومعه علم مصر تواجد فى معظم دول العالم ومنها دول لا تربطنا بها علاقات وطيدة، ومن هنا تبدأ سلسلة الفوائد التى كما ذكرت فى المقدمة من الصعب إحصاؤها كاملة. لمنتدى الشباب الذى ستنطلق دورته الثانية يوم السبت المقبل عوائد كثيرة أولها سياحى، حيث تعلق فنادق شرم الشيخ لافتة كامل العدد على مدار 10 أيام على الأقل، وكما شاهدنا فى الدورة الأولى كثير من الشباب الذى جاء بدعوة من المنتدى قرر المجىء مرة أخرى للمدينة الساحرة على نفقته الخاصة مع أصدقائه أو عائلته، وبما أننا فى عصر السوشيال ميديا، فلنتخيل أن لدينا 2000 شاب وفتاة من كل أنحاء مصر وأفريقيا والعالم وكل منهم كتب على حساباته الاجتماعية أنه فى شرم الشيخ ولو مرة واحدة، ولنحسب إذن حجم التوفير الذى نحققه من ميزانيات حملات الدعاية السياحية، هذا لو كتب فقط، ماذا لو نشر صور من طبيعة شرم الخلابة، ومن فنادقها المتطورة ومن داخل المنتدى وقاعاته ولقاءاته. دعاية إيجابية هذا على المستوى السياحى، وعلى المستوى السياسى، تخيل حجم الدعاية الإيجابية التى سيحققها هؤلاء عندما يعودون إلى بلادهم ويحكون ما شاهدوه على أرض مصر، لا ما سمعوه من وسائل الإعلام وهم جالسون فى بلادهم، من رأى ليس كمن سمع كما تقول الحكمة الشهيرة. ومن يشارك فى منتدى بهذا الحجم فى بلد يحاول النهوض ولحاق ركب التنمية بمشروعات وتوسعات لا حصر لها، سينقل كل هذا بصدق وحماس عندما يعود لبلده، من أجل هذا نغضب عندما يخالف سائق تاكسى أو فرد أمن أو موظف فندق القوانين ويحاول استغلال الضيوف لأن تصرفًا وحيدًا من شخص غير مسئول قد يفسد مجهود مجموعة كاملة تفكر طوال العام فى كيفية تحويل مصر لقبلة رئيسية للسياحة والشباب فى المنطقة العربية. على مستوى تبادل الخبرات، سيأتى يوم يتحدث فيه الشباب المنظم للمنتدى ومعظمهم من خريجى الأكاديمية الوطنية للشباب عن حجم الخبرات التى يحصلون عليها من هكذا تدريب وتفاعل وتواجد ومشاركة فى حدث فريد لا يتكرر إلا مرة واحدة فى العالم، هؤلاء المنظمون يحصلون على كورسات مكثفة فى عدة مجالات وفى نفس الوقت ومن خلال المواجهات المباشرة، كورسات فى اللغات والثقافات الأخرى، فى التنظيم والحجوزات والتسكين والانتقالات وكل ما له علاقة باللوجستيات، فى التعبير عن النفس والتحول لسفير للبلد أمام الضيوف من كل أنحاء العالم. أعمدة ميلاد حنا ربما يكون المجال غير متسع الآن للحديث عن الجلسات نفسها، لكن بالتأكيد لا يمكن إغفال الكتاب الذى ينطلق المنتدى من عنوانه، كتاب الراحل ميلاد حنا (1924 – 2012) الأعمدة السبعة للشخصية المصرية، تلك الشخصية التى تستقبل الضيوف فى شرم الشيخ وتقدم لهم مصر من خلال أبنائها من الجيل الجديد، من خلال هذا الكتاب استهدف حنا التأكيد على وحدة النسيج المجتمعى المصرى، رغم تباينه واختلافه وانطلاقًا من تلك الرؤية كانت الدعوة إلى عقد جميع فعاليات المنتدى فى إطار تلك الأعمدة والرؤية المبهرة للمجتمع المصرى الذى استطاع على مدارعصور طويلة أن يكون مركزًا للتواصل بين مجتمعات عدة. والأعمدة السبعة للشخصية المصرية حسب الكتاب هي: العامود الأول: انتماء مصرالفرعونى. والعامود الثانى: انتماء مصر اليونانى والرومانى. والعامود الثالث: انتماء مصر القبطى. والعامود الرابع: انتماء مصر الإسلامى. والعامود الخامس: انتماء مصر العربى. والعامود السادس: انتماء مصر للبحر المتوسط. والعامود السابع: انتماء مصر الأفريقى. إلى هنا ينتهى تقديمنا للدورة الثانية لمنتدى شباب العالم، لكن بعدها بإذن الله سنلخص أهم ما جاء فيها والذى هو بالتأكيد موجه لأصحاب القلوب الشابة والعقول المتحررة، فانتظروا تغطية الصبوحة للمنتدى فى الأعداد المقبلة. •