خبير اقتصادي: الغاز الإسرائيلي أرخص من القطري بضعفين.. وزيادة الكهرباء قادمة لا محالة    أمر قضائي أمريكي يفرض نشر محاضر التحقيق في قضية إبستين    رئيس الهيئة العربية للتصنيع: «إيدكس 2025».. منصة لإظهار قدراتنا الصناعية والدفاعية    أيمن يونس: منتخب مصر أمام فرصة ذهبية في كأس العالم    منافس مصر – لاعب بلجيكا السابق: موسم صلاح أقل نجاحا.. ومجموعتنا من الأسهل    قائمة بيراميدز - عودة الشناوي أمام بتروجت في الدوري    منافس مصر - مدافع نيوزيلندا: مراقبة صلاح تحد رائع لي ومتحمس لمواجهته    اليوم.. محاكمة عصام صاصا و15آخرين في مشاجرة ملهى ليلي بالمعادي    أولى جلسات محاكمة مسؤول الضرائب وآخرين في قضية رشوة| اليوم    هي دي مصر الحقيقية، طالبة تعثر على آلاف الدولارات بساحة مسجد محمد علي بالقلعة وتسلمها للشرطة (صور)    مروان بابلو يتألق في حفله بالسعودية بباقة من أقوى أغانيه (فيديو)    ثنائي النصر يعود للتدريبات قبل معسكر أبوظبي استعداداً للمرحلة المقبلة    اليويفا يقلص عقوبة لويس دياز بعد استئناف بايرن ميونخ    كندا ترفع سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب    الأردن يرحب بتمديد ولاية وكالة الأونروا حتى عام 2029    رويترز: تبادل إطلاق نار كثيف بين باكستان وأفغانستان في منطقة حدودية    قوات الاحتلال تعتقل عددا من الشبان الفلطسينيين خلال اقتحام بلدة بدو    احفظها عندك.. مجموعات كأس العالم 2026 كاملة (إنفوجراف)    النائب ناصر الضوى: الإصلاحات الضريبية الجديدة تدعم تحول الاقتصاد نحو الإنتاج والتشغيل    نتنياهو بعد غزة: محاولات السيطرة على استخبارات إسرائيل وسط أزمة سياسية وأمنية    وكيلة اقتصادية الشيوخ: التسهيلات الضريبية الجديدة تدعم استقرار السياسات المالية    تفاصيل مثيرة في قضية "سيدز"| محامي الضحايا يكشف ما أخفته التسجيلات المحذوفة    "بيطري الشرقية" يكشف تفاصيل جديدة عن "تماسيح الزوامل" وسبب ظهورها المفاجئ    محمد موسى يكشف كواليس جديدة عن فاجعة مدرسة «سيدز»    «بيصور الزباين».. غرفة تغيير ملابس السيدات تكشف حقية ترزي حريمي بالمنصورة    النائب محمد مصطفى: التسهيلات الضريبية الجديدة دفعة قوية للصناعة المصرية    وفاة عمة الفنان أمير المصري    عالم مصريات ل«العاشرة»: اكتشاف أختام مصرية قديمة فى دبى يؤكد وجود علاقات تجارية    أحمد مجاهد ل العاشرة: شعار معرض الكتاب دعوة للقراءة ونجيب محفوظ شخصية العام    البلدوزر يؤكد استمرار حسام حسن وتأهل الفراعنة فى كأس العالم مضمون.. فيديو    مسئول أمريكى: قوة الاستقرار الدولية فى غزة قد تُصبح واقعًا أوائل عام 2026    أزمة أم مجرد ضجة!، مسئول بيطري يكشف خطورة ظهور تماسيح بمصرف الزوامل في الشرقية    قارئ قرآن فجر نصر أكتوبر: «دولة التلاوة» يحتفي بالشيخ شبيب    المدير التنفيذي لمعرض الكتاب يوضح سبب اختيار شعار «ساعة بلا كتاب.. قرون من التأخر» للدورة المقبلة    لأول مرة.. زوجة مصطفى قمر تظهر معه في كليب "مش هاشوفك" ويطرح قريبا    تباين الأسهم الأوروبية في ختام التعاملات وسط ترقب لاجتماع الفيدرالي الأسبوع المقبل    حيلة سائق للتهرب من 22 مخالفة بسيارة الشركة تنتهي به خلف القضبان    رسالة بأن الدولة جادة فى تطوير السياسة الضريبية وتخفيض تكلفة ممارسة الأعمال    الصحة تفحص أكثر من 7 ملايين طالب ضمن مبادرة الرئيس للكشف المبكر عن الأنيميا والسمنة والتقزم بالمدارس    القاصد يهنئ محافظ المنوفية بانضمام شبين الكوم لشبكة اليونسكو لمدن التعلم 2025    وزارة الداخلية تحتفل باليوم العالمي لذوى الإعاقة وتوزع كراسى متحركة (فيديو وصور)    بيل جيتس يحذر: ملايين الأطفال معرضون للموت بنهاية 2025 لهذا السبب    دعاء الرزق وأثره في تفريج الهم وتوسيع الأبواب المغلقة وزيادة البركة في الحياة    بالأسعار، الإسكان تطرح أراضي استثمارية بالمدن الجديدة والصعيد    عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة يوضح أسباب تفشّي العدوى في الشتاء    كيف أتجاوز شعور الخنق والكوابيس؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس    وزارة العمل: وظائف جديدة فى الضبعة بمرتبات تصل ل40 ألف جنيه مع إقامة كاملة بالوجبات    حافظوا على تاريخ أجدادكم الفراعنة    شركة "GSK" تطرح "چمبرلي" علاج مناعي حديث لأورام بطانة الرحم في مصر    لتعزيز التعاون الكنسي.. البابا تواضروس يجتمع بأساقفة الإيبارشيات ورؤساء الأديرة    «الطفولة والأمومة» يضيء مبناه باللون البرتقالي ضمن حملة «16يوما» لمناهضة العنف ضد المرأة والفتاة    خشوع وسكينه....أبرز اذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    جامعة الإسكندرية تحصد لقب "الجامعة الأكثر استدامة في أفريقيا" لعام 2025    طريقة عمل السردين بأكثر من طريقة بمذاق لا يقاوم    مصر ترحب باتفاقات السلام بين الكونجو الديمقراطية ورواندا الموقعة بواشنطن    استشاري حساسية: المضادات الحيوية لا تعالج الفيروسات وتضر المناعة    كيف تُحسب الزكاة على الشهادات المُودَعة بالبنك؟    ننشر آداب وسنن يفضل الالتزام بها يوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ستار مدنى لإخفاء وجه قبيح
نشر في صباح الخير يوم 29 - 08 - 2018

قد تجذبنا تفاصيل الموضوع وتبعد أبصارنا عن أساسه وننسى أن التفاصيل ماهى إلا مجرد ستار مَهما بلغت دقة صناعته فلن يستطيع إخفاء ما خلفه من قبح طويلًا..
تتعدد تفاصيل الفاشيست وجماعاتهم من نازيين وصهاينة وإخوان ويختلف المنشأ وطبيعة الظهور والتطور ويبقى الهدف واحدًا وهو الحصول على أكبر طاقة تدميرية ضد المجتمع المحيط بتلك الجماعات من خلال احتلال السُّلطة كأداة لتنفيذ هذا التدمير.
العقل الفاشى
لن نذهب وراء التفاصيل المتعلقة بكل جماعة فاشية حتى لا تشغلنا عن الأمر الرئيسى الذى سنطرحه هنا، وهو كيف يتحرك العقل الفاشى وينفذ مخططاته؟ ولماذا يلجأ إلى حيلة الستار تلك؟ ولماذا دائمًا ما يكون نسيج هذا الستار السياسى مصنوعًا من خيوط القوى المدنية البعيدة تمامًا عن المنهج الفاشى فى التفكير والعمل؟
يقودنا السؤال الأخير إلى سؤال آخر: كيف تستسلم هذه القوى فى كثير من الأحيان لفخ الفاشيست بهدوء شديد دون ممانعة مثل خراف تُساق إلى الذبح؟
لكى نصل إلى إجابة على هذه الأسئلة يجب فهْم طبيعة العقل الفاشى من حيث منشئه وتكوينه أولًا وكيف يعمل على رسم خططه واللجوء دائمًا إلى حيلة الستار تلك.
أكثر ما يخشاه العقل الفاشى فى بدايات ظهوره هو انكشاف غرضه الرئيسى، أى التدمير، فلا يمكن أن يعلن هذا العقل عن غرضه بسذاجة أمام المجتمع الذى سيسعى لاحقًا إلى تدميره.
إنها نفس حيلة القاتل والضحية، فلا يمكن أن يعلن القاتل عن نيته أو يُظهر السلاح الذى سيستخدمه أمام ضحيته، فهو يُظهر غير ما يُبطن حتى تأمن له الضحية وفى اللحظة المناسبة ينقضّ على ضحيته منفذًا جريمته.
الجماعة الفاشية
يبدأ هنا القاتل أو العقل الفاشى فى تنفيذ حيلة الستار الأول، هذه الحيلة ترتبط بوقت الظهور ويكون نسيج الستار هنا مكونًا من أهداف مزعومة وسامية تعطى إحساسًا للضحية أو المجتمع أن غرض الفاشيست نبيل وعظيم.
يتجه فورًا العقل الفاشى إلى عنوانين رئيسيين عند ظهوره الأول، فيختار الدين أو القومية والعِرق، وهذا الاختيار قائم على دراسة العقل الفاشى لطبيعة المجتمع الذى سيعمل على تدميره.
تعطينا جماعة الإخوان الإرهابية أفضل مثال على العقل الفاشى المستخدم للدين كستار وقت الظهور لإخفاء أغراضه التدميرية، وبالتأكيد الدين براء من الأهداف الحقيقية للجماعة الفاشية.
اختار العقل الفاشى الإخوانى الدين هنا حتى يستطيع استخدام مفردات الخطاب الدينى فى عملية الخداع للدخول إلى قلب المجتمع المصرى ثم العربى الإسلامى فيما بعد.
نسجت الجماعة الفاشية خيوط ستار التخفى الأول من تقديم نفسها كجماعة دينية فقط غرضها الأول الدعوة للدين، قد يبدو الأمر للوهلة الأولى بسيطًا، فلا غبار على جماعة غرضها نشر الثقافة الدينية فى المجتمع، لكن الحقيقة هذه الدعوة هى البداية الرئيسية فى التسلط الفاشى على المجتمع باسم الدعوة الدينية.
مع بداية قيامها بهذه الدعوة لن تترك الجماعة الفاشية أى منافس لها يبث الخطاب الدعوى الدينى لأنها لو سمحت بوجود آخرين على الساحة لتقديم نفس خطابها يفقد العقل الفاشى أهم ركائزه وهى زعمه الاحتكار الكامل للحقيقة واحتقار الآخر الذى يحاول طرح رؤيته، بل يسعى العقل الفاشى إلى تدمير هذا الآخر والقضاء عليه لتخلو الساحة المجتمعية للفاشيست وأفكارهم الجنونية.
رُغْمَ غطاء السرية الذى يتحرك تحته العقل الفاشى لتنفيذ أغراضه الخبيثة فإن الجزء العلنى من فعله يأتى كاشفًا للمنتبهين فى المجتمع لخطورة الفاشيست لحقيقة نظرة الاحتكار والاحتقار تلك الموجهة من الفاشيست الإخوان للآخر ولا يحتاج الأمر لكثير من البحث.
المرشد
يعطى اسم الجماعة الفاشية أكبر دلالة لهذه النظرة، فهى أطلقت على نفسها اسم «جماعة الإخوان المسلمين»، إذن فكل من لا ينتمى إليهم هو فرد شارد عن الجماعة، وهم الإخوة وما عداهم غرباء، وأخيرًا هم المسلمون والآخرون خارجون عن إسلامهم.
تأتى الدلالة الثانية فى اختيار اللقب الخاص باسم قائد الجماعة الفاشية فاختارت له لقب «المرشد»، وهذا اللقب فى حد ذاته يلخص قمة الاحتكار ثم الاحتقار للآخر.
يعنى الإرشاد فى اللغة الأخذ بيد الإنسان إلى الهداية وعندما تعرف الجماعة الفاشية اسم قائدها بالألف واللام فهذا يعنى أنه الوحيد فى المجتمع الذى يحمل مفاتيح الهداية واحتكرها لنفسه وجماعته، أمّا الاحتقار فهو وصم المجتمع بأكمله بالضلال وإلا ما احتاج إلى مرشدهم الملهم حامل صكوك الغفران.
يقدم هذا التحليل السريع طبيعة ستار التخفى الأول الذى يستخدمه العقل الفاشى أثناء بدايات الظهور فى المجتمع، لكن سرعان ما يتعرض هذا الستار للانكشاف بسبب تناقض فعل الفاشيست على الأرض مع خطابهم المزعوم المحمل بادعاءات النُّبْل وتعطى جماعة الإخوان الإرهابية بستارها الدينى النموذج الأمثل لهذا التخفى.
لا ييأس العقل الفاشى أمام هذا الانكشاف ولا يثنيه عن هدفه الرئيسى فى تدمير المجتمع، وهنا يلجأ العقل الفاشى إلى ستار تخفى آخر مستغلّا ألعاب السياسة وجشع السياسيين.
دكان سياسى
يبحث العقل الفاشى عن قوى سياسية أو اجتماعية أخرى فى المجتمع تكون بعيدة عن منهجه أو يكون هذا ادعاؤها فى الظاهر أمّا فى الباطن فهى مجرد دكان سياسى قابل للإيجار لأعلى سعر.
يجيد الفاشيست العثور على هذه القوى ويستطيعون فرزها سريعًا، ومَهما كانت الشعارات المكتوبة على لافتة الدكان تحمل تناقضًا جذريّا مع المنهج الفاشى إلا أن الفاشيست يعلمون جيدًا أنها مجرد شعارات لترويج البضاعة المعروضة فى الدكان.
من هنا يمكن أن نجيب على سؤالنا حول استسلام هذه القوى للفاشيست.. يقول الواقع إنه ليس استسلامًا أو تم خداعها من قبل الفاشيست بل هى صفقة تجارية مكتملة الأركان.
يحصل أصحاب دكاكين السياسة على المال ووعد بنصيب فى السُّلطة مقابل إعطاء الجماعة الفاشية ستار التخفى الثانى لكى تعمل من خلال قوى أخرى فتُخفى الوجه القبيح للفاشيست.
يحلو دائمًا للفاشيست أثناء استخدامهم لستار التخفى الثانى أن يطلقوا على أنفسهم أنهم قوى مدنية مثل شركائهم أصحاب الدكاكين السياسية، أى أصبحوا متحضرين، لكن بالتأكيد سيظل الفاشيست يحملون داخلهم الدمار والجنون المسيطر على عقولهم.
أول من يدفع ثَمَن هذه الصفقة التجارية أصحاب الدكاكين السياسية أنفسهم، فهم لم يتعلموا ولا يريدون التعلم من حقيقة انكشاف ستار التخفى الأول الذى نسجته الجماعة الإرهابية من مفردات الخطاب الدينى، فالعقل الفاشى الزاعم باحتكار الحقيقة والمحتقر للآخر لن يقبل مشاركة أحد له فى الساحة وسيذبح أى منافس فعليّا باسم الحقيقة المطلقة التى يمتلكها الفاشيست ولا تجوز لغيرهم.
الدولة القوية
تبقى الدولة هى حائط الصد الأول والأخير أمام حيل الفاشيست فى استخدام ستار التخفى سواء بصيغته الأولى أو الثانية وكشف تواطؤ أصحاب الدكاكين السياسية معهم.
تقوم الدولة بهذا الدور الحتمى فى مواجهة الفاشيست وكشف أستار التخفى التى ينسجونها لأن الدولة عقل الأمة تتعامل مع المجتمع الذى تتولى إدارته على أساس المواطنة ولا تمايز بين مواطنيها على أساس دينى، فخطابها جامع عكس خطاب الفاشيست المتخفى بستار الدين فهو خطاب طائفى مُفرّق للأمّة.
تتيح الدولة للقوى المدنية حرية الحركة الكاملة لأنها فى الأساس دولة مدنية لكنها تتصدى فى الوقت نفسه لأصحاب دكاكين السياسة لأنهم مجرد سماسرة هدفهم بيع أنفسهم لمن يدفع أعلى سعرًا فى المزاد، ودائمًا ما يكون الفاشيست حاضرين بأموالهم التى يتلقونها من الخارج لأجل نشر الخراب فى الوطن.
عندما تنزع الدولة أستار التخفى عن الفاشيست وتظهر حقيقة وجههم الشرير والقبيح للمجتمع وتقضى على صفقات سماسرة السياسة مع الفاشيست فإنها هنا تقوم بدورها الحتمى الذى أوكلته إليها الأمّة وإذا لم تقم به ستحاسبها الأمّة حسابًا شديدًا.•


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.