أمام الضغط العصبى والنفسى الهائل المرتبط بحالات خاصة، تتعدد الخلاصات.، ويؤكد الخبراء أن الانتحار لم يصل إلى حد الظاهرة بعد، خاصة أنه لا توجد دراسات أو إحصائيات رسمية تحدد نسب المنتحرين، لكن الظروف الاجتماعية الخاصة بكل حالة، تدفع البعض إلى الاستمرار فى حياة أقرب إلى الموت، أو يصبح الموت لديهم هو الحياة. يكشف الدكتور محمد رضا الفقى أستاذ الطب النفسى بالأكاديمية الطبية العسكرية، مراحل الوصول لهذا الفعل: «الانتحار قرار لا يمكن أن يصدر فى حالة الإنسان السوية؛ بل يترسخ عندما يصل إلى أعلى درجات اليأس، ودائمًا يكتئب المنتحرون، نتيجة لأمراض الاضطرابات الشخصية - والتى بدورها تولّد حالة من اليأس وغياب الأمل، بعدما تغلق جميع الأبواب فى وجهه».. يقول الفقى، إن المنتحر يقع تحت نوعين، الأول الجاد والمصمم على إنهاء حياته، أمّا الثانى فهو الاستعراضى غير الجاد الذى يلجأ إلى تلك الحيلة للفت الانتباه واستدرار العطف معه، لكن الأمور تخرج عن السيطرة بعيدًا عن حساباتهم»، مؤكدًا أن نسبة الذكور الجادين فى الانتحار تسبق الإناث كثيرًا، أمّا الإناث غير الجادات تتخطى نسبتهم الذكور. أسباب الانتحار «ومن حيث استخدام وسائل الانتحار فإن هناك وسائل انتحار من النوع العنيف، كالسكين والمسدس والشنق، وهناك غير العنيف، كابتلاع الأقراص، والنساء يلجأن للوسائل العنيفة، وهو مؤشر على التغيّر السلوكى للمرأة هذه الأيام، نتيجة مستجدات وضغوط العصر» - يكمل الفقى: «ومن أحد أهم أسباب الانتحار، تعاطى المخدرات بانتظام وإدمانها، خاصة مع وجود أنواع جديدة تؤدى لذلك، وبالنسبة للشرائح السنية للمنتحرين، لوحظ أنها أعلى لدى الذكور والإناث فى الشريحة العمرية من 15 إلى 28 عامًا ويليها الشريحة السنية فوق 37 عامًا». يؤكد الفقى، أنه من الملاحظ أن هناك نسب انتحار عالية بين من يعانون من نقص السيروتنين فى الجهاز العصبى، والمعروف بأنه أحد هرمونات السعادة، بجانب هرمون «الدوبامين»، مشيرًا إلى أن أسباب نقص الهرمون، إمّا الاستعداد الخلقى «كچين» وراثى ، أو نتيجة لنوبات الاكتئاب الشديدة التى تتسبب بنقص هرمون السيروتنين. العلاقات الأسرية طريق الحماية من اللجوء للانتحار، كما يرى الدكتور محمد رضا الفقى، العلاقات الأسرية القوية والصداقات فى العمل والدراسة، وكذلك الإحساس بالإنجاز، كلها طرق وأسباب تقلل من احتمالية اللجوء للانتحار، بجانب الوازع الدينى،لأنه عامل أساسى فى تقبّل المشاكل والشعور بالأمل والرضا.. يفند الفقى: «للأسف نسب الانتحار فى ازدياد، بسبب تناول المخدرات، وارتفاع تكلفة العلاج النفسى،فأدوية الاكتئاب مكلّفة جدًا، فحتى مع ثقافة اللجوء للعلاج النفسى عند الحاجة والتى تطورت عن السابق وإدراك أهميتها، إلّا أنه يظل ارتفاع تكلفة العلاج النفسى وضيق ذات اليد عقبة فى وجه من يحتاج وللأسف جهود الدولة داخل المستشفيات الحكومية فى علاج ذلك غير كافية، ومع غياب دور الأسرة وفتور العلاقات العائلية والزوجية وفقدان التواصل مع الأهل والأصدقاء، تزداد نسب الانتحار». يستكمل الفقى: «نحتاج للشجاعة كى نفصح عن مشاكلنا، فهى تقصّر طريق العلاج النفسى وتقى من الانتحار؛ فالمواطن البسيط من حقه أن يفهم ويتم تشجيعه على التعبير عن مشاكله وضغوطه النفسية وكيفية طلب يد العون، وكذلك التوعية بكيفية التعامل مع أحد أفراد الأسرة؛ إذا ظهرت عليه أعراض مرض نفسى أو سلوك غير سوى أو اكتئابى أو ميل للانتحار، أمر ضرورى للغاية، خاصة أن أسلوب تعامل الأسرة مع الفرد المحبط؛ إذا لم يكن سليمًا، فعواقبه ستكون وخيمة». ظاهرة الانتحار الدكتورة هالة رمضان، أستاذ علم النفس الاجتماعى بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، شددت على عدم وجود أرقام وإحصائيات حول حالات الانتحار فى المجتمع المصرى، مؤكدة أنها ليست ظاهرة، وأن كل ما يعرض فى وسائل الإعلام، ما هو إلّا حالات فردية، نتيجة مشكلات نفسية تدفع للانتحار، ولا توجد دراسات بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية عن الانتحار، لأنه ليس ظاهرة، موضحة أن أغلب الحالات التى تم رصدها، مرتبطة بفترة المراهقة والشباب وتقل فى الأربعينيات، لأن الظروف الصعبة عندما تواجه المراهق أو الشاب قد يصعب عليه مواجهتها، لأنه يعيش تغيرات على كل المستويات النفسية والجسدية والشخصية فى مرحلة تكوينه أمام نفسه ومجتمعه، تؤثر على شخصيته وتضعه فى حالة عدم اتزان وهشاشة.. تلفت رمضان - إلى أسباب عديدة للانتحار، التى تتعلق بتعاطى المخدرات والأمراض العقلية، «لأمراض العقلية تظهر فى سن الشباب بداية من 17 عامًا، وتكون على شكل هلاوس سمعية وبصرية وتتكون لديه أفكار غير طبيعية ويتدهور لديه الإدراك والمشاعر ويؤثر على شخصيته ويبدأ فى إهمال مظهره، ما يعرضه لميول انتحارية مع غياب الوازع الدينى وارتفاع الضغوط حوله وغياب من يدعمه أو يسانده من الأسرة أو الأصدقاء» • روشتة حماية تضع الدكتورة هالة رمضان، روشتة حماية، مستدركة: «دور الأسرة مهم ومحورى،فعلى الأسرة أن تلاحظ أولادها خلال فترة المراهقة والتغيّرات التى تطرأ عليهم، ويجب على الأسرة أن تكون واعية لأصدقاء السوء الذين يحيطون بالمراهق ويضغطون عليه لتجربة المخدرات.. يجب أن نزرع فى نفسية أولادنا الثقة والجرأة وتحدّى الصعاب».