خلال السنوات الماضية تعالت دعوات من أجل وقف الاحتفال بأعياد الربيع وشم النسيم، على اعتبار أنها ليست أعيادًا إسلامية، وبالتالى لا يجوز الاحتفال بها، لكن المصريين أصروا على الاحتفال بها، رسميًّا وشعبيًّا، ولم يلتفتوا لهذه الدعوات مهما كان مطلقها. وتقول الدكتورة هدى زكريا، أستاذ الاجتماع السياسى بجامعة الزقازيق، إن أعياد الربيع تعبر عن محبة المصريين للفرح والبهجة التى تكمن فى الشخصية المصرية المرحة التى تقاوم الغم، والتى يحاول الأعداء بصفة عامة دائما تغيير هذه الشخصية إلى شخصية ملولة وتعسة وتشعر بالضجر وبالأمراض النفسية. هؤلاء الأعداء حاولوا كثيرًا استخدام «حقنة سم ناقع» مقدسة ليقبلها البعض، من أجل القضاء على الثقافة المصرية باستخدم التدين وليس الدين كأداة للحرب، لكن مصر تنفض دائمًا عن نفسها كل هذه الأمراض، ويسترد المصريون سريعًا روحهم المعنوية القوية، ولم يستطع أحد تغيير عاداتهم بل تأثر أبناء الدول العربية بمصر وبعاداتها. وأضافت «زكريا»: «شم النسيم» من أقدم الأعياد المصرية، حيث بدأ الاحتفال به منذ عام 2700 قبل الميلاد، ومرتبط بالشهور القبطية التى قامت على حركة الزراعة، وكان يرمز عند قدماء المصريين إلى بعث الحياة. وارتبطت أعياد الربيع وشم النسيم بنشاطات اقتصادية وحياتية وإنسانية، لأنها تأتى بعد انتهاء الشتاء القاسى، وموسم الأمطار، وبداية مواسم الحصاد، والربيع المناخى الجدير بالابتهاج والفرح، فابتكر المصريون شكل الاحتفال فى «الخروج» وعمل حالة اجتماعية من الصحبة والبهجة والتوحد مع الطبيعة والخضرة وبالابتهاج والفرح بها، ومستمرون فى حفاظهم على عادات أجدادهم. فيخرجون للمتنزهات لقضاء أوقات سعيدة وممتعة، ويأكلون البيض الملون على الإفطار والفسيخ والسمك المملح والخس والملانة والترمس والبصل على الغداء، ويستنشقون الهواء النقى ويستمتعون برؤية المناظر الجمالية، ويتجه آخرون إلى النيل؛ لركوب الزوارق، كما يتوجه الفلاحون أيضًا إلى الحقول، التى تتحوّل إلى متنزه، مصطحبين أقاربهم ليمضوا يوم العيد كاملًا. وتقول د.هدى إن مصر تتفرد بتاريخ طويل وكثيف من الحضارات، و3 تقويمات مختلفة الميلادى والهجرى والقبطى، وكل تقويم له أعياده، التى يؤكد بعضها بعضا ويضيف إليه، وإذا كان شم النسيم قد ارتبط بالتقويم القبطى، لأنه يقوم على الحركة المناخية فى الأساس، فالشعب المصرى يحتضن كل الاحتفالات التى جاءت على مر العصور، ويحولها لأعياد شعبية، يحتفل بها جميع المصريين لأنهم شعب ليبرالى محب للأديان.. يظهر ذلك فى الأعياد المحلية والقومية والدينية و«شم النسيم» لا علاقة له بأى دين أو ملة، ويحتفل به المسيحيون والمسلمون فى آن واحد، فهو يتزامن مع احتفال المسيحيين المصريين بذكرى دخول السيد المسيح أورشيلم «القدس»، وانتهاء أيام الصوم الكبير التى تمتد 55 يوما، لكن «العيد» أقدم هنا، إذ اعتاد المصريون الاحتفال به منذ آلاف الأعوام، وكان البيض يرمز إلى خلق الحياة، وكانت من عادة قدماء المصريين نقش الدعوات والأمنيات عليه. •