اتهام راسخ فى أذهان معظم الرجال أن المرأة كائن نكدى وتعز النكد أكثر من عينيها ولا تهنأ لها حياة إلا إذا أثارت زوبعة أو شجارًا.. تلك هى الشماعة التى يعلق عليها أغلبية الرجال عقدهم وأخطاءهم؛ أو بالأحرى هذه هى المرآة التى يعكسون عليها هموهم وأعباءهم ليعاودوا اتهام النساء بالزن والنكد و«ضرب البوز».. هذه ليست الحقيقة كاملة.. فالمرأة بشر من لحم ودم تتعرض لنفس الظروف - أو أكثر - من تلك التى يتعرض لها الرجال قد تصاب بالحزن أو الضيق، ولكنها سرعان ما تتجاوز هذه المشاعر لتبقى فى نظر زوجها تلك الزوجة صاحبة الابتسامة التى لا تفارق وجهها والمستعدة لأن تفنى نفسها لتسعد زوجها حتى إذا كان هو مصدر نكدها. فعليها أن تضغط على نفسها وتظهر عكس مشاعرها حتى لا توصف بالنكدية أو «ملكة العكننة».. فى السطور القليلة القادمة شكاوى زوجات وصرخات تؤكد «لسنا نساء نكديات ونحن مصدر سعادة أزواجنا». • النكد أنواع «الرجال النكديون أنواع»؛ هكذا بدأت شاهيناز حسين حديثها قائلة: «هناك رجال نكديون بالفطرة «خلقة ربنا».. ولكن هناك رجلاً يتعمد أن يكون نكديا حتى لا ينفذ لزوجته أى طلب تطلبه منه.. وهناك نوعية من الرجال الخائنين الذين يرون متعتهم ومزاجهم خارج المنزل فعندما يعود إلى المنزل يكون «موده مود نكد» ويجلس فى بيته كالكرسى الذى يجلس عليه ويعامل زوجته بعنف وعدم احترام لها! وهذا لا يعنى أنه لا توجد نوعيات أخرى من الرجال فهناك رجل لا يقصد أن يكون نكديا، ولكن تصرفاته تشير إلى أنه ينتوى افتعال خناقة بسبب كثرة تدخله فى التفاصيل وتعليقه وتنظيره، الزوجة تراه أكثر رجل نكدى فى العالم.. عموما الستات ترى أن رجال يصبحون نكديين بعد الزواج لأن الرجل بعد الزواج يختلف كثيرا عن فترة الخطوبة التى تمتاز بكثرة الفسح والخروجات والهدايا والسينما، أما بعد الزواج فيمكث فى المنزل فترات طويلة بعد عودته من العمل ويكشف عن وجهه الحقيقى فتراه زوجته أنه نكدى. فى رأيى أن أى امرأة ستتعرض لأى نوع من هذه الأنواع لا محالة، ولكن عليها أن تفر منها بذكاء وليس عن طريق الطلاق أو الانفصال، وإنما أن تعيش حياتها وكأنه ليس بحياتها لأنها فى حالة انسياقها وراءه هتنكد على حياتها وستنشئ أطفالها على النكد وعليها ألا تنتظر الحصول على السعادة معه فلتبحث عن سعادتها بنفسها وتخلق كل مناخ يبعد عنها أى مشاعر نكد أو حزن وتخلق جوا من البهجة لنفسها، مما يجعل أبناءها وكل أسرتها تعيش فى سعادة وراحة بال. •المرأة مصدر السعادة أما ثريا جمال 27 عاما وأم لطفلتين وتعمل بإحدى المدارس الخاصة: «هناك رجال بطبعهم نكديون لا يحبون الهزار أو الضحك وحتى إذا جاءت زوجته تضحك معه و«تفرفشه» يرفض طريقتها لأنه بطبيعته رجل وقور ولا يحب الهزار.. لكن هناك رجالاً نكديين حسب الظروف وهم كثر، فمثلا لو هناك ظروف فى عمله صعبة أو مسئوليات الأبناء قاسية أو حال البلد يعوقه فى عمله فيظل طوال الوقت فى حالة نكد مستمرة وأول من يفجر فيها همه وغضبه هى زوجته التى تعانى هى وأبناؤها معه! أنا أرى أن الست هى مصدر النكد فأنا أرفض تعميم هذه الفكرة فهذه حجة يطلقها الرجال حتى يداروا عيوبهم فى المرأة ويسقطوا مشاكلهم النفسية عليها.. كل أعباء المنزل والزوج والأبناء وعملها إذا كانت تعمل تنصب عليها الأمر الذى يجعلها فى حالة مزاجية مضطربة أو سيئة.. ففى بعض الأحيان يتوجب عليها الاهتمام بنظافة المنزل وبالمذاكرة لأحد أبنائها وبشئون زوجها والاعتناء برضيعها فكلها مهام شاقة عليها وينبغى أن تنفذها على أكمل وجه، ولكن الرجل الشرقى بطبعه ليس من النوع الذى يقدر ذلك أو يساعد زوجته أو يخفف عنها.. فهو شخص بطبعه أنانى يود لو كانت طلباته كلها مجابة وألا تكون زوجته مقصرة فى أى شىء من المهام الموكلة إليها وفوق ذلك عليها أن تكون «فرفوشة ونعنوشة» وإذا تذمرت أو أعلنت ضيقها تصبح نكدية.. هذا لا يمنع أن هناك شريحة من النساء ذات طابع نكدى، ولكنهن قلة قليلة لأن المرأة بطبيعتها هى التى «تفك الرجل» وتجعل موده جيدا ومزاجه رائقا.. وللأسف الرجل لا يجد أفضل من شماعة المرأة كى يلقى عليها أخطاءه وعيوبه. • دللينى تجدينى بينما تقول نهى مصطفى وتعمل بإحدى شركات التنمية البشرية: أعتقد أن الزوج يكون نكديا عندما يكون من النوع الذى يحب الاهتمام ويغار عندما تكون زوجته مع أصحابها أو فى شغلها أو مع عائلتها، فيظل طوال الوقت «مقموصًا» ويود لو تظل زوجته لتراضيه طوال الوقت.. وللأسف فهذه الحالة يكون عليها معظم الرجال الشرقيين والمصريين فيكونون «ناقصين» لأنهم تدللوا كثيرا فى صغرهم وينتظرون من الزوجة أن تسير على نفس المنوال فى الدلال والاهتمام وعليه يحاول أن يلفت نظر الزوجة بالشجار ورفع صوته عليها، أما أن يظل طوال الوقت «ضارب البوز» لذلك تراه الزوجة نكديا حتى ولو لم تكن هناك أى مشاكل فتظل تحايله وهو يظل يرفض.. وبالتالى تضرب هى الأخرى «بوز» ويتهمها فى النهاية بأنها مصدر النكد فى المنزل. رأيى أن الست بطبيعتها طيبة عندما يحايلها زوجها أو يصالحها تلين بسرعة، أما الرجل فيطول فى نكده ومن الصعب إرضاؤه فهو ليس كالمرأة أى شىء يسكتها ويرضيها. •ا لفراغ أساس النكد «لا يوجد رجل نكدى بطبعه أو امرأة نكدية بطبعها»، هكذا ترى سلمى محمود محاسبة بأحد البنوك وتستطرد: «أغلب المشاكل سنجد أن الرجل سيقول إن الست هى التى تختلق النكد.. فالمرأة على سبيل المثال تحب أن تروى مشاكلها لزوجها وتفضفض معه ولم تجد منه إلا أنه يتركها وينزل أو ينام أثناء حكيها الأمر الذى يثير حفيظتها فتضطر إلى أن تتشاجر معه وتشكو من عدم اهتمامه بها.. فالست تحب أن تشعر بأن هناك علاقة قوية بينها وبين زوجها وأنه ينصت لحديثها ويأخذ ويعطى معها فى الحديث، ولكن الزوج الشرقى لا يفعل ذلك معها، ولكن يكون هذا الرجل مع النساء اللاتى يعملن معهن أو مع أصدقائه من الشباب أو الفتيات.. وبالتالى أى فضفضة ستتحول إلى نكد فلنتخيل موقفين: زوجة تود أن تروى لزوجها شيئا فيقول لها: «أنا مش رايق لك» فترد عليه : «أمال أنت رايق لمين»؟! فتبدأ النزاعات وتنتهى أنه لا أحد يسمع الآخر. وعادة الرجل يختلق الخناقات عندما يكون فارغا ولا شىء يشغل باله أو عندما يكون جالسا فى البيت يوم الإجازة.. فالرجل المشغول طوال الوقت لن يتوقف عند التفاصيل الصغيرة ويضخمها لتصبح مشكلة كبيرة.. وهذا الأمر يكون غريبا بالنسبة للزوجة لأنه «يطنشها» أغلب الوقت فإذا صادف وخرج مع أصحابه أو جلس على القهوة لن يتوقف عند هذه التفاصيل الصغيرة، ولكن عندما لا يجد ما يشغله يود ينظر ويعلق على أى شىء فى البيت نوعا من إثبات وجوده وأن له رأيًا. وفيما يتعلق «بالتلاكيك» فالرجل والمرأة على حد سواء كل منهما عندما يكون مضغوطا أو لديه مشكلة تؤرقه «يتلكك» للآخر ويفتعل مشاجرة.. أنا أرى أن النكد ليس لصيقا بالمرأة أو الرجل فالموضوع له علاقة باختلاف الطباع وظروف الحياة تجعل من الرجل والمرأة نكديين!