خطر جديد يداهم المواطن وتحديدا محدودى الدخل بارتفاع حجم الدين العام ليصل إلى 100% من الناتج المحلى، وذلك نتيجة التوسع فى إصدار أدوات الدين المختلفة داخليا وخارجيا حتى تجاوزت حدود الأمان. ولجأت الحكومة إلى مجموعة من الحلول السريعة التى تستهدف تقليص عجز الموازنة عبر إصدار قانون القيمة المضافة ليحل محل ضريبة المبيعات الذى سيضخ 30 مليار جنيه إضافية ستقلص عجز الموازنة بنسبة 10% تقريبا وسط ترقب لارتفاع جديد فى الأسعار سينتج عنه. وستبدأ موجة جديدة من ارتفاع الأسعار بسبب ضريبة القيمة المضافة حتى أسعار الدخان التى تجنى الحكومة من ورائها ما يقرب من 40 مليار جنيه سنويا ستزداد من جديد، فضلا عن الكثير من السلع والخدمات الأخرى مثل الإنترنت الأرضى التى سيجرى إعفاؤها لمدة عام واحد من الزيادة وبعدها سيجرى تطبيق الرسوم عليها، وسيجرى إضافة ضريبة على رسوم التعليم فى المدارس الدولية، فضلا عن سلع مثل زيوت الطعام على السلعة الواحدة بنسبة 1% بدلا من 37 جنيهًا على الطن الواحد. وتبدو المخاوف واضحة من لجوء التجار من تلقاء أنفسهم لفرض زيادة على السلع التى يقومون ببيعها للمواطنين، مما يزيد من الأسعار بشكل كبير، وهو ما يحتاج إلى رقابة حقيقية على الأسواق فى ظل حالة الجشع التى قد تصيب البعض. • مخاطر جسيمة أهم المخاطر التى يمثلها بلوغ الدين العام هذه النسبة هو العائد من الإنتاج المحلى سيجرى توجيهه لسداد الديون وفوائدها التى تحصل عليها الدولة على شكل أذون خزانة يجرى تغطيتها من البنوك بفائدة مرتفعة أو عبر الاقتراض من الخارج بالعملة الصعبة للوفاء باستيراد السلع الأساسية والأدوية. وقدرت الحكومة فى موازنة العام المالى 2016-2017 بلوغ الدين الداخلى نحو 3.1 تريليون جنيه تقريبا، وهو رقم كبير وسط التوسع فى الاقتراض من البنوك عبر أدوات الدين المختلفة لسد العجز المستمر فى الموازنة. وبدأت الحكومة فى خطة رفع الدعم عن الكهرباء لتقليص النفقات من خلال استكمال رفع الشرائح التى تحمل المواطن مزيدًا من تكلفة الخدمة لاسيما أن الرواتب لم تشهد ارتفاعا يقابل هذه الأعباء. ويرجح عدد من الخبراء أن معدلات الدين الآمنة يجب ألا تتجاوز 60% من الناتج المحلى كى يصبح الاقتصاد منتجًا وقادرًا على التعافى، ولكن حالة التراجع التى دفعت الديون إلى أن تتساوى مع الناتج المحلى ستدفع لظهور تأثيرات سلبية سيتحملها المواطنون تتمثل فى تراجع الإنفاق على التعليم والصحة والخدمات التى يجرى تأديتها لهم والمقررة فى الموازنة العامة وسط الزيادة السكانية الكبيرة. • برامج الأداء اعتبرت الدكتورة ضحى عبدالحميد الخبيرة الاقتصادية الدولية وأستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية أن بلوغ الدين العام نسبة 100% من الناتج المحلى يحمّل الأجيال الحالية والقادمة مزيدًا من الديون. وأشارت عبدالحميد إلى أنه فى الوقت الحالى يجب معرفة مردود النفقات التى تنفقها الحكومة على المواطن بشأن وصول الدعم إلى مستحقيه عبر تطبيق منظومة فعالية النفقة التى إذا جرى تطبيقها منذ فترة لما وصلنا إلى هذه المرحلة من التوسع فى الاقتراض. وأوضحت عبدالحميد أن الوضع الاقتصادى المصرى يعيش حاليا فى مرحلة عنق الزجاجة بسبب التوسع فى الاقتراض بفوائد مرتفعة ساهمت فى تقلص الخدمات التى يحصل عليها المواطن. وأضافت عبدالحميد إنه فى الوقت الحالى هناك مخالفة دستورية واضحة بعدم تطبيق برامج الأداء داخل الموازنة العامة للدولة وفعالية النفقة بحيث يجرى ضبط الإنفاق وعدم التوسع فى الاقتراض عبر إصدار أداوت دين جديدة. • المواطن ضحية يرى رضا عيسى الخبير الاقتصادى أن الحكومة ستحصل فى اليوم الواحد على 1.2 مليار جنيه يوميا كضرائب من المواطنين لمحاولة سداد عجز الموازنة وتقليص الديون، حيث سيذهب 800 مليون جنيه فقط لسداد فوائد الديون، أى ثلثى ما سيحصلون عليه. واعتبر عيسى أن البنود التى ستتضرر من هذه الموازنة هى النفقات على التعليم والصحة لأن أغلب ما يجرى جمعه من إيرادات يذهب لسداد الديون وفوائدها، وهو ما ينعكس بالسلب على المواطن. وقال عيسى: إن قانون القيمة المضافة الذى يجرى إحلاله بدلا من ضريبة المبيعات وتعتمد عليه الحكومة فى إضافة 30 مليار جنيه إضافية لا يغطى سوى 10% فقط من عجز الموازنة الذى يتجاوز 300 مليار جنيه، لذا فإن الحكومة ستذهب لاتخاذ إجراءات أخرى من شأنها تقليص عجز الموازنة فى حين يعانى المواطن من ارتفاع فى حجم التضخم نتيجة فقدان الجنيه لمزيد من قيمته الشرائية. ونوه عيسى إلى أن ضريبة القيمة المضافة سيجرى تحصيلها عن طريق تداول السلعة وليس فقط دفعها لمرة واحدة عند الشراء من المنتج النهائى، وستخضع لها الكثير من الخدمات وسيدفعها حتى العاطلين عن العمل طالما يستهلكون سلعا بشكل مستمر. وأكد عيسى أن الحلول المقترحة حاليا التى ستساهم فى ارتفاع الأسعار هو قانون القيمة المضافة والسؤال هنا ماذا بعد؟.. لأن الحصيلة من وراء هذه الضريبة لا تغطى سوى 10% من عجز الموازنة ثم سنستمر فى الاستدانة من أجل تغطية ال 90% من العجز، مما يزيد من حجم الدين العام من جديد ليتجاوز الناتج المحلى إلا إذا لجأنا إلى حلول جديدة بعيدة عن كاهل المواطنين مثل ضرورة إعادة النظر فى المنظومة الاقتصادية التى تعتمد عليها مصر فى إدارة شئونها. وشدد عيسى على أن منظومة الاستدانة أصبحت تسير فى دائرة مفرغة فالحكومة تحصل على قروض جديدة لتسديد الديون القديمة وفوائدها، مما يعنى استمرارًا فى الاستدانة ومزيدًا من الارتفاع فى حجم الدين العام. وتطرق عيسى إلى أن إيرادات الدولة تحتل الضرائب المرتبة الأولى فيها بحوالى 433 مليار جنيه بينما الإيرادات الأخرى لا تتجاوز 234 مليار جنيه، أى أنه على الدولة البحث عن سبل لزيادة هذه البند من خلال البحث عن طرق غير تقليدية، وهو ما سيساهم فى تقليص عجز الموازنة بدلا من الاعتماد على الضرائب بشكل مستمر لتقليل الفجوة بين الإيرادات والمصروفات. وأشار عيسى إلى أن مصر بها الكثير من الإمكانيات الكبيرة ولا يمكن لإجمالى الإيرادات المعلنة بدون حصيلة الضرائب أن يعبر عما تمتلكه مصر من قدرات مثل البحار ونهر النيل البترول والغاز الطبيعى والزراعة والحجم الكبير من الآثار التى تملكها مصر يمكن أن يجمع 234 مليار جنيه فقط فى السنة لأن هذا الرقم لا يعبر إلا عن ميزانية لشركة «مالتى ناشيونال» متوسطة الأداء. واختتم عيسى حديثه أنه يجب وضع حد للاستمرار فى الاستدانة لأن فوائد الديون تزيد من الأعباء على المواطنين ليس فقط للأجيال الحالية وإنما لمن يولدون فى المستقبل. • حصة الديون أكد الدكتور هشام إبراهيم أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة أننا إذا ما قمنا بإجراء عملية حسابية تظهر حجم الدين الداخلى الذى يبلغ تقريبا 3.1 تريليون جنيه مضافا إليه 53 مليار دولار حجم الدين الخارجى وقمنا بقسمته على عدد سكان الشعب المصرى بكل ما فيه من أطفال وعاطلين وغير قادرين على العمل وربات منازل فإنه سيوضح نصيب الفرد من الدين الذى سيدفعه بشكل غير مباشر. وأشار إبراهيم إلى أن التوقيت الحالى يحتاج إعادة نظر فى السياسات الاقتصادية المتبعة من أجل ترشيد الإنفاق الحكومى وعدم التوسع فى الاقتراض حتى لا يزداد الوضع سوءا. واستكمل إبراهيم حديثه بأن التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية ستتأثر بشكل مباشر من وراء الاستمرار فى سياسة الاقتراض وسداد الفوائد المتعلقة بها لاسيما أن الحكومة فى موقف صعب للغاية بسبب الحالة الاقتصادية المتردية التى تعيشها مصر حاليا. •