حملة لتوفير أجهزة كمبيوتر.. دعوات لتأهيل المدارس لتعليم التكنولوجيا | تفاصيل    تراجعت على العربات وبالمحال الصغيرة.. مساعٍ حكومية لخفض أسعار سندوتشات الفول والطعمية    وفقا لوزارة التخطيط.. «صيدلة كفر الشيخ» تحصد المركز الأول في التميز الإداري    الجيش الأوكراني: 96 اشتباكا قتاليا ضد القوات الروسية في يوم واحد    طائرات جيش الاحتلال تشن غارات جوية على بلدة الخيام في لبنان    3 ملايين دولار سددها الزمالك غرامات بقضايا.. عضو مجلس الإدارة يوضح|فيديو    كرة سلة - ال11 على التوالي.. الجندي يخطف ل الأهلي التأهل لنهائي الكأس أمام الجزيرة    المقاولون العرب يضمن بقاءه في الدوري الممتاز لكرة القدم النسائية بعد فوزه على سموحة بثلاثية    تصريح مثير للجدل من نجم آرسنال عن ليفربول    السجن 15 سنة لسائق ضبط بحوزته 120 طربة حشيش في الإسكندرية    إصابة أب ونجله سقطا داخل بالوعة صرف صحي بالعياط    خناقة شوارع بين طلاب وبلطجية داخل مدرسة بالهرم في الجيزة |شاهد    برومو حلقة ياسمين عبدالعزيز مع "صاحبة السعادة" تريند رقم واحد على يوتيوب    رئيس وزراء بيلاروسيا يزور متحف الحضارة وأهرامات الجيزة    بفستان سواريه.. زوجة ماجد المصري تستعرض جمالها بإطلالة أنيقة عبر إنستجرام|شاهد    ما حكم الكسب من بيع التدخين؟.. أزهري يجيب    الصحة: فائدة اللقاح ضد كورونا أعلى بكثير من مخاطره |فيديو    نصائح للاستمتاع بتناول الفسيخ والملوحة في شم النسيم    بديل اليمون في الصيف.. طريقة عمل عصير برتقال بالنعناع    سبب غياب طارق مصطفى عن مران البنك الأهلي قبل مواجهة الزمالك    شيحة: مصر قادرة على دفع الأطراف في غزة واسرائيل للوصول إلى هدنة    صحة الشيوخ توصي بتلبية احتياجات المستشفيات الجامعية من المستهلكات والمستلزمات الطبية    رئيس جهاز الشروق يقود حملة مكبرة ويحرر 12 محضر إشغالات    أمين عام الجامعة العربية ينوه بالتكامل الاقتصادي والتاريخي بين المنطقة العربية ودول آسيا الوسطى وأذربيجان    سفيرة مصر بكمبوديا تقدم أوراق اعتمادها للملك نوردوم سيهانوم    مسقط تستضيف الدورة 15 من مهرجان المسرح العربي    فيلم المتنافسون يزيح حرب أهلية من صدارة إيرادات السينما العالمية    إسرائيل تهدد ب«احتلال مناطق واسعة» في جنوب لبنان    «تحيا مصر» يوضح تفاصيل إطلاق القافلة الخامسة لدعم الأشقاء الفلسطينيين في غزة    وزير الرياضة يتابع مستجدات سير الأعمال الجارية لإنشاء استاد بورسعيد الجديد    الاتحاد الأوروبي يحيي الذكرى ال20 للتوسع شرقا مع استمرار حرب أوكرانيا    مقتل 6 أشخاص في هجوم على مسجد غربي أفغانستان    بالفيديو.. خالد الجندي: القرآن الكريم لا تنتهي عجائبه ولا أنواره الساطعات على القلب    دعاء ياسين: أحمد السقا ممثل محترف وطموحاتي في التمثيل لا حدود لها    "بتكلفة بسيطة".. أماكن رائعة للاحتفال بشم النسيم 2024 مع العائلة    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط    جامعة طنطا تُناقش أعداد الطلاب المقبولين بالكليات النظرية    الآن داخل المملكة العربية السعودية.. سيارة شانجان (الأسعار والأنواع والمميزات)    وفد سياحي ألماني يزور منطقة آثار بني حسن بالمنيا    هيئة الرقابة النووية والإشعاعية تجتاز المراجعة السنوية الخارجية لشهادة الايزو 9001    مصرع طفل وإصابة آخر سقطا من أعلى شجرة التوت بالسنطة    رئيس غرفة مقدمي الرعاية الصحية: القطاع الخاص لعب دورا فعالا في أزمة كورونا    وزير الأوقاف : 17 سيدة على رأس العمل ما بين وكيل وزارة ومدير عام بالوزارة منهن 4 حاصلات على الدكتوراة    «التنمية المحلية»: فتح باب التصالح في مخالفات البناء الثلاثاء المقبل    19 منظمة حقوقية تطالب بالإفراج عن الحقوقية هدى عبد المنعم    رموه من سطح بناية..الجيش الإسرائيلي يقتل شابا فلسطينيا في الخليل    تقرير حقوقي يرصد الانتهاكات بحق العمال منذ بداية 2023 وحتى فبراير 2024    مجهولون يلقون حقيبة فئران داخل اعتصام دعم غزة بجامعة كاليفورنيا (فيديو)    حملات مكثفة بأحياء الإسكندرية لضبط السلع الفاسدة وإزالة الإشغالات    «الداخلية»: تحرير 495 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة وسحب 1433 رخصة خلال 24 ساعة    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    استشاري طب وقائي: الصحة العالمية تشيد بإنجازات مصر في اللقاحات    إلغاء رحلات البالون الطائر بالأقصر لسوء الأحوال الجوية    عبدالجليل: سامسون لا يصلح للزمالك.. ووسام أبوعلي أثبت جدارته مع الأهلي    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    نجم الزمالك السابق: جوميز مدرب سيء.. وتبديلاته خاطئة    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد فوزى.. الفن كله

لم يترك الفنان العبقرى الموسيقار محمد فوزى مجالا من مجالات الفن إلا وصال وجال فى رحابه، فهو المؤلف الموسيقى.. الملحن والعازف.. المطرب والممثل.. المنتج والروائى صاحب الرؤية والعقلية التجارية.. المحلق خارج السرب.. خفيف الظل، المجدد صاحب مدرسة الفن شديدة الجمال والتميز والخصوصية.. الرائد والأول دائما وأبدا.
فرغم سنوات عمره القصيرة (48 عاما).. فإن حياته كانت مليئة بالأحداث والشخصيات.. المواقف والأعمال.. التجارب والإنجازات والصدمات.
شعرت أننى ألهث وراء تفاصيل هذه الحياة التى لا تنتهى.. الإيقاع يزداد سرعة.. لم أعرف من أين أبدأ.. ولا متى أتوقف عن البحث عن هذا الفنان الذى أجمع الجميع منذ زمانه وحتى كتابة هذه السطور على أنه عبقرى الموسيقى.. كازانوفا الشرق.. السابق لعصره فى كل مجالات الفن التى خاضها.
لم ولن ينتهى البحث.. وإن لم أتوقف.. فلن أبدأ فى الكتابة.. ولن تسعنى المساحة.
• أول المشوار
ولد محمد فوزى عبدالعال الحو فى 15 أغسطس 1918 فى قرية كفر أبوجندى بمركز طنطا محافظة الغربية لأسرة ميسورة الحال، لم يخرج منصب «العمدة» منها.. فأجداده كانوا عُمدَ لهذه القرية وأعمامه أيضا.
نشأ فوزى فى أسرة كبيرة العدد، فهو الابن رقم 21 «واحد وعشرون» من أصل خمسة وعشرين أخا وأختا منهم الفنانة القديرة هدى سلطان، كما يقول ابن عمه توفيق الحو الذى سرد لنا تفاصيل حياته كاملة قائلا «تعلم محمد فوزى أصول الموسيقى منذ طفولته على يد صديق والده «محمد الخربتلى» الذى كان يصحبه للغناء فى الموالد والأفراح.. وكان والده جميل الصوت.. وورث فوزى جمال صوت والده فتعلق بالموسيقى والغناء.. وكان عاشقا لكل من الموسيقار محمد عبدالوهاب وكوكب الشرق السيدة أم كلثوم وصار يغنى أغانيهما على الناس فى حديقة المنتزه واحتفالات مولد السيد البدوى بطنطا.
أثناء غنائه فى أحد الموالد استمع إليه عازف القانون حفيد رائد آلة القانون «محمد العقاد الكبير».. فأعجبه صوته فعرض عليه الحضور للقاهرة للدراسة فى معهد فؤاد الأول للموسيقى العربية.. وأثناء دراسته التحق للعمل بفرقة بديعة مصابنى التى كانت أشهر الفرق آنذاك.. ولكنه استقال منها بعد أن قامت صاحبة الفرقة بطرد إحدى الراقصات التى كانت تربطه بها علاقة عاطفية.. وانتقل للعمل فى فرقة فاطمة رشدى ثم الفرقة القومية المصرية.
وفى فرقة فاطمة رشدى تعرف على الموسيقار فريد الأطرش ومحمد عبدالمطلب ومحمود الشريف واشترك معهم فى تلحين الاسكتشات والاستعراضات وغناها، مما شجعه على دخول امتحان الإذاعة كمطرب وملحن، إلا أنه اعتمد ملحنا ورفض مطربا!!
• سؤال: الموسيقار محمد فوزى بدأ حياته مطربا.. وذاع صيته فى ذلك الوقت مطربا.. كيف رفضته الإذاعة؟
- يجيب الناقد والمؤرخ الموسيقى أ. د. زين نصار: «ربما يرجع ذلك إلى وجود بعض أصحاب العقليات المتحجرة الذين كانوا يتمسكون بكل ما هو تقليدى وقديم ويعادون كل ما هو متطور أو متقدم.. ولكن بعد قيام ثورة 23 يوليو 1952، ودخول عقليات متفتحة للإذاعة المصرية شجعت أصحاب الأفكار الجديدة والأساليب المتطورة، وتم اعتماد محمد فوزى مطربا أيضا.
• أول من قدم الأغنية الحديثة
ويستطرد د. زين نصار: «يحتل الموسيقار محمد فوزى مكانة فريدة فى الحياة الموسيقية المصرية والعربية، فقد كان له أسلوبه المتفرد فى ألحانه، التى تميزت بالسلاسة والعذوبة والمنطقية فى بنائها الموسيقى، كما كانت له أفكاره التقدمية فى فنه وكان دائما الرائد.. فهو أول من قدم الأغنية الحديثة مثل «مال القمر ماله» التى كتبها الشاعر فتحى قورة وغناها فوزى من ألحانه.. تقول كلماتها:
مال القمر ماله
ما جيناش على باله
هو اللى متربى
على العز يا ربى
يعمل كده فيا
أشوفه أندهله
وأسوق على أهله
بالألف والمية
وأستنى أقول آه
وأمسك على الآه
فايت ولا همه
يرن خلخاله
وجريت ورا عمه
وبوست أيد خاله
صبرى فرغ يا جميل
والنفس منعانى
ومدام كتمنا الهوا
يا كتر ما نعانى
يا هل ترى يا جميل
لو قلتلك تقبل
ولا تسوق الدلال
وتسيبنا بنعانى
أحبابنا ما زلنا
فاتحين منازلنا
يمكن يزورونا
وقعدنا نستنا
نطلب ونتمنى
ولا جم يشوفونا
مال القمر ماله
• أول من قدم أغنية للأطفال
إذا كان محمد فوزى أول من قدم الأغنية الخفيفة فهو أيضا أول من قدم أغنية للطفل، «ماما زمانها جاية».. «ذهب الليل» «هاتوا الفوانيس يا ولاد» وأغنية «كان وإن» هى أول أغنية وطنية سياسية للطفل، حيث قدم فوزى مضمونا سياسيا يتحدث عن ثورة يوليو وتأميم القناة وقضايا الاستقلال والقومية العربية والقضية الفلسطينية.
ويضيف د. زين نصار: لم يفكر أحد ويهتم بأغانى الأطفال كما فعل محمد فوزى وقد أصبحت أغانيه للأطفال تراثا بحق، لا يكاد أحد من الجمهور لا يعرف هاتين الأغنيتين ذهب الليل التى لحنها عام 1954 وماما زمانها جاية التى أحدثت ضجة كبرى فى أوائل الستينيات لما تضمنته من استخدام رائع لصوت طفل فى عامه الأول يبكى تارة ويضحك تارة بين المقاطع الغنائية التى كان يغنيها محمد فوزى فهى فكرة جديدة بلحن متفرد استخدم فيه محمد فوزى أسلوبا حديثا اعتمد على البيانو والأوركسترا الحديث بعيدا عن تقليدية التخت الشرقى.. أغنية «ذهب الليل» كانت أول أغنية للطفل وضع كلماتها الشاعر حسين السيد ولحنها وغناها محمد فوزى تقول كلماتها:
ذهب الليل وطلع الفجر
والعصفور صو صو
شاف القطة قالها بس بس
قالت له نو نو
ماما قالتله سيب القطة
خليها فى حالها
ساب مدرسته ورمى كراسته
وراح جر شكلها
راحت القطة مخربشة إيده
لما مسك ديلها
وأدى جزاء إللى ما يسمعش
كلمة ماما تقولها
أبله قالت له فيفى الحلوة
زعلت من سوسو
راح يصالحها وباسها
وهى حلفت ما تبوسه
جابت الحبر عاصت إيدها
وجت بشويش جنبه
مسحت إيدها فى وشه
وعملت قال إيه بتلعبه
سوسو ضربها ومسك الحبر
إللى فى إيدها وقلبه
على فستانها وشفهم بابا
وضربها وضربه
ندر عليا أجلكم
وأولع شمعة من شمعة
لحد الشبر ونص ما يكبر
ويروح الجامعة
ميمى دكتور وسعاد كتورة
وإحنا ندعلكم
وصلاح يبقى محامى
وتوتو قاضى يصالحكم
وعصام بكره حيبقى ضابط
ويدافع عنكم
يفدى النيل بحياته
وحياته منكم
• أول أغنية بدون أوركسترا
فى الكثير من حلقات برنامج الموسيقار الشهير (عمار الشريعى) (غواص فى بحر النغم) تناول ألحانا عديدة للموسيقار محمد فوزى، شرح من خلالها مواطن العبقرية والجمال والتطوير التى تميز بها إبداعه وتجاربه الموسيقية.. ضمن هذه الحلقات تناول تجربة فريدة للموسيقار محمد فوزى وهى أغنية (كلمنى طمنى)..
قال الشريعى : (إن محمد فوزى لم يكن له شبيه.. كان مستشرفا ناظرا دائما لبعيد.. شايف شيء تانى غير اللى حاصل فى وقته.. حياته مجموعة من تجارب موسيقية كثيرة جدا، ربما لا يخلو لحن لمحمد فوزى من تجربة، من فكر موسيقى خاص جدا.. أهم هذه التجارب على الإطلاق غنوة (كلمنى طمنى) لأنها غنوة بلا موسيقى أقصد (بلا فرقة موسيقية.. غنوة من البشر وإلى البشر فقط هم الذين يغنون.. هو يغنى شخصيا والكورال يرد عليه.. مجموعة تعمل (كونتر باصات) ومجموعة (وتريات) غليظة ومجموعة كمنجات.. وتم تقسيم الحكاية لأدوار.. فهناك ثلاثة أدوار كتبها فوزى موسيقيا لثلاث مناطق.. كورال (الباصات) رجال.. (كمنجات) الستات.. كورال حقيقى يغنى وفوزى يغنى، الحكاية كانت محسوبة ومكتوبة بفكرة تخص فوزى وغير مسبوقة.
كتب كلمات أغنية (كلمنى طمنى) الشاعر حسين السيد.
• أول من قدم أغانى الفرانكو آراب
فى الستينيات من القرن الماضى قدم محمد فوزى أول أغنية فرانكو آراب (يا مصطفى يا مصطفى) قام بغنائها اثنان من مطربى ذلك الزمان برونومورى شقيق الفنانة العالمية داليدا والمطرب بوب عزام فى عام 1961 ضمن فيلم (الحب كده) بطولة صلاح ذو الفقار وصباح.. وبعد ظهور الأغنية فى السينما انطلقت عشرات النسخ التى لا حصر لها من هذه الاغنية مترجمة إلى العديد من اللغات منها الإنجليزية والفرنسية والإيطالية وصولا إلى اللغة الأردية.. وظلت الأغنية ضمن أفضل عشرين أغنية على مستوى العالم لفترات طويلة، كما وصلت للمركز الأول فى فرنسا عدة مرات ورقصت على أنغامها فاتنات العالم.
يا مصطفى كلمات الشاعر سعيد المصرى يقول فيها :
Cheri je t´aime
Cheri je t´adore
Como la salsa
Del pomodor
يا مصطفى يا مصطفى
أنا بحبك يا مصطفى
سبع سنين فى العطارين
دلوقتى جينا يا مصطفى
Chez maxim
تعالى يا مصطفى يا بن السرحان
جيب تعميرة عجمى
ولف ع الجيران
وأما يجى كيفه كيفه
يشرب على كيفه كيفه
Quand je t´ai
Vu sur balcon
Tu mas dit-mont
Et ne d´lacon vefait
لم تكن هذه الأغنية الوحيدة الفرانكو آراب التى قدمها الموسيقار محمد فوزى ولكن قدم أيضا أغنية (فطومة أنا قلبى حبك).
• أول مصنع وشركة للأسطوانات
أسس الموسيقار محمد فوزى أول مصنع لإنتاج الأسطوانات بالشرق الأوسط.
ويقول توفيق الحو ابن شقيق محمد فوزى : (من أجل هذا المصنع وبالتحديد عام 1958 باع محمد فوزى أرضه التى كان وارثها عن والده وكانت مساحتها فدانين وخمسة قراريط.. وأسس أول شركة لإنتاج الأسطوانات التى أنتج من خلالها أغانى كبار المطربين أمثال أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب.
ويقول د. زين نصار: (محمد فوزى هو أول فنان فكر فى دعم اقتصاد بلده بتوفير العملة الصعبة للدولة، فقد كانت الأغانى تسجل على أشرطة ثم تذهب إلى اليونان ثم تعود إلينا على اسطوانات.. فأسس شركة (مصرفون) لإنتاج الأسطوانات وكانت ضربة موجعة للمحتكرين الأجانب فى مصر لثلاثة أسباب: الأول أن أسطوانة فوزى صناعة محلية فكانت رخيصة السعر، ثانيا غير قابلة للكسر ثالثا عادت على أصحاب الأغانى بالمنفعة.
• أول من وضع حق الأداء العلنى
نسف محمد فوزى النظام الأجنبى الذى كان مسيطرا ، حيث كانت شركات الإنتاج تتعاقد مع المطربين على منحهم قيمة مالية محددة مقابل استغلال أغانيهم ، دون أن يكون لهم أى حق بعد ذلك فى المطالبة بأى مبالغ خارج المنصوص عليها فى العقد ، فى حين كانت هذه الشركات تحقق أرباحا طائلة من بيع الأسطوانات وتعيد طبع آلاف النسخ منها.. وكان لفوزى الفضل فى وضع نظام جديد يعرف بحق الأداء العلنى للفنان.
وضع محمد فوزى فى مشروعه الوطنى كل مدخراته وباع كل ما يمتلك من أراض وعقارات ، ومن شدة انبهار الجميع بما فعله ، فقد افتتح مشروعه وزير الصناعة آنذاك د. عزيز صدقى فى 30 يوليو1958 وأثنى على وطنيته وتوفير النقد الأجنبى للاساسيات التى تحتاجها الدولة
ويضيف توفيق الحو :
(لم تتوقف مجهودات فوزى فى دعم الدولة عند هذا الحد ولكن كان فعالا ومحمسا لأصدقائه من الفنانين فى رحلات قطار (الرحمة) التى كانت تسيرها الثورة فى عام 1953 بين مديريات الوجهين البحرى والقبلى.. وقدم جانبا من فنه وأغانيه مع الفنانين الآخرين لمواساة المرضى فى المستشفيات وفى مراكز الرعاية الاجتماعية).
ورغم كل هذا اجتاح التأميم محمد فوزى (ومصر فون) فى نهاية عام 1961.. ولم يعبأ أحد بقيمة الفن ولا العمل الوطنى الذى كان يقدمه محمد فوزى..
ويقول د. زين نصار: (كان اليوم الذى صدر فيه قرار التأميم هو الأسوأ فى حياة محمد فوزى. فقد تمت مصادرة أمواله التى كانت تبلغ ثمانية وأربعين ألف جنيه.. وتم تأميم مصنعه وشركته (مصرفون) التى تحولت إلى شركة صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات الحالية !! اتنقط الرجل وأصابه المرض الذى أودى بحياته).
• أول من قدم الأفلام الملونة
لم تقتصر ريادة محمد فوزى فى عالم الموسيقى فقط ، بل امتدت إلى عالم السينما ، حيث كان أول من قدم الأفلام الملونة للسينما المصرية.. فيلم (الحب فى خطر) الذى شاركته البطولة فيه النجمة صباح الذى كتب روايته.. الذى تم عرضه فى عام 1951 ليسبق فيلم (دليلة) لعبدالحليم حافظ بخمسة أعوام.. وفى نفس العام أنتج ثانى الأفلام المصرية الملونة (نهاية قصة) شاركته البطولة فيه سمراء الشاشة مديحة يسرى.. وهو الفيلم الذى ِشهد ميلاد قصة الحب الشهيرة بين فوزى ومديحة يسرى.
• أول أغنية لعيد الميلاد
وإذا كان فيلم «نهاية قصة» شهد ميلاد قصة الحب بين النجمين الشهيرين فوزى ومديحة.. فإنه شهد أيضا على ظهور أول أغنية لعيد الميلاد فى تاريخ السينما المصرية التى لحنها وغناها فوزى لمديحة يقول مطلعها:
يا نور جديد فى عيد سعيد
ده عيد ميلادك أحلى عيد
ويقول توفيق الحو ابن شقيق محمد فوزى: «تزوج فوزى ثلاث مرات فى حياته.. الأولى عام 1943 بزوجته السيدة هداية وأنجب منها المهندس نبيل والمهندس سمير والدكتور منير بجامعة عين شمس أطال الله عمره.. وانفصل عنها عام 1952 ثم تزوج بالفنانة القديرة مديحة يسرى وأنجب منها عمرو عام 1955 وقد توفى لها ابنان من محمد فوزى وانفصل عنها عام 1959.. وفى عام 60 تزوج بزوجته الثالثة الفنانة كريمة «فاتنة المعادى» وأنجب منها ابنته الصغرى إيمان وظلت معه حتى وفاته.
لم تكن ريادة محمد فوزى فى عالم الموسيقى والسينما إنتاجا وتمثيلا وغناء وكتابة قصة فقط، ولكن ريادته امتدت أيضا إلى اكتشاف المواهب والنجوم.
• أول من قدم الفنانة شادية
منذ سنوات قدمت الإذاعة المصرية حلقة خاصة عن الفنانة الكبيرة شادية.. روت فيها بصوتها عن بداياتها التى كانت على مكتشفها العبقرى محمد فوزى وكان عمرها ثلاثة عشر عاما، حيث أسند لها أول دور تقوم به أمامه فى فيلم «العقل فى إجازة» الذى عرض عام 1947 من إخراج حلمى رفلة.. وكيف وضع لها فوزى أسلوب الغناء من خلال أول لحن قدمه لها غنوة «صباح الخير».. والعديد من الأغنيات، من أشهرها أغنية «لقيته وهويته» من كلمات الشاعر أبوالسعودى الإبيارى وغنتها شادية فى فيلم بنات حواء عام 1954.
ومع الموسيقار بليغ حمدى له أكثر من حكاية.. فالموسيقار محمد فوزى هو من أنتج لبليغ حمدى أول ألحانه للفنانة فايزة أحمد التى كتبها عبدالوهاب محمد وهى «ماتحبنيش بالشكل ده».. وفوزى أيضا هو من قدمه لكوكب الشرق أم كلثوم التى استمعت إلى بليغ لأول مرة فى منزل محمد فوزى.
فى أحد حوارات الموسيقار كمال الطويل قال: «كان فوزى تربطه صداقة بعبدالوهاب.. وقال له فوزى إنه يريد أن يسمعه لحنا جديدا لملحن يبدأ الطريق واسمه كمال الطويل.. رحب عبدالوهاب.. وذهب فوزى ومعه الطويل.. واستمع إلى لحن «على قد الشوق».. وكان تعليقه «يعنى»!!.. وشعر الطويل أن لحنه لم يرض الأستاذ وبالتالى لايجوز أن يقدمه للجمهور.. وشعر الطويل بخيبة الأمل.. ولكن وهما فى طريق العودة.. قال فوزى للطويل: لحنك رائع يا كمال.. هيكسر الدنيا قدمه كما هو للناس وأوعى تغير أى جملة موسيقية.
وأخذ الطويل بنصيحة فوزى.. وقدم اللحن الذى كتب شهادة ميلاد ثلاثية الأبعاد لكل من الطويل ملحنا وحليم مطربا وعلى إسماعيل موزعا.. وكان النجاح مدويا كما توقع فوزى.
وغيرها من القصص والروايات تكشف إلى أى مدى كان فوزى فنانا وإنسانا فوق العادة.
غنى فوزى لأكبر الشعراء فى عصره: أحمد رامى.. على محمود.. بيرم التونسى.. مأمون الشناوى.. فتحى قوره.. أبوالسعود الإبيارى وغيرهم.. وغنت من ألحانه أجمل الأصوات: محمد قنديل.. صباح.. نور الهدى.. هدى سلطان.. رجاء عبده.. محمد عبدالمطلب.. نازك.. وغيرهم.. وقدم أكثر الثنائيات الغنائية شهرة.. ومن أهمهما ثنائى «شحات الغرام» مع المطربة ليلى مراد فى فيلم «ورد الغرام» الذى اعتبره النقاد من أشهر الثنائيات فى تراث الغناء العربى.
يقول د.زين نصار الناقد والمؤرخ الموسيقى: «لم يكن فوزى سابق عصره فى الجملة الموسيقية فقط من حيث مدتها وثقلها وشاعريتها.. وإنما كان سابقا فى خفة ظله ورشاقة جملته الموسيقية والتقطيعات بينه وبين ليلى مراد.. كان لها شكل متساو .. شكل موسيقى يخطف القلب.. شحات الغرام وضع كلماته الكاتب والشاعر بديع خيرى.. ووضع موسيقاه العبقرى محمد فوزى فى صورة حوارية بدأها:
فوزى: شحات ومد إيديه
وكسر خطره حرام
ليلى: حدفه الهوا هنا ليه
فوزى: طالب تحنو عليه
ليلى: ونحن قوللى بإيه
فوزى: ارموا له نظره ولا ابتسامه
حسنة وتنفع يوم القيامة
ليلى: يعطيك الله يعطيك
فوزى: والنبى إحسان لله
ليلى: قلت على الله
فوزى: وأنا قلت كمان لله
ليلى: اسرح لله.. روح لله
يا شحاتين الغرام على الله
فوزى: يا أرق خلق الله
ضيف الجمال مكروم
ليلى: هو احنا ضيفناه
فوزى: ماتردنيش محروم
ويظل الحوار مستمرا بين طلب ورجاء.. وتمنع ودلال، إلى أن يحظى شحات الغرام بميعاد.
فوت بكره خمسة تمام
من قدم شيء بيداه
يلقاه وكله على الله
ولم ينته بعد الحديث عن الموسيقار العبقرى والنجم السينمائى خفيف الظل وكازانوفا الشرق.. ولا الإنسان الاستثنائى والفنان فوق العادة. فكلما بحثت.. اكتشفت.
• أول مسحراتى
فهو أول من لحن المسحراتى للإذاعة المصرية وقدم «مسحراتى فى شارع النجوم» ليوقظهم بكلمات الشاعر عبدالعزيز سلام التى يبدأ «ياعبادالله وحدوا الله.. آدى وقت الاستغفار والطلب من الله.. يأهل السينما والمزيكا والمغنى شهر كريم.. الصوم فيه بيودى الجنة.. يا عبادالله».
وقد خص فوزى الفنانين بأسمائهم.. ومنهم الفنانة هند رستم: «هند لكن مش هندية.. مغرية ولا هيش لعية.. فى السينما تعرف مفاتنها.. وفى بيتها أخلاقها قوية.. قلبها أبيض زى جمالها.. عاقلة صحيح وبتمشى فى حالها.. وتصوم دايما ولاتفطرش.. قومى يا هند اتسحرى يا ختى يا عبادالله وحدوا الله».
ولعبدالحليم حافظ قال: «ياعندليب يا سمر.. ياللى مالكش نظير.. قوم وصلى واتسحر.. يزيد عليك الخير.. صوتك يرد الروح وينبه الوجدان.. والطير وسط الدوح سمعك بقى نشوان.. يقول معاك يا حليم.. اللى طلع له نهار لما تقول يا حليم نار يا حبيبى نار.. يا عبادالله وحدوا الله».
ولكوكب الشرق أم كلثوم «أصحى يا ثومه يا غالية.. واتسحرى سحور العافية.. ياللى فى صوت ألف كمنجه.. بترقص فى قلوبنا البهجة.. صوتك جميل يسحر قلوب البشر.. وإن قولتى آه يدوب الحجر.. سمعت صوتا هاتفاً نادى فى السحر.. نادى من الغيب غفاه البشر.. يا عبادالله وحدوا الله».
مرت قرابة الخمسين عاما على رحيل محمد فوزى ولم تختلف آراء أهل الفن أو جمهوره ممن عاصروه أوعرفوه أو شاهدوه من خلال أعماله الفنية أو على المستوى الشخصى والإنسانى عن أنه فنان عاش مخلصا لفنه مبدعا ومجددا.. وإنسانا وطنيا مؤمنا بواجبه فى الارتقاء بالفن، حتى تظل مصر رائدة الفنون فى العالم العربى. •


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.