طوال شهر رمضان الكريم انتشرت عربات الفول بشكل غير معقول لدرجة أن معظم الشوارع تكاد لا تخلو من عربة أو عربتين للفول.. اللافت للنظر أن هذه العربات بعد أن كانت مقصورة على عم عبده أو عم شعبان الرجل البسيط الذى يحاول أن يكسب قوت يومه من وراء هذا المشروع.. دخلت فئة أخرى داخل هذه الدائرة لتجد لنفسها مخرجا من البطالة أو تسلية فى وقت الفراغ أو مواكبة موضة العصر.. إنهم شباب الألفية الجديدة.. شباب الفيس بوك الذين إذا أرادوا قرروا وإذا صمموا نفذوا ومع الكثير من الجهد والابتكار استطاعوا أن يثبتوا للمجتمع كله أنهم قادرون على صنع النجاح وتثبيت أرجلهم داخل منظومة المجتمع الذى كان لا يعبأ بهم فأصبح منبهرا بهم. وبما أن شهر رمضان من أهم المواسم التى تقوم بشكل أساسى على الطعام فكر شباب الجامعات الخاصة من ذوى الطبقات الراقية والمستوى المعيشى الميسور أن ينفذوا مشروعا بسيطا برأس مال لا يذكر وفى نفس الوقت يحمل طابع الروشنة وروح الشباب فملأوا شوارع الميادين بعربات الفول المطهو بطرق مبتكرة والمقدم بطريقة فنادق الخمس نجوم على يد شباب زى الورد راق ومتحضر ويلبس القفازات البلاستيكية والزى الموحد.. بل تباروا فى أن يجلب كل منهم زبونه بتحقيق الاختلاف والتميز.. فالآن يمكنك أن تأكل طبق فول يتراوح سعره ما بين 10 و 20 جنيها لأنه مصنوع بأيدى شباب الجامعة الألمانية أو الأمريكية. عن ظاهرة انتشار عربات الفول «الشبابية» كان لنا هذا التحقيق. • فول ولا بطاطا أحمد محسن أو ماچو 27 عاما خريج الأكاديمية البحرية تخصص الخدمات اللوجيستية وصاحب مشروع By bike يقول: باى بايك تقدم كل الأكلات الموسمية، بمعنى أنه فى الشتاء كنا نقدم البطاطا المشوية ونضع عليها الصوصات مختلفة النكهات أما فى عيد شم النسيم فقدمنا الرنجة بطرق طبخ مختلفة أما فى شهر رمضان فكان الخيار المتاح أمامنا -حسب توصيات المعجبين على صفحتنا على الفيس بوك - إما أن نقدم الكنافة بالبطاطا بالإضافة إلى الحلويات والمشروبات الرمضانية، أو أن نقدم عربية الفول للسحور فى الشهر الكريم وكان القرار حاسما أن نقدم الخيارين البطاطا التى اشتهرت بها «باى بايك» للتحلية بعد السحور والفول البيتى فى قعدة رمضانية مختلفة... والحمد لله منذ بداية شهر رمضان ونحن لدينا قوائم انتظار عديدة قبل بدء السحور وعليه قمنا بزيادة عدد الطاولات والكراسي.. الفكرة فى باى بايك تقوم أساسا على استخدام الطرق الجديدة والمختلفة فى الطهى فبالنسبة للفول والبيض والجبنة نقدمها بطرق بعيدة عن الطرق التقليدية وباستخدام بهارات جديدة تعطى مذاقا مختلفا، كذلك نلاقى إقبالا كبيرا على الباذنجان المخلل.. فالناس تشعر أنها تجلس على طاولات فى الشارع ولكن يقدم لها خدمة المطاعم والكافيهات: حيث يقدم الطعام مجموعة من الشباب ترتدى زيا موحدا. أحب أقول إننا اليوم أصبحنا فريقا مكونا من 14 فرداً وموجودون فى الشارع ب 6 عجلات المكان الرئيسى لنا فى شارع الميرغنى بمصر الجديدة حيث يقام السحور وحفلات العود ولنا عجلة فى خيمة اسمها «ع البرج» فى برج القاهرة وأخرى فى المنيل فى مول بلو بلو وأخرى فى ووتر واى بالتجمع الخامس وتلقينا شكرا من وزارة السياحة بسبب هذه الفكرة وكان شيئا عظيما ومحمسا لنا قريباٍ سيكون لنا عجلة فى محافظة بورسعيد. ونحمد الله على أننا انطلقنا من فكرة بسيطة وهى عجلة «باى بايك» لتصل إلى عدة عجلات وفروع فى المحافظات. ولكن مع الأسف نواجه صعوبة كبيرة فى استخراج التصاريح اللازمة للعمل بشكل رسمى حيث قدمنا أوراقا كثيرة للحى ولم نتلق أى إجابة حتى الوقت الراهن. سنعود لاستكمال صنع الحلويات النشاط الرئيسى ل «باى بايك» وسيكون لنا عجلة فى الساحل الشمالى تلبية لدعوة أماكن كثيرة وسنواصل تقديم منتجات مختلفة وغير موجودة بالمطاعم والفنادق كالبطاطا وخلافه وفى نفس الوقت هى مطلوبة من فئات متعددة من المواطنين وسنقدمها بطريقة جيدة ونظيفة.. • وأد فى المهد: أما المهندس عبدالرحيم سيد 24 عاما خريج الجامعة الألمانية دفعة 2014 تخصص هندسة ميكاترونكس.. فيروى قصته التى لم تكتمل مع «عربة الفول»: «أنا شاب فى بداية حياتى أود أن أكون نفسى دون الاعتماد على أهلى فبعد إتمامى الخدمة العسكرية لم يكن لدى أى فرصة للعمل فى أى شركة ففكرت فى أن أنفذ مشروعا لعربة فول مع بداية شهر رمضان وخاصة أنه مشروع مضمون المكسب حيث إن هذه الفكرة أصبحت رائجة وتلقى صدى جيدا عند الشباب وكنت أنتوى أن أخاطب فئة معينة من الزبائن وهم قاطنو منطقة المعادى وتحديدا فى شارع 9 ولكن لم يتمكن مشروعى أن يرى النور لأننى منذ أول يوم وقفت فيه بهذه العربة هاجمتنا البلدية وأخبرتنا أن هذا الشارع تحديدا لا يمكن أن نقف فيه لأن رئيس الوزراء الأسبق يقطن هذا الشارع ولم يكن بوسعى أن أنقل العربية إلى أى مكان آخر لأن الهدف من المشروع هو استهداف سكان المعادى من الطبقات الراقية.. فكنت سأشترى قدرة الفول جاهزة من السيدة عيشة أو من عزبة خير الله فى حدود ال500 أو 700 جنيه.. وعربة الفول نفسها مستعملة فى حدود 1500 لألفى جنيه، أما إذا كانت جديدة ففى حدود الأربعة آلاف جنيه وبعد دراسة للسوق وجدت أن المشروع برمته سيكلفنى 5 آلاف جنيه العربة بالعدة بالخامات وذلك دون الفراشة لأنها أكثر الأشياء تكلفة فى هذا المشروع وكنت سأبيع طبق الفول فى حدود العشرة جنيهات.. البيض الأومليت السادة ب 11 جنيها وبالبسطرمة 13 جنيها وكنت أنتوى أن أصمم قعدة رمضانية تشبه أجواء قهوة الفيشاوى بالحسين.. ولكن المشروع لم يتوقف بسبب البلدية فحسب بل كانت عائلتى من الأسباب الرئيسية فكانوا يرفضون أنه بعد صرف كل هذه المصاريف الطائلة على دراستى بالجامعة أن أقف بعربة فول فخافوا على مظهرى وصورتى الاجتماعية وتشاجرت كثيرا معهم بسبب تلك النظرة. ويستطرد قائلا: «لم أتخل عن مشروعى فأنا أرى أنه ما من أحد يمكنه أن يستمر فى تلك «السبوبة» طوال حياته فمن حق كل إنسان أن ينفذ مشروعا يأخذ منه ما يريد ثم يتركه ويبحث عن آخر وأعتقد أن عربة الفول ستفقد بريقها بعد شهر رمضان، فلن يكون هناك إقبال عليها أو تحقيق مكاسب كبيرة إلا فى هذا الشهر الكريم وأكيد لن نعطى جودة أو طعما مميزا للفول مثل من كانت هذه هى مهنتهم نحن فقط من الممكن أن نعطى شكلا مختلفا وروحا شبابية خفيفة. وأنا الآن اضطررت للعمل مع والدى فى تجارة السيارات المستعملة حتى أجد المهنة التى أحبها وتحديدا أن أنفذ مشروعى الخاص بعيدا عنهم وبذمة مالية منفصلة عنهم هذا أفضل بكثير. •2300 جنيه كانت لدى فكرة الوقوف بعربة فول منذ العام الماضى حيث وجدت العديد من الناس فى الشارع يتكسبون جيدا من هذا المشروع وقبل شهر رمضان بأربعة أيام قررت أن أنفذ المشروع ولن أخسر شيئا.. هذا ما قاله المهندس أحمد صلاح 31 عاما خريج هندسة المطرية تخصص ميكانيكا باور ويستطرد: «واخترت المكان الذى سأقف به بالعربة وتحديدا فى شارع جانبى قبل مجمع مطاعم تيفولى دوم بمصر الجديدة واتفقت مع ابن عمى على ترتيب كل شيء». بدأت باستئجار عربة الفول والفراشة من طاولات ومقاعد وكلفنى ذلك 2300 جنيه وكنت قد توقعت أن تجلب لى العربة ألف جنيه كمكسب يومى فى أقل التقديرات لأن الخامات التى نستخدمها ليست باهظة التكاليف الفول والطعمية والبطاطس والمياه الغازية والمعدنية فلا تزيد على 150 جنيها ولكن مع الأسف كان صافى هامش الربح فى اليوم حوالى 550 جنيها ويرجع السبب لأننى اعتمدت فى هذا المشروع على المعارف والأصدقاء وأصحاب ابن عمى وأخي.. واعترف أننى ارتكبت خطأ كبيرا لأننى لم أدرس المشروع جيدا ولكن الحمد لله لم أخسر كثيرا فقط «جايبة حقها» ويمكن السبب فى ذلك لأن اختيار المكان عليه عامل كبير فى تحقيق الربح والمكان الذى اخترته «ليس عليه رجل كثيرة». ويكمل: «قدرة الفول اتفقت مع شخص أن أشتريها منه يوميا، كنت فى البداية أشترى قدرة كبيرة فكان هناك هدر كبير، كنت أشتريها بمائة جنيه الآن أشتريها بخمسين جنيها فقط وأما البطاطس فكنت فى البداية أشترى البطاطس النصف مقلية ال 2 ونصف الكيلو ب 25 جنيها ولكننى كنت اخسر كثيرا فبدأت أشترى البطاطس من السوق مقشرة ومقطعة الثلاثة كيلو ب 15 جنيها وأقليها عند الطلب أما عجينة الطعمية، فكنت أشترى الكيس الواحد بثمانية جنيهات الآن أصبحت أشترى الثلاثة أكياس ب 15 جنيها أما البطاطس البوريه والسلطات فوالدتى تطهوها لى لأنها غير مضمونة أن أشتريها من الخارج.. فوفرت مبلغاً من الأموال. فضلا عن أننى أعطى يومية للشاب الذى يطهو الطعام وحرصت على أن يرتدى قفازا بلاستيكيا لضمان سلامة الطعام من التلوث. كان هدفى من عربية الفول أن أجرب حظى فى هذا المشروع وأكتسب خبرة واتكسب مالا يساعدنى فى مشروعى الآخر وهو محل «بلاى ستاشين» وبعد هذه التجربة قررت أن أكرر مشروع عربة الفول فى رمضان المقبل وإن شاء الله فى كل رمضان وذلك بعد مراجعة أخطائى فى هذا المشروع سأستفيد من ذلك فى المشروع المقبل.•