أصبح اسم سعيد الشيمى على مدار السنوات مدرسة فى عالم التصوير السينمائى، مدرسة أسسها على مدار سنوات بالخبرة والتجربة والثقافة، مدرسة لها مريدوها من مخرجى جيله ومن جمهوره الذى شهد معه مرحلة جديدة من كسر التابوهات والخوض فى عالم سحرى غير مألوف اقتحمه بكاميرته وغاص بهم فى الأعماق ليحقق حلم طفولته بالتصوير تحت الماء . عاطف الطيب، محمد خان، نادر جلال وعلى بدرخان وغيرهم من المخرجين نجحوا بحماس وكادرات سعيد الشيمى وحققوا معا الكثير من النجاحات على مدار السنوات وحصدوا العديد من الجوائز، التقيت به ليحدثنى عن عالمه الخاص وعالمه السحرى وخبراته التى يحرص على نقلها إلى الموهوبين من الشباب الشغوفين بالسينما وبمعشوقته «الكاميرا». • تقدم ورشة خلال فاعليات مهرجان الإسكندرية السينمائى منذ أكثر من عام .. كيف بدأت الفكرة وتطورت؟ طرحت الفكرة على دكتور وليد سيف فى فترة رئاسته للمهرجان واقترحت عليه ورحب جدا بالفكرة وكانت ورشة ناجحة جدا فى هذه الدورة وكان الإقبال عليها كبيرا ومن يومها ونحن مستمرون فى كل دورة، فغالبية شباب الإسكندرية يقبلون على الورشة بشكل كبير، فهناك الكثير من الموهوبين الشغوفين بالسينما ويستفيدون منها ويقدمون أفلاما يدخلون بها مهرجانات ويحصدون الجوائز . • إذا هل ترى أملا فى مجال التصوير السينمائى وأنها ستفرز مواهبها ونجومها من الأجيال الجديدة؟ سأخبرك شيئا، فأنت بكاميرا موبايل الآن تستطيعين تصوير فيلم فأصبحت ثقافة الصورة شيئا مصاحبا لنا ليل نهار، فالشاب الموهوب فى التصوير الذى قد يكون لم يفكر فى السينما من قبل جعله هذا يريد أن يقدم أفلاما أو حتى يعبر عن نفسه بفيلم عن طريق الصور، ولكن من يدرس معى فى الورشة يبدأ يفهم ما الذى تعنيه اللغة البصرية وتكوين الكادر وترتيب عناصر هذا التكوين وكيف تكون الإضاءة الدرامية واستخدام العدسات وعيوبها ومزاياها واستخدام الألوان ومعانى الحركة، كل هذه التفاصيل الصغيرة تعد أساس اللغة السينمائية وأنا أعلمها لهم بشكل مكثف فى أيام قليلة، ولكن هناك شباب منهم حصلوا على جوائز فيما بعد . • كلمنى عن ذكرياتك مع هذا المهرجان خاصة أن بداياتك كانت معه فى مرحلة «ضربة شمس وسواق الأتوبيس»؟ عام 79 كان أول مهرجان فى الإسكندرية وكان فى شهور الصيف، وكنت أنا ومحمد خان فى القاهرة وسافر نور بالفيلم للمهرجان، وجدت وقتها أحد المنتجين المعروفين يكلمنى بعد أن وجد صعوبة فى الحصول على رقمى لأن الأمور لم تكن بالسهولة التى هى عليها الآن، ويخبرنى بأن أُحضر محمد خان وأذهب إلى الإسكندرية على الفور للحصول على جائزتنا فى مهرجان الإسكندرية .. محمد خان أحسن إخراج ونور أحسن إنتاج وسافرنا على الفور إلى الإسكندرية وكانت أول مرة فى حياتى أحصل على جائزة فى فيلم روائى طويل رغم حصولى على جوائز قبلها فى أفلام تسجيلية، وكان واقعا جميلا فى مرحلة ما فى حياتى واستمر المشوار حتى الآن وتتوج بحصولى على 37 جائزة فى حياتى بخلاف التكريمات، وأشعر بالفضل دائما تجاه مهرجان الإسكندرية، خاصة فى السن الصغيرة يمثل هذا عنصر إبهار للفنان ويصبح ذكرى جيدة، وهذا ما يدفعنى لتقديم ورشة كل عام مع الشباب . وإذا كان لدى الوقت استغل الفرصة لمتابعة الأفلام . • هل التطور التكنولوجى الذى جعل التصوير متاحا للجميع أغرى الكثير من المواهب ليصبحوا من نجوم هذا العالم وراء الكاميرا بعد أن كانت النجومية لفترة طويلة حكرا على من هم أمام الشاشة؟ أصبح كثيرون ممن لم يفكروا فى أن يصبحوا سينمائيين لديهم الرغبة فى التعلم لأن الآليات أصبحت متاحة، فأنا من وجهة نظرى هناك جيل سيخرج للنور يفكر بالسينما ولديه الموهبة وهذا لم يكن متاحا من قبل بهذه الكثرة، خاصة مجال التصوير السينمائى فالناس أصبحت تنتبه لمن هو وراء الكاميرا وأصبحت لدينا ثقافة الصورة وأصبح هناك سينما الموبايل ويُعرض فى السينمات وتقام له مهرجانات، ولكن هذا يشترط أن يكون لدى الشخص الرؤية ولديه ما يريد أن يقدمه ولديه وجهة النظر الخاصة به . • وهل التطور الملحوظ فى الصورة وجاذبيتها الشديدة طغى على نوعية المحتوى نفسه وأهميته؟ السينما تاريخها الذى بلغ 120 سنة كل فترة نجد شيئا ما جديدا ويأخذ فترة من الزمن ونحن الآن فى فترة ازدهار المؤثرات الخاصة فى السينما وأصبح لها باع كبير، وأنا بشكل شخصى مليت هذا وأعتقد أن هذا لن يستمر لأن السينما ارتباطها الأساسى هو بوجدان الإنسان من حب وعاطفة وقصص درامية وهذا هو الشيء الوحيد المستمر مع السينما منذ أن كانت صامتة وحتى الآن، أما المؤثرات وتكوين الصور بشكل افتراضى ببرامج الكمبيوتر فهو اصطناعى ليس له أى مذاق . • بمناسبة الحديث عن الصورة ومذاقها، سمعت الكثير عن مغامرات سعيد الشيمي، وابتكاراته لتصوير مشاهد صعبة وتوفير إمكانيات تسهل عليه هذه المهمة؟ يضحك قائلا، عندما بدأنا كان فى وقت النكسة ولم تكن إمكانياتنا فى مصر تسمح بأن نجلب معدات من الخارج وكان علينا أن نفكر فى حلول بسيطة لتقديم المشاهد، ولم يكن لدينا «كرين» مثلا وكنا فى حاجة إليه فى آخر شوت فى ضربة شمس، فاضطررت أن استخدم سيارة الكهرباء لتصوير مشهد مرتفع من أعلى الكوبري، وهذا حدث فى كل أفلامنا فى فترة السبعينيات والثمانينيات قبل دخول التكنولوجيا فاستعملنا أى شيء كان قد يساعدنا فى تسهيل مهمتنا ونبتكر أشياء، لم يكن لدينا mount ففى أحد المشاهد لتصوير مشهد فى سيارة اضطررنا للحام مواسير بشاسيه السيارة نفسها لأجلس على «طبلية» لتصوير أحداث فيلم طائر على الطريق لمحمد خان التى تدور داخل تاكسى من القاهرة إلى الإسماعيلية، الحاجة أم الاختراع وهذا ما دفعنى فى الكثير من الأوقات إلى التحايل على الظروف . • لو وضعنا محطات لحياة سعيد الشيمى بأسماء الأفلام، أيهما ستعتبره أهم محطة فى حياتك؟ أنا شخصيا كنت وما زلت هاويا ودخلت إلى المجال السينمائى من باب الثقافة والهواية، ولم أكن متأثرا سوى بالثقافة السينمائية أكثر من أى شيء آخر، ولعل تعلقى بالسينما الأوروبية هو ما أثر فى أعمالى فيما بعد وترك بصمة واضحة عليها، ومنذ بداية عملى فى السينما كانت الأمور تقليدية جدا فى السينما المصرية، وحاولت كسر كل هذه التابوهات والخروج منها، وصورت فى الشوارع والأماكن المفتوحة وخرجت من البلاتوهات، وهذا ما حمس كل الشباب من جيلى وعملنا معا وقمنا بتكوين مجموعات عمل مميزة وبها روح شبابية مثل عاطف الطيب ومحمد خان وعلى بدرخان ونادر جلال، أغلبية جيلى ومن هم فى سنى . كان لدى حلم متعلق بالتصوير تحت الماء وكنت مبهورا بفكرة التصوير تحت الماء، خاصة أفلام «أستير ويليامز» وقرأت كثيرا عن التصوير تحت الماء، وقمت بتحقيق هذا الحلم فعلا بعد أن أصبحت مصورا محترفا وقمت بتحقيق هذا الحلم فى فيلم «إعدام ميت» مع المخرج على عبدالخالق وتعلمت الغوص وقتها وقمنا بالتصوير فى سيناء وأردت إظهار كل هذا الجمال الذى نمتلكه، لذلك أعتبر كل هذه المحطات فى حياتى محطات مهمة ولا أستطيع تسمية أحدهما، كذلك مرحلة اتجاهى للكتابة وهى لم تكن فى ذهنى ولكن عام 96 قمت بكتابة كتاب عن التصوير السينمائى تحت الماء، تلاها كتاب عن تاريخ التصوير فى مصر وكان كتاباً موسوعيا كبيرا وبالتدريج قدمت مجموعة كتب وحتى الآن وصلت حصيلة كتبى إلى 18 كتابا عن فن التصوير . • من المواهب التى تراها الآن على الساحة فى فن التصوير السينمائي؟ ممن عمل معى هناك مواهب كثيرة مثل سامح سليم، أيمن أبو المكارم، إيهاب محمد علي، ذكى عارف، ابنى شريف الشيمى . • عملت مع كبار المخرجين فى تاريخ السينما المصرية، من مِْنْ الجيل الجديد ترى فيه الموهبة؟ أعجب جدا بالمخرج هانى خليفة ولكنى ألومه على كسله وتوقفه عدة أعوام بعد تقديمه لفيلم سهر الليالى . •