تعرف على موعد طرح كراسات شروط حجز 15 ألف وحدة سكنية بمشروع "سكن لكل المصريين"    تحرير سعر الدقيق.. هل سيكون بداية رفع الدعم عن الخبز؟    فرنسا تطالب إسرائيل بالسماح بدخول المساعدات لقطاع غزة بشكل فوري وواسع دون أي عوائق    انتخابات رومانيا.. مرشح المعارضة يعترف بهزيمته ويهنئ منافسه بالفوز    السفارة الأمريكية فى ليبيا ترحّب بتشكيل لجنة الهدنة فى طرابلس    فلسطين.. شهيد و13 مصابًا في غارة إسرائيلية على منزل في خان يونس    تأجيل محاكمة المتهمين بإنهاء حياة نجل سفير سابق بالشيخ زايد    نادية الجندى لعادل إمام: ربنا يديك الصحة بقدر ما أسعدت الملايين    على فخر: لا مانع شرعًا من أن تؤدي المرأة فريضة الحج دون محرم    تشخيص بايدن بنوع عدواني من السرطان    ملف يلا كورة.. أزمة عبد الله السعيد.. قرارات رابطة الأندية.. وهزيمة منتخب الشباب    مبابي في الصدارة.. تعرف على جدول ترتيب هدافي الدوري الإسباني    مجدي عبدالغني يصدم بيراميدز بشأن رد المحكمة الرياضية الدولية    ترامب يعرب عن حزنه بعد الإعلان عن إصابة بايدن بسرطان البروستاتا    الانَ.. جدول امتحانات الترم الثاني 2025 بمحافظة المنيا ل الصف الثالث الابتدائي    البرتغال تتجه مرة أخرى نحو تشكيل حكومة أقلية بعد الانتخابات العامة    محمد رمضان يعلق على زيارة فريق «big time fund» لفيلم «أسد».. ماذا قال؟    سعر الريال السعودي اليوم الإثنين 19 مايو 2025 في البنوك    سرطان عدواني يصيب بايدن وينتشر إلى العظام.. معركة صحية في لحظة سياسية فارقة    بعد إصابة بايدن.. ماذا تعرف عن سرطان البروستاتا؟    الكنائس الأرثوذكسية تحتفل بمرور 1700 سنة على مجمع نيقية- صور    إصابة شخصين في حادث تصادم على طريق مصر إسكندرية الزراعي بطوخ    تعرف على موعد صلاة عيد الأضحى 2025 فى مدن ومحافظات الجمهورية    موعد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    شيكابالا يتقدم ببلاغ رسمي ضد مرتضى منصور: اتهامات بالسب والقذف عبر الإنترنت (تفاصيل)    نجل عبد الرحمن أبو زهرة لليوم السابع: مكالمة الرئيس السيسي لوالدي ليست الأولى وشكلت فارقا كبيرا في حالته النفسية.. ويؤكد: لفتة إنسانية جعلت والدي يشعر بالامتنان.. والرئيس وصفه بالأيقونة    أسطورة مانشستر يونايتد: صلاح يمتلك شخصية كبيرة..وكنت خائفا من رحيله عن ليفربول    هل توجد زكاة على المال المدخر للحج؟.. عضوة الأزهر للفتوى تجيب    هل يجوز أداء المرأة الحج بمال موهوب؟.. عضوة الأزهر للفتوى توضح    أحكام الحج والعمرة (2).. علي جمعة يوضح أركان العمرة الخمسة    مصرع شابين غرقا أثناء الاستحمام داخل ترعة بقنا صور    لجنة الحج تعلن عن تيسيرات لحجاج بيت الله الحرام    الملك مينا.. البطل الذي وحد مصر وغير مجرى التاريخ| فيديو    رسميًا.. الحد الأقصى للسحب اليومي من البنوك وATM وإنستاباي بعد قرار المركزي الأخير    24 ساعة حذرة.. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم: «اتخذوا استعدادتكم»    القومى للاتصالات يعلن شراكة جديدة لتأهيل كوادر مصرفية رقمية على أحدث التقنيات    قرار تعيين أكاديمية «منتقبة» يثير جدلا.. من هي الدكتورة نصرة أيوب؟    البابا لاوون الرابع عشر: العقيدة ليست عائقًا أمام الحوار بل أساس له    في أول زيارة رسمية لمصر.. كبير مستشاري الرئيس الأمريكي يزور المتحف المصري الكبير    مجمع السويس الطبي.. أول منشأة صحية معتمدة دوليًا بالمحافظة    حزب "مستقبل وطن" بسوهاج ينظم قافلة طبية مجانية بالبلابيش شملت الكشف والعلاج ل1630 مواطناً    بتول عرفة تدعم كارول سماحة بعد وفاة زوجها: «علمتيني يعنى ايه إنسان مسؤول»    أحمد العوضي يثير الجدل بصورة «شبيهه»: «اتخطفت سيكا.. شبيه جامد ده!»    ننشر مواصفات امتحان مادة الرياضيات للصف الخامس الابتدائي الترم الثاني 2025    دراما في بارما.. نابولي يصطدم بالقائم والفار ويؤجل الحسم للجولة الأخيرة    وزير الرياضة يشهد تتويج جنوب أفريقيا بكأس الأمم الإفريقية للشباب    المستشار القانوني للمستأجرين: هناك 3.5 ملايين أسرة معرضة للخروج من منازلهم    تعيين 269 معيدًا في احتفال جامعة سوهاج بتخريج الدفعة 29 بكلية الطب    بحضور رئيس الجامعة، الباحث «أحمد بركات أحمد موسى» يحصل على رسالة الدكتوراه من إعلام الأزهر    إطلالات ساحرة.. لنجوم الفن على السجادة الحمراء لفيلم "المشروع X"    أسعار الذهب اليوم الإثنين 19 مايو محليا وعالميا بعد الارتفاع.. بكام عيار 21 الآن؟    رئيس الأركان الإسرائيلي: لن نعود إلى ما قبل 7 أكتوبر    مشروب طبيعي دافئ سهل التحضير يساعد أبناءك على المذاكرة    البابا لاون الثالث عشر يصدر قرارًا بإعادة تأسيس الكرسي البطريركي المرقسي للأقباط الكاثوليك    ما لا يجوز في الأضحية: 18 عيبًا احذر منها قبل الشراء في عيد الأضحى    9 وزارات تدعم الدورة الرابعة لمؤتمر CAISEC'25 للأمن السيبراني    تعليم الشيوخ تستكمل مناقشة مقترح تطوير التعليم الإلكتروني في مصر    رئيس «تعليم الشيوخ» يقترح خصم 200 جنيه من كل طالب سنويًا لإنشاء مدارس جديدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل هناك عقوبة دنيوية للردة؟
نشر في صباح الخير يوم 23 - 06 - 2015


كتب: د. سعد الدين الهلالي

لماذا نفتح هذه القضية الآن؟
لأنها هى القضية الأكثر سخونة.. ومازال تأثيرها قابعا أمام أعيننا.. كل مظاهر الإرهاب التى تحيطنا ربما تكون فرعا من أصل هذه القضية الساخنة.. وهى التى تستخدمها الجماعات التى ترهب العالم الآن كسلاح حاسم تدافع فيه عن نفسها!
الإسلام والردة، أخطر بحث للدكتور سعد الدين الهلالى.. أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر بدأناه الأسبوع الماضى وحدد معنى الكافر والمرتد والزنديق والمنافق والملحد واليوم يبدأ فى بيان موقف الإسلام النصى من الردة.

الفصل الأول
موقف الإسلام النصى من الردة
تمهيد وتقسيم
النصوص الشرعية هى المرجعية الأولى للأحكام المتعلقة بأفعال المكلفين، ولذلك رأى بعض الأصوليين استحسان إفراد الأدلة النقلية بالدراسة دون الأدلة العقلية، كما هو اتجاه ابن حزم الظاهرى ومن سار على نهجه.
وقد ترتب على هذا الاتجاه أن توهم كثير من الناس إمكان الإدلاء بالأحكام الشرعية العملية من النصوص الشرعية مباشرة، ومما غرهم بهذا الوهم ظاهر تعريف الأصوليين للحكم الشرعى بأنه: «خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع»، حيث إن المقصود بخطاب الله تعالى كلامه المتمثل فى القرآن الكريم وسائر الأدلة المعتبرة.
وقد ذهب محمد بن إسماعيل الأمير الصنعانى إلى هذا الاتجاه، فعرف الفقه بأنه: «تعلم قواعد الإسلام ومعرفة الحلال والحرام». والمراد به: معرفة الكتاب والسنة.
والحق أن الخطاب الشرعى لو احتسبناه حكمًا شرعيًّا عمليًّا لضاقت النصوص على المسائل، ولذلك كان اتجاه أكثر أهل العلم إلى أن خطاب الشارع ليس حكمًّا شرعيًّا متعلقًّا بأفعال المكلفين إلا عند الأصوليين المعنيين بتوجيه الخطاب؛ لأن الاستدلال بالمنقول لابد فيه من النظر العقلى. أما عند الفقهاء فالحكم الشرعى عندهم هو مفهوم المجتهد لمنطوق الشارع، ومن أشهر تعريفاتهم له، أنه: «الأثر المترتب على خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع». وقال بعضهم: إنه مدلول خطاب الشارع». وحتى يتميز الحكم الشرعى عند كل من الأصوليين والفقهاء فقد اصطلحوا على تسمية أنواعه بما يتفق مع حقيقته عند كل فريق. فعند الأصوليين الذين يرون الحكم خطابًا ذكروا أنواعه بما يصلح علمًا على ما خوطب به من تكليف أو وضع، فقالوا: إيجاب وندب وتحريم وكراهة وإباحة وسببية وشرطية ومانعية. وعند الفقهاء الذين يرون الحكم أثرًا للخطاب ذكروا أنواعه بما يصلح صفة للأفعال والأحداث، فقالوا: واجب ومندوب ومحرم ومكروه ومباح وسبب وشرط ومانع.
وسنسير فى هذا الفصل على منهج المستمسكين بالأدلة النقلية على أنها أحكام شرعية عملية متعلقة بالمكلفين بذات الخطاب لا بأثره المفهوم عند المجتهد، ومايترتب على ذلك من آثار فى قضية الردة وذلك فى مبحثين:
المبحث الأول
النصوص الشرعية فى الردة
الأدلة النصية أو النقلية لا تقتصر على الكتاب والسنة، بل يلحق بها الإجماع ومذهب الصحاب وشرع من قبلنا؛ لأن ذلك راجع إلى التعبد بأمر منقول محصن. كما أن الأدلة العقلية أو الاجتهادية لا تقتصر على القياس، بل يلحق بها الاستحسان والمصالح المرسلة إن قلنا برجوعها إلى أمر نظرى، وقد ترجع إلى النقل إن قلنا برجوعها إلى العمومات المعنوية.
وقد اتفقت النصوص الشرعية على ذم الردة وأهلها فى الدنيا والآخرة، ولكنها اختلفت فى تقدير عقوبتها الدنيوية، فبعضها لم يقدر للردة عقوبة، وبعضها قدر لها القتل عقوبة. ونبين ذلك من خلال الكتاب والسنة؛ لكونهما الأصل فى الأدلة النصية، وذلك فى المطلبين الآتيين:
المطلب الأول
النصوص الشرعية غير المقدرة لعقوبة الردة فى الدنيا
كان الحظ وافرًا للنصوص الشرعية غير المقدرة لعقوبة الردة فى الدنيا، وازداد هذا الحظ بثبوتها القاطع فى القرآن الكريم، وفى السنة الصحيحة. ونذكر طرفًَا من ذلك فيما يلى:
أولا: النصوص القرآنية: من ذلك ما يلى:
1- قوله تعالى: «ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم فى الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون» «البقرة: 217».
تنص هذه الآية الكريمة على أن المرتد يموت كافرًا، كما تنص على حبوط عمله فى الدنيا والآخرة، وأنه من أصحاب النار المخلدين فيها يوم القيامة. وحبوط العمل يعنى بطلانه حتى لو كان هذا العمل قبل الردة صحيحًَا، كالصلاة والصدقة. ولم تنص هذه الآية الكريمة على عقوبة فى الدنيا للمرتد.
2- قوله تعالى: «يأيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتى الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون فى سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم» «المائدة: 54».
تنص هذه الآية الكريمة على أن الله تعالى سيعوض المسلمين عن المرتدين مسلمين أقوى إيماناً يحبهم الله ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون فى سبيل الله ولايخافون لومة لائم. ولم تنص هذه الآية على عقوبة معينة للمرتد فى الدنيا.
يقول ابن كثير فى سبب نزول هذه الآية: «قال محمد بن كعب: نزلت فى الولاة من قريش. وقال الحسن البصرى: نزلت فى أهل الردة أيام أبى بكر. قال الحسن: قوله تعالى: «فسوف يأتى الله بقوم يحبهم ويحبونه»: هو-والله- أبو بكر وأصحابه. وقال أبو بكر بن أبى شيبة: سمعت أبا بكر بن عياش يقول فى قوله تعالى: «يحبهم ويحبونه» هم أهل القادسية. ويروى ابن أبى حاتم عن ابن عباس فى قوله تعالى: «يحبهم ويحبونه». قال: ناس من أهل اليمن ثم من كندة ثم من السكون».
3- قوله تعالى: «إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفراً لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا» «النساء: 137».
تنص هذه الآية الكريمة على أن المرتد المتكرر فى ردته حتى ازداد كفراً لم يستحق المغفرة ولا الرشاد إلى طريق الهداية؛ لما عليه من نفور متفاحل. ومع تكرار الردة فإن الله تعالى لم ينص على عقوبة معينة للمرتد فى الدنيا.. يذكر ابن كثير عن ابن أبى حاتم بسنده عن ابن عباس، فى قوله تعالى: «ثم ازدادوا كفرًا». قال: «تمادوا على كفرهم حتى ماتوا». وعن على أنه قال: «يستتاب المرتد ثلاثًا» ثم تلا هذه الآية.
4- قوله تعالى: «كيف يهدى الله قومًا كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات والله لا يهدى القوم الظالمين. أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون. إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم. إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرًا لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون» «آل عمران: 86-90».
تنص هذه الآيات الكريمة على أن المرتد لا يستحق الإعانة بالهداية؛ لظلمه، بل يستحق اللعنة والخلود فى النار يوم القيامة إن مات على ذلك، فإن تاب عن ردته وأصلح قبل الموت فإن الله غفور رحيم. ثم تنص الآيات على أن المرتدين والمزايدين فى ردتهم وكفرهم ولم يتداركوا أمرهم بالتوبة المصاحبة لصلاح الحال أنه لا توبة لهم فيما بقى لهم من أجل لا يتمكنون فيه من إصلاح ما أفسدوا؛ لأنهم أهل ضلال. ولم تنص هذه الآيات على عقوبة معينة للمرتدين فى الدنيا.
وفى سبب نزول هذه الآيات، كما يقول ابن كثير عن ابن جرير بسنده إلى ابن عباس، قال: كان رجل من الأنصار أسلم ثم ارتد ولحق بالشرك ثم ندم، فأرسل إلى قومه أن سلوا لى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، هل لى من توبة؟ فنزلت: «كيف يهدى الله قومًا كفروا بعد إيمانهم». إلى قوله تعالى: «فإن الله غفور رحيم». فأرسل إليه قومه فأسلم «وهكذا رواه النسائى والحاكم وابن حبان من طريق داود بن أبى هند به، وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه».
وأخرج عبدالرزاق عن مجاهد، قال: جاء الحارث بن سويد فأسلم مع النبى، صلى الله عليه وسلم، ثم كفر الحارث فرجع إلى قومه فأنزل الله فيه: «كيف يهدى الله قومًا كفروا بعد إيمانهم». إلى قوله سبحانه: «غفور رحيم». قال: فحملها إليه رجل من قومه فقرأ عليه، فقال الحارث: إنك-والله ما علمت- لصدق، وإن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لأصدق منك، وإن الله لأصدق الثلاثة. قال: فرجع الحارث فأسلم فحسن إسلامه.
5- قوله تعالى: «يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون. وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذى أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون. ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم» «آل عمران: 71-73».
تنص هذه الآيات على طائفة من أهل الكتاب قد آمنت وجه النهار فصلوا مع المسلمين صلاة الصبح، وكفرت آخره؛ ليقول الجهلة من الناس إنما ردهم إلى دينهم اطلاعهم على نقيصة وعيب فى دين المسلمين. وأن الله تعالى قد حذرنا من فتنتهم، فلا نأمن جانبهم؛ لأنهم يلبسون الحق بالباطل. ومع ذلك فإن الله تعالى لم يفرض عقوبة معينة للمرتدين فى الدنيا.
ثانيا: النصوص النبوية
ومن ذلك ما يلى:
1- ما أخرجه أحمد وابن ماجة عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده هو معاوية بن حيدة، أن النبى، صلى الله عليه وسلم، قال: «لا يقبل الله من مشرك أشرك بعد ما أسلم عملا حتى يفارق المشركين إلى المسلمين».
2- ما أخرجه ابن حبان والنسائى عن ابن عباس، قال: كان رجل من الأنصار أسلم ثم ارتد ولحق بالشرك، ثم تندم فأرسل إلى قومه سلوا لى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، هل لى من توبة؟ فجاء قومه إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقالوا: إن فلانًا قد ندم، وإنه أمرنا أن نسألك هل له من توبة؟ فنزلت الآية: «كيف يهدى الله قومًا كفروا بعد إيمانهم» إلى قوله تعالى: «فإن الله غفور رحيم» «آل عمران: 86-89». فأرسل إليه فأسلم.
3- ما أخرجه البخارى وترجم له بقوله: «باب من ترك قتال الخوارج للتآلف ولئلا ينفر الناس عنه»، عن أبى سعيد الخدرى، قال: بينما النبى، صلى الله عليه وسلم، يقسم-أى الغنيمة- جاء عبدالله بن أبى الخويصرة التميمى، فقال: اعدل يا رسول الله. فقال، صلى الله عليه وسلم،: «ويحك ومن يعدل إذا لم أعدل»؟ قال عمر بن الخطاب: إءذن لى فأضرب عنقه. فقال، صلى الله عليه وسلم: «دعه فإن له أصحابًا يحقر أحدكم صلاته مع صلاته وصيامه مع صيامه يمرق من الدين كما يمرق السهم من الرمية».
4- ما أخرجه مالك والبيهقى، عن عبدالله بن عبدالقارى عن أبيه قال: قدم على عمر بن الخطاب رجل من قبل أبى موسى الأشعرى، فسأله عن الناس، فأخبره. ثم قال له عمر: هل كان فيكم من مغربة خبر؟ فقال: نعم، رجل كفر بعد إسلامه. قال: فما فعلتم به؟ قال: قربناه فضربنا عنقه. فقال عمر: أفلا حبستموه ثلاثًا وأطعمتموه كل يوم رغيفًا واستتبتموه لعله يتوب ويراجع أمر الله؟ ثم قال عمر: اللهم إنى لم أحضره، ولم آمر، ولم أرض إذ بلغنى.
5- ما أخرجه عبدالرزاق والبيهقى وصححه ابن حزم، عن أنس بن مالك، أنه لما عاد من «تستر»- من أرض البصرة - قدم على عمر، فسأله: ما فعل الستة الرهط من بكر بن وائل الذين ارتدوا عن الإسلام فلحقوا بالمشركين؟ قال: يا أمير المؤمنين، قوم ارتدوا عن الإسلام ولحقوا بالمشركين قُتِلوا بالمعركة. فاسترجع عمر. قال أنس: وهل كان سبيلهم إلا القتل؟ قال عمر: نعم، كنت أعرض عليهم الإسلام، فإن أبوا أودعتهم السجن.
قال ابن حزم: «إن عمر بن الخطاب قال بالاستتابة -أى للمرتد- أبدًا وإيداع السجن فقط. قال: ووجوب القتال هو حكم آخر غير وجوب القتل بعد القدرة، فإن قتال من بغى على المسلم أو منع حقًّا قبله وحارب دونه فرض واجب بلا خلاف».
المطلب الثانى
النصوص الشرعية المقدرة لعقوبة الردة فى الدنيا
لم يرد فى القرآن الكريم نص ظاهر فى تقدير عقوبة الردة فى الدنيا، ولكن السنة المطهرة لم تخل من الأحاديث المقدرة لتلك العقوبة بالقتل، وهى عن عدد من الصحابة، منهم ابن عباس وأبو موسى ومعاذ بن جبل وابن مسعود وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلى بن أبى طالب وجرير وأبو هريرة ومعاوية بن حيدة وعائشة، ومن ذلك ما يلى:
1- ما أخرجه البخارى عن ابن عباس، أن النبى، صلى الله عليه وسلم، قال: «من بدل دينه فاقتلوه». وهو وارد فى مناسبة، عن عكرمة، قال: أتى على بزنادقة فأحرقهم، فبلغ ذلك ابن عباس، فقال: لو كنت أنا لم أحرقهم لنهى رسول صلى الله عليه وسلم،: «لا تعذبوا بعذاب الله». ولقتلتهم؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم،: «من بدل دينه فاقتلوه».
وأخرج الطبرانى فى الأوسط بإسناد حسن عن أبى هريرة، وبسند رجاله ثقات عن معاوية بن حيدة، وبسند فيه أبو بكر الهذلى، وهو ضعيف، عن عائشة، أن النبى صلى الله عليه وسلم، قال: «من بدل دينه فاقتلوه».
2- ما أخرجه الشيخان عن أبى موسى الأشعرى، أن النبى، صلى الله عليه وسلم، لما أرسله إلى اليمن قاضيًا أتبعه معاذ بن جبل، فلما قدم عليه، قال: انزل، وألقى له وسادة، وإذا رجل عنده موثق، فقال معاذ: ما هذا؟ قال أبو موسى: هذا كان يهوديًّا فأسلم ثم تهود. قال معاذ: لا أجلس حتى يقتل قضاء الله ورسوله- ثلاث مرات- فأمر به فقتل.
وأخرجه أبو داود- مختصرًا، وفيه زيادة الاستتابة- عن أبى موسى أنه أتى برجل قد ارتد عن الإسلام فدعاه عشرين ليلة أو قريبًا منها، فجاء معاذ فدعاه فأبى، فضرب عنقه.
3- ما أخرجه الشيخان عن ابن مسعود، أن النبى، صلى الله عليه وسلم، قال: «لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأنى رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزانى، والمفارق لدينه التارك للجماعة».
وأخرجه أحمد والنسائى، عن عثمان بن عفان، بلفظ: «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: رجل كفر بعد إسلامه، أو زنى بعد إحصانه، أو قتل نفسًا فيقتل بها».
4- ما أخرجه أبو داود عن جرير، قال: سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: «إذا أبق العبد إلى الشرك فقد حل دمه».
5- ما أخرجه البخارى عن على بن أبى طالب، أن النبى، صلى الله عليه وسلم، قال: «سيخرج قوم فى آخر الزمان أحداث الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن فى قتلهم أجرًا من قتلهم يوم القيامة».
6- ما أخرجه ابن ماجة عن ابن عباس، أن النبى، صلى الله عليه وسلم، قال: «من جحد آية من القرآن فقد حل ضرب عنقه، ومن قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله فلا سبيل لأحد عليه إلا أن يصيب حدًّا فيقام عليه».
7- ما أخرجه أبو داود والنسائى عن ابن عباس، أنه قال فى قوله تعالى: «من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرًا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم» (النحل: 106) أنه نسخ واستثنى من ذلك فقال سبحانه: «ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم» (النحل: 110) قال ابن عباس: «وهو عبد الله بن سعد بن أبى السرح، الذى كان على مصر كان يكتب لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، فأزله الشيطان، فلحق بالكفار، فأمر به أن يقتل يوم الفتح، فاستجار له عثمان ابن عفان، فأجاره رسول الله، صلى الله عليه وسلم».
8- وأخرج عبد الرزاق، أن ابن مسعود أخذ قومًا ارتدوا عن الإسلام من أهل العراق، فكتب فيهم إلى عمر بن الخطاب، فكتب إليه: «أن اعرض عليهم دين الحق، وشهادة أن لا إله إلا الله، فإن قبلوها فخل عنهم، وإذا لم يقبلوها فاقتلهم. فقبلها بعضهم فتركه، ولم يقبلها بعضهم فقتله».
9- وأخرج عبد الرزاق عن أبى عمرو الشيبانى، أن المستورد العجلى تنصر بعد إسلامه، فبعث به عتبة بن فرقد إلى على بن أبى طالب، فاستتابه، فلم يتب، فقتله.•
الأسبوع القادم موقف الاسلام النصي من الردة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.