مجزرة جديدة في رفح الفلسطينية وتحليق مكثف للطائرات الإسرائيلية    انتظام لجان امتحانات كلية الطب بجامعة قناة السويس    استعدادًا لانتخابات الشيوخ.. هيئة مكتب الجبهة الوطنية بالمنيا تعقد اجتماعًا تنظيميًا    طلب إحاطة لوزير العمل بشأن تفاقم أزمة عمالة الأطفال    «المشاط» تبحث مع المدير الإقليمي لشرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية    وزيرة البيئة تبحث مع سفيرة المكسيك بمصر سبل التعاون    وزير الإسكان: إصدار عقود المستثمرين في بمدينة السادات خلال أسبوعين بحد أقصى    «كيم جونج أون» يستقبل لافروف في مدينة «وونسان» بكوريا الشمالية    وفاة الدكتور رفعت العوضي أحد أعلام الاقتصاد الإسلامي في مصر والعالم العربي    الجيش اللبناني يُوقف 109 سوريين لدخولهم البلاد بشكل غير قانوني    تشيلسي صاحب الفوز الأكبر على باريس في تاريخ مواجهاتهما السابقة    مصر تحصد ذهبيتين بمنافسات تحت 19 عامًا ببطولة العالم للتتابعات للخماسي الحديث    مع اقتراب رحيله بشكل نهائي.. ماذا قدم أحمد عبد القادر مع الأهلي؟    "لن يخسروا بسبب يوم واحد".. تيباس يرد على مطالب ريال مدريد بتأجيل مباراة أوساسونا    الداخلية تكشف تفاصيل فيديو التعدي على سائق في الطريق العام    حريق هائل بمخازن ورش السكة الحديد بالزقازيق    حبس خفير لاتهامه بقتل زوجته ودفنها بمزرعة في الشرقية    قصور الثقافة تشارك ب 6 عروض بالدورة ال18 للمهرجان القومي للمسرح    الصحة: خبير مصري عالمي يجري 6 جراحات دقيقة بمستشفى عيون دمنهور    تحرير 137 مخالفة للمحلات غير الملتزمة بمواعيد الغلق    «سنتوج بكل البطولات وبيب بيب».. رسالة مفاجئة من عمرو أديب بشأن موسم الزمالك    إعلام عبري: حدث أمني صعب في خان يونس جنوبي غزة    وزير قطاع الأعمال يترأس الجمعية العامة ل"القابضة الكيماوية" لاعتماد الموازنة    وزير الري يشارك فى الاحتفال بالذكرى الحادية والثلاثين لعيد التحرير الوطني لدولة رواندا    نتيجة الثانوية العامة 2025.. جار تصحيح المواد لتجهيز النتيجة    تحرير 137 محضرًا للمحال المخالفة لمواعيد الغلق    لليوم الثاني.. استمرار تلقي الطعون على الكشوف المبدئية لمرشحي مجلس الشيوخ بالمنيا    أحمد فهمي عن فكرة الزواج مجددا: بدور على شريك يكمل معايا    "متحف ركن فاروق" في حلوان بخير.. لا صحة لادعاءات الحريق | صور    وزيرة التنمية المحلية توجه بمشاركة صاحبات الحرف اليدوية في المعارض الدائمة    الأهلي يبحث ترضية وسام أبو علي لإغلاق ملف الرحيل في الصيف    هيئة الرعاية الصحية تعن أبرز انجازاتها في مجال التدريب وتنمية الموارد البشرية    فوائد وأضرار شرب المياه بعد الوجبات مباشرةً    تبدأ من 15 جنيهًا.. أسعار المانجو اليوم السبت 12 يوليو 2025 في سوق العبور    أردوغان: تشكيل لجنة برلمانية لمناقشة المتطلبات القانونية لنزع سلاح حزب العمال الكردستاني    يورجن كلوب: لا أستطيع تجاوز صدمة وفاة جوتا    غدا.. «من القلب إلى القلب: الأم حارسة تراث أغاني الأطفال» مائدة مستديرة بالمجلس الأعلى للثقافة    تنسيق الدبلومات الفنية 2025 التجارة والزراعة والتمريض والصنايع والسياحة فور ظهوره (رابط)    أسفر عن مصرع وإصابة 7.. المعاينة الأولية: انعدام الإضاءة وراء حادث تصادم كوبري المحلة    القبض على لص الدراجات النارية بحي غرب سوهاج    اليوم.. بدء محاكمة المتهمين بقتل طالب «المعهد التكنولوجي» في العاشر من رمضان    صحة الشرقية تعلن تنفيذ حملة للتبرع بالدم    آمال رمزي: "اتجوزت نور الشريف بعد ما خطفته من نجلاء فتحي.. وسعاد حسني كانت متجوزة عبد الحليم"    دار الإفتاء توضح مسؤولية الوالدين شرعًا تجاه أولادهم فيما يتعلق بالعبادات    رئيس جامعة الأزهر: دعاء "ربنا آتنا في الدنيا حسنة" من كنوز الدعاء النبوي.. وبلاغته تحمل أسرارًا عظيمة    التجارة العالمية عند مفترق طرق.. تصاعد النزعات الحمائية وتغير خارطة التحالفات الدولية    «أموى»: نتطلع إلى استراتيجية عربية مشتركة للتعاون الجمركى والإداري    9 جنيهات لكيلو البطاطس.. أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    ريال مدريد يهنئ فينيسيوس جونيور بعيد ميلاده ال25    محمد فؤاد يشعل افتتاح المسرح الرومانى بباقة من أجمل أغانيه    الرئيس السيسي يتوجه إلى غينيا الاستوائية للمشاركة في القمة التنسيقية للاتحاد الأفريقي    حظك اليوم السبت 12 يوليو وتوقعات الأبراج    ما هو أقل ما تدرك به المرأة الصلاة حال انقطاع الحيض عنها؟.. الإفتاء تجيب    منى الشاذلي عن أزمة مها الصغير: مزيطاش في الزيطة    بائع مصري يدفع غرامة 50 دولارًا يوميا بسبب تشغيل القرآن في تايمز سكوير نيويورك.. ومشاري راشد يعلق (فيديو)    نجيب جبرائيل: الزواج العرفي لا يُعد زواجًا بل «زنا صريح» في المسيحية (فيديو)    باحث بمرصد الأزهر: التنظيمات المتطرفة تستخدم الخوف كوسيلة للسيطرة    أحمد سليمان يتحدث عن.. الدعم الجماهيري.. وشرط استمرار فيريرا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمطار ورياح في «عز الحر».. فوضى مناخية تضرب الصيف
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 10 - 07 - 2025


■ كتب: ندى البدوي
في مشاهد غير معتادة، شهد العديد من المحافظات موجة من الطقس المتطرف، تمثلت فى تقلباتٍ جوية مفاجئة ورياح سريعة وأمطار صيفية غير مألوفة فى هذا الوقت من العام، ظهرت بشكل ملحوظ فى المناطق الساحلية، مما دفع السلطات إلى إصدار تحذيرات من نزول الشواطئ لارتفاع مستوى الأمواج، هذه الظواهر تتزامن مع ما يشهده البحر المتوسط من ارتفاعٍ غير مسبوق في درجه حرارته، والذي يؤثر بدوره فى اضطراب الطقس، الأمر الذى أرجعه الخبراء إلى الآثار الناجمة عن التغير المناخي.
◄ ارتفاع غير مسبوق في حرارة البحر المتوسط
◄ مطلوب توحيد وتنسيق لجهود أنظمة الرصد في مصر
وفى ظلّ حالة عدم الاستقرار الجوى، انتشرت خلال الأسبوع الماضى موجة من الشائعات على مواقع التواصل الاجتماعى، تدّعى احتمال تعرض السواحل المصرية ل«تسونامى» قادم من عمق البحر المتوسط. وقد نفى المعهد القومى لعلوم البحار والمصايد هذه المزاعم فى بيان رسمى، مؤكدًا عدم وجود أى مؤشرات علمية على نشاط زلزالى بحرى يُنذر بتسونامى. من جهتها، حذّرت الهيئة العامة للأرصاد الجوية من نشاط للرياح على سطح البحر المتوسط، خاصة قبالة سواحل مرسى مطروح والعلمين والإسكندرية.
◄ خطر حقيقى
فى المقابل، أطلق علماء المناخ تحذيرات من تعرض منطقة البحر المتوسط لموجة حرارة بحرية غير مسبوقة، حيث أظهرت صور الأقمار الصناعية وبيانات برنامج «كوبرنيكوس» الأوروبى لرصد المناخ، ارتفاعًا كبيرًا فى درجة حرارة سطح المياه لتتجاوز 30 درجة مئوية فى بعض المناطق، وهو مستوى نادر الحدوث، ويشكّل خطرًا حقيقيًا على النظم البيئية البحرية، وفق ما تؤكده التقارير العلمية.
يوضح الدكتور على قطب، أستاذ علوم المناخ بجامعة الزقازيق ونائب رئيس الهيئة العامة للأرصاد الجوية سابقًا، أن حالة عدم الاستقرار التى تشهدها السواحل الشمالية لمصر مع بداية شهر يوليو، تندرج تحت مظاهر الطقس المتطرف النادرة جدًا فى هذا الوقت من العام، ويُرجعها إلى تفاعل معقّد بين منخفض جوى علوى سريع مصحوب بكتلة هوائية شديدة البرودة، وبين امتداد منخفض الهند الموسمى عند سطح الأرض، الذى يتميز بارتفاع فى درجات الحرارة ونسبة الرطوبة.
◄ سحب ركامية
ويشير قطب في حديثه ل«آخر ساعة» إلى أن هذا التفاعل بين التيارات الهوائية العلوية والسطحية داخل عمود الهواء الجوى يؤدى إلى تكوّن سريع لسحب ركامية رعدية، وهى من أكثر أنواع السحب غزارة، إذ تمتاز بقدرتها على إنتاج هطولات مطرية غزيرة فى وقت قصير جدًا، كما يُرجّح أنها المسئولة عن الهطولات المفاجئة التى تضرب بعض المناطق الساحلية مؤخرًا.
ويؤكد أن هذه الظاهرة لم تُسجَّل فى مصر خلال شهر يوليو منذ ما يقرب من ثلاثين عامًا، مما يعكس أثر التغير المناخى بوضوح على أنماط الطقس المعتادة. مشيرًا إلى أن مصر، بحكم موقعها الجغرافى والفلكى، تتأثر صيفًا بكتل هوائية ساخنة نتيجة منخفض الهند الموسمى، مما يؤدى عادة إلى طقس مستقر وشديد الحرارة، لكن دخول منخفض علوى بارد على هذا النمط المعروف يعد حدثًا غير مألوف.
ويرى قطب أن التغير المناخى يسهم فى تطرف الظواهر المناخية بنسبة تتراوح بين 30 و40% وهو ما يظهر فى تزايد حالات عدم الاستقرار التى تحدث فى أوقات ومناطق لم تكن تشهد مثل هذه الاضطرابات من قبل، فما نراه اليوم ليس استثناءً لكنه قابل للتكرار بشكل متزايد، كونه نتيجة مباشرة لاختلال التوازن فى النظام المناخى بسبب ظاهرة الاحتباس الحرارى.
◄ عواصف مطرية
ويُشدد على خطورة الارتفاع غير المسبوق في درجة حرارة مياه البحر المتوسط، ويستشهد بتقارير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التى تُظهر أن حرارة سطح البحر المتوسط ترتفع الآن بنحو درجتين مئويتين عن المعدل الطبيعى، الذى يتراوح بين 24 و26 درجة مئوية. ويُوضح أن هذا الاحترار يُضاعف من معدلات التبخر، مما يؤدى بدوره إلى تكثف السحب ونشوء العواصف المطرية، كما يتسبب فى اضطراب التيارات البحرية، وارتفاع خطر الفيضانات الساحلية، وهو ما يستدعى تحركًا عاجلًا لتأهيل المناطق الساحلية وزيادة قدرتها على التكيف.
وفي سياق الشائعات المتداولة حول احتمالية حدوث تسونامى، ينفى قطب ذلك مؤكدًا أن البحر المتوسط لا يُعد بيئة مناسبة لحدوث تسونامى، نظرًا لكونه مسطحًا شبه مغلق ولا تتوافر فيه الشروط الأساسية مثل اتساع مساحة وعمق المحيطات أو المنخفضات الجوية العملاقة.
ومع ذلك، لا يستبعد احتمال وقوع فيضانات بحرية محلية نتيجة التغير المناخي، خصوصًا مع استمرار ارتفاع منسوب سطح البحر بسبب التمدد الحرارى وذوبان الجليد. كما يُشير إلى أن وقوع زلزال قوى بالتزامن مع منخفض جوى عميق قد يؤدى إلى ارتفاع الموج فى عرض البحر حتى 7 أمتار، لكنها تصل إلى الشواطئ بارتفاع لا يتجاوز مترين.
◄ الإنذار المبكر
ويُشدّد الدكتور صابر عثمان، خبير التغير المناخي ورئيس مجلس إدارة مؤسسة مناخ أرضنا للتنمية المستدامة، على أهمية مواجهة التغير المناخى والتكيّف مع آثاره، ويُؤكد أن هذا التكيّف يبدأ بتطوير منظومة الرصد والإنذار المبكر، التى تُمكّن من رصد المخاطر المحتملة والإعداد لمواجهتها بشكل فعّال ومدروس، فالتكيف مع آثار المناخ لا يتحقق بالتعامل مع الكوارث بعد وقوعها، بل من خلال الاستباق والرصد والتحليل الدقيق للبيانات المناخية، وتحديث آليات العمل بشكل يواكب حجم التحدي.
ويوضح عثمان فى تصريحه ل«آخرساعة» أن الهيئة العامة للأرصاد الجوية تمتلك حاليًا 219 محطة رصد موزعة على مستوى الجمهورية، لكنها ليست كافية، وغير مهيّأة لرصد الظواهر المرتبطة بالتغير المناخى، حيث لا تزال تعتمد على آليات تقليدية تُركّز أساسًا على تتبّع الطقس اليومي.
ويضيف: هذه الأنظمة لم تصمم لرصد أو استيعاب الاضطرابات المناخية المتطرفة كالتى نشهدها مؤخرًا، سواء من حيث نمطها المفاجئ، أو شدّتها، أو توقيتها غير المألوف. مشيرًا إلى أن هذه المنظومة تفتقر إلى الدقة فيما يتعلق بالتغيرات المناخية بعيدة المدى، كما لا تمتلك القدرة الكافية للتعامل مع المعطيات المعقّدة والمتشابكة التى تفرضها الأزمة المناخية العالمية.
ويُشير إلى أننا بحاجة إلى البناء على الخريطة الوطنية للمخاطر المناخية التى بدأت وزارة البيئة العمل عليها منذ عام 2016، لتكون مرجعية للجهات الرسمية وصنّاع القرار، بحيث توفّر تصوّرًا واضحًا عن المناطق المعرضة للخطر، وتقدّم قراءات استباقية حول السيناريوهات المحتملة، هذه الخريطة تستند، كما يوضح، إلى البيانات المناخية التاريخية، وتحاكى الظواهر الجامحة من خلال نماذج رياضية ومناخية دقيقة، وهو ما يسمح ببناء قدرات استباقية واتخاذ تدابير وقائية تحدّ من الخسائر قبل وقوعها. لكنه يُشدّد على ضرورة تحديث هذه الخريطة كل خمس سنوات على الأقل، لتغذية النماذج الرياضية ببيانات جديدة تُحسن دقتها وجودة تنبؤاتها.
◄ تشتت مؤسسي
ويلفت إلى أن أنظمة الرصد في مصر تعانى من التشتت المؤسسى، إذ تعمل محطات تابعة لوزارات مثل الزراعة والرى وهيئة الاستشعار عن بعد، كلٌّ على حدة، فى ظل غياب التنسيق والدمج. ويُشدّد على ضرورة دمج هذه المنصات فى شبكة وطنية موحدة، تُسهل تبادل البيانات وتزيد من كفاءة التحليل. كما يدعو إلى تزويد محطات الرصد والإنذار المبكر بأدوات حديثة وتكنولوجيا متقدمة، مثل الحواسيب فائقة السرعة، التى تحلل كميات هائلة من البيانات وتُعزز دقة النماذج وتُسرع الاستجابة للتهديدات المناخية.
ويختتم عثمان حديثه بالتأكيد على أن العالم لا يمتلك ترف تأجيل المواجهة مع التغير المناخى.
وعلى الرغم من أهمية خفض الانبعاثات الكربونية باعتباره السبيل الأهم لوقف تدهور المناخ، إلا أن الدول، وعلى رأسها مصر، تحتاج بشكل عاجل إلى تعزيز قدرتها على التكيّف مع الواقع المناخى الجديد. ويتطلب ذلك استثمارات استراتيجية فى البنية التحتية للمناخ، وتطوير الكوادر البشرية، وتبنى سياسات متكاملة تقوم على فهم علمى دقيق، وليس مجرد ردود أفعال بعد فوات الأوان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.