عرفناه كواحد من شباب ثورة يناير ثم كإعلامى ناجح عُرف بتلقائيته الشديدة وبساطته، (خالد تليمة) المشهور بجرأته وآرائه الواضحة التى لا تقبل القسمة على اثنين، المتابع له يجد أنه مع الوقت أصبح أكثر هدوءًا ومرونة لطبيعة عمله كإعلامى، رفض اتهامى له بالاندفاع قائلا (أنا أستمع للطرف الآخر جيدا وأتقبل الاختلاف). تليمة المشاكس صاحب التجارب العديدة والمختلفة فى أكثر من مجال، لكنه وجد بوصلته فى العمل الإعلامى وأثبت نفسه فيه على مدار أكثر من عام وعلى أكثر من شاشة، تقابلت معه ليحدثنى عن عودته لبيته on tv وتجربته فى قناة الميادين، وكيف يتابع المشهد السياسى الآن الذى كان أحد أبطاله منذ خمس سنوات. • بداية، كلمنى عن عودتك لشاشة on tv مرة أخرى بعد هذا الغياب؟ -On tv هى بيتى وتركتها المرة الأولى لانشغالى بمنصبى فى وزارة الشباب، وبعد أن استقلت من الوزارة كانت لدىَّ الفرصة للعودة إلىOn tv أو تقديم برنامجى الجديد فى قناة الميادين، وقد اتخذت قرار تقديم برنامج فى الميادين بعلم إدارة On tv دون أى خلاف بيننا وكنت أرى وقتها أنه من الجيد تقديم عمل مختلف فى وقت كان جدول On tv مزدحمًا والمناخ لم يكن ملائمًا للعودة فقررت أن أخوض تجربة مختلفة، استمرت تلك التجربة حوالى ثلاثة عشر شهرا، وانتقلت لبيروت لفترة معينة لتقديم برنامجى فى قناة الميادين من هناك، وفى تلك الأثناء تلقيت اتصالا من On tv واقتراحات بالعودة، وفى المقابل قدمت اعتذارا للقائمين على قناة الميادين لأنهم ساندونى فى تجربة مهمة بالنسبة لى واستفدت منها بشكل كبير. • جديد علي البرنامج • وما الجديد الذى فكرت فى العودة به، خاصة أن نوعية البرنامج النهارى مختلفة عن تجاربك السابقة؟ - أنا عنصر جديد فى برنامج له فريق عمل موجود بالفعل، عكس ما اعتدت عليه من قبل وهو أن يكون معى فريق العمل الخاص بى وأكون على دراية بخبراتهم وقدراتهم، وفى حالة صباح أون فأنا الفرد الجديد على البرنامج، فالموضوع مختلف ويحتاج منى بعض الوقت لأترك بصمتى، وأن يتلون البرنامج بصبغتى، وأعتقد أن ذلك سيظهر فى روح البرنامج مع الوقت، ولدى أمل فى الوصول إلى هارمونى بينى وبين فريق العمل فى البرنامج. وخططى وأحلامى لبرنامجى الخاص لا تتفق مع صباح أون، لطبيعة البرنامج المختلفة لأن هذا برنامج صباحى إخبارى وأنا أميل للسياسة والمواد الثقافية والتفاعل مع المبدعين والمثقفين ولدى أمل أن هذا سيحدث فى أقرب وقت. • الحياد وهم كبير • الإعلامى يجب أن تتوافر فيه صفة الحيادية وألا يفرض اتجاهاته على المشاهد، وخالد تليمة شخصية معروف عنها اندفاعها؟ - يبتسم قائلا الحياد وهم كبير، وفى العالم كله لا يوجد مؤسسة إعلامية محايدة، فالحياد يكمن فقط فى نقل المعلومة كما هى دون تغيير أو تحريف ولكن يجب أن أقول رأيى لأن من يشاهدك أحيانا ينتظر أن يستمع إلى رأيك، والفيصل بينى وبين المشاهد هو ألا أكون شخصًا مزيفًا أى لا أزيف حقائق ولا أزيف معلومات أو صورًا، ألا أنقل معلوماتى خاطئة على هوايا الشخصى، ولا أجتزئ المعلومة، هنا تتم محاسبة الإعلامى بعدم حياديته. فيما يتعلق بالاندفاع فأنا لست مندفعا، بالعكس أنا فى تجربتى فى قناة الميادين أعتقد أننى تغيرت كثيرا كنت حريصًا طوال الوقت على فتح المجال أمام كل وجهات النظر أو إعطاء الجميع مساحات متساوية وأصبحت أكثر هدوءا وأزعم أننى قدمت تجربة محترمة وهذا لم يمنع أننى كنت أقدم رأيى الشخصى إذا تطلب الأمر أو أبدى اختلافًا فى وجهات النظر مع الضيف. • لا خلافات • انتشرت الأقاويل حول الخلافات بين مالك القناة (نجيب ساويرس) وبعض المذيعين فى القناة وانسحاب بعضهم.. ألم تشعرك هذه التجارب بالقلق؟ - أنا عملت فيOn tv لعامين تقريبا قبل تجربة الوزارة، وخلالها لم يتدخل أحد فى عملى، وكانت المناقشات عادية جدا حول محتوى البرنامج مع رئيس القناة ورئيس تحريرها، أو مع فريق الإعداد ومناقشة المحتوى طوال الوقت بالشكل الطبيعى جدا، أما دون هذا فلم يحدث معى أى تدخل من قبل أى شخص، وحتى نجيب ساويرس نفسه لم أقابله سوى مرتين فى حياتى إحداهما قبل عملى فى القناة وكان فى مناسبة ما فى مجلس الوزراء، والثانية بعد عملى فى القناة أثناء انتهائى من الهواء وكان هو ضيفًا فى أحد البرامج بعدى، ولا مرة جاءت لى محاذير معينة من أى طرف فى القناة ولم أفكر فى هذا مطلقا لأن تجربتى السابقة فى القناة كانت خير دليل أنه لن يحدث تدخل، والدليل أيضا أن ليليان داوود لم تترك القناة رغم الحملة التى شنت ضدها بالعكس ظهر ساويرس معها ضيفًا وقال إنه يرحب بها فى مصر وفى القناة، وعموما المناخ الإعلامى فى مصر يواجه تضييقًا بشكل عام ولا أتحدث هنا عن قناة ما بصفة خاصة. • أخطاء ساذجة وتشويه • ألا توافقنى الرأى بأن الجمهور أصبح لديه نفور من متابعة النماذج الثورية؟ - هذا صحيح إلى حد ما ولكن لا نستطيع إسقاط هذا على الشعب المصرى كله، ولكن الأربع سنوات الماضية ضغطت الكثيرين نفسيا وأصابتهم بإحباط ولكن لا نستطيع القياس على الكثيرين فهناك من يقابلوننا فى الشارع ونلمس امتنانهم وحبهم لنا وروحنا، وهذا الموضوع منقسم لشقين الأول متعلق بنا كأفراد شاركوا فى ثورة يناير وقطاع كبير منا وقع فى أخطاء أعتبرها أخطاء ساذجة أثرت عليه، الشق الآخر مرتبط بحالة التشويه الذى تعرضت له ثورة يناير منذ يوم تنحى مبارك وحتى يومنا هذا، ولذلك كان من الطبيعى جدا بعد خمس سنوات أن نجد قطاعًا من المصريين رافضًا 25 يناير ورافض الحديث عنها، ولكن الاختبار والمحك الحقيقى هو الوقت، فالناس مع الزمن ستكتشف أن ثورة يناير كانت فريضة واجبًا على المصريين أداؤها، نحن كنا محلك سر، وتعرضنا لمحاولات تجريب على مدار سنوات فى الوقت الذى انطلقت فيه العديد من الدول الأخرى. • البعض يلوم عليك أنك ابتعدت عن مصر متعمدا، حتى لا تتهم بالقصور فى الوقوف بجانب النماذج الثورية المتواجدة داخل السجون الآن؟ - بالعكس فأنا موقفى ثابت جدا، ورفضت قانون التظاهر المحبوس على أثره عدد كبير من زملائنا منذ أن كنت فى منصب نائب لوزير الشباب وقلت هذا على الملأ وفى حوار لإحدى الصحف القومية قلت إننى لست ضد قانون لتنظيم التظاهر، ولكن هذا القانون يقيد حق التظاهر ويتحايل على الدستور ويلتف عليه. وبالنسبة لسفرى خارج مصر فهذا حدث لمدة لا تتجاوز الثلاثة أشهر وطوال العام الماضى ونحن نبث البرنامج من مصر إلى أن حدثت ظروف اضطرتنى للسفر لتقديم البرنامج من لبنان لفترة قصيرة جدا وأنا رفضت أن أستمر خارج مصر لأنى بالفعل لا أستطيع هذا. • مر عام على تولى السيسى رئاسة البلاد، كيف تجد البلاد الآن؟ - لكى أكون منصفا، خارجيا تحدث قفزات هائلة خاصة باستعادة دورنا فى العالم دون الدخول فى التفاصيل، نختلف أحيانا فى بعضها أو نتفق إلا أن مصر لم تتورط بالشكل الذى تم تدبيره لها فى أكثر من موقف خارجى، أما داخليا فنحن محلك سر، والزعم بأننا نحقق نجاحات داخلية مرتبط ومرهون بأمرين أولهما أن يلمسه الناس ويشعروا به، ثانيا أن يكون يسير بكل متواز مع تحول ديمقراطى حقيقى لأن أى حديث عن استقرار أو تنمية اقتصادية بدون تحول ديمقراطى سيعود بنا إلى نفس فكرة الاستقرار الذى عشناه أيام مبارك وأيام الإخوان، وحتى الآن الناس لم تشعر بهذا التغير الملموس لذلك نحن مازلنا محلك سر. • لن أشتغل سياسة • بعد حوالى عام من تركك للمنصب، ما الذى استفدته من تجربة نائب وزير الشباب؟ - أول ما استفدته من هذه التجربة هو أننى قررت ألا أشتغل سياسة، بمعنى ألا أتولى مناصب أو أترشح للانتخابات، بالإضافة إلى أننى تعلمت كيف يسير الجهاز البيروقراطى للدولة، تعرفت على طريقة تفكير القائمين على هذه الدولة ومن يديرونها، ويقينا أقول لك إننى إذا عرض على أى منصب فى الدولة سأرفضه تماما. • إذا لن تفكر فى خوض أى انتخابات برلمانية قادمة؟ - إطلاقا، وحسمت أمرى فى هذه المسألة. • أستطيع القول إنك وجدت نفسك كإعلامى؟ - منذ وقت طويل وأنا لا أجد نفسى إلا كإعلامى ولم أترك عملى فيOn tv . إلا عندما عرض على منصب الوزارة وشعرت أننى يجب أن أقوم بهذا الدور.•