بأسلوب إعلامى حاد، وجرأة وقوة فى طرح الموضوعات والقضايا، وفصاحة لسان لا تخلو من المصطلحات الشامية، تطل الإعلامية اللبنانية ليليان داود ثلاثة أيام أسبوعيا على شاشة «on tv» من خلال برنامج «الصورة الكاملة». مؤخرًا قررت ليليان التخلى عن طبيعة برنامجها، الذى كان يهتم بالشأن الخارجى منذ لحظة انطلاقه قبل عام، وتغرق به فى المحلية لمتابعة ما يحدث على الساحة الداخلية فى مصر.
لماذا تخليت عن فكرة «الصورة الكاملة» بتحويله من نافذة يعرف المشاهد من خلالها على ما يحدث فى العالم إلى برنامج غارق فى المحلية؟
التحول الذى حدث ل«الصورة الكاملة» ليس تخليا عن فكرة البرنامج، ولكن الظروف هى التى دفعتنى لذلك.
عندما دخلت الاعلام المصرى العام الماضى لم يكن أحد يعرفنى إلا متابعى الbbc، فوجدت أن تقديم برنامج مهتم بالشأن الخارجى تمهيد جيد للظهور على شاشة قناة محلية فى بلد لا يعرفنى فيها الكثير، والحقيقة لم يكن مخططا للبرنامج أبدا أن يتعمق فى المحلية ويبتعد عن الشأن الخارجى ومناقشة القضايا العربية والدولية.
إذا فماذا حدث؟
بعد مرور عام اكتشفت أننى أصبحت ملمة أكثر بالداخل المصرى وتفاصيله الدقيقة، كما أن إدارة on tv رأت أن المشاهد المصرى يتقبل طريقة الطرح المختلفة التى أقدمها باعتبارى لبنانية أرى الأمور من زاوية مختلفة وغير منتمية لأى تيار من الموجود على الساحة المصرية، فشجعتنى على أن يكون برنامجى ضمن خريطة البرامج السياسيه اليومية التى تهتم وتناقش الشأن الداخلى، وساهم أيضا أن البرنامج تم نقله من العرض على قناة on tv live إلى قناة on tv، وحصل على نفس موعد عرض برنامج «اخر كلام» الذى يقدمه زميلى يسرى فودة.
واتضح أن القناة لا تناقش شأنا مصريا فى الثلاثة أيام التى لا يظهر فيها يسرى فودة، فكان القرار ألا أتجاهل ما يحدث على الساحة الداخلية المصرية.
لماذا تعتبرين أن جنسيتك اللبنانية نقطة إيجابية رغم أن البعض فى مصر لا يتقبل النقد من غير المصريين؟
لأنى مواطنة لبنانية أصبحت غير مسئولة عن تحديد ولائى الانتخابى والسياسى، فأنا معفية من اتهامى بالتحيز لتيار دون آخر، فأنا حرة وغير ملزمة بأن أذهب لصندوق الانتخاب لأدلى بصوتى وافضل شخص على آخر، وهذا منحنى مساحة أكبر من الحرية، كما منحنى فرصة توجيه النقد لكل الاطراف.
رغم قناعتك الكاملة بأنك شديدة الحياد وتأكيدك أن لا مصلحة لديك من التحيز لفئة دون أخرى.. توجه إليك اتهامات بأنك تعبرين كثيرا عن آرائك الشخصية وتتحيزين ضد التيارات الإسلامية؟
مقاطعة: أصبحت أسمع هذا الكلام الفترة الأخيرة كثيرا، والحقيقة لا أتذكر موقفا واحدا عبرت فيه عن رأيى أو فرضته على أحد.
والحقيقة، لا يخفى على أحد أننى مع الثورة والثوار فى العالم العربى، فأنا مع التغيير فى مصر، وارفض منطق الذين يرددون أن الثورة ستسلم الدول للارهاب.
هل هذه ضريبة أنك تقدمين برنامجك على قناة on tv الذى تتخذ موقفا معارضا للنظام؟
الحقيقة الإسلاميين يوجهون انتقادهم للقناة بشكل عام من منطلق خاطئ، فهم يتعاملون طول الوقت مع كل الموجودين فى القناة على أنهم يعملون بدون مهنية لصالح «ساويرس والمسيحيين».
عندما سألت أحد قادة «الحرية والعدالة» بعد أزمة مدن القناة هل شعبية الإخوان انخفضت بسبب الأزمة فى مدن القناة؟.. لم يجب على السؤال وأصبح يتهمنى والاعلام بأننا من نروج ذلك وزاد فى كلامه بأننى «بتاعة ساويرس والمسيحيين».. وحتى الآن لا أفهم ما علاقة السؤال بما طرحه فى الإجابة، فأنا أرى أن السؤال منطقى جدا بعد المظاهرات التى خرجت فى مدن القناة ضد الإخوان والرئيس، وحزب الحرية والعدالة يرى أمرا آخر.
بعد تجربتك فى تليفزيون دولى «bbc»كيف ترين عملك فى قناة محلية «on tv»؟
انتقالى للعمل فى on tv ليس خطوة للامام أو للخلف، وانما تجربة مختلفة، لأننى أبدا لم أكن أتخيل أن افهم الواقع المصرى بكل تعقيداته فى عام واحد، وهذا أضاف لى كثيرا، فأصبحت أكثر جرأة وقوة، وفخورة بالتجربة جدا، وأراها موازية لتجربة bbc أو أهم، لأن الاعلامى عندما يعمل فى بيئة إعلامية غير متزنة وظرف تاريخى يبذل مجهودا أكبر حتى يستطيع أن يقدم عمله بالشكل اللائق.
هل ترين أن الاتهامات الموجهة للإعلام بالتحريض والتضليل غير حقيقية؟
السلطة ومن تستطيع تحريكهم هم من يروجون لأن الإعلام مضلل ومحرض، وطبيعى أن يكون الإعلام هو العدو الأكبر لأى نظام يريد أن يحكم بالديكتاتورية.
وأنا بهذا الكلام لا أنفى أن للاعلام سقطات وأخطاء، فيجب علينا أن نكون أكثر مهنية ونبحث عن المعلومة الصحيحة دائما، ولا يكون دورنا تحريضيا، فالمطلوب من الإعلام أن يطرح الفكرة الصحيحة ويوجه الرأى العام دون فجاجة، أيضا يجب على الإعلام أن يحترم عقل المتفرج وألا يعتبره «غبيا»، فالطبيعى أن يكتفى المذيع بأن يطرح على المسئول السؤال الصحيح، والمشاهد سيحكم وسيفهم.
ولكن أيضا يجب أن نضع فى الاعتبار أن نفس هذا الإعلام يعمل فى بيئة غير مستقرة لا تتوافر فيها المعلومة، والمسئول يتخذ القرار وأما ان يتراجع عنه بعد ساعتين، ويتعهد بأشياء لا يلتزم بها.
هل الإعلام سيصمد أمام حملة التشويه التى يتعرض لها؟
الإعلام سيزداد قوة فى مواجهة حملات التشويه وكشف الحقائق، ولا اعتقد أن فى يد السلطة شيئا تفعله أكثر مما تفعل، تقريبا النيابة استدعت كل مقدمى البرامج وتم التحقيق معهم، ومع ذلك الإعلام لم يصمت ويزداد شراسة، فالسلطة أبدا لن تستطيع أن تكمم أفواه الاعلاميين.
عملى فى الإعلام اللبنانى ليس أمرا مستحيلا، ولكن لا أملك خطة لذلك، فرغم أننى لبنانية إلا أننى أبدا لم أعمل فى الإعلام اللبنانى، يضاف إلى ذلك أن المشهد فى بيروت معقد جدا.
فحتى تستطيع أن تعمل فى الإعلام ويكون لديك برنامجك واسمك يجب أن تكون محسوبا على جهة سياسية بعينها، وأنا شخصيا لست محسوبة على طائفة ولا دين فى لبنان، وليس لى أى ولاء سياسى طائفى وبالتالى ليس لى مكان فى الإعلام اللبنانى.
فللأسف المسألة فى لبنان ليست اختلافات سياسية ولكنها طائفية، وأنا لا ولن أعمل لصالح فئة ضد الأخرى، وما أتمناه حاليا أن تقوم ثورة فى بلادى على النظام الطائفى لنبنى لبنان المدنية الحقيقية، يجب أن تنتهى تركيبة الحكم الطائفية فى بلادنا، فأنا ضد تقسيم الحكم بين رئيس مسيحى ورئيس وزراء مسلم سنى ورئيس نواب مسلم شيعى، نحن نريد أن تحكمنا الكفاءات دون النظر فى خانة الديانة.
هل ما تتمنينه واقعيا فى ظل الانقسامات المستمرة بالشارع اللبنانى؟
ما أراه فى لبنان اننا بدأنا نضع أقدامنا فى بداية طريق الثورة المدنية ولكن بطريقة مختلفة عما يحدث فى العالم العربى، فمن يتابع الشأن الداخلى اللبنانى سيعرف أن أول بنت «مسلمة سنية محجبة» قررت التمرد وتتزوج مدنيا من مسلم سنى، هذا الأمر خلق جدلا واسعا فى لبنان، وعرت رجال الدين من الطائفتين المسلمين والمسيحيين، لأن المفتى خرج ليقول أن من يتزوج مدنيا مرتد، وبنفس الوقت الكنيسة تخرج لتؤيد رأى المفتى.
وإذا كان المفتى والكنيسة لا يجتمعان فى شىء، واتفقا لأول مرة ضد المدنية، فمؤكد أن هذا الطريق هو الصحيح، فالشباب بدأ ثورة مدنية ضد النظام الطائفى، ولن يوقفه رجال الدين الذين يبحثون عن مصالهم الخاصة.